كتاب السودان 2025 : تقويم المسار وحلم المستقبل (بروفسور: كامل الطيب إدريس)
يشكل كتاب البروفسور كامل الطيب رافعة جديدة من روافع الفكر الاصلاحى السياسى السلمى وتوجها طموحا لسبر غور إلإشكالية السياسية السودانية عبر تحليل مقتضب لتجارب الماضى والانطلاق من هياكل وبنيات النظام السياسى القائم لتقديم خطة عمل لنظام الحكم فى المستقبل بدون إصدرا احكام قاسية سوى فى بعض المرات حول الاحزاب السودانية. ولعل مرد ذلك إلى خلفية المهنية ؛ فهو احد أبرز الدبلوماسيين السودانيين الذين صقلت مواهبهم وزارة الخارجية قبل أفول خصوصيتها المهيبة وجمود كينونتها الفريدة. ثم إنتقل منها إلى المنظمة العالمية للملكية الفكرية والتى فى اروقتها مارس الدور القيادى والريادى الأممى المتمثل فى انتخابه مديرا عاما للمنظمة العالمية للملكية الفكرية مما شكل إنصافا نادرا لقارة افريقيا والدول النامية.
والبروفسور كامل الطيب فى مسعاه لتمليك السودانيين حقوق ملكيتهم الفكرية التى يجسدها هذا السفر الانيق وتدشينه الذى يعد بشارة استهلال للانتقال إلى التخطيط للمستقبل وهو فضاء عريض لا يستوفيه كتاب واحد اومؤلف واحد ؛ بل يستدعى تضافر جهود النخب السودانية الحديثة توطئة لتجاوز حواجز النعرات العرقية والتمثلات المؤدلجة والارتهانات المسيسة التى غدت ادلوجة للنظام الحالى وغيرها من المقعدات التى حاقت بالسودان المعاصر منذ استقلاله. ويمكننا تزخيم الرؤيا المتاحة بالبحث عن شراكة فكرية جديدة من أجل سودان المستقبل الديمقراطى التعددى المرتجى يلعب فيه المثقفون دور الطليعة لأنهم حملة مشاعل التنوير والتطوير والتحرير والتثوير وبدور مزدوج تشمر له السواعد وتحشد من اجله الهمم وتدّخر من اجله الطاقات.
وهو حلم يؤمل له ان يكون مؤتلفا طبعا ومختلفا عقلا عما سبقته من احلام بقدر جسامة الأغلال التى تحول دون تفجير السودان وافر طاقاته الابداعية لكى يبلغ رشده السياسى وسمته الاقتصادى وتبلوره الثقافى وواحديته الايمانية وتعدديته الثقافية وهويته المتفردة حتى ينتفض السودان من عثراته الثقال لتجديد كينونته الجامعة غير المانعة المتقدمة غير المتهيبة ولتجديد شباب العقل السياسى ليغدو السودان بلدا حرا للاجيال القادمة حاديا للاحرار وثائرا ضد الظلم بإنتفاضات الثوار ويستعيد براءة اختراعه الدائمة المختومة بامواه النيل العذبة ...الحرية المطلب الغائى ...للسودان والسودانيين ولسواهم. ولسنا بصدد تقييم الكتاب فى هذه العجالة التى اعددناها للمشاركة فى فعالية التدشين المحددة بزمن لا يتجاوز سبع دقائق ؛ ولكنا سنعود بإذن المشيئة لإبداء الرأى حول اطروحاته وبشكل نقدى طالما انه يتعلق بالسودان ماضيه ومستقبله ضمن الحيز الزمنى بتمام سقفه فى عام 2025 ؛ والتى نأمل عندها ان يكون السودان قد أكمل انتقاله من موبقات وعثرات نظام الانقاذ وهيأ نفسه للعب دور جديد وقيادات جديدة ضمن عالم متغير نتناول متغيراته فى وقت لاحق ضمن تحديات الدبلوماسية السودانية فى اللألفية الثانية.
