لا معين لكم أيها القوم .. فانهضوا لأمركم (2) رفع أقنعة الزيف السياسي
عز الدين صغيرون
24 December, 2022
24 December, 2022
9
كل هذا عبث لا طائل وراءه ولا خير منه يرجى.
ما جدوى كل هذا الزخم من (اللهوجه) والتحركات المحمومة المتخبطة ؟.
كما ترون: ما من أحد (فاضي) ليجيب على هذا السؤال، في ظل الربكة والفوضى العارمة وارتجال المواقف.
ما من أحد عنده الشجاعة ليخوص أبعد، في عمق المشكلة، متجاوزاً سطح تفكيره الرغبوي.
ما من عقل هنا ولا شبهة تفكير حتى، إنما هي الفوضى الشاملة، والارتباك والتخبط في الرؤى، والتناقض المريع في الموقف، الذي يطبع سلوك كل القوى المشاركة في صناعة المشهد السياسي، لم يستثن فريقاً دون فريق:
- فقوى الثورة والتغيير منقسمة على نفسها في ثلاث فصائل، وكل فصيل منها يسير في اتجاه لا يرى اتجاهاً غيره يريد أن (يغصب) الجميع للسير فيه، رغماً عنهم.
10
والنتيجة الحتمية: إنهم لن يصلوا إلى أي مكان !!.
- فأنصار الحل السياسي التفاوضي يجربون المجرب، وبنفس الطريقة والآليات التي ترتبت عليها الكوارث التي نعيشها الآن. ثم هم يفاوضون وآلة القتل والتنكيل بالشباب – وهم عصب قوى الثورة الحي – (شغالة)!. ثم ثالثاً: هم يفاوضون في ظل انقسام وتشظي الحاضنة الشعبية الأوسع، ولا غطاء لهم في الشارع يعوض ذلك الغياب ويسد فراغه.
فما الذي يمكن أن يخرجوا به أو ينتزعوه من هؤلاء العسكر ؟!.
11
- أما الحزب الشيوعي، حتى مع انضمام البعث إليه في معارضة الحل السياسي التفاوضي، فليس لديه رؤية واضحة للحل، وأنه بانتهازية فجة وغير مسؤولة امتطى ظهر الموجة الثورية، ويسعى لقيادتها والسيطرة على مسارها، معتمداً تكتيكات "المديدة حرقتني" بين الجميع. وهو يعكس بمواقفه المتخبطة هذه حالة التكلس الفكري والتخشب السياسي المنهجي الحزبي وغياب العقل، وهي السمات التي تشكل العامل المشترك الاعظم بين كل هذه البنيات التي تسمي نفسها أحزاب سياسية.
قالت الكتلة الديمقراطية: (إن من سلبيات الاتفاق الإطاري انه ساهم في ميلاد حركات مسلحة جديدة)..
يعني كانت سبعة فزادت واحدة !!.
وقال القيادي الشيوعي تاج السر عثمان: (تدهورت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية بعد التوقيع علي الاتفاق الإطاري).
يعني قبل (إطار الجن دا) كانت تمام التمام !!.
إنه يُضعف قوى الثورة والتغيير، ثم هو لا يستطيع وحده – بالمنطق – أن يحقق شعار التغيير الجذري الذي يرفعه.
12
- أما لجان المقاومة وهي ليست عصب قوى الثورة الحية فحسب، بل هي صاحبة (الجلد والراس)، وهي قلب الدينمو الذي حرك ويحرك كل القوى الأخرى، عسكرية سواء كانت أم سياسية، بقانون "رد الفعل".
وحراكهم هذا النبيل الشجاع، هو الذي يؤطر أجندة القوى الخارجية التي تحاول التدخل وتحديد مسارات مستقبل العملية السياسية، دولية سواء كانت هذه القوى أو اقليمية.
ورغم هذا لم تنج من الاصابة بعدوى جرثومة الخلافات الحزبية المزمنة.
ورغم أن العقل والمنطق يفترض أن نجاحهم في الخطوة الأول والاطاحة بنظام، عجزت كل الأحزاب والحركات المسلحة عن الاطاحة به، أن يدعم توحيدهم، وتنظيم أنفسهم ككتلة سياسية حرجة صلبة، لاستكمال المرحلة التالية والبناء. ولكنهم ......
13
هل تريد أن ترى – وبالعين المجردة – عدم الشعور بالمسؤولية، وغياب العقل والضمير ؟.
إليك هذا.
