ثقافة حقوق الملكية الفكرية…. وظاهرة (اللفحى) الاسفيرى

 


 

 

Aburoba04@gmail.com

ثقافة أو مفهوم حقوق الملكية الفكريه ليس وليد اللحظة وانما مفهوم قديم يعود تاريخ توثيقه الى بداية 1883  أو قبلها حسب مصادر أخرى, ولكن ذلك التاريخ هو ما حصلت عليه من (موقع ويكيبيديا الالكترونى) فى بحثى عن تاريخ حقوق الملكية الفكريه لغرض هذا المقال. ذلك التوثيق ينسب مجهوده على حسب موقع ويكيبيديا,  الى المكتب الفدرالى السويسرى لحقوق الملكية الفكرية فى مسعى أوربى لبوتقة وتنسيق المجهودات الفردية التى سبقتها فى محاولة للمحافظة على حقوق التأليف والنشر والاختراع وما ينضوى تحتها ضمن طائلة القانون. بالطبع ذلك القانون تطور وتحور ليشمل مستجدات العصر ولازال. انتشرت الفكرة تدريجيا حتى أصبحت ثقافة التزمها معظم الباحثين والمخترعين لأنها تحفظ لهم حقوقهم ومجهوداتهم واقول انتشرت للاشارة لوجودها قبل ذلك وان كان ذلك محصورا وفى نطاق ضيق. غرض هذا المقال ليس دراسة تاريخ قانون حقوق الملكية الفكرية أو أصله ولكن أشرت اليه بغرض ايصال المعلومة والاشارة لقدمها وأهميتها ولذلك لم اتمعق فى بحث تواريخ بدايتها والتى تنوعت مصادرها.  فى الماضى كان خط الالتزام بهذه الثقافة متركزا عند الباحثين والكتاب الناشرين ولكن مع انفجار وسائل الاتصال والثورة المعلوماتية التى اجتاحت العالم مؤخرا أصبحت الكتابة والنشر متاحة للكل. من حسنات تلك الثورة المعلوماتيه أنها أتاحت للكثيرين الكتابة والنشر وتبادل الافكار وما الى ذلك ولكن ايضا لها تداعيات كثيرة أخترت منها لغرض هذا المقال الكتابة والنشر الاسفيرى والذى يتم من خلال المواقع الالكترونية الفكرية والاجتماعية.

المراقب لمعظم الكتاب فى المنتديات الاسفيريه هو نسبتهم اصل معلوماتهم أو حقائقها الى مصادرها التى استقوها منها لاعطاءهم حقهم الأدبى والذى قد يقود الى اكتشاف أو اختراع أولى به صاحبه ولذا يجب حفظ تلك الحقوق. أيضا فى تلك المنتديات والمواقع الالكترونية السودانية نشهد نشاطا وحراكا جيد ومفيد وفى بعض الأحوال يضغى علينا غير المفيد حالنا كحال الكثيرين ولكن ما لحظته ولحظه غيرى هو كثرة الحالات التى تم فيها نشر أعمال أدبية أو اقتباسات مباشرة لبعض المقالات والكتابات لمختلف الكتاب دون نسبة مصادر تلك الاعمال أو الاقتباسات لأصحابها الذين أجتهدوا فى جمعها  وابرازها لمنفعة الجميع ولكن الأدهى والأمر هو التغول على تلك الأعمال والكتابات ونسبتها لانفسهم وفى تلك تكمن الخطورة.

نشهد معاناة وتبرم الكثيرين من أخواننا وأخواتنا الذين يكتبون ويوثقون ويالفون ويخترعون وهم يرون مجهوداتهم منسوبة لأناس آخرون. أذا أتت تلك التجاوزات من طلاب مدارس ايفاع لوجدنا لهم العذر ولاجتهدنا فى تثقيفهم وتحذيرهم من خطورة فعلهم ولكنها صادرة من أفراد (متعلمين) ونفترض استنارتهم. لنتوقف قليلا ونسلم بحقيقة لا يمكن تجاهلها, وهى أن مثل هذه التجاوزات تحدث وحتى فى أرقى المجتمعات وفى الجامعات والصحف الغربية (وان كان التجاوز هنا يتم بحذاقة وذكاء) ولكن القانون المتواجد فى الدول الغربيه وكثير من دول الشرق رادع ولكن فى مجتمعاتنا السودانية الاسفيرية أصبحت هذه الظاهرة متكررة ومزعجة ولا أدرى هل لأنه من السهولة التخفى وراء الاسماء المستعارة؟ أم أن اعتماد البعد الجغرافى كساتر يحجب عنهم طائلة يد القانون لمحاسبتهم؟. الخطورة تكمن فى أن هذه الظاهرة بدات تظهر فى أفعال بعض الاخوة والأخوات الذين لهم أتباع يقرأون لهم أو ينضوون تحت ويتمتعون بعضوية مواقعهم الالكترونيه واذا لم نعالج هذا المشكل بالمتابعة وطرحه على الملأ كمشكل ليس على شاكلة (قبضتك) فقط وان كانت المحاسبة مطلوبة لاسترداد حقوق الغير وردع المتعدين على حقوق الغير والابتعاد عن ثقافة (باركوها) فان استفحال ذلك المشكل سيضر بنهج البحث للأجيال القادمة. وحتى لا أنعت بالتنكر على حكمة أهلنا الخيرين فى حل المشاكل فى نطاق الأسرة للمحافظة على تماسك النسيج الاجتماعى لان أهلنا الحكماء عندما قالوا (باركوها) لم تكن لمترددى (الاجرام) وقاصدى فعل السوء والحاق الضرر بالغير. (باركوها) كانت للطائش وللساهى ولغير القاصد ولم تكن للمتربص والمتصيد لحقوق الغير لملأ العباءة والتبختر أمام الملا على حساب الغير. مانحذر منه أن اتباع بعضنا لهذا السلوك يمهد ويدعو وبالخطوط العريضة  الجيل القادم لانتهاج هذ الاسلوب غير السليم والذى سيضر بهم عند تقدمهم فى حياتهم العامة وفى دراستهم.

