زبد بحر (2) رسالة موجهة بشأن الطيب زين العابدين
توطئة: لأسباب بادية بالبداهة يأتي المقال الثالث في مكان المقال الثاني!
زبد بحر (2) رسالة موجهة: د. أحمد محمد البدوي
توطئة: لأسباب بادية بالبداهة يأتي المقال الثالث في مكان المقال الثاني!
رسالة موجهة بشأن الطيب زين العابدين
أما قبل :
نشر موقع سودانايل رسالة الطيب زين العابدين التي ترمي إلى الحيلولة دون ترشح البشير لرئاسة الجمهورية مرة ثانية، وذلك وفق أسانيد قانونية تراءت له أو أقحمها ورافقتها منه هالة تهليل وكأنها معجزة قرآن جديد يتنزل من السماء بالقول الفصل ويحسم المعضلة المستعصية، وعلى العكس تماما الأمر كله دجل وكلام فشوش ومدخول يأتيه الباطل من كل وجه!
الطيب زين العابدين لا يريد للبشير أن يستمر رئيسا للجمهورية، سجم الحشو الجزولي عيـش في قشو، الطيب زين العابدين هو المسؤول الأول عن توريط البشير في الانقلاب منذ البداية ومنذ أن كان في المهد فكرة وحلما!
أول مدخل للبشير على العمل السياسي المفضي لانقلاب في صورة نشاط سري من أجل تنفيذ لانقلاب عسكري في زمن النميري وهم موجودون معه في مايو التي في حكاياتنا، جرى وتم في المركز الإسلامي الأفريقي بإقامة دورات "دينية" لمجموعة منتقاة من ضباط الجيش السودانيين: توجيه معنوي إسلاموي! وكان الجيش قادرا على إقامتها داخل ثكناته! داخل معسكراته المصونة وعلى أيدي علماء متخصصين ذوي ورع ودين. ولم يكن المركز الإسلامي يومئذ منجم العارفين بالله ولا أفاضل المتخصصين في الدراسات الإسلامية! ولا حركة الترابيين!
المهم تم الالتفاف حول القضية بعد المصالحة باسم أسلمة الجيش وربما لأن من يـد فعون بالدولار من دول النفط يريدون للإخوان أن يكون الأمر في يدهم قبل أن يأتي زمان يكون فيه تنظيم الإخوان المسلمين منظمة إرهابية عند الدولة السعودية! وكأن قيم الترقي الروحي والورع مضمنة في برنامج الترابي والترابيين وانكشف الأمر في آخر أيام النميري عندما اعتقل الترابيين وشيخهم بتهمة الإعداد لانقلاب عسكري! وسافر ولم يعد!
ولكن ما علاقة الطيب زين العابدين بالمركز!
هنا لابد من وقفة : المركز صممه وشيده منصور خالد وزير الخارجية وفق رؤية عن أفريقيا المسلمة وجرى تعيين أول مدير له من الدبلوماسيين: رجل تعلم في السربون والأزهر وعلى معرفة بأفريقيا ثقافيا ودبلوماسيا وهو نفسه يمثل التقاليد العلمية والحضارية بأعلى مستوى لها في الثقافة العربية الإسلامية والغربية على مدى السودان وأفريقيا المسلمة ألا وهو د. ياجي الذي أدار المركز بكفاءة ونزاهة ولم يفرق بين الناس لأسباب أيدلوجية أو عرقية وأهتم بالكفاءة والمؤهلات المطلوبة وبذلك كان المركز سودانيا ومتوازنا وعادلا في أدائه.
وترك من ورائه سمعة كرائحة المسك
ثم لأسباب سياسية بحتة تم تعيين الطيب زين العابدين مديرا للمركز ولم تكن له ومايزال أي علاقة بالثقافة الإسلامية في أقريقيا من حيث البحث والأكادموية ومن الواضح أن إسناد المنصب له هدفه الأساسي وهو إخضاع المركز لتوجه الترابي والترابيين وخدمة أهدافهم والمركز يومئذ مدرسة ثانوية أو وسطى ثانوية، ومن ثم شرع في تحويل المركز إلى مؤسسة تابعة لأيدلوجيا سياسية و روعي حشد الترابيين فيه حشدا بلا توان ولا تقصير، وأول ما فعله هو استدعاء عبد الرحيم علي لتولي منصب نائب مدير المركز بلا إعلان عن الوظيفة وبتنفيذ كل ما طلب: البيت، السيارة المرتب بالعملة الصعبة! وعبد الرحيم علي مبعوث من جامعة الخرطوم، إن عاد فيجب أن يعود إلى الجامعة التي ابتعثته ولكن القانون لا يسري على ناس المصارين البيض ولا ناس التوجه الحضاري! ومن بعد صار مدير المركز ثم تحول المركز على يديه إلى جامعة وانكشفت أمور كثيرة للدول البترولية الداعمة بالدولار فسحبت عونها الدولاري! الآن بالعملة غير الصعبة!
