غرفة الطوارئ … بقلم: بروفيسور عصام عبد الوهاب بوب

 


 

 

أحب مشاهدة الأخبار في التلفزيون وأتابع النشرات من قناة فضائية إلي أخري .

ولكني لا أستطيع الادعاء بأن هذا صحيحاً وأن عادتي المحببة ما زالت قائمة خاصة في خلال الأشهر الماضية .

الأخبار مؤلمة والشعور باليأس مخيماً علي الجميع .

أخبار الانفصال تشبع المناخ السياسي والنظام لم يشكل بعد الحكومة الجديدة .

والتصريحات النارية تملأ الصحف والصفحات الإلكترونية .

الكل ضد الكل أو علي حد نظرية هوبز في كتابه الليفيثيان

 The Leviathan : Bellum omnium contra omnes or the war of all against all

ما هو الشيء الذي يجمع بين الشعوب السودانية وهل كان موجوداً وانعدم مؤخراً .

ما هي عوامل التماسك الاجتماعي بين أبناء هذه الأمة ؟

هناك تساؤلات شرعية يجب أن يشغل كل مفكر نفسه بها .

الحكومة تصرح بأنها لن تضم إليها معارضة أو كل من لم يشارك في الانتخابات .

هذا صدمة حقيقية لكل محاولة توفيقية والنتيجة معروفة .

بصورة عامة وواقعية ، لم تشارك النخبة العلمية في الانتخابات لأنها تنشغل عادة بعملها ولقمة عيشها . وقد أصبحت صعبة في الآونة الأخيرة مع المشاكل والمعاناة الاقتصادية .

وهي النخبة الذكية والتي يفترض أن تكون منزهة عن مشاكل الفساد والاعتداء علي المال العام .

هذه الطبقة لا يمكن أن يتم تجاهلها في الحكومة القادمة ولا يمكن إدعاء القول بأن النظام يمكنه تجاهلها وأنها ما نافعة .

الانتقادات كثيرة لإجراءات التحول الديموقراطي وتقابلها عقبات كثيرة وموانع نفسية وإجرائية . ولابد من تجاوز هذه العقبات من أجل إبقاء الأمة .

أعود إلي مقدمة هذه الرسالة وهي مشاهدة التلفاز

انتقلت مشاهدتي للتلفاز إلي مسلسل أجنبي أحب أن أقدمه وهو بعنوان غرفة الطوارئ Emergency Room

لا يرتبط الاسم بالحرب والسلام ولا بإجراءات أمنية رغم أن كل المسلسلات الحالية ارتبطت بطوارئ الحرب التي شنتها دولاً كبري وفيها تعاني من ردود فعل انتقال الحرب إلي أرضها وأن مقاومة الإرهاب أصبحت عنوانها .

غرفة الطوارئ المعنية هنا هي في المستشفي وتعني بالمرضي الذين يأتون بين الحياة والموت ويحتاجون إلي عمليات إسعاف سريعة وطارئة ، لا يمكن تأخيرها ولا التعلل بأن الطبيب فلاني لم يأتي بعد أو أن أنابيب الأوكسجين فارغة وتحتاج إلي أن تمتلئ أو أن لا يوجد مخدر ولا بد من شرائه .

هذه هي السمات الغلبة علي غرف الطوارئ الموجودة لدينا في المستشفيات وسبب تخلفها ليس نقص المعدات ولكن الإنسان وروح الواجب والشعور الإنساني الجارف .

وعرض حديثي لا يتناول المستشفيات وإنما ما هو ضروري الآن من ضرورة إنشاء غرفة طوارئ للوطن ولإسعافه حالاً وسريعاً ، الآن وليس غداً .

عناصر غرفة طوارئ الوطن ، السودان الجريح الذي ينزف دمائه في كل أطرافه مطلوبة حالاً ، وهي موجودة في يد الرئيس ورفاقه .

وتحتاج عناصرها أولاً إلي جمع أبنائه ولم شمله .

ولن يمكن عمل هذا إلا بالتوفيق بين أطرافه ، ليس علي أساس الولاء للإنقاذ ولا رفقة السلاح ولا حتي وجود الود والانصياع .

تحتاج غرفة الطوارئ إلي عناصر ليس في قلوبها إلا حب الوطن والرغبة في استمراره كأمة

تحتاج إلي الشجاعة والثبات علي قول الحق والدفاع عنه

تحتاج إلي رجالاً لا يخافونك يا سيدي الرئيس ويمكنهم قول النصيحة الصحيحة وأن يكونوا علي علم حقيقي وعلي دراية بآليات المجتمع .

تحتاج غرفة الطوارئ وبشكل عاجل إلي الأيادي العفيفة والضمائر النقية الطاهرة التي لم تتلوث بنمطية تخالف شرع الله .

يا سيدي الرئيس ، إنك تحتاج أن تجمع هؤلاء النفوس التي لا تخشي إلا رب العالمين وتخاطبها وتلتمس منها أن تساعدك في قيادة سفينة السودان لأنها في خطر الغرق الأبدي .

هذه النفوس لا تخشاك لأنها تعلم أن هناك يوماً للحساب وله ملكُ قاهر وهي تخشاه وحده العالم القيوم .

من هذه النفوس الطاهرة ، شكل حكومتك واعتبر أنها حكومة إنقاذاً للوطن .

أبعد الآن وإلي الأبد الملوثين الذين أدخلوك في هذه الدوامة .

أجعل حكومتك خليطاً من التكنوقراط والعسكريين ، أولهم سيعطونك قرارات صحيحة لا تعتد بأمور السياسة والثاني سيكونون درعاً لهذا الوطن ويعودوا بذلك إلي وضعهم الصحيح .

أجمع شمل المواطنين بمثل هذه القرارات الشجاعة لأنهم الآن يعلمون أن المرحلة القادمة هي الأصعب في تاريخ هذه الأمة وإذا اتخذت قرارات خاطئة فإن العواقب ستكون حاسمة ونهائية .

حفظ الله الأمة السودانية ورحمنا جميعاً .

 

 

 

Professor Dr. Issam A.W. MOHAMED P.O. Box 12910-11111 +249912234697 Khartoum, Sudan+249912234697+249122548254

A.W. Mohamed Dr. Issam [issamawmohamed@yahoo.com]

 

آراء