لا معين لكم أيها القوم .. فانهضوا لأمركم

 


 

 

عبث لا طائل وراءه، ولا خير منه يرجى هذا الذي يجري.
فماذا تنتظرون؟!.
قلت هذا بأكثر من طريقة وفي أكثر من موقف..
- فهؤلاء الجنرالات الذين يكذبون بلا حياء، ويتحدثون بأكثر من لسان، ثم يقولون شيئاَ وهم يضمرون غيره، لن تصلوا معهم لأي شيء ترجون به خلاص الوطن الذي يغرق.
- وهؤلاء الساسة الحربائيون الغارقون في وحل مستنقع مصالحهم الذاتية، يتلونون حسب اتجاه بوصلتها لن يحققوا شيئاً لكم.
فماذا تنتظرون ؟؟!
كلكم تدركون أن "دفة" كابينة قيادة السودان بيد قلة يتصارعون قيادتها.
يتنازعونها، كل يريد أن يوجهها في اتجاه يحقق مصالحه الذاتية الخاصة، بينما هم أنفسهم يُدارون بالريموت كونترول من قوى خارجية تطمع في أن يكون مرسى سفينة الوطن بكل خيراتها على شواطئها .
والسفينة تتخطفها الأمواج ذات اليمين وذات اليسار، تعلو بها وتهبط.
فماذا تنتظرون ؟؟!!.
أمن نخبكم الذين نصبتموهم أوثاناً تنتظرون من مشاعلهم ما يضيء لكم طريق الخلاص، وهم في عمى، قد أطفأت ايديولوجياتهم وزيف أمجادهم الذاتية بصائرهم.
بعضهم يخادع بالقول، وبعضهم يتاجر بالمواقف.
بعضهم يخذِّل، وبعضهم يشوِّش الرؤى الواضحة ؟؟!!!.

2
أتنتظرون خلاصاً يأتيكم من الخارج ؟.
تلك متاهة لن تخرجوا منها.
حينها تصبحون (وقد أصبحتم بالفعل) سلعة تعرض بثمن بخس في (دلالة) السوق العالمية. إما لأن مالكها لم يعُد في حاجة إليها، أو اضطرته ظروفه للاستغناء عنها ليسد حاجة عاجلة، أو ليشتري بثمنها طعام يومه.
فهل السودان بالفقر الذي يجعلنا نعرضه رخيصاً (بتراب القروش) لنطعم عيالنا وأنفسنا ؟!.
إذا كان بهذا الفقر لِمَ استجاب المشترون لجرس إعلان (الدلالة) هذا النحو المثير للدهشة، يتكالبون على الشراء؟!.
وما يثير للدهشة أكثر، أن من يقرعون الجرس ويقفون على دلالة السودان هم مجرد (جوكية) – عسكراً وأحزاباً – لا يملكون البضاعة. وأكثر من ذلك، إنهم لا يملكون تفويضاً شرعياً بالبيع !!.

3
أم نحن مستغنون عن البلد اقتداء ببني إسرائيل الذين أدى الصراع الداخلي بينهم إلى تكوين مملكتي إسرائيل ويهوذا، كان الصراع بينهما للهيمنة على المملكة القوية ذائعة الصيت، إلا أن جذور الصراع الحقيقية كانت في ذلك التحالف العرقي الهش الذي تكوَّن ما بين فلول اتباع ديانة اخناتون بقيادة موسى وقبائل العبريين بقيادة هارون. وتحالف كل من الفريقين مع ممالك أخرى خارجية لإضعاف الطرف الآخر، فاستعان نسل هارون بالفرس، ونسل موسى (بالمصريين !!). وتسرد لنا التوراة أن جُلَ من أسهموا في تقويض مملكة سليمان وتقسيمها كانوا قد التجأوا (إلى مصر!) ومنها قاموا بتأسيس مملكة إسرائيل الشمالية !!.

4
هل نفهم الدرس؟.
إن استعانة كل من الطرفين المتنازعين بالممالك الأخرى أدى إلى حروب متقطعة بينهما كانت نتيجتها إضعافهما معاً، فتحولت مملكة إسرائيل التي وصلت إلى أقصى مجدها ثراء وقوة في عهد النبي سليمان، إلى أطراف ضعيفة بعد تقسيمها، انتهشتها الممالك اخرى بسهولة.
ففي عام 722 ق.م سقطت مملكة إسرائيل الشمالية وعاصمتها نابلس بيد الأشوريين وسيق معظم سكانها إلى بابل وفرمن نجا من الأسر إلى مملكة يهوذا جنوباً وتفرقت قبائل الإسرائيليين واختفت آثارها التاريخية وهو ما يعرفون اليوم بقبائل إسرائيل العشرة الضائعة. وفي أواخر القرن السادس سقطت مملكة يهوذا الجنوبية وعاصمتها القدس عام 578 ق.م على يد الأشوري نبوخذ نصر بعد أن تآمر نسل داؤود على ملكها(جدليا) واغتالوه وهربوا مع جمع كبير من اليهود بما فيهم النبي أرميا إلى مصر، ومن ثم عبر جزء منهم إلى مملكة كوش السودانية، أما ما تبقي منهم فقد سيقوا إلى بابل، ليتذوقوا طعم العبودية عقب تدمير نبوخذ نصر لبيت المقدس. وقد تحدثت التوراة بمرارة عن تلك الفترة في سفر أرميا (3: 6 – 10).(1).
فهل قررنا الاستغناء عن بيتنا السوداني اقتداء ببني إسرائيل ورغبة في تكرار تجربتهم المريرة في التيه التي قاربت ثلاث آلاف سنة ؟! (2).

