الشـرق والمنـاطق المغـلقة

 


 

 



تحاول سلطة الانقاذ منذ انقلابها المشئوم عام 1989 تعقيد اجراءات السفر الي المناطق الحدودية من شرق السودان، وجعلها شبه مستحيلة وخاصة بالنسبة للمنظمات الخيرية العالمية. وكانت الاسباب التي تتذرع بها هي ان هذه المناطق خير آمنة وانها مناطق حرب وخاصة اثناء المواجهات بين قوات التجمع الوطني ومليشيات النظام. رغم ان هذه المواجهات قد خمدت الآن، الا ان الانقاذ لم تغير موقفها ولا زالت متشددة وحالة الطوارئ لا زالت سارية علي المناطق الحدودية.

تقييد تحركات السكان فتح المجال واسعا امام عصابات تهريب البشر والاسلحة الي سيناء مما ادي الي قذف قوافل التهريب والسنابيك في المياه الاقليمية عدة مرات مما ادي بدوره في بعض الحالات الي قتل عشرات من السماكة الابرياء. وقد ساهمت السلطة بنفسها في ارسال السلاح الي حماس عبر السنين الطويلة. لم تغلق الانقاذ منافذ الشرق البرية فقط, بل فرضت قيودا صارمة علي تحركات السماكة في البحر مما جعل عملية الصيد صعبة.

ليس هذا هو السبب الوحيد لجعل مناطق من الشرق شبه مغلقة.
فالشرق يعيش اوضاع مأساوية لم تشهد البشرية مثلها. فقد صدم خبراء المنظمات الانسانية للكوارث التي تلازم الشرق.
فقد اتفق جميعهم بان الشرق هو الأكثر معاناة في العالم حسب خبرتهم من ناحية سوء التغذية وضعف الدم والامراض المعدية والوفيات ونقص المياه وفرص العمل والتعليم والاهمال الكامل من قبل السلطة.
والحكومة لا تنوي كشف عورتها, ولذلك سارعت واغلقت الباب وقامت بطرد المنظمات الانسانية منها تاركة انسان الشرق لوحده يواجه الكوارث والجوع والاهمال والموت الأكيد.

تنزعج الحكومة كثيرا عندما يتحدث الدبلوماسييون لابناء المنطقة. المعروف ان السفارات في الخرطوم في كثير من المناسبات تتحدث وتجتمع بالقوي السياسية السودانية.
لكن عندما يزور احد الدبلوماسيين شرق السودان ويتجرأ بالتحدث مع ابناء البجا فتقوم الدنيا ولا تقعد. ما مسموح به في الخرطوم ممنوع في الشرق، والتحدث مع ابناء البجا جريمة!ـ

فبالامس قام القائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة الأميركيةبالخرطوم بزيارة لمدينة بورتسودان، و ابدي رغبة بلاده في لعب دور فاعل في بناء وتنمية شرق السودان بصفة خاصة. وقال انه بلاده تريد تقديم المساعدة لاهل الشرق, وانها بعد التشاور مع الحكومة السودانية وولاية البحر الأحمر ستعمل من أجل محاربة الفقر ومن اجل التعمير وتلبية طموحات أهل الشرق.

ووقع ما لم يكن في الحسبان!ـ

الحكومة زعلت واستنكرت وقالت هذا تدخل في الشئؤن الداخلية!.

يا سلام!

نعم السلطة التي تطرد المنظمات الانسانية وتترك انسان الشرق فريسة للاهمال والضيع والمجاعات لا يستبعد منها ان تستنكر حديث السيد القائم بالأعمال في سفارة الولايات المتحدة الأميركية بالخرطوم.

ونقول للسيد القائم بالأعمال هذا هو دليل كافي بان سلطة الانقاذ لا تعطي اي اعتبار لحل قضايا الشرق وانها تقف صدا منيعا لايصال اي عون له.
من المضحك ان تدعي الانقاذ تطوير السياحة, بينما هي تلاحق حتي الدبلوماسيين وتقيد تحركات الخبراء الاجانب وتجعل مناطق واسعة من الشرق مناطق مغلقة، هذا لا يستقيم يا جماعة!


ان قادة الشرق الشرفاء لن يسكتوا عن الاوضاع المأساوية، وسيوالون كشف جرائم الانقاذ علي اوسع نطاق وانهم علي ثقة بان حل قضايا الشرق بل كل السودان تكمن في تغيير النظام والاطاحة به ورميه في مزبلة التاريخ. وفي هذا الصدد سيضعون يدهم مع كل القوي الديموقراطية الساعية لتشييد السودان الديموقراطي الذي ينتهي فيه الاذلال والاستعلاء ومص الدماء والتهميش.ـ
abuamnas@gmail.com;
بالنيابة عن [abuamnas@aol.com]
//////////////

 

آراء