دكتور الدرديري محمد احمد المفترى عليه

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم
تعليقاً على مقالة مرتضى الغالي، بعنوان " الدرديري: إنكار عورة الانقاذ والتحريض على استمرار الحرب!!! المنشور على صفحات سودانيل، د. مرتضى الغالي15 July, 2023
يلاحظ ان السيد مرتضى الغالي، لم يترك عادته في تسخير كل ما يكتب على صفحات سوانايل للنيل من الانقاذ ومهاجمة الاسلاميين (الكيزان)، لمناسبة او غير مناسبة. ففي تعليقه على ما كتبه دكتور/ الدرديري محمد احمد، تحت عنوان :عربان الشتات ومشروع توطينهم في السودان،وبدلاً من ان يعرف مرتضى القاريء بالموضوع،ويكتب تقييما له، وضع عنوانا لمقالته يحمل تحاملا على الدكتور ،متهما اياه بإنكار عورة الانقاذ، وبالتحريض على استمرار الحرب. .ثم بدا مقالته بالهجوم على ما كتبه عالم في القانون الدولي، مستخدما عبارات وضيعة ،وباسلوب بذيء لا يليق استخدامه في تقييم علمى، وعلى موقع حواري محترم كسودانايل، بل ذهب الى القول بأنه لم يقرأ ما هو اكثر تضعضعاً وبعداً عن الموضوعية مما كتبه الدكتور الدرديري، ووفقا لعبارته:" نشهد الله على كثرة ما طالعنا من غثاء وإنكار و(لولوة) في بعض ما يتهاطل على الوسائط من مقالات ومن (خزعبلات)، لم نطالع ما هو أكثر تضعضعاً وبُعداً عن الموضوعية مما كتبه "الدكتور الدرديري محمد احمد" بعنوان "عربان الشتات ومشروع إعادة توطينهم في السودان" بجزئيه الكئيبين..!!ولم يكن الأمر يتطلب انتظاراً لقراءة الجزء الثاني حتى يكتشف القارئ عوار ما جاء في الجزء الأول من "موضوع" متهالك أراد أن يركّب عليه "محمولاً" لا يتسق مع ضعف وهلهلة مقاله الأول..فتهاوت (الريكة) جميعها على بعضها".
وقد عجبت لهذا المستوى المتدني في التعبير،والاساءة في العبارة،والركاكة في تناول القضايا ،ومعالجة الموضوعات.فدكتور الدرديري مشهود له.بالتميز فيما يسطره قلمه ، من حيث التناول للقضايا وتخير عبارات علمية منضبطة ومنتقاة ،فالرجل مؤهل اكاديميا وعلميا ، فهو أستاذ القانون بجامعة الخرطوم، حاصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة ليستر البريطانية. كما نال ماجستير القانون من جامعة لندن، وماجستير القانون الدولي لحقوق الإنسان من جامعة أكسفورد.و كان الممثِّل القانوني للسودان في النزاع الحدودي بشأن منطقة أبيي لدى المحكمة الدائمة للتحكيم بلاهاي. كما كان مقرِّرًا لمفوضية المراجعة الدستورية التي صاغت دستور السودان في العام 2005م، كما كان سفير سابق وعضو بوفد السودان المفاوض بشأن الاتفاقية التي منحت جنوب السودان تقرير المصير.و تشمل اهتماماته البحثية القانون الدولي، وقانون حقوق الإنسان ،والقانون الجنائي الدولي. صدر له حديثًا كتاب "الحدود الإفريقية والانفصال في القانون الدولي".
وقد دفعني هذا الوصف غير الموضوعي وغير العلمي لما كتبه الدكتور الدرديري ، الى البحث عن مقالتيْ الدكتور المشار اليهما، والاطلاع عليهما لاتبين من خلالها محتواهما، ومدى مصداقية مرتضى الغالي فيما ذهب اليه من تسفيه للمقالتين،واساءة للكاتب وما كتب. وبعد قراءة متأنية للمقالتين عجبت من وصف الغالي، واحسب انهاما انه لم يقرأ المقالتين، بل كتب ما كتب عن ما سمع عنهما ، أو انه قرأهما متأثرا بموقف مسبق عن الكاتب وصورة سلبية عنه،,من ثم رايت ان اقرأ ماقالتي الدكتور الدرديري قراءة متأنية،.كما اردت ان اشرك القاريء لعلمي ان سيجد فائدة فيما كتب الدكتور.