واتخذ الكتاب المعنون السودان: 2025 تقويم المسار وحلم المستقبل حكمة مفادها ان " كل تصور فكرى لا ينغرس فى التراث الأصيل للامة ولا يهدف إلى مصلحتها فى تجرد مخلص ويكون قادرا على الاستجابة للحاجات والطموحات المتجددة سينهار ويتبدد هدرا دون طائل جدوى فى حياة الناس"مسترشدا بتراكمات الفشل والنجاح التاريخية للتواصى على استراتيجية تستهدف المستقبل للانتقال بالسودان خلال عشرية زمنية الى مصاف الدول المتقدمة . وهذا مرام طموح و محفوف بالصعاب إلا انه شرعى فى نظر المؤلف.
وبوصفه احد القيادات الدولية – الأممية المواكب للتطورات الدولية يذّكر أن اليابان استطاعت الانتهاض من وهدة حطام القنبلة الذرية إلى الريادة التكنولوجية اعتمادا على تراثها وقيمها ؛ وبالمثل استطاعت ماليزيا بهوية اسلامية ان تنتج مثالا جديدا لنجاح الدولة التعددية ؛ كما افلحت الهند كدولة علمانية مقارنة فى إقامة نموذج لدولة ديمقراطية بمواطنة واحدة رغم تعدد الاثنيات والاديان وتشعب الثقافات واللغات .
ويناقش المؤلف القضايا الرئيسة مثل الهوية الوطنية للسودان واهميته الاستراتيجية والجيوسياسية والتحولات الاقليمية والدولية بعد تقلص مساحة السودان الى المرتبة الثانية بعد الجزائر فى افريقيا والثالثة بعد الجزائر والسعودية فى العالم العربى مع التفاوت الملحوظ بين حجم السكان ( 33 مليون ) وحجم كتلة اليابسة السودانية: ومن جهته فقد ظل السودان يخضع إلى مؤثرات دول الجوار وبالأخص مصر واثيوبيا وتداعيات الانفجار السكانى فى الدولتين واستمراره بجانب السلبيات الاستراتيجية المتمثلة فى الآثار السالبة على موارد البلاد ونظمها الاقتصادية والامنية والإجتماعية ؛ الناجمة من صيرورة السودان محطا للاجئين الافارقة فضلا عن الممارسات غير القانونية مثل التهريب وتجارة السلاح والاتجار فى البشر ونزاعات المراع. ويحتوى الكتاب على عشرة فصول ضمت اطروحة تتناول تجارب الماضى والقضايا الرئيسة الحاضرة والمستقبلية فى اكثر من 450 صفحة من القطع المتوسط :
أهمية التوثيق التاريخى للاحداث المهمة بغرض التماس العبر
الامكانات والموارد الطبيعية الهائلة كانت محصلتها سالبة جراء سوء الادارة وضعف التخطيط وغياب الرؤية كما ان الانشطارات والنزاعات ادت الى عدم تحقق تلبية مطامح السودانيين
لا بد من وقف الحروب والنزاعات غير المبررة للتفرغ لبناء الدولة وينبغى إيلاء الاسبقية للتوافق على مشروع وطنى للنهضة تعززه الحريات والدستور التوافقى
صياغة نظام حكم امثل يتماشى مع تاريخية البلاد وتركيبتها الاجتماعية والاقتصادية ويرتكز على تقاليدها وآدابها الشعبية
جعل الانسان محور التنمية المستدامة والاستثمار الرئيس
تحقيق العدالة الاجتماعية
ضرورة إنفاذ الأهداف الانمائية للألفية التى أسهم المؤلف فى رسمها وصياغتها فى سبتمبر 2000 بإعتماد إعلان الامم المتحدة للالفية
ضرورة تصميم مشروع وطنى لتسويق السودان بخلق قيمة مضافة لتحسين صورته السالبة
الهوية الوطنية قضية تحظى بالاولوية على غيرها من الهويات الاثنية والثقافية لا سيما انها اضحت إلإشكالية الرئيسة فى السودان بحيث أفضت إحداثياتها إلى إنفصال الجنوب وحرب دارفور فى طورها الثانى اذا اعتبرنا ان أنشوطتها البدئية كانت بفعل الخلاف بين الإسلاميين ودولتهم.
