تفكيك العقل النخبوي المضاد لنظام الدولة المصرية الراهنة “نُخبة زَمَن التُّوكْتُوْك”
رأفت السويركي
7 May, 2024
7 May, 2024
رأفت السويركي
alswerky@yahoo.com
تفكيك العقل النخبوي المضاد لنظام الدولة المصرية الراهنة "نُخبة زَمَن التُّوكْتُوْك"
تُزيف الوعي بأهمية "اتحاد القبائل العربية في سيناء"!!
ظننت على سبيل الافتراض أن أفراد النخبة المصرية بتعدد مربعاتها السياسوية وهي تمتطي "تكاتك" وسائط التواصل الاجتماعوي بجموح وانفلات ستقوم بآداء وظيفتها الواجبة ببناء الوعي؛ ولكنها بدت وأبدت حجم ما لديها من وعي ـ قد يكون هزيلاً ـ إذ لا يحكمها سوى الخطاب الشعبوى بكل عشواءيته المشهورة؛ وهي تتعامل مع قضايا كثيرة وأحدثها مستجدات ما أُطْلِق عليه "اتحاد القبائل العربية في سيناء".
هذه النخبة شرعت على الفور في "سَنِّ السكاكين"؛ وبدأت في تشريح وتمزيق سُمْعَة ذلك التشكيل بانحيازاتها البليدة؛ من دون أن تقوم بتقديم قراءة تحليلة مُساندة لما تقوله؛ اعتماداً على أن الفضاء الافتراضوي لا يُلزمُك بذكر مرجعياتك الموثقة؛ وأنك يُمكن لك أن تَكْذِبَ وتَكْذِبَ وتَكْذِبَ حتى يقوم الكَذِبُ نَفْسُه بِكُرْهِك!
والمُريب في الأمر أن هذه النخبة كما يبدو محكومةٌ في مواقفها بحالة العداء السياسوي "المُشْهَر" أو "المُسْتَتِر" لنظام إدارة الدولة المصرية الراهن؛ والذي يخوض معارك عميقة منذ ما قبل "متوهم الثورة" المشهورة بـ "فوضى يناير 2011م" للحفاظ على أرض مصر/ الوطن وكيانها الجغرافي المستهدف كحالة تاريخانية مستدامة منذ القدم.
والسؤال الأساس: هل تعرف هذه النخبة بعَوَارِهَا الفكراني العميق في الفهم ما يُسمى "فقه الحالة"؛ وكذلك "فقه الضرورة" وأيضاً "سيناريوهات الأزمات" و"سيناريوهات إدارة الأزمات"؛ وهي اصطلاحات يُدرك دلالاتها أيُّ مبتدئ في دراسة "علوم السياسة" بحقولها المختلفة؛ في العمران والتنمية والاستثمار والتنظيم والاستقرار.
*****
إن تحليل حالة الموقفية النخبوية ـ وبالتحديد المصرية ـ من مسألة إشهار "اتحاد القبائل العربية في سيناء" يكشف بوضوح مدى تهافتها؛ ولربما سقوطها الوعيوي... إذا لم تكن تتبنى في حقيقتها أجندة الكراهية لنظام الدولة المصرية القائم؛ وهو المحكوم بتحديات الحالة والضرورة والأزمات وإدارتها؛ ويتجلى حضوره القوي بنجاح لا حدود له في آداء مهماته؛ متجاوزاً المفاهيم السياسوية المتوارثة بنظريته الحاكمة وأدواته الفاعلة على صعيد النظرية السياسوية والاقتصادوية المحكومة بـ "نهج العولمة".
لقد سقطت هذه النخبة في "وحل الطعن والغمز واللمز"؛ من دون أن تبذل أي جهد لتقديم تفسير لذلك الحدث؛ ككل منجز تنفذه راهناً أجهزة الدولة المصرية الجديدة؛ هل لأنها كسولة في البحث عن المعلومات؟ أم ثقيلة في فعل القراءة العلموية؟ أم أنها تسعى دوماً لتركب "الترند"؟!
لقد اكتفت هذه "النخبة الضحلة" بالهرولة فقط خلف تسجيل مُروَّج له على شبكة الانترنيت لأحد الإعلاميين لم يكن دقيقاً في استخدام الألفاظ... ظنّاً بأنه على ـ سبيل المجاز في التعبير ـ يوضح أهمية إشهار"اتحاد القبائل العربية في سيناء"!