على كل تبين لي من قراءة المقالتين ان الدكتور ، اراد ان يتتبع ما اطلق عليهم عرب الشتات ،ودورهم المدمر في التاريخ، وعرض لبعض الدول والمجتمعات التي دمروها وخربوا بنيانها ،وحذر من تكرار هذه الممارسة في السودان،وان الحرب الدائرة الان مثال لذلك، وان هناك مؤامرة كبرى -كما يقول - تجري لإحلال رعاة دول الساحل الإفريقي مكان المجتمع السوداني.وكان يتوقع من الغالي ان يتناول هذه القضية ومدى مصداقية ما اورده الدكتور الدرديري من تاريخ لهذه الجماعات،ومن السعي لاحلالها محل الدولة السودانية ، حتى يستفيد القاريء من توثيق هذه الحركة واثرها في التاريخ .ولكن بدلا من ذلك جنح الغالي الى الاساءة الى الكيزان -كعادته-ولم يترك ضفة ذميمة الا الصقها بهم، وذهب الى ان ما فعلته الإنقاذ بهم وبالسودان لهو (والله المعبود بالحق) أفظع من فعل الطبيعة والجفاف والتصحر وجميع مؤامرات الأنظمة القهرية الدموية المستبدة في العالم وكل أشكال وفظائع الاستعمار الأجنبي.وبما ان دكتور الدرديري من اعمدة الانقاذ،فهو بهذا يكون من بين آخر من يحق لهم الحديث عن دارفور وما جرى بحق مزارعيها ورعاتها.
على كل حتى يتضح مدى حالة الفوبيا والهوس الذي يعيشه الغالي، اعرض بايجاز القضايا الرئيسة التي تناولها الدكتور الدرديري في مقالتيه. ففي الجزء الاول من المقالة التي خصصها-كما يقول- لتسليط الضوء على هوية هؤلاء العربان والمشروع الذي كان وراء جلبهم من مضاربهم البعيدة الى الخرطوم فيعيثون فيها فسادا. اما الجزء الثاني فيؤسس لأطروحة قراءة غزو العربان قراءة صحيحة تجعلنا نمنع الظل الطويل الذي يخلفه هذا الغزو وراءه من ان يسد الافق.
وبعد مقدمة- خاطب فيها الدكتور، الامريكان بلغته الدبلوماسية وبين لهم الاختلاف بينهم وبين السودانيين، في رؤيتهم للحرب والصراع وما يترتب عليه من خسائر،وحذر في الوقت نفسه من نذر الصراع الذي يتوقع ان يدور في السودان- تتبع قصة عربان الشتات ومسار رحلتهم حتى استوطنوا في بعض البلاد الافريقية، ومن بين هؤلاءالعربان بني هلال وبني جشم، الذين احدثوا العديد من الاضطرابات في صعيد مصر حين حلوا بها.و دخل في ركاب هجرة الهلالية لأفريقيا خلق كثير منهم بنو سليم وجهينة وجذام وبنو قيس.ويلاحظ -كما يقول الكاتب-انه ليس كل من أتى مع "تغريبة" بني هلال، كان بغيتهم الغزو والإغارة، وإنما دخلت بعض تلك القبائل افريقيا بحثا عن المرعى . وبينما قصدت غالبية قبائل "التغريبة" تونس متيامنةً سيف البحر الابيض المتوسط، فان بعضا منها سار في ركاب هؤلاء حينا، مستأمنا على ابله، ثم فارقهم وصعد جنوبا محاذيا الضفة الشرقية لنهر النيل ليستقر به المقام عند الأتبراوي وبادية البطانة ومناطق رفاعة والصعيد، وجل هؤلاء من جهينة. وعند الشلال الرابع انقسمت هذه المجموعة الأخيرة لفريقين ، جماعة اتجهت تلقاء الغرب متتبعة الواحات المنتشرة على الخط الفاصل بين الصحراء الكبرى وحزام السافانا ليستقر بها المقام في موريتانيا، واغلب هؤلاء من القيسيين. بينما توغل القسم الاخر الى الجنوب الغربي متتبعا وادي الملك، في ظعن متمهل استمر لأربعة قرون ليلقوا عصا التسيار عند حوض بحيرة تشاد وشمالي الكاميرون ونيجيريا،وهؤلاء من جذام. ومن يعنيهم هذا المقال بعبارة "عربان الشتات". ،هم بعض من قصدوا الى تونس وشهدوا موقعة القيروان ودكوا حصونها. فبعد المعركة قفل اغلب بنو سليم ومعهم بطون من بني هلال راجعين لديارهم في صعيد مصر ونجد والعراق وانفتل جزء من هذه القبائل نحو الجنوب الشرقي ليدخل الحزام المطير في دارفور وكردفان بينما بقي آخرون في حوض بحيرة تشاد او يمموا مع نهر شاري غربا تلقاء ما يعرف الان بالنيجر ومالي وما ورائها.
