العدالة والسلطة لا يُطلبان من العسكر!

 


 

بشير اربجي
7 October, 2022

 

أصحى يا ترس -
لو تتبعنا كل الانقلابات العسكرية منذ انقلاب إبراهيم عبود، مرورا بانقلابي المخلوع نميري والمخلوع البشير، وحتى انقلابي المخلوع القادم بأذن الله البرهان، سنجد كل ما يحدث الآن من قِبل البرهان حدث وقع الحافر على الحافر فى كل العهود العسكرية السابقة، من حيث الكبت للحريات العامة والصحافية والقبضة الحديدية على السلطة والحكم بالحديد والنار، وإن تفوق عهد المخلوع البشير وعهد (البرهان حميدتي) بالمجازر الدموية التى لم يجرؤ عبود ونميري على ارتكابها فى أبناء الشعب السوداني، لكن تتشابه جميع العهود البغيضة لكل الدكتاتوريات التى تسلطت على الشعب السوداني، بتغييب العدالة المُتعمد من قبل كل العسكريين على حد سواء، فهم يتشابهون فى القمع مع اختلاف شِدته ونوعه من عهد لآخر حسب دموية قائد الانقلاب، لكن يتفقون جميعا بالوقوف ضد إرادة الشعب السوداني وضد الحكم المدني الديمقراطي منذ بواكير الاستقلال، فما أن يسمع العسكريون فى كل عهود ظلامهم المستطيلة بالدعوة للحكم المدني، وفرض سيطرة الحكومة المدنية على القوات المسلحة السودانية حتى يجن جنونهم ويرفعون أسلحتهم تجاه الشعب،
وكما قال الشهيد عبد السلام كشة الصغير عمراً والكبير فكراً (لا سلطة مدنية تُطلب من العسكر) لأنهم يعتبرونها العدو الرئيس لهم، ولتقويض الحكم المدني هم على أتم الإستعداد لقنص كل الشعب السوداني رغم أنهم يتلقون رواتبهم نظير حمايته من الغزو الخارجي والحفاظ على حدود البلاد وليس حكمها، لذلك وجب على كل من ينادي بالجلوس مع العسكر لتسلم السلطة منهم إن كان حزبيا أو غير ذلك أن يتوقف عن ذلك تماماً فهم لن يسلموها لو انطبقت السماء على الأرض، وإذا أجال أي مراقب بصره بنظرة فاحصة لبيانات الانقلابات العسكرية الغاشمة التى حكمت البلاد وهي متاحة، سيجدها جميعها كأنما كتبها شخص واحد فقط، فهم كما يتشابهون فى الأطماع وشح النفس يتشابهون كذلك فى التركيبة السلطوية التى تربي عليها قادتهم منذ زمن الاستعمار الإنجليزي المصري.
وليكن معلوماً للجميع أنه لن تتقدم هذه البلاد قيد أنملة إذا لم يبعد العسكريون عن السلطة بشكل كامل، فهم وللأسف الشديد تمت برمجتهم بهذه الطريقة المتسلطة والمتجبرة على شعبهم وزادتها سنوات حكم المخلوع ونظامه البائد سوءا، كما أصبحت لديهم استثمارات وشركات وشراكات تجارية مع أطراف داخلية وخارجية وحسابات خارج سيطرة وزارة المالية يقاتلون من أجلها ومستعدون لابادة الشعب بأكمله حتى لا يقترب منها أحد، ولا حل أمام قوى الثورة المجيدة غير الوحدة الكاملة وبشكل عاجل لإسقاط هذا الانقلاب العسكري المشؤوم وتغيير التفكير الذي تمت زراعته برؤوس عسكر البلاد منذ استقلالها، فبدون إبعادهم لن يكون هناك حكم مدني ديموقراطي ولن تتحقق أي من أهداف الثورة المجيدة فى الحرية والسلام والعدالة ولن نقتص لدماء الشهداء الأبرار، لذلك بدلا عن محاولة الجلوس أو التفاوض مع الانقلابيين علينا دحر انقلابهم ومحاكتهم على الانقلاب ودماء الشهداء سوياً دون أي مماحكات من أي طرف كان، فالسلطة والعدالة لا يُطلبان منهم بل يطلبان لمحاكمتهم وتحقيق العدل فى الأرض.
الجريدة

 

آراء