وهو الإشهار الذي تم له ككيان اجتماعوي وفق الدستور المصري؛ ومحكوم بقانون الجمعيات الأهلية ( رقم 149 لسنة 2019 )م. ما يعني أنه ليس كياناً سياسوياً أو حزبوياً؛ بل هو كيان خَدَمِي تَطَوعي؛ ولا ينازع الدولة ونظامها في وظيفتها ومهماتها وقدراتها؛ وحين يتطور ويتمدد وفق التخطيط الوظيفوي ليجمع كل القبائل العربية في الأرض المصرية من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب؛ فلن يكون منافساً للنظام السياسوي أو منازعاً له في السلطات؛ بل سيكون معاوناً في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الجديدة؛ التي تُنَشِّط العمل الاجتماعوي وتعتبره أحد أجنحتها.
*****
هل فهمت "نخبة العَوَار" ذلك؟ وكيف للدولة بنظامها الراسخ أن تصطنع ما يُهددها لاحقاً؛ وهل طورت "نخبة زمن التوكتوك" معلومها بعقلها المتبلد أن زمان "نظام العولمة" واقتصاداتها لم يعد يقبل بتمكن نمط الدولة القديم من الانفراد بالتنمية وفق الإطلاق السابق أيام الشيوعية ورأسمالية الدولة فقط ( سقوط وتفكك الاتحاد السوفياتي وتحولات الصين أنموذجاً)!!
لذلك يُقام "اتحاد القبائل العربية في سيناء" لآداء وظيفته حسب القانون " في مجال تنمية المجتمع بما يُراعي الخطط التنموية للدولة واحتياجات المجتمع. وقد راعى ذلك القانون نفسه ـ وفق الوثائق ـ حَظْر العمل في المناطق الحدودية للجمعيات المعنية إلا في المناطق التي يَصْدُر بتحديدها قرار من رئيس الوزراء، والحصول على ترخيص بتنفيذ تلك الأعمال من الجهة الإدارية". وفضلاً عن ذلك فإن وزارة التضامن الاجتماعي تقوم بالإشراف والرقابة على العمل الأهلي من خلال "الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي".
ومن هنا تبدو واقعية تشكيل ذلك الاتحاد الذي يجري تحت بصر وسمع الدولة ومؤسساتها الضابطة؛ وفق خصوصية الجغرافيا التي يعمل بها؛ والمحكومة بتاريخ نضالي مشترك هائل بين جيش مصر العظيم وقبائل سيناء الأصيلة في مقاومة "جرذان" وميليشيات الإرهاب وهي تسعى لفصل سيناء عن جسدها المصري؛ وتوظيفها كسراديب لتهديد أمنها الوطني بما يهدم وجود الدولة العميقة (أحداث فوضى يناير 2011 أنموذجاً).
*****
إن النخبوي الذي يسترخي في مقعده ممسكاً هاتفه الخليوي ـ دعكم من ثُغاء جرذان جماعة حسن الساعاتي البنَّاء ـ قبل أن يستنكر تشكيل "اتحاد القبائل العربية في سيناء" هل قام بتأمين معرفته محيطاً بالمعلومات الواجبة حوله من مصادر المعلومات الرسمية؟ وهل حاول الإحاطة بكل ما يتعلق بتلك الحالة من دون انحياز ليعرف الحقيقة والدوافع.
وهل أدركت "نخبة التوكتوك" أهمية ما أعلنه رئيس اتحاد القبائل العربية إبراهيم العرجاني بالقول أن: "تأسيس اتحاد القبائل العربية يؤكد على دور العائلات والقبائل التاريخي في دعم مؤسسات الدولة. ويعبر عن مسؤوليتهم الاجتماعية والوطنية وإدراكاً منهم للتحديات التي تواجه الدولة المصرية على صعيد الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة."
إن النخبوي المُدَّعي أن هذا التشكيل مُضاد لنمط الدولة الذي يَظُّن ظناً متهافتاً أن الدولة المصرية الراسخة تقوم بارتكاب خطأ اختلاق تنظيمات قد تنازعها في دورها هو كاذب كذباً فجَّاً؛ لأن قبائل سيناء تعود إلى أصول كريمة وشريفة؛ وتاريخها في الوطنية ورجالها بأجيالهم المتتالية معروف؛ وهي القبائل التي دعمت الجيش المصري؛ وشاركته استراتيجيات الدفاع عن أرضها بشجاعة الرجال.