و لم يعتني عالمنا العربي-كما يقول الدكتور- بدراسة هذه الهجرات او عرب الشتات الذين نتجوا عنها، واقتصرت الدراسات القليلة حول هذا الموضوع على التنقيب في بطون كتب المؤرخين، كابن الاثير، ولسان الدين الخطيب، ،و المقريزي، و ابن خلدون. ولعل أبرز دراسة عربية معاصرة لهذه الحقبة هي تلك التي قام بها الشاعر المصري الكبير عبدالرحمن الأبنودي لتوثيق "السيرة الهلالية" التي تعتبر أهم الملاحم الشعبية العربية. وفي مقابل عدم الاهتمام من العرب نجد ان اليهود أولوا هذه الهجرات اهتماما اوسع، ودرسوها بالطرق العلمية الحديثة، ليقفوا على واقع وخصائص شعوب الشتات العربي، ويتبينوا أنجع السبل للتعامل معها وكيفية توظيفها لخدمة اغراضهم.( واترك للقاريء متابعة تفاصيل هذه الهجرات في الموقع ادناه والذي تضمن مقالتي الدكتور الدرديري).
ودخل عربان الشتات ( تحت مسمى الدعم السريع )، معادلات السياسة الدولية عام ٢٠٠٣ م، حيث استخدموا لإشعال فتنة دارفور. كما استخدموا في عملية عاصفة الحزم التي أطلقت في مارس ٢٠١٥م. ليكسروا شوكة الحوثيين. واخيرا جيء بهم للخرطوم لاجتياحها ، وتغيير التركيبة السكانية وجعل السودان وطنا بديلا لهم على نحو يخلخل المجتمع السوداني التقليدي.
ويذهب الدكتور الى القول إن مشروع إعادة توطين عربان الشتات بالسودان، جزء من مشروع كبير يهدف لإبدال النخبة السياسية في السودان بنخبة علمانية المزاج تسعى لتجاوز الثقافة التي ولدت لاءات الخرطوم الثلاث، التي لا تزال اسرائيل تعتبرها شوكة في خاصرتها. و تتجاوز ما يسميه البعض "سودان ٥٦". وهذا مشروع الغرب كله ، تقوده امريكا وتقرها عليه اوروبا ،وتحركه إسرائيل من وراء ستار،ويلتقي هذا المشروع مع مشروع فرنسي ، تهدف من ورائه فرنسا الى التخلص من هذه المجموعات العرقية ( من عرب الشتات)، التي ترفض الاندماج في الامبراطورية الفرنسية بغرب افريقيا، وتنشط في تهريب البشر، والاتجار في الاسلحة الصغيرة ، وترتبط بمنظمات ارهابية من شاكلة بوكو حرام وبعصابات اجرامية عابرة للحدود.
ويمضي الدكتور الى القول بأنه خلال العامين الاخيرين دخل تنفيذ هذه العملية( المشروع)، مراحل متقدمة، وتولاه ميدانيا نفر مرتبطون بدويلة خليجية ،ومن خلالها بفرنسا واسرائيل. وتولى الاشراف العام على تنفيذها ، محمد صالح النظيف وزير خارجية تشاد الحالي، الذي ينحدر من ماهرية تشاد،وكُلف في مارس ٢٠٢١ (بدعم معلن من فرنسا، وبتدبير خفي من الموساد ولا شك)، بشغل منصب "الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في منطقة غرب أفريقيا ومنطقة الساحل" ( مما يسر مهمته)، وتزامن تكليف النظيف مع انتخاب محمد بازوم رئيسا للنيجر في ابريل ٢٠٢١، ايضاً، بترحيب معلن من فرنسا. هذا رغما عن ان الأقلية العربية في النيجر لا تكاد تبلغ ١٪ من سكان تلك البلاد. وتوافق هذا كله مع تولي حميدتي، منصب نائب الرئيس في السودان(و تلقى حميدتي-وليس البرهان- دعوةً للسفر للنيجر لحضور حفل تنصيب بازوم). وما ان سلس القياد لهذا الثالوث، حتى تكثفت الدعاية في تشاد والنيجر ومالي لتوطين عربان الشتات بالسودان. وتقبل العربان الفكرة خاصة انها جاءت مصحوبة بضمان ان من يجندوا سينتدبون لليمن ( ويجنون الكثير من الاموال).وما هي الا أشهر قليلة حتى تم نشر ماكينات اصدار البطاقة القومية السودانية وجواز السفر السوداني، شرقي النيجر وجنوبي ليبيا. وهكذا حصلت اعداد كثيرة على الرقم الوطني السوداني وكذلك جواز السفر. ثم بدأت الخطوة التالية والتي هي ادخال عشرات الآلاف من هؤلاء الشبان “السودانيين" الى موطنهم الجديد، ونقلهم مباشرة لمعسكرات تدريب قوات الدعم السريع بزعم اعدادهم للالتحاق بالفرق المقاتلة في اليمن.