ان السجال حول اطروحات الهوية ودلالاتها لا يزال محتدما لا سيما إثر الفتق الاثنى والتضاد الجهوى حيث يشير المؤلف إلى نماذج تعايش الهويات المتعددة التى تجسدها تجربة قائمة بلدان تضم كلا من سويسرا وكندا والهند وبريطانيا وجنوب افريقيا وسنغافوره ويطالب بأخذ تلك النماذج فى الحسبان.
وهنا يحك السؤال لب القارىء ؛لماذا صارت الهوية وسياساتها اداة قهرية للانسان السودانى وليست محفزا تحرريا وإبداعيا وذلك بإختصارها على تشيؤآت حول الحالة القبلية -الاثنية .
ولقد شرح لى احد السفراء صعوبة الحصول على خدمة من المصالح الحكومية بدون مجابهة السؤال اللدود: جنسك شنو؟ وهو السؤال الذى رد عليه البرت إينشتاين فى مطار نيويورك حينما سؤال عن اثنيته بأنه " هومو سابينيز" Homo sapiens
ويبدى المؤلف إستغرابه من المماحكات الاجرائية للحصول على الرقم الوطنى المقيد بالحالة الاثنية والقبلبية التى تعمق الشرخ الاجتماعى . ثم ينادى من مكان قريب لدراسة انفصال جنوب السودان بشكل علمى لا ستجلاء العبر بهدف تبنى رؤية علمية لإمكانية عودة البلدين إلى شكل من أشكال الوحدة الممكنة ولو تحت إطار كونفدرالى ؛ للحيلولة دون تصّير الانفصال الجغرافى إلى إنفصال وجدانى .
ان تقسيم السودان على اساس اثنى والنسبة التى تم تخصيصها للجنوب فى قسمة الثورة النفطية كان سببا مغريا على الانفصال " المنفطن" إن شئت وتراجع امل الوحدة الجاذبة. وان الابقاء على 20 بندا فى قضية الحدود وبروتوكولات ابياى وجنوبَىّ كردفان والنيل الازرق بلا حسم ادى بدوره إلى نزاعات وحروب مستجدة. كما يذكرنا المؤلف ان المتغيرات والتحوالت الدولية بعيد انتهاء الحرب الباردة ادت الى تغيير خارطة العالم وأثرت بدورها على السودان ؛ والتى انتظمتها مثالات ومفهومات جديدة يعددها فى القوى الناعمة فى المثال الصينى ؛ والمزاوجة بينها وبين القوة العسكرية فى المثال الروسى وتسديد الديون الخارجية فى المثال التركى ؛ والمثال البرازيلى المتمثل فى انتشال 20 مليون نسمة من ربقة الفقر مع الإشارة إلى النمور الآسيوية وانموذجها الناجح. ولا تفوته كذلك المتغيرات الجوهرية التى طالت الصبغة القانونية لمفهوم السيادة الترابية الكلاسيكية التى خضعت لسيادة المجتمع الدولى ؛ المتكاملة مع مبدأ عالمية حقوق الانسان المتضادة مع اطروحة الخصوصية الثقافية فضلا عن مؤشر حرية الإنسان والتطورات الماثلة فى مجال العدالة الدولية بتأسيس المحكمة الجنائية الدولية حيث قعدت رؤية نظام الانقاذ عن الوصول إلى عمق واهمية تلك التحولات العالمية. وهذا يوجب الإعتبار الكافى من تجارب الأمم والدول .
وخلاصة القول حيال الثابت والمتغير فى الاشكالية السودانية والتى لخصها المؤلف فى نهاية الباب الأول بمعاناة السودان من الاستقطاب السياسى الحاد بجذوره التاريخية المعقدة وان الطريق المثلى للخروج من حتميته هو " الحوار الوطنى الذى يهيىء المناخ لبناء دولة السودان الحديثة "؛ ويقيم جسور الثقة بن اطراف النزاع السودانى وإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والوقف التام لإطلاق النار وكفالة الحريات العامة وبدء عمليات الاغاثة الانسانية غير المقيدة او المشروطة. لا سيما ان غالبية التيارات السياسية تنبذ العنف وترفض التدخلات الخارجية .