5
هل نحن بعيدون عن هذا السيناريو ؟!.
لو أن زائراً فضائياً من المريخ تساءل وهو يشير بإصبعه إلى رقعة في الكوكب الأزرق تحمل لافتة "السودان" قائلاً: هل ثمة دولة هنا أيضاً ؟!.
يحق لنا أن نتساءل نحن أيضاً لنجيب. فالمضيف السياحي المرافق للضيف المريخي أجابه على سؤاله، وهو يهز كتفيه تعبيراً عن حيرته: لا أعلم ؟!.
فلنسأل أنفسنا، نحن البشر الذين نعيش داخل حدود هذه الرقعة من الأرض منذ آلاف السنين: هل نعيش نحن في ظل دولة بالفعل ؟!. أم نحن غافلون نتوهم ذلك ؟!!.
ما من عاقل، حتى ولو كان ضيف مريخي له عينان يستطيع أن يدعي بأنه يرى ظل دولة هنا. ولكن بعض الناس يستطيع أن ينكر الشمس ووهي تشوي يافوخه بشواظها. وهذا (على كيفه) فلينكر ما شاء له شيطانه أن يفعل.

6
حسناً.
ما الذي تبقى لكم؟.
هل توقعون حلاً من هذه الوفود (الطالعة نازلة) في وطنكم ؟
(يا للخيبة).
هل فعلت المنظمة الأممية ذلك من قبل لأي شعب تعرض للإبادة ؟!.
(ألم ترتكب المذابح الرواندية تحت عين جنودها وفي معسكراتهم. ولماذا في راوندا. ألم يحدث ذلك بالأمس في دافور)؟!.
هل يوماً أنقذت المؤسسات الاقتصادية والنقدية الأممية شعباً من الفقر والموت جوعاً، أو ساهمت في تنمية أي بلد (كدا لوجه الله)؟!.
(أم العكس) ؟!.

7
يختلف الغافلون ومن لهم غرض حول الدولة التي يمكن أن نثق من القوى الدولية التي تزج بأنفها في شأن ثورتكم لتنتصر لثوراتنا.
حسناً.
عدا فلول المافيا الإسلاموية الذين لا تعرف لهم ديناً أو موقفاً واضحا من أمريكا التي يهددونها بدنو عذابها تارة، ويسلمونها تارة أخرى إخوانهم (في الله، والدين، الإسلام). عدا هذا العهر في المواقف السياسية. لا تجد تفسيراً للاختلاف بين النخب السياسية في موقفها من أمركم ومن أمر ثورتكم.
ما الفرق بين أمريكا والصين وروسيا.
أنتم تقاتون من أجل دولة مدنية تتحقق بها قيم الحرية والعدالة والسلام.
فهل هذه الدول نصيرة لهذه القيم؟.
تريدون أن تحكموا أنفسكم بأنفسكم.
هل هذا يحقق مصالح هذه الدول؟.
بكلمة وحدة لا فرق بين الصين والولايات المتحدة وروسيا.
جميعها دول إمبريالية تسعى لتحقيق مصالحها أولاً وأخيراً، وهي تفعل ذلك بدون وازع من ضمير أخلاقي أو حس إنساني.

8
- روسيا ؟!
لقد تدخلت في سوريا لتنصر بشار الأسد، فقط لتقيم قاعدة استراتيجية في البحر الأبيض (حلم المياه الدافئة القديم). وفي سبيل ذلك لا مانع لديها من إبادة الشعب السوري وقتل الأطفال بشتى أنواع القنابل المحرمة دولياً.
(ثم .. من الذي ينهب ذهب السودان ؟!!)
- أمريكا؟؟.
إليكم هذه النكتة السوداء:
" نحن لم نذهب إلى الفلبين بهدف احتلالها ، ولكن المسألة إن السيد المسيح زارني في المنام ، وطلب مني أن نتصرف كأمريكيين ونذهب إلى الفلبين لكي نجعل شعبها يتمتع بالحضارة ".
هكذا قال الرئيس الأمريكي ويليام ماكينلي وهو يخاطب شعبه عام 1898م مبرراً غزو الفلبين.
(لماذا هي عاجزة حتى عن وصف الانقلاب بصفته ؟!)
- الصين؟.
يكفي أنها استخدمت حق النقض للصالح لجنة البشير الأمنية أكثر من مرة. وآخر مواقفها الواضحة كان تحفظها في مجلس الأمن بأن الاتفاق الإطاري وقع بين قوى سياسية والمكون العسكري، وليس مع قوى الحرية والتغيير (المركزي)، لترتفع توقعات السلطة الانقلابية للاستعانة بالصين لتخفيف الضغوط عليها ومواصلة السيطرة على الحكم !!.

9
كل هذا عبث لا طائل وراءه ولا خير منه يرجى.

ونواصل

 

مصادر وهوامش
1 – عن: "وليد المنسي، المسكوت عنه: الجذور الوثنية للأديان التوحيدية، بيروت/ لبنان، الطبعة الأولى 2003م، ص: 53، 54، 55".
2 - ولماذا تُرى نذهب بعيداً وأمامنا حال السودان المستباح اليوم (من التي تسوى ولا تسوى) من الدول الأجنبية واستخباراتها؟. وقبلها تاريخ السودان في مرحلة انهيار الدولة من قِبَل الغزو التركي، وعبر البوابة المصرية عام 1822م، ثم غزوه السودان من قِبل بريطانيا، وأيضاً عبر البوابة المصرية نفسها في عام 1899م، نتيجة للصراعات الداخلية. ولمزيد من التفاصيل راجع للكاتب: " مختصر سيرة الرجل المريض: حول طبيعة تكوين وبنية الدولة السودانية، موقع صحيفة سودانايل الرقمية، 5 /أكتوبر/2021".

izzeddin9@gmail.com

 

آراء