وفي الجزء الثاني من هذا المقال الذي خصصه لمقابلة مشروع التوطين ،وكيف سيستطيع الشعب السوداني كسب معركته العسكرية والوجودية والحيلولة دون خلخلة مجتمعنا ومنع تكرار غزو عربان الشتات ديارنا وتوطنهم فيها.
واستهل الدكتور الجزء الثاني من مقاله، بايراد قصة اجتياح الهلاليون مدينة القيروان وكيف عاثوا فيها فسادا وفجورا وأجلوا عنها اهلها. وما سجله الرحالة العرب الذين عبروا بالمدينة بعد سقوطها بعدة عقود، من امثال الادريسي، وابن سعيد ،والعيدري، ووصفهم للدمار الذي حل بالقيروان ،وكيف انهم وجدوها قاعا صفصفاً، وقد اندرست معالمها، ويبست بساتينها، وحطمت قصورها، واحرقت دورها ،وسقطت مئذنة جامعها الكبير ومحرابه الشهير، الذي كانت تضبط على اتجاهه محاريب المغرب العربي كلها. وكيف ان الخليفة الفاطمي المستنصر(1029- 1094 م) ، ،ووزيره اليازوري، الذين دفعوا بالهلاليين لتغريبتهم (مزودين كل واحد منهم بحصان ودينار) لم يبالوا بما حاق بأهل القيروان او مدينتهم. ولم يضعوا اعتبارا لرابطة الاسلام ولدور القيروان الكبير في خدمته.
وقد اطلق الكاتب على حركة الغزو التي قام بها عربان الشتات "تشريقة"، في مقابل "تغريبة" الهلاليين، لأن الغزاة الذين جاءؤا الى السودان قد انطلقوا شرقا وليس غربا. وترك للقاريء تسمية من دفعوهم للغزو ،وما زود به "مستنصر"، هذا الزمان الغزاة من عدة وعتاد مما ذاع خبره. ثم حث السودانيين على اخذ العبرة من هذا الحدث،فانه لا ينبغي لهم التعويل الا على الله وأنفسهم إذا أرادوا لبلادهم أن تقف على قدميها ولعاصمتهم ان تعود رياضاً غناء على مقرن النيلين. وأول مقتضيات ذلك هو: ألا يسمحوا لما حدث بأن يشتت جمعهم ويفرق كلمتهم. فعليهم ان يسدوا المنافذ لمنع هذه "التشريقة" من ان تتكرر ونبه الى نقطة مهمة تتمثل في:
محاولة إدماج عربان الشتات في قبائل جهينة السودان ذات الأسماء القبلية المطابقة لمسميات قبائل عربان الشتات.: فقد حرص من نظموا هذه "التشريقة" على الاستفادة من المسميات القبلية المشتركة لعربان الشتات مع بني عمومتهم من قبائل جهينة بالسودان. فكان الغطاء الذي استخدم لتنفيذ هذا المشروع الاستيطاني، هو ادماج عربان الشتات في قبائل جهينة السودان ذات الأسماء القبلية المطابقة لمسميات قبائل عربان الشتات. فعربان الشتات ينتسبون الى الجد الأكبر "جنيد" الذي هو أيضا جد مجموعات كبيرة تستوطن دارفور وكردفان والنيل الأبيض. ويشمل ذلك الرزيقات والمسيرية والحوازمة والمحاميد والماهرية واولاد راشد وبني هلبة والتعايشة والهبانية والسلامات وخزام وسليم واولاد حميد. ومن اجل هذه المؤامرة الخبيثة ،سميت كبرى شركات آل دقلو "شركة الجنيد". ثم نفضوا الغبار عن ذكرى "عطية" و"حيماد"، إبني جنيد، وجعلوا بإسميهما تمظهرات سياسية لكيانين فرعيين. ولكن شتان بين أبناء جهينة السودان وعربان الشتات.فهناك تباين بين المجموعتين،وذلك لسببين:
1-. السبب الاول : بسبب الهجرات التي تطاولت زمانا وتباعدت مكانا تباينت المجموعتان تبايناً كبيراً رغم وحدة الأصل والاسم: ويلحظ ذلك في اختلاف اللهجات، وطرق التحية والمأكل والملبس والنظافة الشخصية والمحكيات التراثية. كما يلحظ في رقة الدين لدى عربان الشتات، وجهلهم بالشعائر والشرائع ،وبغضهم للغريب ،وعنصريتهم المفرطة وضعف دور المرأة لديهم.