ويقترح المؤلف مبادىء لحل النزاع السودانى تقوم على اعلان التمسك بوحدة الوطن والعمل لوقف الحرب والبحث الجاد لاحلال السلام العادل والشامل والتوزيع العادل للسلطة والثروة ولامركزية الحكم الاتحادى لضمان التعددية الثقافية وديمقراطية الحكم السياسى الضامنة للفصل بين السلطات وسيادة حكم القانون والتعاقب السلمى للسلطة وفق انتخابات شفافة حرة ونزيهة وكفالة حرية المعتقد الدينى والحريات العامة واقتصاد السوق الحر المستوفى للعدالة الاجتماعية ؛ وحق المسلمين وسائر الملل الدينية فى تطبيق مقاصد الشرائع واحترام المساواة فى المواطنة ؛ وإقامة العدالة الانتقالية بالتوفيق بين المساءلة والاستقرار وتكامل وتوازن دوائر الانتماءات السودانية الإربع : العربية – الافريقي - الاسلامية والدولية ؛ وانتباذ العنف حكومة ومعارضة وعدم الاستنصار بالقوى الاجنبية وقبول الجهود المبذولة من قبل الاشقاء لتسهيل الحوار الوطنى وإعفاء الدين الخارجى ورفع العقوبات الاقتصادية ومعادلة تمازج بين الاستقرار والمسائلة فى قضايا حقوق الانسان ؛ وتقييد صلاحيات جهاز الامن فى المادة 151 من الدستور الانتقالى لعام 2005 واستعادة الصلاحيات الفيدرالية المنتقصة.
وحول مستقبل الدولة السودانية يؤسس المؤلف رؤيته الطامحة إلى دولة نموذجية تقوم على حزمة من المفاهيم والمبادى ْالتالية:
ماعون فكرى متنوع/ دستور دائم يشتمل على مفهوم الواجب الوطنى / فهم مستنير للمشترك الانسانى بهدف دفع استحقاقات التعددية بوصفها حق لكل مواطن بيد أنها مشروطة بنبذ العنف والتزام المساواة / قيام النظام السياسى على المشاركة والمساءلة والشفافية وسيادة حكم القانون ومراعاة التوازن للحد من الاستقطاب وفق التراضى / مشروع إقتصادى تنموى لحماية إقتصاد السوق الحر المستهدف للعدالة ومكافحة الفقر وبلورة منهج انتاج وتصدير القمح والتقنيات الجديدة / وتأصيل الاقتصاد التعاونى .
وحول إشكالية الدين يشير المؤلف إلى مفهوم الاخاء الايمانى والانسانى ecumenical brotherhood للتوصل إلى ما اسماه " التسوية الحكيمة". ويقدم اطروحة بعنوان "رؤية المستقبل" التى تبدو مثل أجندة ضافية ألخصها فى النقاط التالية:
استدامة السلام عبر السعى لتحقيق إجماع ووفاق وطنيين شاملين تحفيزا لبناء الوطن وفق أسس عادلة وديمقراطية مع المثابرة على العمل المبدع وتشمير السواعد للحاق بركب التنمية والتقدم. الالتزام الحقيقى بإنفاذ بنود اتفاقات السلام بكليتها مقترنة بإشاعة ثقافة السلام فى العقول والنفوس وتنشئة الاجيال على التسامح والتطافل وفق خطة رصينة مشفوعة بعمليات تنوير ووعى وتعبئة تشد بعضها بعضا. وإن الانفصال وإن وقع بالفعل إلا انه ليس حلا امثلا ؛ فالأجدى علاج الظلامات التاريخية والسياسية عبر الخطط التنموية المتوازنة والمشاركة فى السلطة وإقتسام الثروة بشكل عدالى.