وذلك النخبوي الغارق في أوهامه السياسوية المريضة؛ يتناسى أن تشكيل هذا الاتحاد يجري إشهاره في زمن تمكن الدولة المصرية المطلق بأجهزتها السيادية من تطهير الأرض وحماية حدودها؛ بقوة اعتمدت فعالية جيشها ودعم أهلها من القبائل الشريفة. وصار من واجب الدولة بالتالي ـ وهو ما يحدث ـ أن توفر الظروف لإقامة حياة كريمة لسكان وأهل سيناء لأنهم من شعبها الأصيل ومن يرابطون في أحد ثغورها الرئيسة.
*****
إن النخبوي "المتثورن" بأوهام شعاراته وادعاءاته يرفض فعالية قيام نظام الدولة بتشكيل كيانات داخلية تؤدي الأدوار المناسبة لفقه الحالة؛ فيؤكد أنه جاهل جهلاً مدقعا بخصوصيات نسيج المجتمعات الشرقية المكونة للدولة العربية؛ والتي تقوم تاريخوياً على مفردتي "الشعوب والقبائل" كحالة ذكرها الخطاب القرآني (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). وأن هذه البنية الراسخة لم يطلها في قاراتنا التغيير منذ قرون وقرون وقرون.
إن الحالة "القبلية" كامنة في العقول؛ حتى وأن اختفت من فوق السطح في إطار التحولات البنيوية السياسواقتصادوية. فمجتمعاتنا متشكلة ولا تزال من كتل ذات عرقيات وعوائل وأنساب متعددة. والانتماء إليها يمثل دافعاً للحفاظ على الثوابت؛ ومنها أقنية الأسرة والعائلة والقبيلة والمجتمع.
*****
فهل كلف النخبوي المنبعج عقله لتقصي الحقائق المترتبة على تشكيل "اتحاد قبائل سيناء" قبيل مهاجمته؟ والتعرف إلى برامجه التنموية المحكومة بسيناريو الحالة الذي يضع إقليم سيناء الحبيبة في صدارة ترسيخ وجود مصر دولة فاعلة في إطار التنمية العولمية الجديدة؛ والتي تجعل من سيناء المُهْمَلة بامتداد التاريخ مركزاً مهماً لتطوير اقتصادات مصر في مرحلتها الجديدة؛ من خلال إقامة الأقاليم الانتاجية الشاملة من استصناع واستزراع مُخْتَلِف عن الرائج؛ وتوفر بيئة حديثة لاستجلاب الرأسمال العولمي المتنوع لتوطين صناعاته المميزة بها؛ باعتبار مصر مركز الوصول السريع إلى القارات الثلاث عبر البحر الأحمر والمتوسط ونهر النيل.
** إن موقفية "نخب التوكتوك" المصرية المتهافتة تتشابك توافقاً في خطابها مع خطاب "الذباب الاليكتروني" لجماعة حسن الساعاتي البنَّاء الصهيوماسوني؛ فذلك الذباب المتأخون يشعر بالاحتراق من دلالات تشكيل هذا الاتحاد السيناوي؛ والذي يقام في حواف الحدود المشتعلة بالمشاريع الصهيونية التي لا تخمد ولا ترتدع بغير قوة حضور الجيش المصري العظيم.
** وما يكسب هذا التوجه أهميته الفائقة هو جهود "تطريز" كافة القبائل في منظومة المعاونة "غير العسكريتارية " لحماية الحدود المصرية مع تواصل الحرب على الحدود المصرية المتاخمة لقطاع غزة. ووفق تصريح متلفز للشيخ علي فريج رئيس مجلس شيوخ القبائل العربية فإن: "هذا الكيان لا يضم قبائل سيناء فقط، بل يضم أيضا شيوخ وقبائل محافظة مطروح، وهم درع حماية الوطن على الناحية الغربية المصرية، حيث تعاني أيضا هذه الحدود الغربية من مخاطر التهريب المختلفة وهشاشة الوضع الأمني في دولة الجوار ليبيا."