ومن بعد صار عبد الرحيم علي مديرا لمركز الخرطوم الدولي بالعملة الصعبة وهي وظيفة خاصة بمن يتولون التدريس في المركز ويعرفون تخصصه! وهم بالبداهة أولى بها منه! وبالتالي على مدى نحو خمس وثلاثين سنة كان عبد الرحيم علي مقيما في بلده ولكن مرتبه بالدولار ، لايحتاج إلى إنشاء مصانع للسيخ والحديد أو تجارة عابرة للقارات، أو تسهيلات من البنوك فهو رئيس المجلس الأربعيني الحاكم ولكن هذه الهالة يمكن أن تنزع منه مثلما حدث في مؤتمر الحركة الأخير حين أسندت للطيب محمد خير! ولآخرين أن يحدثونا عن تآليفه! قرآنا أطروحته للدكتوراة التي ترجمها عبد المتعال زين العابدين من الإنجليزية عن القرآن لنص أدبي في جامعة أدنبة ومن قسم الدراسات الذي شيخه مونتقمري وات الذي خرجت من كتبه حكاية الآيات الشيطانية التي تلقفها سلمان رشدي ولم يشر إليه!
إذا عرفنا أن الطيب زين العابدين هو يد الترابي في الشؤون الإعلامية والثقافية متضمنة الأكاديميات في أول قائمتها، عندئذ نشهد بداية العمل في المركز الذي دخل فيه العمل العسكري، وذلك بالدورات التي تمت في زمن الطيب أو بعد ذهابه فالأمر سيان، لأن العمل مربوط بتوجيهات القيادة العليا ودرايتها، ومن هنا جاء البشير ضمن دفعة من الدفعات التي يتضمن برنامجها اليومي محاضرات وحضور صلاة الظهر وما بينهما يجري العمل السري، هل هناك من يقول إن كل ذلك جرى والطيب زين العابدين لا يعلم فضلا عن أن يتابع ويوجه ويشرف ويصدر الأوامر! بوضع التكتيكات المناسبة لتنفيذ الإستراتيجية المحددة ألا وهي : الانقلاب!
من المؤكد جرى لقاء بين المدنيين والعسكريين وتنسيق ماكر!
الانقاذ بدأ من هنا والتوجه الحضاري محلك سر وفي النهاية : تذهب إلى القصر رئيسا!
ومن زاوية أخرى حين انعقد الاجتماع لوضع انقلاب يونيو 1998، موضع التنفيذ ، كان الطيب زين العابدين موجودا وما يقال عن اعتراضه على الانقلاب لا يعفيه من مسؤولية أنه كان يعلم وأنه في تلك اللحظة كان في مكان القادر الذي يستطيع أن يحول دون صيرورة البشير رئيسا للجمهورية وأن يعفيه من عناء التورط الفادح وهو لم يعلن معارضته للنظام العسكري وهو يبطش ويشرد زملاءه ولكن يستبقيه هو ويأتي الآن بهذا الرأي الدبري- وهو الرأي الآتي بعد فوات الأوان - لينصح البشير بالابتعاد عن رئاسة الجمهورية!
وفي النهاية هو الآن في سن ما بعد الثمانين من العمر مستشار لمدير جامعة الخرطوم، ولم يكن لينال ذلك المنصب لو كان غير مرض عنه من البشير لأن البشير هو الذي عينه في ذلك المنصب فهو أحد المنتفعين من نظام البشير!
وهو مستشار بأي خبرة: إدارة المركز الإسلامي: المدرسة الثانوية أو نظارة مدرسة أولية، متى كان عميدا لكلية! إن أريدت الخبرة لماذا لم تسند لرجل مثل إبراهيم الحردلو عميد الآداب سابقا صاحب التآليف والحضور المهذب أو شقيقه : عدلان الذي كان رئيسا لاتحاد الأساتذة أو يوسف فضل مدير الجامعة سابقا! الذي لن ينسى الترابيون أنه فاز على مرشحهم ولهذا حرموه من درجة أستاذ متميز وهو جدير بها! ولكن هل نسي الطيب زين العابدين فضل يوسف فضل عليه!
وبأي رصيد من البحوث! لقد اشتهر الآن بما كتب في الصحف من مقالات ولا مراء في أن أستاذ الجامعة الذي لا يعرف إلا بمقالاته في الصحف لا يستحق أن يعرف، الأكاديميا لا تكون محصورة في الجرايد، الجرايد عمل نبيل وضروري ولكنه تخصص قوم آخرين!
إن قبوله بمنصب المستشار في ال 80 يعني أنهم لو عينوه مديرا قبل 20 عاما لوافق وهو على أي حال يستمتع بمزايا وموجود في الخدمة في حين أحيل إلى المعاش تلاميذه وأساتذته!
وماذا يفعل في المستشارية؟ لا شيء سوى التمكين تمكين الحكومة والترابيين من الجامعة والحيلولة دون وجود أي شخص مؤهل ليس من ناس الحكومة ومن الترابيين والترابية هذه منحى لاصق بهم وإن تنكروا لشيخهم وأبعدوه!
إنه أحد المستمتعين بخيرات النظام
هذا الدور الذي يؤديه دور الطيب الطيب نصير الديمقراطية لا يعدو أن يكون أهزوءة ( فيلم فالصو)
قولوا للطيب زين العابدين أن يتكرم بالنزول من رؤوسنا بعد أن تبين له أن ليس فيها قنابير!
في المفال التالي: أما بعد نتناول كيف وصل الطيب زين العابدين إلى الجامعة طالبا ومعيدا ومحاضرا ودوره الثقافي وإسفافه العنصري الموثق!
abuamnabadawi@gmail.com