2- وفي مقابل تلك الهجرات نجد انصهار قبائل جهينة السودانية في البوتقة الوطنية ،فهناك تباين بين المجموعتين حدث بسبب انصهار قبائل جهينة السودانية في البوتقة الوطنية في هذه البلاد نحوا من ثلاثة قرون طورت فيها هذه القبائل ولاء لوطنها الجديد وامتزجت في اعراقه المتعددة،ومن مظاهر هذا الامتزاج :
.أ) مشاركة قبائل جهينة السودانية في ملاحم السودان ومشاهده الكبرى ، وفي هذا المضمارضربت جهينة السودان بسهم وافر في الثورة المهدية، التي خرجت منها لها ما لها وعليها ما عليها شأنها في ذلك شأن كل قبائل السودان الكبرى.
ب) بروز افذاذ من قبائل جهينة السودانية في الإدارة الاهلية ممن شبوا في بيئة صاغها ترتيل القرآن وتلاوة راتب الامام المهدي وصهيل الخيول وازيز النحاس، فتشربوا الفضائل السودانية كابرا عن كابر وأطلق حكماؤهم من طراز الناظر بابو نمر، والناظر موسى مادبو، والناظر علي الغالي، مقولات جرت مجرى الأمثال.وقد زامل هؤلاء اضرابهم من زعماء العشائر الأخرى مثل: شيخ العرب عوض الكريم أبو سن والناظر علي التوم نداً لند وبادلوهم وداً بود.
ج) كانت بيوت نظار قبائل جهينة السودانية، في دارفور وكردفان رائدة في ابتدار المصاهرات مع قبائل سودانية أخرى. وحذا حذوهم الكثيرون من افراد قبائلهم فاختلطت الدماء وتمازجت الأعراق وتشابهت الملامح.
د) انخراط افراد تلك القبائل في الجندية والشرطة، والالتحاق بالتعليم النظامي، وامتهان الوظيفة الحكومية، والاشتغال بالتجارة والزراعة، والانتظام في الأحزاب السياسية الكبرى والطوائف الدينية، وصاحب ذلك انتشار وسائط الاعلام من الراديو والتلفاز، وذيوع اغنية الحقيبة، وشيوع رياضة كرة القدم، وترابط اصقاع البلاد المترامية بالسكك الحديد وطرق الاسفلتمما ادى الى تواصل الناس والتآلف بينهم ، وغير ذلك من الوسائل التي ادت الى تقوية ممسكات الوحدة الوطنية لديهم.
ه) يضاف الى ذلك كله الانفعال بالقضايا الوطنية الكبرى مثل الاستقلال وقضية الجنوب وثورة اكتوبر ونزاع حلايب.كما ظهرت في بوادي هذه القبائل كبريات المدن ووسيطاتها من شاكلة نيالا وبرام وعد الفرسان والضعين والفولة والدبيبات فعرف قاطنوها مخالطة المجتمعات والمنتديات الجامعة والمناسبات المفتوحة وتعدد الاعراق. وحين اتفق السودانيون على اعلان الاستقلال من داخل البرلمان انبرى لتقديم الاقتراح عبد الرحمن دبكة ناظر عموم بني هلبا.
و) في مقابل هذا الانصهار لقبائل جهينة السودانية ،في بوتقة السودان الكبرى، التي قوت الروابط فيما بينهم ،نجد ان عربان الشتات بعيدين عن هذه الاجواء المنفتحة ،وبعيدين من هذه البوتقة غمن الإنكفاء على سرديات مغلقة ولدتها هجرات ابدية في تيه سرمدي،وفقدوا حتى المصاهرات ، مع بني عمومتهم جهينة السودان فضلا عن ان تكون لهم صلات بقبائل السودان الأخرى.
