كفى دعوة لاستمرار عسكرة الحُكم في السودان ..عيب يا مدنيين !!!
بورفيسور مهدي أمين التوم
9 May, 2024
9 May, 2024
تتصاعد هذه الأيام أصوات فردية و مؤسسية تدعو علناً ، أو بطرق ملتوية ، لقبول استمرار حكم تحالف الجيش و الدعم السريع لفترة انتقالية ، يظنونها ، رغم تجارب الماضي القريب ، ستكون قصيرة ، يتم خلالها إبعاد المدنيين ، بخاصة الأحزاب و منظمات المجتمع المدني الأخرى ، عن الحُكم ، و يتعهد العسكر بتسليم الحكم بعدها للمدنيين ، ربما عبر انتخابات ينظمها تحالف العسكر والميليشيا، ومَن وراءهم ، على هواهم زمانياً و شكلياً.
أجد في هكذا دعاوي ، يأس مَرَضِي من المدنيين الحزبيين و المهنيين الداعين لذلك ، و قبول مجاني يصعب هضمه لإعادة تمكين مجموعة خانت العهود مراراً و تكراراً . إنه أمر أستغرب الدعوة إليه ، مهما كان قِصَر الفترة المقترحة، ومهما تعهد مَن خانوا العهد مراراً ، و مَن أضرموا نيران هذه الحرب العبثية التي أعادت البلاد قروناً للوراء بما أحدثته ، و لا تزال تحدثه ، من دمار حسي و معنوي في البنية الأساسية ، و ما أظهرته أو عمقته من شروخ في النسيج المجتمعي يصعب رتقها ، و ما خلفته من حُطَامٍ أعاد إقتصاديات البلاد إلى حضيض العدم. لقد أثبت العسكر أنهم غير جديرين بالثقة ، و لا تطمئن القلوب لنواياهم ، و لا يستحقون أي ضمانات بعفو أو عدالة إنتقالية. ففي القصاص حياة لأولي الألباب.
إن ما يحدث في فضاءات بلادنا السياسية و الأمنية و المجتمعية تؤكد كل يوم أن البلد محتاجة ( جَمَّة) من الكُل، و أنها في حاجة ماسة لِفَرضٍ فَعَّالٍ للأمن ، و لإنضباطٍ مجتمعيٍ شامل يتم بالتوازي مع إعادة ترتيب دستوري و إداري و إقتصادي لفترة زمنية كافية، تحت مظلة دولية محايدة ، تتيح للأحزاب و التنظيمات المدنية الأخرى تفرغاً تُقَوِّم خلاله تجاربها، و تعيد ترتيب شؤونها، و تجتهد في إعداد برامج و سياسات مستقبلية تتناسب مع مفاهيم و طموحات جيل الثورة الذي مزقته نفسياً ثلاثينية الإنقاذ ، و أيقظته من وهدته ثورة ديسمبر المجيدة، و تكاد الحرب العبثية القائمة تفقده الإيمان بالوطن ، و بما يمثله من تراث مُشَرِّف، و بما يمتد فيه من جُذورٍ حضارية و ثقافية جديرة بأن تكون مصدر فخر و جذب و إعتزاز ، و وقود تطلع لمستقبل مُسْتَحَق لوطن جدير بالبقاء..
إن الخطورة الماثلة و الحضيض الذي يلوح أمامنا ،يحتم علينا أن نعترف قبل فوات الأوان أننا ( لن نستطيع وحدنا) إنقاذ أنفسنا ، و الإبقاء علي وطننا شامخاً و مُوَحَّدَاً ، و علي عرضنا مصوناً و آمناً. إن(الأمم المتحدة) بحياديتها ،و أجهزتها ، و إمكانياتها الفنية و المالية و اللوجستية ،كفيلة بإعادتنا إلى المسار ، دون ثمن مدفوع أو مُرتَجَى.. بل هو من حقنا عليها كأعضاء دائمين بها أن تفعل ذلك دون مَنٍ أو اذى ، و قبل فوات الأوان ، حتى لا يتحول السودان إلى مجموعة دويلات متناحرة تهدد الإقليم ، و يتحول أهل السودان إلى باحثين دائمين عن مهاجر غير مُرَحِّبة، و معسكرات نزوح مُهِيْنَة ، تأويهم ، و تتصدق عليهم بفتات خبز لا يسد الرمق، و لا يحفظ الكرامة، لا قدر الله.
