العملية السياسية أم الاحتراب والميتافيرس

 


 

 

بروفيسور/ مكي مدني الشبلي
المدير التنفيذي – مركز مأمون بحيري

التعامل الحصيف مع الوضع العسكري والأمني المعقد الموروث من النظام السابق يتطلب الاصطبار والحكمة ومغادرة محطة الحزب والجماعة تحاشياً للتبعات الكارثية للمناورات العسكرية والحزبية الحالية، والدعوة للعودة للمواجهات الميدانية الواسعة. ذلك أن المناورات والمجابهات والوطن يترنح على شفير الهاوية لا تقود إلا لزيادة عدد ضحايا الاحتباس السياسي والأمني لدرجة تهدد بانفجار الأوضاع بوتيرة يصعب استدراكها وتداركها.
وعليه فلا منفذ لنزع فتيل مآلات الاحتباس السياسي العسكري الراهن سوى العمل اليومي الدؤوب بعيداً عن التمركز الذاتي من قبل الفاعلين المحليين، والسعي الأمين لتفعيل عوامل الترغيب والترهيب المؤثرة التي تمتلكها الثلاثية والرباعية والسداسية بالتعويل على المصلحة المشتركة المشروعة التي تربطهم بالسودان لإنجاح المشروع الوطني السياسي/العسكري المتعثر بأقل الخسائر.
ويمثل هذا النهج التطبيق المستنير للمفهوم الواقعي والممارسة الرصينة للسياسة والدبلوماسية، ويشكل منصة الانطلاق نحو بلوغ أهداف مرحلة الانتقال في تحقيق السلام والانتعاش الاقتصادي اللذين بدونهما يفتقر التحول الديمقراطي للواقعية والمصداقية. في حين أن المناورة بالهروب من هذا الواقع المأزوم بالانتخابات المبكرة دون استيفاء المتطلبات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية لمرحلة الانتقال، يؤدي بالتأكيد لإجهاض العملية الانتخابية المتعجلة ويقذف بأهداف ثورة ديسمبر الظافرة أدراج الرياح.
ولعل ما يجري من سعي سقيم لإفشال العملية السياسية بالدعوة الفجة للانتخابات المبكرة، أو النداء المبحوح بالمصادمة الميدانية باهظة التكاليف يمثل على الأرجح مناورات مدفوعة بمصالح ذاتية يلتقي فيها وللمفارقة دعاة التغيير الجذري نحو النظام المجهول ودعاة التغيير الرجعي نحو النظام البائد. وكلاهما يقود الوطن لمحرقة الإحتراب الاحتوائي، أو على أحسن حال ممارسة السياحة المجازية في منصات عالم الميتافيرس!

melshibly@hotmail.com

 

آراء