دورٌ للأكاديميين والتكنوقراط في حلول الأزمات

 


 

صديق حمزة
16 May, 2023

 

جليل التحيات للعقلاء في نموذجي الجبهة المدنية لإيقاف الحرب ولجنة جامعة الجزيرة لحل الازمة الوطنية..

ففي وقت استيأستُ من وجود شجاعة العاقلين واستئت من نقص القادرين عن التمام.. إذا (بهما) يتحركان والله الموفق.. (ولكن) اخشى ان يكون سعيهما هو فقط الشجب والإدانة والاستنكار.. فهذا يفعله الناشطون افرادا وجماعات.. وحدانا وزرافات.. ماهو المأمول إذاً ؟؟

الجامعات والمراكز البحثية والشخصيات القومية والمفكرين المستقلين أكبر من مجرد إعداد الاوراق وتقديمها وانتظار الطغاة ان يطلعوا عليها ويعملوا بما ورد فيها ـ "أحد شروط الطغيان هو عدم الاتعاظ والأعتبار بحسب الشيخ "بدر الدين ابو البراء.. إذاً المفروض ان الشخصيات القومية / والشخصيات الإعتبارية المحايدة المفروض ان تلعب كجهات ضغط لا يمكن تجاوزها ولا تجاهلها.. طالما الطغاة لا يسمعون الكلام اللين..

في مناطق مختلفة من العالم توجد مثل هذه الشخصيات والكيانات الموثوقة المقبولة للجميع.. اقصد في مناطق شهدت نزاعات.. غالبا لهم (اي تلك الشخصيات المحترمة) لهم تأثير الوسيط الوطني/ القومي الحكيم على الفرقاء.. طيب في السودان مطلوب منهم مزيد من الصلابة والفاعلية بسبب قوة رأس الفرقاء..

وهو عيب ابن ستين (لذينة) ان توجد جامعات بعدد الحصى.. وشخصيات علمية وادبية وغيرها ضخمة في ذاتها وضخمة في منتوجاتها الفكرية وفي نفس الوقت يذهب الفرقاء السودانيون للتفاوض مع بعضهما بالخارج كـــ (جدة / وجوبا / أبوجا) وغيرها.. لأنه سيكون هناك سؤال وجيه. اين علمهم وخدمتهم للمجتمعات؟؟

طبعا لا اتذكر خبر ورد عن الاجسام الدينية (هيئة علماء السودان ـ مجمع الفقه الاسلامي.. الخ) وكان المتوقع منهم لعب دور بالانحياز للحق (الذي يؤمنون به) وليس بالضرورة ان يعجب أحد..

كان المأمول ان يكونوا مثل إمام الأئمة / الإمام الأقدم / والأعظم من الاربعة السنة / النعمان ابو حنيفة.. الذي كان بحق لا يخشى لومة لائم.. فقد رفض توظيف الخلفاء (اواخر الامويين واوائل العباسيين) لعلمه ومعرفته بالقضاء في تبرير اشياءهم.. قال الحقيقة واختار الرفض والعصيان تنزيها لعلمه من دنس سلاطين الدولات. مع كونها دولات ناجحة وضخمة تحكم "أبعاضا" استراتيجية من ثلاث قارات (اسيا ـ افريقيا ـ اوروبا) .. ثبت على موقفه رغم العذاب والسجن والاذلال بالاعمال الشاقة.. لكنه عاش عزيزا حتى مات كريما وترك لنا ما نضرب به الأمثال ما حيينا..

لا يكاد يوجد إنتاج أدبي اكثر من المنتوج السوداني في تشخيص مشاكل المجتمعات ومشاكل الحكم والسياسة، ولكن المثير للأسى ان أصحاب تلك الرؤى ليسوا في مراكز قرار وأحيانا معارضين لسلطة معينة.. و احيان اخرى على الحياد بلا فعل على الأرض بل مكتَفين بأن نسمع ونعي وكأننا مطعين او تلاميذ في دولة أوروبية او (نسمع القول ونتبع أحسنه) ..

آن الأوان ليكون للعلماء في السياسة والاقتصاد والدين والمجتمع ان يكون لهم تحرك قوي واضح وضاغط يناسب (نشاف) رؤوس الطغاة والفرقاء عندنا..

آن الأوان ليكون لأصحاب الرؤى وكتب تشخيص ووضع حلول الأزمات السودانية؛ ليكون لهم حراك منظم وفاعل وجماعي للضغط القوي في اتجاه الحلول.. هم او ان فارقوا الحياة من يؤمن بأفكارهم المبثوثة في كتبهم ومقالاتهم.. هم وليس غيرهم من هو اصلح لاصلاح الواقع المائل ووضع خطوط عريضة تمنع السياسيين والعسكر المسيسين من العبث ببلد كامل واهله وثرواته وماضيه ومستقبله..

أليس مثيرا للأسى ان يكون على رأس الدولة والحكم لما يقرب من ستة عقود بعد اقل من سبعة عقود بعد الاستقلال اربعة من العسكر.. بينما يكون موظفا عندهم أو معارضا لهم او مطاردا بواسطتهم عقول هي منتهى النور لا تحصى ولا تعد واخشى ان تكون النماذج ادناه غامطة لحق غير المذكورين ولكن على سبيل المثال المجحف.. (مولانا سيف الدولة حمدنا ـ د/ منصور خالد ـ السفير الهادي الصديق ـ د/ حسن مكي ـ شوقي بدري ـ بكري الصايغ ـ الحاج وراق ـ الطيب زين العابدين ـ عبد الوهاب الافندي ـ بشير محمد سعيد ـ الى آخر الآلاف من العقول النيرة بما فيها من كانوا موظفين لدى الطغاة)

مثلما كانت في التاريخ (ثورة القراء) .. ومثلما عند امم اخرى تأثير عملي لأهل الفكر والرأي ، آن الأوان لتكون (هنا) جبهة العلماء والمفكرين وتكون جزءا لا يتجزأ من خارطة الحراك السياسي والمجتمعي السوداني.. وأن لا تُترك الساحة نهباً لمغامرات المغامرين..

م/ صديق حمزة
sideq2003@yahoo.com

 

آراء