(خبايا) و(اسرار) في الدبلوماسيه السودانيه للسفير الطريفي

 


 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

في معرض حديثه عن تجربته في اسلام اباد،اشار السفير الطريفي بأن الخرطوم قد اهتمت بتجرب؛ الرئيس الراحل الجنرال ضياء الحق في مجال تطبيق الشريعه الاسلاميه ، وبأن الرئيس الراحل نميري كانت تراوده الفكره ذاتها،ولهذه الاسباب اهتمت الرئاسه بالتقارير الوارده من اسلام اباد، حتي اعلان تطبيق قوانين الشريعه الاسلاميه في السودان .

والحديث عن الشريعه و تطبيقها ، يحتاج الي مسح سريع لتجربة البلدين ، لتستقيم الصوره ، فعلي سبيل المثال اذكر بان الرئيس الراحل نميري قد قال تعليقا علي من عاصره من زملائه من اليساريين واضدادهم من اهل اليمين،بان الاعضاء المصنفين كيسار كانوا اهل بهجه ،مولعين بشراب الخندريس،وترديد الاغاني ، ببنما في الطرف الاخر الاعضاء المناوئين لهم مولعون باداء صلواتهم ، ويبتعدون عما يعتبرونه حراما ، وهكذا اختصر كل مايتعلق باطروحات اليسار و معارضيهم في مثل هذه السلوكيات الشخصيه، دونما الغوص الي ماورائهم من فلسفات ترتبط بالتنميه الاقتصاديه، والبشريه، وبوصوله الي السلطه ومعايشته تكالب اعداد من الانتلجنسيا علي الوظائف،شعر بانه هو المالك الذي يعطي و يمنع ليتحول مستشاروه من هاؤلاء الي جماعات تتلقي منه التوجيهات!!!

ومع تقديرنا لادوار رواد من العسكر في مجالات عده ،بيد ان تدخل الحسم العسكري لترجيح كفه علي اخري في مجالات الخيارات الاستراتجيه تفقدها القدره علي معالجة المعضلات الاجتماعيه والاقتصاديه والثقافيه التي تواجهها الدول الناميه.فالعسكر مولعون بالاشاره انهم القادرون علي انجاز المهام الصعبه،لان الملكيين لا يجيدون الا الجدال ،وهكذا تختفي مساهمات المثقفين والعلماء ،الالي تنحصر مشاركاتهم في التقرب من سيد الزبده ، واضفاء الالقاب المثيره حوله..كالرئيس الملهم ..والقائد الاب،والعجب ان صاحب القرار هذا الذي خلق يتلاعب بهؤلاء المتكالبين ،ويصفه البعض بالثوري .ولا شك ان تجربتي الجنرالين الراحلين في مجال تطبيق الشريعه ادت الي نتائج وخيمه بانت نتائجها السلبيه ،والظروف التي صحبت اعلان قوانين الحدود في السودان معروفه ومرصوده ،وعلي صعيد التجربه الباكستانيه يمكن اجمال الملاحظات التاليه:

،عاش المسلمون في شبه القاره الهنديه في بلد فيه اكثر من 240لغه وحوالي 300 لهجه واديان وضعيه تراوحت ما بين الهندوسيه والجينيه والبوذيه وانتشرت فيها عبادة الحيوانات وخاصة الابقار ،وعبادة قوي الطبيعه و عبادة عضو التلقيح علي اساس انه سبب الخلق .

،حين راي القائد الاسلامي محمد علي جناح _الذي كان عضوا قياديا في حزب المؤتمر الهندي القومي بجانب مهاتماغاندي _استحالة ان يعيش المسلمون احرارا في هذه البيئه ،نجح في اعلان باكستان كجمهوريه اسلاميه عام 1947 ،والتي انقسمت في وقت لاحق الي دولتين باكستان و بنغلاديش ،بينما ظل هناك مسلمون اغلبهم في الجزء الغربي من شبه القاره الهنديه.

،كان تفكير القائد جناح تفكيرا لبراليا،يطمح في ان يجعل الاسلام كعنصر توحيد ،وكهوية جامعه .

،هذه الافكار لم تكن بعيده عن احلام النخب المتعلمه من المسلمين ،فعلي سبيل المثال برز في الهند الشاعر محمد اقبال (توفي عام 1938)الذي عاصر الشاعر طاغور ،وفي احدي قصائده تحدث اقبال عن الاسباب التي ادت الي قوة و سطوة الغرب قائلا بما معناه:،

سر قوة الغرب ليس في القيثاره _وليس في الرقص المختلط وليس في عري سيقان الحسناوات وشعورهن المكوره_وقوته ليست اللادينيه _قوة الغرب في العلوم و المعرفه.