** وبالضرورة كيف ولماذا من وجهة نظر "نخبة التوكتوك" المريضة تكافئ الدولة المصرية القبائل العربية ذات التاريخ النضالي الوطني القديم في مصر بالتنمية الجديدة؛ وتوفر لهم المدن الجديدة والمجتمعات الموائمة لأنشطتهم بما يحفظ لهم كرامتهم؛ ويحترم تقاليدهم المتوارثة لتتناسب مع التحولات الجديدة في المكان. ( تحويل مسمى منطقة العجرة التي كانت قبل ثلاث سنوات أحد التمركزات الرئيسة لـ ـ تنظيم ولاية سيناء ـ إلى مدينة السيسي لتكون من مدن الجيل الرابع من حيث الخدمات والرقمنة والتقدم أنموذجاً؛ وستضم مشروعات زراعية ومزارع مواشي ومصانع، وسيكون أول سكانها من أسر الشهداء في سيناء ومصر عامة.)
*****
إن "الذباب المتأخون" كذلك لا ينسى حجم صعقاته بإفشال الدولة المصرية وجيشها وشعبها لسيناريو الإجهاز على مخطط مسح فلسطين السليبة من الخريطة؛ وتعطيل سيناريو استغلال ثلث مساحة سيناء لإقامة "الدولة البديلة" والذي عطلته القيادة العسكرية الوطنية أيام تمكن المتأخونين من حكم مصر في غفلة من الزمان وقد وافقوا ـ الإخوان ـ على نقل الفلسطينيين خارج أرضهم وتوطينهم في أرض الفيروز المقدسة. لذلك يواصل "ذباب الجماعة الماسونية" تعميم الأكاذيب بأن الدولة المصرية تستصنع المليشيات المماثلة لما فعله البشير المتأخون في السودان فصارهناك ما صار الآن.
وتتناسى "نخبة التوكتوك" بكل تنوعاتها ومعها ذباب الماسونية الساعاتية أن الدولة المصرية بجيشها وشعبها راسخة رسوج "جبل التجلي" في سيناء؛ وأن أدوات القوة هي في حوزة الجيش المصري الراسخ فقط حرصاً على ضمان أمن الوطن؛ وأن قبائل الشعب المصري في سيناء ليست خائنة للأرض والقيم لتتفلت من مستقرات المجتمع؛ وأن القيادات الفاعلة في سيناء ذات وجدان وطني وعاشق ومخلص للوطن؛ وينبغي أن تساهم في فعاليات التنمية الخاصة بالإقليم محل المعيشة.
وهناك سؤال جوهري أسوقه إلى "نخبة التوكتوك" المضادة لنظام الدولة المصرية الراهنة: هل لوشاءت القبائل العربية أن تلعب دوراً سياسوياً؛ فقامت بتشكيل حزب نوعي معتمدة على كثافتها البشرية المنتمية للعرق في إطار الدولة المدنية بمسمى "حزب القبائل العربية" ستقبل النخبة ذلك؟ أم ستندد به كعادتها في اللطم الكذوب؟ حيث أن كل ما تُسمى "الأحزاب المدنية" في مصر راهناً فاشلة فشلاً مرعباً؛ بضحالة العضوية وتفاهة الخطاب وعجز البرامج أو فقدانها لأنها أحزاب النخب الهشة.
*****
قضية تشكيل وإشهار "اتحاد القبائل العربية في سيناء" بكل دلالاتها وعمقها كبيرة؛ والمصريون يلتفون بالوجدان حولها؛ لأنها تعني توجهاً لتعميم الخير؛ بما يناسب "سيناريوهات الحالة" في وجود دولة قوية بجيش عملاق يحميها؛ وقد أنجز مهمة تطهيرها من الجرذان؛ فكانت استراتيجية التنمية الجديدة التي بدأت تباشيرها في الظهور؛ والتي ستضع سيناء في مقدمة مصادر الخير لمصر وأهلها بعد إهمالها لقرون وقرون.
ألا ليت "نخبة التوكتوك" تغادر مقاعد المقاهي؛ ومعها الذباب المتأخون بجهله التاريخوي تتوجه لتعميق قراءاتها في مجالات السياسة والاقتصاد والتنمية الجديدة لتسترد قيمتها بدلاً من الهرولة لركوب "الترند"!!