عندما تثار مثل هذه الحالات فى المواقع الالكترونيه المخنلفة للنقاش يأتى الكثيرين لمناصرة المظلوم ونصرته وهذه محمدة ولكن المقلق أن ذلك التناول ياخذ المنحى الفردى لتلك الواقعه أو ذاك المخالفة دون النظر اليها فى محتواها الحقيقى وهى أنها ظاهره لاتتم معالجتها بالرد على المتعدى و(سارق) المعلومة وانما يجب مناقشتها كثقافة ونهج يجب اتباع قوانينه فى ساحة فكرية عامة بعيدا عن التبسيط المخل. يأتى البعض وبعفوية وحسن نية يقصد منها المساندة والانصاف وتأتيك المقترحات الناصحة لك (بجمع كل أعمالك وقم بنشرها فى كتاب ليحفظ لك ذلك حقك, أو أرفع دعوى على ذلك المدعو لتقتص منه). مع تسليمى بصدق نوايا الناصحين وضرورة مقترحاتهم الا أن الاقتراب من المشكل على هذا المنحى هو اقتراب جزأى كأنصاف الحلول على أحسن الفروض أو التبسيط المخل على اسوءها. لابد أن ننظر الى المشكل من كل نواحيه حيث ننظر الى الضرر الوقتى والمستقبلى, التأثير على ثقافة النشر والبحث للمنفعة العامة, التأثير على ثقافة البحوث والنشر السليمة, الحقوق المهدرة, تثبيط همم واحباط المبدعين, الأمانه الفكريه وما الى ذلك من التداعيات التى لايتسع المجال لحصرها. عندما تحدث تلك التجاوزات فى الغرب ويتم ضبط الجانى تقوم الدنيا ولا تقعد وكم راينا كتابا لهم أسماء براقة ويكتبون فى أهم الصحف فى الولايات المتحدة تم فصلهم وبمجرد ثبوت عدم التزامهم بقوانين حقوق الملكيه الفكريه وعملهم بالنيويورك تايمز والبوسطن غلوب لم يشفع لهم على الأطلاق ودافعى لايراد هذين المثالين هو أن بعض من تجاوزوا قوانين حقوق الملكيه الفكريه فى أوساطنا من (المتعلمين) والذين لهم وسائل اطلاع تجعل من تلك المعلومات التى ذكرتها فى متناول ايديهم. هناك أعمال موثقة وقمة فى البحث والتمحيض أتحفنا بها كتاب أفاضل كدوا وكتبوا مايفيدنا ويفيد أجيالا تأتى وتلك اللوحات التى رسموها لنا لم تنتقص شيئا عندما أوردوا مساحه معتبرة فى حاشيه أعمالهم لذكر وتبويب كل مصادرهم بل زادنا ذلك احتراما وتقديرا لهم. ثقافة ذكر المصادر ترتقى بالكاتب وتجعل من كتاباته وأعماله قطع موثقة يعتمد عليها ومرجعيتها لها مايدعمها.

نحن شعب ناقل للعلوم والتكنلوجيا والتى تتطلب منا أن نتعلم لغات أقوام ونتشرب بعلومهم ليتسنى لنا فهمها ونقل صالحها الى أهلنا لتطوير ديارنا ومنفعة بنى جلدتنا وان هذه المتطلبات والحوجه لها تدفعنا دفعا الى اجراء البحوث والدراسة خارج بلادنا حيث تتوفر أدوات البحث والمراجع والتقنية وحتما تتبع تلك الحقوق بعض الواجبات من اعداد بحوث فردية واعداد دراسات تتطلب منا أن نلتزم فيها بقوانين الملكيه الفكريه وحقوق النشر وما الى ذلك ولذا تحذيرنا هنا حتى لايقع الجيل الذى يقرا لنا ويتابع تلك المواقع فى نفس أخطاء بعض هؤلاء (المتعلمين) والذين ينتهجون نهجا يثير دهشتى قبل اشمئزازى. المامى القانونى بخبايا حقوق الملكيه الفرديه لا يتعدى البسيط ولكنى أدرى تماما عندما أورد معلومة أو اقتباس يخص مجتهد آخر أو مجتهدة يتحتم على ذكر اسمائهم ونسبة مجهوداتهم لهم, هذه الثقافه هى من ابجديات الكتابه والبحث والنشر فلنكن على قدر المسؤليه ونجنب من يقرأ لنا انتهاج الدرب الأعوج والله المستعان.

   

 

آراء