_وهكذا كانت بداية القائد جناح ففي نظري كان يطمح في خلق دوله متحده متجانسه تسودها العداله الاجتماعيه،اقرب الي تجربة محاضير بماليزيا ولكنه توفي سريعا .

في خضم خلق الدوله الاسلاميه برزت شخية ابو العلاء المدودي الذي تمكن من تاسيس الجماعه الاسلاميه عام 1941، وقد الف حوالي 128 كتابا ،من مؤلفاته مبادئ الاسلام،نحن والحضاره الغربيه ، المصطلحات الاربعه في القران، الحجاب، الحكومه الاسلاميه،ومدونة الدستور الاسلامي.....الخ، وكتب كثيرا عن مصطلح (الحاكميه)مشيرا بان الحاكميه لله من قبل ومن بعد، وفي تقييم المتابعين للاسلام السياسي يعتبر المودودي من المتشددين ،بل ويعده البعض من الاقصائيين واعتبر الراحل سيد قطب من تلامذته في مرحلته الاخيره،ليتبني بعض من اتباعه نظرية محاربة الجاهليه في شكلها المحلي و العالمي ..لتبرز جماعات الجهاد،والتكفير والهجره...........الخ

_شهدت الساحة الباكستانيه تدخل الجيش للاستيلاء علي السلطه،وكان اول انقلاب بقيادة الجنرال محمد ايوب خان عام 1959 وكان من المعجبين بحركة مصطفي اتاتورك،ومعاديا لانصار الاسلام السياسي ، ومن ضمن وزرائه ذوالفقار علي بوتو الذي عمل كوزير للخارجيه ،وبعد خسارة باكستان حرب لها مع الهند و تدهور الاحوال استقال ذوالفقار واسس حزب الشعب الباكستاني،وقد صرح بانه يؤمن بالاسلام الوسطي ولكنه يعادي التطرف باسم الدين ،وقد تمكن ابان نجاح حزبه في الانتخابات وتبوأه السلطه العمل علي ان تمتلك باكستان القنبله الذريه كسلاح ردع.ونجح في اقامة علاقات متوازنه مع الجاره الهند . واتهم بالعجرفه وتزوير الانتخابات ياتي علي سدة الحكم الجنرال ضياء الحق ، وفي عهده حكم علي ذو الفقار بالاعدام، وسارع باعلان الشريعه الاسلاميه مركزا علي المظاهر السلوكيه كلحجاب و منع الخمور والرقص المختلط،ثم اسلمة النظام الاقتصادي ،تعرض حكمه لمعارضه من طائفة الشيعه واتباع بعض المذاهب الاسلاميه وايضا من حزب الشعب الباكستاني اللذي قادته بناظير بوتو وحولته الي حزب لبرالي منفتح،ووجد ضياء الحق التاييد من الجماعه الاسلاميه لاسيما بعد مواقفه الايجابيه لمجابهة الغزو السوفيتي بافغانستان،ومساندته للمجاهدينوقد قتل.قتل الجنرال ضياءالحق في حادث طائره تفاصيله غامضه ،لياتي بعد نواز شريف زعيم الرابطه الاسلاميه والذي اطاح به الجنرال برويز مشرف ،ليعودحزب الشعب الباكستاني بعد فوزه بالانتخابات بعد اغتيال بناظير بوتو عام 2007 .التفاصيل اعلاها كانت تعليقا علي تأثر الرئيس السابق نميري و تجربة الجنرال ضياء الحق في اعلان الشريعه الاسلاميه.

      وقد ابرز السفير الطريفي دوره في معالجة قضايا المبعوثين و المقيمين وهذه صفه مستحبه يجب ان يتحلي بها كل دبلوماسي ود بلد.و من ضمن استقبالاته ذكر بانه استضاف الفريق الراحل محمد زين العابدين و زوجه سوسن أبان زيارة له لباكستان بوصفه الملحق العسكري المقيم ببكين و غير المقيم باسلام اباد ، والذي عين سفيرا بالخارجيه  بعد انقلاب 1989 و،في نفس السياق ذكر بانه استضاف اللواء طيار خالد الزين و زوجه سعيده في زياره له اسلام اباد و كان خلفا للفريق محمد زين ، و في تعريفه للفريق طيار خالد الزين ذكر بانه كان من ضمن الضباط الذين اعدموا عام 1991 ابان الايام الاولي من عيد الفطر والصحيح انه كان من ضمن الثمانيه و العشرين ضابطا اللذين اعدموا في 28 رمضان من ذاك العام بتهمة تدبيرهم لانقلاب عسكري .

و اثناء عملي بسفارتنا ببكين كان لي شرف العمل مع الضابطين العظيمين المذكورين ،ولدي معهما ذكريات طيبه ستظل دئما في الذاكره،وادعو الله ان يمكنني من الكتابه عنهما باسهاب.

  salahmsai@hotmail.com

 

آراء