"رأفت السويركي"
alswerky@yahoo.com
تفكيك العقل النخبوي المضاد لنظام الدولة المصرية الراهنة "نُخبة زَمَن التُّوكْتُوْك"
تُزيف الوعي بأهمية "اتحاد القبائل العربية في سيناء"!!
ظننت على سبيل الافتراض أن أفراد النخبة المصرية بتعدد مربعاتها السياسوية وهي تمتطي "تكاتك" وسائط التواصل الاجتماعوي بجموح وانفلات ستقوم بآداء وظيفتها الواجبة ببناء الوعي؛ ولكنها بدت وأبدت حجم ما لديها من وعي ـ قد يكون هزيلاً ـ إذ لا يحكمها سوى الخطاب الشعبوى بكل عشواءيته المشهورة؛ وهي تتعامل مع قضايا كثيرة وأحدثها مستجدات ما أُطْلِق عليه "اتحاد القبائل العربية في سيناء".
هذه النخبة شرعت على الفور في "سَنِّ السكاكين"؛ وبدأت في تشريح وتمزيق سُمْعَة ذلك التشكيل بانحيازاتها البليدة؛ من دون أن تقوم بتقديم قراءة تحليلة مُساندة لما تقوله؛ اعتماداً على أن الفضاء الافتراضوي لا يُلزمُك بذكر مرجعياتك الموثقة؛ وأنك يُمكن لك أن تَكْذِبَ وتَكْذِبَ وتَكْذِبَ حتى يقوم الكَذِبُ نَفْسُه بِكُرْهِك!
والمُريب في الأمر أن هذه النخبة كما يبدو محكومةٌ في مواقفها بحالة العداء السياسوي "المُشْهَر" أو "المُسْتَتِر" لنظام إدارة الدولة المصرية الراهن؛ والذي يخوض معارك عميقة منذ ما قبل "متوهم الثورة" المشهورة بـ "فوضى يناير 2011م" للحفاظ على أرض مصر/ الوطن وكيانها الجغرافي المستهدف كحالة تاريخانية مستدامة منذ القدم.
والسؤال الأساس: هل تعرف هذه النخبة بعَوَارِهَا الفكراني العميق في الفهم ما يُسمى "فقه الحالة"؛ وكذلك "فقه الضرورة" وأيضاً "سيناريوهات الأزمات" و"سيناريوهات إدارة الأزمات"؛ وهي اصطلاحات يُدرك دلالاتها أيُّ مبتدئ في دراسة "علوم السياسة" بحقولها المختلفة؛ في العمران والتنمية والاستثمار والتنظيم والاستقرار.
*****
إن تحليل حالة الموقفية النخبوية ـ وبالتحديد المصرية ـ من مسألة إشهار "اتحاد القبائل العربية في سيناء" يكشف بوضوح مدى تهافتها؛ ولربما سقوطها الوعيوي... إذا لم تكن تتبنى في حقيقتها أجندة الكراهية لنظام الدولة المصرية القائم؛ وهو المحكوم بتحديات الحالة والضرورة والأزمات وإدارتها؛ ويتجلى حضوره القوي بنجاح لا حدود له في آداء مهماته؛ متجاوزاً المفاهيم السياسوية المتوارثة بنظريته الحاكمة وأدواته الفاعلة على صعيد النظرية السياسوية والاقتصادوية المحكومة بـ "نهج العولمة".
لقد سقطت هذه النخبة في "وحل الطعن والغمز واللمز"؛ من دون أن تبذل أي جهد لتقديم تفسير لذلك الحدث؛ ككل منجز تنفذه راهناً أجهزة الدولة المصرية الجديدة؛ هل لأنها كسولة في البحث عن المعلومات؟ أم ثقيلة في فعل القراءة العلموية؟ أم أنها تسعى دوماً لتركب "الترند"؟!
لقد اكتفت هذه "النخبة الضحلة" بالهرولة فقط خلف تسجيل مُروَّج له على شبكة الانترنيت لأحد الإعلاميين لم يكن دقيقاً في استخدام الألفاظ... ظنّاً بأنه على ـ سبيل المجاز في التعبير ـ يوضح أهمية إشهار"اتحاد القبائل العربية في سيناء"!