كما ينادى المؤلف بضرورة استجلاء العبر من تجربة إنفصال الجنوب والسعى لتاهيل المناطق المتأثرة بالحرب لاجل تأمين وإستدامة السلام وإعادة النازحين واللاجئين إلى مواطنهم الأصلية وبناء ثقافة السلام المستدام لجعل الوحدة المنشودة ممكنة . وحول جوهرية نظام الحكم ودوره المفتاحى فى بناء الامة والدولة الوطنية يطالب المؤلف بمواءمة نظام الحكم السياسى للظروف الاجتماعية وإستصحاب عوامل الرضا والمشاركة المتاحة لمختلف مكونات الامة الثقافية والعقديةمع التواصى على مقياس لقدرة النظام المرتجى على تحقيق التنمية والعدل والإنصاف السياسى والاجتماعى والثقافى وعدم الخلط بين مفهومى التنمية والنمو الإقتصادى .
ويرى كذلك ان ثمة رؤى صحيحة تعرضت إلى التطبيق العاثر وانه لم يتأتى التعبير عن التنوع فى نظام الحكم او البنية الهيكلية للدولة ولا فى الاعلام القومى ؛ إلا بعيد التاسع من يونيو 1969 الذى أقر بخصوصية الجنوب التى بلورت اتفاقية اديس ابابا 1972 ودستور 1973 . وبشأن الحكم المركزى فقد ابتدأ كبدعة إستعمارية ثنوية تركية - بريطانية تم تجاوزها بعد الاستقلال بإستحداث صيغة الحكم اللامركزى والذى ابتدأ فى تأصيله الفكرى فى الخمسينات ثم تطور فى شكل قوانيين للحكم الذاتى والحكم الاقليمى وفى مرحلة الانقاذ تم تطبيق الحكم الاتحادى... اما صيغة الحكم الاتحادى فقد انعقد إجماع وطنى حولها مع قبول المناطق المهمشة لتلك الصيغة ليشكل مخرجا من التهميش ومدخلا لقسمة الثروة والحكم الراشد بتأثير مباشر من مرتكزات .
المؤتمر العالمى للتنمية المستدامة فى جوهانسبرج (2002) والتى تنشد القضاء على الفقر. المطلوب اعادة النظر فى اجهزة الدولة الاتحادية وإعادة هيكلتها وفق اسس قومية لتحقيق المشاركة العادلة فى السلطة والقسمة المنصفة للثروة. ويصف الحكم الاقليمى بفكرة لدرء مخاطر نشوب الصراعات بين المركز والاقاليم والبينية داخل الاقاليم لتحقيق التوازن الهيكلى ؛ ويدعم المؤلف تقسيم بنية الدولة المؤسسية وفق البنيات الموجودة حاليا اى اجهزة الدولة الاتحادية والولائية والمحلية لكفالة الحقوق والواجبات المواطنية وتطبيق المساواة وفعالية المشاركة فى صنع القرار واتخاذه.
ونظرا لأن اجهزة الحكم الاتحادى وحدها لا تحقق التنمية و قسمة الثروة المنصفة يقترح اخذ المبادرة بابتداع صيغ ديمقراطية وآليات للمشاركة الشعبية مثل المجالس واللجان القومية لتقليل حدة تضارب السلطات. كما يقترح انشاء مجلس قومي للتخطيط ترفده العديد من الشعب المتخصصة ؛ ويحدد على سبيل المثال مجالسا قومية لحوار الاديان والثقافات / والطفولة والامومة/ والمرأة والاسرة / والشباب والطلاب / والصحافة والرياضة / والتراث الشعبى والتخطيط اللغوى .