ومن مظاهر هذا التباين بين عربان الشتات ( الدعم السريع) وقبائل جهينة السودان ما يلي:
• رفض زعماء جهينة السودان مشروع حميدتي وتوجسوا خيفة من اشراك عربان الشتات في مسائل من خصوصيات وطن ليس لديهم له أي انتماء. فنفض اقطاب بيت مادبو اياديهم مبكرا في اعلان جهير. ولحقت بهم بيوتات النظارة في دار المسيرية.
• انتشر خبر النصيحة المرة التي صدع بها سياسيون كبار من هذه القبائل في جلسات خاصة مع حميدتي. ومن هؤلاء اقطاب المسيرية احمد الصالح صلوحة، وعمر سليمان ،والخير الفهيم المكي، ومنهم سلمان سليمان الصافي زعيم الحوازمة.
• حين شارك بعض ابناء هذه القبائل في مقتلة الدعم السريع وهمجيته ، ممن كانوا أصلا ضمن مجنديه ،او من المارقين الذين اغراهم السلب والنهب، تبرأ ذويهم من فعالهم. فأبوا أن يضيفوهم لدى عودتهم، او يعترفوا ان ما أتوا به غنيمة تحل لهم. بل منهم من رفض ان يمد يديه لقراءة الفاتحة على ابنه الذي قتل في صفوف الدعم السريع.
• قد ساء هذه القبائل ما لحق بالجنينة مثلما ساء ذلك سائر اهل السودان، بل أشد. ذلك لأن الدعم السريع قد استغل اسماء هذه القبائل في تلك المجزرة البشعة. فما يجمع ماهرية السودان بالمساليت أرسخ من ان تنفصم عراه بسبب فعال هذه الجماعة المارقة. وما بين الناظر محمود موسى مادبو( ناظرعموم الرزيقات) والسلطان سعد عبد الرحمن بحر الدين( سلطان المساليت) من رابطة الوطن والاخاء في الدين أمتن من أي انتماء ضيق.
وقد نبه الدكتور الدرديري الى خطورة استغلال من نظموا هذه "التشريقة" اسم قبائل جهينة السودان، لان من شأن هذا الاستغلال أن يطلق عصبيات ضيقة من عقالها. فاذا ما انجر السودان مجددا وراء تلك العصبيات فسيشهد انبعاثا جديدا لفتنة دارفور.ويكون بذلك قد غرست البذرة الاولى لتفتيت السودان واغراقه في حروب أهلية لا تقوم له بعدها قائمة. وبذلك تواتي هؤلاء المخططين فرصة جديدة لتوطين اعراب الشتات بالسودان ،وتشتعل فتنةٌ تجتاح السودان كله فتقسمه الى فسطاطين، فسطاط لمن استهدِفوا بهذه "التشريقة"، وفسطاط لمن يعتبروا ضمن من كانوا وراءها . وبسبب الفسطاطين سيكون الناظر مادبو عدواً للسلطان بحر الدين. وبسبب الفسطاطين ستخفت أصوات مسار وصلوحة والصافي واضرابهم فلا يصدعون بقولة الحق لدى قائد "التشريقة" الجديدة.
وينتهي دكتور الدرديري الى ان هؤلاء العربان هم المهدد الخارجي الاول للوحدة الوطنية في السودان،ومن ثم فإن اوجب واجباتنا هو ان نتخذ من الترتيبات ما يعصمنا من زيارات لاحقة ومتكررة لهؤلاء العربان لديارنا في الجنينة او نيالا او الفاشر او الخرطوم. فقد عرف هؤلاء العربان السبيل لبلادنا، وعرف من هم وراءهم كيف يوظفونهم.
ان هؤلاء لا يعلمون ان الذين اتخذوا من عاصمة بلادنا مضمارا للعبة الموت هذه، ما هم من بني بُجدتها ولم يتشربوا لِبانها. فقد أُتي بهم غزاة في "تشريقة" وفدت الينا من وراء الحدود ومن دول الشتات.
وبهذا نرى ان الدكتور الدرديري شخص الداء،وابان عن حقيقة المخاطر التي تهدد الدولة السودانية،واقترح الدواء وكيفية معالجته والذي قد يختلف معه اخرون او يتفقوا،ولكن لم يكن لاحد ان يصف موضوعه،بانه متهالك وبعيد عن الموضوعية،ويتهم الرجل زورا وبهتانا بأنه من الذين يحرفون الكلم عن مواضعه ولا يبتغون الحقيقة، وأن ما كتبه لا يعدوا ان يكون مغالطة سمجة وكذب صريح وفقا لعبارات مرتضى الغالي المجحفة.