وهو الإشهار الذي تم له ككيان اجتماعوي وفق الدستور المصري؛ ومحكوم بقانون الجمعيات الأهلية ( رقم 149 لسنة 2019 )م. ما يعني أنه ليس كياناً سياسوياً أو حزبوياً؛ بل هو كيان خَدَمِي تَطَوعي؛ ولا ينازع الدولة ونظامها في وظيفتها ومهماتها وقدراتها؛ وحين يتطور ويتمدد وفق التخطيط الوظيفوي ليجمع كل القبائل العربية في الأرض المصرية من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب؛ فلن يكون منافساً للنظام السياسوي أو منازعاً له في السلطات؛ بل سيكون معاوناً في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية الجديدة؛ التي تُنَشِّط العمل الاجتماعوي وتعتبره أحد أجنحتها.
*****
هل فهمت "نخبة العَوَار" ذلك؟ وكيف للدولة بنظامها الراسخ أن تصطنع ما يُهددها لاحقاً؛ وهل طورت "نخبة زمن التوكتوك" معلومها بعقلها المتبلد أن زمان "نظام العولمة" واقتصاداتها لم يعد يقبل بتمكن نمط الدولة القديم من الانفراد بالتنمية وفق الإطلاق السابق أيام الشيوعية ورأسمالية الدولة فقط ( سقوط وتفكك الاتحاد السوفياتي وتحولات الصين أنموذجاً)!!
لذلك يُقام "اتحاد القبائل العربية في سيناء" لآداء وظيفته حسب القانون " في مجال تنمية المجتمع بما يُراعي الخطط التنموية للدولة واحتياجات المجتمع. وقد راعى ذلك القانون نفسه ـ وفق الوثائق ـ حَظْر العمل في المناطق الحدودية للجمعيات المعنية إلا في المناطق التي يَصْدُر بتحديدها قرار من رئيس الوزراء، والحصول على ترخيص بتنفيذ تلك الأعمال من الجهة الإدارية". وفضلاً عن ذلك فإن وزارة التضامن الاجتماعي تقوم بالإشراف والرقابة على العمل الأهلي من خلال "الوحدة المركزية للجمعيات والعمل الأهلي".
ومن هنا تبدو واقعية تشكيل ذلك الاتحاد الذي يجري تحت بصر وسمع الدولة ومؤسساتها الضابطة؛ وفق خصوصية الجغرافيا التي يعمل بها؛ والمحكومة بتاريخ نضالي مشترك هائل بين جيش مصر العظيم وقبائل سيناء الأصيلة في مقاومة "جرذان" وميليشيات الإرهاب وهي تسعى لفصل سيناء عن جسدها المصري؛ وتوظيفها كسراديب لتهديد أمنها الوطني بما يهدم وجود الدولة العميقة (أحداث فوضى يناير 2011 أنموذجاً).
*****
إن النخبوي الذي يسترخي في مقعده ممسكاً هاتفه الخليوي ـ دعكم من ثُغاء جرذان جماعة حسن الساعاتي البنَّاء ـ قبل أن يستنكر تشكيل "اتحاد القبائل العربية في سيناء" هل قام بتأمين معرفته محيطاً بالمعلومات الواجبة حوله من مصادر المعلومات الرسمية؟ وهل حاول الإحاطة بكل ما يتعلق بتلك الحالة من دون انحياز ليعرف الحقيقة والدوافع.
وهل أدركت "نخبة التوكتوك" أهمية ما أعلنه رئيس اتحاد القبائل العربية إبراهيم العرجاني بالقول أن: "تأسيس اتحاد القبائل العربية يؤكد على دور العائلات والقبائل التاريخي في دعم مؤسسات الدولة. ويعبر عن مسؤوليتهم الاجتماعية والوطنية وإدراكاً منهم للتحديات التي تواجه الدولة المصرية على صعيد الاتجاهات الاستراتيجية المختلفة."
إن النخبوي المُدَّعي أن هذا التشكيل مُضاد لنمط الدولة الذي يَظُّن ظناً متهافتاً أن الدولة المصرية الراسخة تقوم بارتكاب خطأ اختلاق تنظيمات قد تنازعها في دورها هو كاذب كذباً فجَّاً؛ لأن قبائل سيناء تعود إلى أصول كريمة وشريفة؛ وتاريخها في الوطنية ورجالها بأجيالهم المتتالية معروف؛ وهي القبائل التي دعمت الجيش المصري؛ وشاركته استراتيجيات الدفاع عن أرضها بشجاعة الرجال.
