قراءة في عوالم “مزارات” (2)

 


 

 

محمد عبد المنعم صالح

في مقال سابق بذات العنوان في محاولة لسبر أغوار مزارات بناءا علي إلحاح الكثير من الأصدقاء وبتجرد ، أو ربما بلغة بعيدة عن لغة التصوف او في محاولة للتجسير كنت قد تناولت وجهة نظر خاصة للتعريف بماهية التصوف والمتصوفة/ة . ذكرت ان السير بمحبة في ثنائية لطيف/كثيف والعكس هي الوسيلة التي تستطيع فيها وضع معايير من خلالها لمعرفة الفصل مابين هذه الثنائية أو فض الإشتباك و هي كذلك الآلية التي يجتاز بها الصوفي عقبة ظلمة النفس "البشرية" ، لترتقي من النفس الأمارة إلى النفس اللوامة، ثم النفس الملهَمة، ثم النفس الراضية ثم المرضية.

وثنائية "النفس" و"الله" تلفت النظر في الوعي الصوفي، على اعتبار أنها نقطة الانطلاق ، وسلم الارتقاء في آن واحد، فهي محور الخير والشر في آن واحد، ولديها إمكانية التغيير والارتقاء. وهي الجوهر السماوي الذي هبط وتعلقه بالأرضي (الجسد)، ولديها مع ذلك إمكانية العودة إلى السماوي مرة أخرى.
ويعود هذا المستوي من الحوار ان جاز أن نسميه ، حول النفس، من جانب الوعي الصوفي إلى البحث والتنقيب عن الحفر أكثر عمقا في "أركيولوجيا" الذات في حقول التراث الإسلامي ، وهي حفريات يتميز بها المستوي الصوفي عن المستويات الاخرى من الفقهي وغيره ، فمستوي الفقه يكرس اهتمامه بالحفر حول عنصر الفكر "العقيدة" الظاهري ، و الحفر حول عنصر الفعل "الشريعة"، أما المستوي الصوفي فيكرس اهتمامه حول حفريات أعمق، أوربما أشد تأثيرا، لأنها تتصل بالشعور الداخلي والانفعال الباطني ..

غدا نواصل..

mohamed79salih@gmail.com

 

آراء