ويعتبر المؤلف منظمات المجتمع المدنى أبرز دعامة للحكم الرشيد لسدها الفجوة الماثلة بين الدور الحكومى وحاجيات المجتمع نظرا لضعف اسهام المنظمات الوطنية فى الحياة العامة وإفتقارها للموارد والخبرات. كما يطالب بالاهتمام بالمنظمات الفئوية والجماهيرية والطوعية والاتحادات المهنية والجمعيات العلمية واشراكها فى الشأن العام لتتولى تعبئة القوى البشرية لصنع التقدم واستدامة التنمية ؛والتى تقوم فى السودان بادوار اكبر مما تقوم به السفارات من انشطة امنية واستخبارية وإعلامية ما يمكن وصفه ب " خصخصة السفارات ". وينبغى الإتفاق على اسس ثابته لنظم الحكم وتعاقب الحكومات والالتزام بالثوابت الرئيسة المتفق عليها وهى مسألة ظلت عاثرة منذ الاستقلال. ترسيخ الوحدة الوطنية ادى الى صد التآمر على السودان وشيوع القيم الدينية بشتى منابعها اسهم فى تشكيل وجدان السودانيين وترسيخ نزعة التوحد والتكافل حيث يعدد اهم اسس التوحد كالتالى:
الوعى بأهمية الوحدة الوطنية يكون بتعديد الفوائد / الاعتراف بالتنوع وحسن ادارته /تجسير الفجوة التنموية فى الاقاليم/ الحقوق والواجبات تنبثق من المواطنة والمساواة امام القانون/ المشاركة الشعبية فى الشأن العام / اتخاذ القيم الدينية والعادات والتقاليد الايجابية قوة دفع وتعبئة ومساواة وعدل/ رعاية اسس الوحدة وبناء النظام السياسى الجديد وتحقيق التنمية المتوازنة مسؤولية ينهض بها المجتمع بكليته / تعميق الإنتماء الوطنى عبر شراكة المواطنين فى تحديد المشاكل والاسهام فى حلها / تاسيس الديمقراطية واستدامتها وتعميم الوعى بخصائصها ومفاهيمها/ دستور المستقبل يحصن السلام ويرعى التنوع ويحد الواجبات ويصون الحريات والحقوق ويؤصل التعددية ويؤمن المشاركة ؛ويقترح المؤلف إدخال نظام المجلسين - مجلس النواب ومجلس الشيوخ . وان يقتصر التمثيل فى الدوائرالانتخابية على دوائر جغرافية وفق الكثافة السكانية ودوائر فئوية / وان الخدمة المدنية لاتتغير بتغير الحكومات وعليها التمتع بالنزاهة والحيدة والشفافية وان تبعد عن التسييس والتطهير والفصل التعسفى. وتأكيد دور منظمات المجتمع المدنى بالنهوض بمهام المرحلة القادمة فى السودان بالانتقال الى الديمقراطية الشاملة / على المثقف السودانى ان يجاوزالدور التقليدى المتمثل فى النقد والعلاقة المأزومة مع السلطة والنفور منها إلى منتج خلاق يسهم فى تطوير السودان ونهضته وصياغة المجتمع وتوجيهه عبر الصناعات الثقافية.
وحول الجيش يرى المؤلف ان القوات المسلحة السودانية لعبت ادوارا مباشرة فى السياسة السودانية منذ ما قبل الاستقلال عبر مرحلة الانقلابات العسكرية الثلاث المباشرة ؛ اذ حكمت السودان نظما عسكرية لمدة ذرّفت على الاربعة عقود ؛ مما ادى الى التشكيك فى حيدتها وقوميتها وبنائها القاعدى وقدرتها على القيام بمسؤوليالتها الأساسية ؛ فالمطلوب العمل على ضمان قوميتها وحيدتها وتمسكها المتين بالديمقراطية وشرعية الحكم المدنى من الاستقطاب السياسى الحاد ذى الجذور التاريخية الشديدة التعقيد
واخيرا فإن القطاع الخاص شريك فى الاقتصاد الوطنى والتنمية وتوفير فرص العمل مع رسوخ دوره فى التجارة الخارجية والتعاون الاقتصادى الدولى والدبلوماسية الشعبية. ويطالب الاحزاب السياسية ان تعمل على نبذ العنف وإعادة بنائها التنظيمى وتطوير برامجها على اسس ديمقراطية مع تغيير مفهوم السلطة داخلها وربط القيادة بقواعدها واتباع الاساليب السلمية الديمقراطية.
haidriss99@yahoo.co.uk