وذلك النخبوي الغارق في أوهامه السياسوية المريضة؛ يتناسى أن تشكيل هذا الاتحاد يجري إشهاره في زمن تمكن الدولة المصرية المطلق بأجهزتها السيادية من تطهير الأرض وحماية حدودها؛ بقوة اعتمدت فعالية جيشها ودعم أهلها من القبائل الشريفة. وصار من واجب الدولة بالتالي ـ وهو ما يحدث ـ أن توفر الظروف لإقامة حياة كريمة لسكان وأهل سيناء لأنهم من شعبها الأصيل ومن يرابطون في أحد ثغورها الرئيسة.
*****
إن النخبوي "المتثورن" بأوهام شعاراته وادعاءاته يرفض فعالية قيام نظام الدولة بتشكيل كيانات داخلية تؤدي الأدوار المناسبة لفقه الحالة؛ فيؤكد أنه جاهل جهلاً مدقعا بخصوصيات نسيج المجتمعات الشرقية المكونة للدولة العربية؛ والتي تقوم تاريخوياً على مفردتي "الشعوب والقبائل" كحالة ذكرها الخطاب القرآني (يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَٰكُم مِّن ذَكَرٍۢ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَٰكُمْ شُعُوبًا وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوٓاْ ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ ٱللَّهِ أَتْقَىٰكُمْ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ). وأن هذه البنية الراسخة لم يطلها في قاراتنا التغيير منذ قرون وقرون وقرون.
إن الحالة "القبلية" كامنة في العقول؛ حتى وأن اختفت من فوق السطح في إطار التحولات البنيوية السياسواقتصادوية. فمجتمعاتنا متشكلة ولا تزال من كتل ذات عرقيات وعوائل وأنساب متعددة. والانتماء إليها يمثل دافعاً للحفاظ على الثوابت؛ ومنها أقنية الأسرة والعائلة والقبيلة والمجتمع.
*****
فهل كلف النخبوي المنبعج عقله لتقصي الحقائق المترتبة على تشكيل "اتحاد قبائل سيناء" قبيل مهاجمته؟ والتعرف إلى برامجه التنموية المحكومة بسيناريو الحالة الذي يضع إقليم سيناء الحبيبة في صدارة ترسيخ وجود مصر دولة فاعلة في إطار التنمية العولمية الجديدة؛ والتي تجعل من سيناء المُهْمَلة بامتداد التاريخ مركزاً مهماً لتطوير اقتصادات مصر في مرحلتها الجديدة؛ من خلال إقامة الأقاليم الانتاجية الشاملة من استصناع واستزراع مُخْتَلِف عن الرائج؛ وتوفر بيئة حديثة لاستجلاب الرأسمال العولمي المتنوع لتوطين صناعاته المميزة بها؛ باعتبار مصر مركز الوصول السريع إلى القارات الثلاث عبر البحر الأحمر والمتوسط ونهر النيل.
** إن موقفية "نخب التوكتوك" المصرية المتهافتة تتشابك توافقاً في خطابها مع خطاب "الذباب الاليكتروني" لجماعة حسن الساعاتي البنَّاء الصهيوماسوني؛ فذلك الذباب المتأخون يشعر بالاحتراق من دلالات تشكيل هذا الاتحاد السيناوي؛ والذي يقام في حواف الحدود المشتعلة بالمشاريع الصهيونية التي لا تخمد ولا ترتدع بغير قوة حضور الجيش المصري العظيم.
** وما يكسب هذا التوجه أهميته الفائقة هو جهود "تطريز" كافة القبائل في منظومة المعاونة "غير العسكريتارية " لحماية الحدود المصرية مع تواصل الحرب على الحدود المصرية المتاخمة لقطاع غزة. ووفق تصريح متلفز للشيخ علي فريج رئيس مجلس شيوخ القبائل العربية فإن: "هذا الكيان لا يضم قبائل سيناء فقط، بل يضم أيضا شيوخ وقبائل محافظة مطروح، وهم درع حماية الوطن على الناحية الغربية المصرية، حيث تعاني أيضا هذه الحدود الغربية من مخاطر التهريب المختلفة وهشاشة الوضع الأمني في دولة الجوار ليبيا."