اما ما اشار اليه الدكتور عن مشروع مؤامرة كبرى تستهدف الدولة السودانية، ويقف خلفها قوى اقليمية ودولية ، تهدف الى خلق دويلة تحقق طموح بعض الأسر ،ومصالح دول اقليمية ودولية، الامر الذي انكره مرتضى الغالي، ،فهذا مما لم ينفرد الدكتور الدرديري بقوله ، بل اصبح حقيقة يسندها الواقع وتحركات الدعم السريع وقبائل الشتات، وما تجمعاتهم في معسكر العوينات الذي دمره نسور الجو، وما روى من أنه كان فيه أربعين ألف مقاتل بعدتهم وعتادهم وتاتشراتهم! ،وما روي عن تجمعاتهم في الكفرة واجدابيا، ودعواتهم في تجمعاتهم،بالنيجر وتشاد وافريقيا الوسطى،بالنصر للجنجويد،وسرورهم لاخبارهم حين ينتصرون،واستعدادهم للحاق بهم من تشاد والكميرون وافريقيا الوسطى، حين تحل بهم الهزائم ،الا خير دليل على ابعاد المؤامرة واهدافها.
اما عدم الاشارة في المقالتين الى صناعة الإنقاذ لمليشيات الجنجويد..؟! فهذا من البديهيات التي لا تحتاج الى اثبات، وما يهم الان هو الخطر الماثل الذي يمثله الجنجويد. فصحيح ان البشير رئيس النظام البائد ارتكب خطيئة كبرى وليس خطأ بتكوين هذه العصابات وترقيتها حتى اصبحت قوة موازية للجيش السوداني، ومنح رئيسها رتبة عسكرية، وشرعية قانونية ،واستعان بهم في حروب دارفور ،وارتكبت ،في عهد البشير، من الفظائع والجرائم في دارفور ،مما اثار المجتمع الدولي على نظام الخرطوم لفظاعتها ووحشيتها . وأدت في النهاية الى اتهام نظام البشير بالابادة الجماعية، والطلب بمحاكمته امام المحكمة الجنائية الدولية. ونتيجة لما مارسته جماعات الجنجويد من انتهاكات لحقوق الإنسان في إقليم دارفور وأقاليم أخرى في البلاد، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات قبض ضد الرئيس عمر البشير ووزير دفاعه ووزير داخليته ،مع قائد الجنجويد ووجهت اليهم تهم تتعلق بجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية وتطهير عرقي، ،اضافة الى ان البشير اتخذ من قائد الجنجويد ،درعا يحميه من الجيش الذي لم يعد يطمئن له ،ومن الثورة الشعبية التي قامت ضد نظامه،ولكن اللجنة الامنية للجيش التي ائتمنها البشير على حمايته باعت البشير ،كما باعه ايضا حميدتي الذي كان يلقبه بحمايتي. وبعد سقوط الانقاذ ،أعلن حميدتي الانحياز للثورة. وضمن الترتيبات التي أعقبت الثورة، حظي «حميدتي» بمنصب نائب رئيس مجلس السيادة، ضمن حكومة الشراكة بين المدنيين والعسكريين التي أقرتها الوثيقة الدستورية الموقعة في أغسطس (آب) 2019، رغم ان الوثيقة لم تنص على منصب نائب لرئيس مجلس السيادة ،كما ان الساسة انذاك تغاضوا عن ما قامت به قوات الدعم السريع من مجزرة فض اعتصام القيادة العامة،وقتلهم للثوار بطريقة اجرامية لاتقل في فظاعتها عن ما قاموا به من جرائم في دارفور. واذا كان البشير قد اخطا بتكوين الجنجويد ومكن لهم على حساب القوات المسلحة،ومنحهم الشرعية كقوة عسكرية ،فقد أخطأ قادة الجيش خطأ بليغاً بأن سمحوا لهذه الفيئة بان تنمو وتتمدد،وتهيء المسرح لحرب قادمة لا محالة،فضلا عما اعده حميدتي في ، معسكرات قواته- التي بلغت احد عشر معسكرا والمنتشرة في اماكن استراتيجية في مختلف مداخل العاصمة - من ذخاير وآليات عسكرية مختلفة الانواع ،ومؤن غذائية تكفي لعدة اشهر، اعد كل ذلك في غفلة من اجهزة الرقابة،مما يدل على انه كان يعد لحرب يتوقعها، وتخطط للانقضاض على الدولة السودانية وتفكيكها ،واقامة "مملكة الجنجويد" او "مملكة آل دقلو" مكانها،; ،وللاسف سكتت على