بعدما غسلت المساحيق… الحرب الأكبر قادمة !!

 


 

 

أماطت حرب الخرطوم اللثام عن وجوه البضع ، فظهرت على حقيقتها ثابرت على إخفائها أكثر من نصف قرن... وجهوه كانت تستتر خلف مساحيق عقدية وتنظيمية يسارية ،يمينة ووسطية،رغم تبايناتها السياسية إجتمعت الان على وجه رجل واحد....! لقد عكف هؤلاء على وضع مساحيق (قدر ظروفك)كلما كانت هناك مناسبة عامة ،تماماً كما تضعها النساء حينما تتأهب لحضور مناسبة ما ،تسر الناظرين بهية مدهشة بجمالها اللحظي الزائف،وما أن تعود إلى منزلها تغسل عنها المساحيق فتعود لطبيعتها الحقيقية أمام أسرتها دون رتوش....وعلى هذا المنوال ظل السياسيون ورجال الدين وبعض الصحافيين والصحفيات وقيادات الأحزاب ومنسوبيهم - يتجملون بمساحيق القومية لإخفاء ندبات العنصرية والجهوية والمحسوبية،وبمساحيق الوطنية لطمس عاهات الكراهية،وأما مساحيق الدين لتغطية نمش الفساد الأخلاقي والإختلاس والإرتشاء،أما مساحيق العفة توضع لإخفاء دمامة الحرب والقتل والإغتصاب والتعذيب ...بيد أن حرب الخرطوم غسلت كل هذه المساحيق الخادعة وبينت وجههم الكالح البغيض،فلم تعد هذه المساحيق ذات فعالية وليست مصدر إدهاش للناظرين، لقد ادرك الناس حقيقية تلك الزمرة وإجتهادها إخفاء حقيقتها عشرات السنين بشعارات زائفة مارست خلفها الظلم والاستبداد،والفساد وإشعال الحروب، ووصم كل من ينادي بإحقاق العدل وإزالة الظلم ووقف الحرب والقتل والتعذيب بأنه مرتزق قادم من خلف الحدود وليس بسوداني،أو تارة بأنه خائن لوطنه بائع لذمته الوطنية متناسين بأنهم هم من إحترف خيانه الوطن والارتماء في أحضان الغير في حطة ونذالة،وما رميهم الغير بهذه الخطئة إلا طفق لموارة سوءآتهم ...
إتضح جليا من خلال الاصطفاف الذي ظاهره قومي وباطنه جهوي ،أن حرب الخرطوم ماهى إلا بداية لحرب قادمة قد تمتد مائة عام أو يزيد، إذا لم تتوقف الحرب الحالية بإتفاق يؤسس لدولة المواطنة والحقوق المتساوية...دولة يسودها القانون وتحكمها المؤسسات وليس كيانات أو جماعات تحت أي مسمى كان ...فاذا تغلب طرف على الاخر عسكريا وحسم الحرب لصالحه، فهذا يعني فقط توقف القتال مؤقتاً،وبداية لإشتعال حرب إجتماعية سياسية جهوية ضروس يستبشعها العالم جله...فالانقسام الماثل الان والتحشيد والتعبئة المعنوية السالبة تمثل وقودا حيا لتجدد القتال مستقبلا على نحو واضح ومأسوي يفوق ماحدث في رواندا...وللأسف الشديد ظهرت تلك الارهاصات في التشفي والتمثيل والقتل بكراهية وحقد قاسي لا يستحقه حتى الحيوان ناهيك عن إنسان اختلفت معه في أمور الدنيا الفانية...فكل هذه المعطيات تؤكد بأن إفتقار البضع للقيم الإنسانية والاخلاقية والدينية ينحدر بالانسان إلى درك الوحشية والقسوة المطلقة التي تقضي على الجميع !!!

msharafadin@hotmail.com

 

آراء