** وبالضرورة كيف ولماذا من وجهة نظر "نخبة التوكتوك" المريضة تكافئ الدولة المصرية القبائل العربية ذات التاريخ النضالي الوطني القديم في مصر بالتنمية الجديدة؛ وتوفر لهم المدن الجديدة والمجتمعات الموائمة لأنشطتهم بما يحفظ لهم كرامتهم؛ ويحترم تقاليدهم المتوارثة لتتناسب مع التحولات الجديدة في المكان. ( تحويل مسمى منطقة العجرة التي كانت قبل ثلاث سنوات أحد التمركزات الرئيسة لـ ـ تنظيم ولاية سيناء ـ إلى مدينة السيسي لتكون من مدن الجيل الرابع من حيث الخدمات والرقمنة والتقدم أنموذجاً؛ وستضم مشروعات زراعية ومزارع مواشي ومصانع، وسيكون أول سكانها من أسر الشهداء في سيناء ومصر عامة.)
*****
إن "الذباب المتأخون" كذلك لا ينسى حجم صعقاته بإفشال الدولة المصرية وجيشها وشعبها لسيناريو الإجهاز على مخطط مسح فلسطين السليبة من الخريطة؛ وتعطيل سيناريو استغلال ثلث مساحة سيناء لإقامة "الدولة البديلة" والذي عطلته القيادة العسكرية الوطنية أيام تمكن المتأخونين من حكم مصر في غفلة من الزمان وقد وافقوا ـ الإخوان ـ على نقل الفلسطينيين خارج أرضهم وتوطينهم في أرض الفيروز المقدسة. لذلك يواصل "ذباب الجماعة الماسونية" تعميم الأكاذيب بأن الدولة المصرية تستصنع المليشيات المماثلة لما فعله البشير المتأخون في السودان فصارهناك ما صار الآن.
وتتناسى "نخبة التوكتوك" بكل تنوعاتها ومعها ذباب الماسونية الساعاتية أن الدولة المصرية بجيشها وشعبها راسخة رسوج "جبل التجلي" في سيناء؛ وأن أدوات القوة هي في حوزة الجيش المصري الراسخ فقط حرصاً على ضمان أمن الوطن؛ وأن قبائل الشعب المصري في سيناء ليست خائنة للأرض والقيم لتتفلت من مستقرات المجتمع؛ وأن القيادات الفاعلة في سيناء ذات وجدان وطني وعاشق ومخلص للوطن؛ وينبغي أن تساهم في فعاليات التنمية الخاصة بالإقليم محل المعيشة.
وهناك سؤال جوهري أسوقه إلى "نخبة التوكتوك" المضادة لنظام الدولة المصرية الراهنة: هل لوشاءت القبائل العربية أن تلعب دوراً سياسوياً؛ فقامت بتشكيل حزب نوعي معتمدة على كثافتها البشرية المنتمية للعرق في إطار الدولة المدنية بمسمى "حزب القبائل العربية" ستقبل النخبة ذلك؟ أم ستندد به كعادتها في اللطم الكذوب؟ حيث أن كل ما تُسمى "الأحزاب المدنية" في مصر راهناً فاشلة فشلاً مرعباً؛ بضحالة العضوية وتفاهة الخطاب وعجز البرامج أو فقدانها لأنها أحزاب النخب الهشة.
*****
قضية تشكيل وإشهار "اتحاد القبائل العربية في سيناء" بكل دلالاتها وعمقها كبيرة؛ والمصريون يلتفون بالوجدان حولها؛ لأنها تعني توجهاً لتعميم الخير؛ بما يناسب "سيناريوهات الحالة" في وجود دولة قوية بجيش عملاق يحميها؛ وقد أنجز مهمة تطهيرها من الجرذان؛ فكانت استراتيجية التنمية الجديدة التي بدأت تباشيرها في الظهور؛ والتي ستضع سيناء في مقدمة مصادر الخير لمصر وأهلها بعد إهمالها لقرون وقرون.
ألا ليت "نخبة التوكتوك" تغادر مقاعد المقاهي؛ ومعها الذباب المتأخون بجهله التاريخوي تتوجه لتعميق قراءاتها في مجالات السياسة والاقتصاد والتنمية الجديدة لتسترد قيمتها بدلاً من الهرولة لركوب "الترند"!!
"رأفت السويركي"