الاقل- بعد ثورة ديسمبر المجيدة- فيئة من الساسة السودانيين،وهي تشاهد نمو قوة هذه المليشيا،،وبعد نشوب الحرب غضت قوى الحرية والتغيير البصر عن تمرد قوات الجنجويد بشكل يثير الريب ولاذت بشعار أخلاقي في ظاهره، إلا أنه يبطن نوعاً من التواطؤ مع الجنجويد كان ذلك الشعار هو (لا للحرب). وهو شعار لم يسعف رافعيه أخلاقياً مع زيادة حدة تجاوز فظائع الجنجويد ضد المدنيين والتعدي على ممتلكاتهم وتحويل الأحياء السكنية لساحات للحرب. وغرتهم الشعارات التي رفعها حميدتي من انه حامي الديمقراطية،وانه يسعى لاقامة حكم مدني، ومحاربة الفلول ،وسكت اولئك الساسة طمعا في تولي السلطة،او لكسب سياسي مرتقب. ولكن خاب فألهم جميعا ،وخارت قوى المتمردين، منذ اللحظة الاولى التي خططوا فيها لاغتيال رأس الدولة وثلة من قادة الجيش، وادخال البلاد في فوضى,والحمد لله الان بعد ان خارت قواهم وطاشت احلامهم تحولوا لعصابات تنهب وتغتصب وتعتدي على المواطنين بالقتل ومصادرة اموالهم واحتلال مساكنهم،وتعطيل المستشفيات وتحويلها الى ثكنات عسكرية،وتدمير المنشآت الاقتصادية من مصانع وبنوك ،الى غير ذلك من الجرائم التي مارسوها من قبل في دارفور ويمارسونها الان في العاصمة السودانية.
فهذا هو واقع هذه الحرب اللعينة واهدافها، فهي ليست بحرب الكيزان كما يدعي البعض،بل هي حرب الأمة السودانية وجيشها ضد مشروع يهدف الى القضاء على الدولة السودانية، وعلى الجميع على اختلاف اتجاهاتهم وايديولوجياتهم ،أن يتركوا خلافاتهم جانبا،وان يؤجلوا مشاريعهم السياسية، وان يوحدوا صفوفهم ،ويعملوا يدا واحدة على منع الجنجويد من تحقيق اهدافهم ،لان في تحقيق تلك الاهداف نهاية للدولة السودانية،ووجود السودانيين كشعب له هوية وثقافة وذاكرة تاريخية. وليس من سبيل الى تفويت الفرصة على الجنجويد،وافشال مشروعهم وما خططوا له، الا بالاصطفاف مع القوات المسلحة،لانها هي الجهة الوحيدة الوطنية التي تتصدى لذلك المشروع ،ولا خيار للناس سوى الاصطفاف مع القوات المسلحة، ،لانه اذا انتصر حميدتي وجنجويده، لا قدر الله ، فسيصبح مستقبل السودان في مهب الريح.( انظر: هل يجوز هدم دور العبادة اذا تحصن فيها العدو،أ.د. احمد محمد احمد الجلي،سودانايل: 8 July, 2023).
اما قول مرتضى الغالي، بأن السودانيين في معظمهم وبمنطق ثورتهم وكمال وعيهم لا يرون فرقاً بين مليشيات الدعم السريع ومليشيات البرهان ومليشيات الإخوان.) فلا ادري عن اي سودانيين يتحدث، هل هم الذين احتلت مليشيا الدعم السريع المتمردة،منازلهم ونهبت ممتلكاتهم وهتكت اعراضهم ،أم هم الذين يقفون خلف جيشهم، وينفرون لحماية ممتلكاتهم وطرد الجنجويد من دورهم.وهل الثورة في ظنه تعني العمالة والخيانة والتخلي عن الوطن وعدم حمايته.وأخيرا :انني ادعو مرتضى الغالي ان يراجع نفسه ومواقفه ويتحرر من فوبيا الكيزان ورهاب الإسلاميين.
Ahmed Mohamed Ahmed Elgali
ahmedm.algali@gmail.com
راجع :- المرفقات: على المواقع التالية:
1-عربان الشتات ومشروع توطينهم في السودان
https://www.alnilin.com/13320019.htm
2-الدرديري: إنكار عورة الانقاذ والتحريض على استمرار الحرب !!
https://sudanile.com/%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%B1%D9%8A-%D8%A5%D9%86%D9%83%D8%A7%D8%B1-%D8%B9%D9%88%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D9%82%D8%A7%D8%B0-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B6/

 

 

آراء