المدمرة ليست الثنائيات يا دكتور التيجاني

 


 

 

 

 

الدكتور التيجاني عبد القادر واحد من القلة التي احترمها في حركة الاسلام السياسي في السودان، و بالتالي احترم رايه، الا انني اليوم أحتلف معه في ان الثنائيه (علماني/مدني) هو سبب الدمار الذي يحدث في السودان اليوم. هذه الثنائية او الصراع بين اليمين و اليسار عطلت التنمية و النهوض بالوطن باستغلال خيراتها في باطن الارض و ظاهره بخطط علميه، لانشغال الكتلتين في الوصول للسلطة. ورغم اعترافنا بان الصراعات السياسية ادخلت الوطن في (الحلقة الشريرة) انقلاب انتفاضه، الا ان الذي حدث منذ الاستقلال وحتي 1989 كوم، و ما حدث بعد انقلاب الاسلام السياسي كوم آخر، و الدمار الناتج عنه لا شبيه له و لا مثيل علي مستوي العالم، حسب علمي.

كنت اتمني ان يكتب الدكتور التيجاني تحليلا و تشخيصا لمشروع الحركة الاسلامية ، وما ادي الي ان تصبح حركة مافيا، تجمل وجهها القبيح باسم الدين، مستصحبين تبريرات لا يصدقها عقل طفل صغير، كتشبيه "اللغة الروسيه و فتنة الحكم"!! واقع الحال اليوم يؤكد ان الحركة الاسلامية ظلت تمني عضويتها بالغنائم التي تنتظرهم عند الوصول للسلطة، فما صدقوا عند "تمكنهم" بادوات التمكين : فصل كفاءات الخدمة المدنية في جميع المجالات، و بصفة خاصة في القضاء والسلطة المنفذة للقانون، ان كل اموال الشعب السوداني اصبح "رزقا ساقه الله اليهم!!" لكن هذه العضوية التي تربت علي طاعة الامير، يجب ان يتادبوا بادب الاكل عند الرسول عليه افضل الصلاة و السلام: "كل من ما يليك!!"، فلا يتطاول اجدهم علي مال البترول، الا باذن اميره، ولا يتطاول احد علي بيع المؤسسات الوطنية الا باذن اميره. و لا يقترب احدهم من بيع اراضي الوطن الا باذن امرائه!! لا حول و لا قوة الا بالله و انا لله و انا اليه راجعون.

وكلما طال انتظارنا لادانة الدكتور التيجاني و رفاقه لما يحدث في هذا البلد، و ما يحدث لهذا الشعب الطيب، زادت شكوكنا في ان الحركة الاسلامية في السودان، لها قوانين سرية تمنع نشر "الغسيل الوسخ"، رغم انه معظمه منشور علي حبال تمتد من الخرطوم الي الدوحة، و الي الرياض، و دبي و ابوظبي.

والاعجب من ذلك انهم لا يستحون من العلي القدير، ياكلون كل مما يليه من المال الحرام و السحت، و يهتفون هي لله هي لله، لا لدنيا قد عملنا، نحن للدين فداء! و هم فداء للدولار و اليورو والارقام المليارية حتي ان كان العدد في الليمون!

لا نعرف كيف كانت التربية في الاسلام السياسي في ستينات القرن الماضي، لكن النتيجة تؤكد ان حركة الاخوان المسلمين كانت حركة ديكتاتورية، السمع و الطاعة فيها للشيخ او من ينوب عنه، اما الشوري و اللجان الاربعينية و العشرينية فكانت من باب الديكور و الوجاهة. و لذلك عندما تمكنوا كان لا بد لهم من الفكاك من سطوة الشيخ و سلطاته المطلقة فكان تقسيم البيضة الي مؤتمرين.

و في ظل المؤتمرين، دمر العلاج المجاني و مؤسساته، ومستشفي الخرطوم التعليمي اصبح اثرا بعد عين، دمر التعليم بخطة محكمة مع سبق الاصرار و الترصد، وبيعت المؤسسات التي كنا نفاخر بها الامم: مشروع الجزيرة، السكة حديد، الخطوط الجوية السودانيه، الخطوط البحرية سودان لاين، النقل الميكانيكي، مصلحة الوابورات ...الخ

وعندما تم بيع كل شئ، بداوا في بيع الانقاض وارض الوطن: انقاض مشروع الجزيرة و انقاض السكة حديد والاراضي التابعة لها من مساكن و ميادين. وعندما نضب خير السودان القابل للبيع، بدات تجارة السموم من مخدرات وادوية و اطعمة فاقدة الصلاحية!

هل يمكن يا دكتور ان يقوم بمثل هذا الامر اناس يوحدون بالله و يؤمنون باليوم الآخر؟!!

ويخيل الي ان اؤلئك الذين اكتنزوا من مال الشعب السوداني المليارات، ايمانا بان من صام رمضان ايمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، يبالغون في الطاعات و الصيام و القيام، لعل ذلك يغفر لهم تدمير الوطن السودان!! فلتعلموا ان الذي يغفر الذنوب هو عالم الغيب و الشهادة واعدل الحاكمين. ويقول الشيخ النابلسي ان ما يغفره الله في هذه الحالة هو الذنب الذي بينك و بين الله، اما الذنب المتعلق بحقوق الناس فيجب ان تؤدي قبل ان يتوب الله عليكم. يعني بالعربي كدا عايزين ربنا يتوب عليكم ردوا المليارات الي خزينة الدولة و عندها ربما يتوب عليكم رب العباد، لكن كما نسمع في الافلام المصرية : يغفر ذنبه ما لم يكن مطلوبا في قضية اخري!

ان هذا العصر الذي فيه دمرت الخدمات العامة و تمزقت فيها استار الفضيلة والخلق السوداني الرفيع وانتشرت فيه الشعوذة والدجل، يجب ان يحلل ما حدث فيه باسلوب علمي يبقي عظة و عبرة للاجيال القادمة. وانا اري يا دكتور التيجاني انك مؤهل لهذه المهمة.

رب لا نسالك رد القضاء و لكننا نسالك اللطف فيه.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام علي اشرف الخلق و المرسلين.


hussain772003@yahoo.com
//////////////////////

 

آراء