فلنكن واقعيين لن نستطيع وحدنا ،و لن نقبل بإستمرار حكم العسكر طوعاً، و لنا وطن نعتز بالإنتماء إليه، و يستحق أن يبقى شامخاً و موحداً، و أن يبقى أهله معززين مكرمين في أحضانه و ربوعه.
و لك الله يا وطني.
بروفيسور
مهدي أمين التوم
8 مايو 2024 م
mahdieltom23@gmail.com
أجد في هكذا دعاوي ، يأس مَرَضِي من المدنيين الحزبيين و المهنيين الداعين لذلك ، و قبول مجاني يصعب هضمه لإعادة تمكين مجموعة خانت العهود مراراً و تكراراً . إنه أمر أستغرب الدعوة إليه ، مهما كان قِصَر الفترة المقترحة، ومهما تعهد مَن خانوا العهد مراراً ، و مَن أضرموا نيران هذه الحرب العبثية التي أعادت البلاد قروناً للوراء بما أحدثته ، و لا تزال تحدثه ، من دمار حسي و معنوي في البنية الأساسية ، و ما أظهرته أو عمقته من شروخ في النسيج المجتمعي يصعب رتقها ، و ما خلفته من حُطَامٍ أعاد إقتصاديات البلاد إلى حضيض العدم. لقد أثبت العسكر أنهم غير جديرين بالثقة ، و لا تطمئن القلوب لنواياهم ، و لا يستحقون أي ضمانات بعفو أو عدالة إنتقالية. ففي القصاص حياة لأولي الألباب.
إن ما يحدث في فضاءات بلادنا السياسية و الأمنية و المجتمعية تؤكد كل يوم أن البلد محتاجة ( جَمَّة) من الكُل، و أنها في حاجة ماسة لِفَرضٍ فَعَّالٍ للأمن ، و لإنضباطٍ مجتمعيٍ شامل يتم بالتوازي مع إعادة ترتيب دستوري و إداري و إقتصادي لفترة زمنية كافية، تحت مظلة دولية محايدة ، تتيح للأحزاب و التنظيمات المدنية الأخرى تفرغاً تُقَوِّم خلاله تجاربها، و تعيد ترتيب شؤونها، و تجتهد في إعداد برامج و سياسات مستقبلية تتناسب مع مفاهيم و طموحات جيل الثورة الذي مزقته نفسياً ثلاثينية الإنقاذ ، و أيقظته من وهدته ثورة ديسمبر المجيدة، و تكاد الحرب العبثية القائمة تفقده الإيمان بالوطن ، و بما يمثله من تراث مُشَرِّف، و بما يمتد فيه من جُذورٍ حضارية و ثقافية جديرة بأن تكون مصدر فخر و جذب و إعتزاز ، و وقود تطلع لمستقبل مُسْتَحَق لوطن جدير بالبقاء..
إن الخطورة الماثلة و الحضيض الذي يلوح أمامنا ،يحتم علينا أن نعترف قبل فوات الأوان أننا ( لن نستطيع وحدنا) إنقاذ أنفسنا ، و الإبقاء علي وطننا شامخاً و مُوَحَّدَاً ، و علي عرضنا مصوناً و آمناً. إن(الأمم المتحدة) بحياديتها ،و أجهزتها ، و إمكانياتها الفنية و المالية و اللوجستية ،كفيلة بإعادتنا إلى المسار ، دون ثمن مدفوع أو مُرتَجَى.. بل هو من حقنا عليها كأعضاء دائمين بها أن تفعل ذلك دون مَنٍ أو اذى ، و قبل فوات الأوان ، حتى لا يتحول السودان إلى مجموعة دويلات متناحرة تهدد الإقليم ، و يتحول أهل السودان إلى باحثين دائمين عن مهاجر غير مُرَحِّبة، و معسكرات نزوح مُهِيْنَة ، تأويهم ، و تتصدق عليهم بفتات خبز لا يسد الرمق، و لا يحفظ الكرامة، لا قدر الله.
فلنكن واقعيين لن نستطيع وحدنا ،و لن نقبل بإستمرار حكم العسكر طوعاً، و لنا وطن نعتز بالإنتماء إليه، و يستحق أن يبقى شامخاً و موحداً، و أن يبقى أهله معززين مكرمين في أحضانه و ربوعه.
و لك الله يا وطني.
بروفيسور
مهدي أمين التوم
8 مايو 2024 م
mahdieltom23@gmail.com