يفترض أن ثورة ديسمبر فتحت الباب واسعاً أمام التغيير وبناء دولة حديثة تليق بتاريخ السودان مهد، أولى الحضارات وبإمكانياته البشرية والطبيعية. وأن الصراع بعد الثورة التي مهرتها دماء الشباب من الجنسين من مختلف شعوبه، ينبغي أن يكون بين قوتين: قوى الثورة والتغيير، وقوى المحافظة.
ترى هل كان يحتاج إدراك ذلك إلى "دروس خاصة" أو ذكاء استثنائي ؟!.
هل قوى الثورة المضادة التي تسعى لإعادة عقارب ساعة الوطن لما قبل الثورة، حتى ولو كان الثمن تفكيك الدولة وبيعها في "الدلالة" بثمن بخس، مجهولة وشبحية غامضة ؟!!.
كلا، هي معلومة للجميع، ودرجات ألوانها مهما تعددت وتنوعت، واضحة.
وهي لا تكف عن الاعلان عن نفسها ونواياها، كل ما حاولت قوى الثورة تجاهل وجودها.
ورغم ذلك لم يحدث هذا !.
14
لو احسنت التفكير القيادات السياسية في قوى الثورة والتغيير، لتأكد لديها أن قوى الممانعة فريقان يربطهما خيط وآه:
- فريق هو "الأصل"، يتكون من جناحين: قيادة "لجنة البشير الأمنية" التي اخطفت الجيش والأمن والشرطة. وجناح فلول دولة الانقاذ الإسلاموية.
وجناح الفلول هو الأخطر الذي يمثل الثورة المضادة بأصالة، لأن الاطاحة بدولته يعني "محوه" بالمعني الوجودي. ليس بتجريده من كل شيء اكتسبه بغير وجه حق فقط. بل وبمحاسبته على "كل" الجرائم التي ارتكبها. ولذا فهو يخوض هذا الصراع ضد الثورة والتغيير بروحية (يا قاتل أو مقتول).
وهو الأخطر بإطلاق، لأن عناصره مبثوثين في مفاصل الدولة، ويحتلون مواقع مفصلية في كل مؤسساتها المدنية والعسكرية والقضائية والعدلية، ويتوفرون على سيولة نقدية غير محدودة داخل السودان وخارجه تتيح لهم التحكم في السوق، والتلاعب والمضاربة في حركة السلع الأساسية.
15
- وأما الفريق الآخر، ووصفنا موقعه بأنه يقع على هامش الصراع، فهو يتكون أيضاً من جناحين: قيادات "حركات جوبا" المسلحة. وطفوليون على الموائد، انتهازيون، يكفيهم الفتات المتساقط منها.
وما لم يجرأ أحد على قوله من قبل: أن الجناح الثاني في هذا الفريق لا يمثله فقط قادة الحركات المسلحة، أو أشخاص من أمثال ترك والتوم هجو، بل ولا حتى هذه الحركات والتنظيمات التي نبتت في الظلام وجاءت من المجهول ولا يعلم أحد أي شيطان زج بها في مهرجان الفوضى هذا.
ليس هؤلاء وحدهم من يمكنك أن تصنفهم ضمن فريق قوى ممانعة التغيير الهامشية.
بل إن الأحزاب السياسية الأقدم عهداً منذ ما قبل استقلال السودان وخاصة منها من تسمى نفسها "الأحزاب الكبرى"، مثل حزبي الأمة والديمقراطي، تنتمي لهذا الفريق الأخير. وهم حسب توصيف عمرو بن العاص لرجال مصر، فريق "مع من غلب".
16
هذا الفريق بقضه وقضيضه(1)، سواء ممثلاً في الميرغني الجد والابن والحفيدين، أو في المهدي الجد والابن والأحفاد من الجنسين، لا يختلف في أهدافه الحقيقية وسياساته وتكتيكاته عن الشيوعي ومناوي وجبريل وترك والتوم هجو ..الخ. فالهدف المشترك هو السلطة لتحقيق مصالح حزبية أو مصالح شخصية.
وهم على استعداد أيضاً للتحالف مع شيطان الديكتاتورية نفسه لتحقيق ذلك.
بل وهم على استعداد لالتقاط الفتات من مائدة الديكتاتورية ونظامها.
ألم يشاركوا ضيوفاً متطفلين على مائدة ديكتاتورية نميري بشتى صنوف اتجاهاتها الأيديولوجية؟، ثم على مائدة البشير والانقاذ الإسلاموية، والآن ألا يشارك جلهم في مائدة البرهان الانقلابية بشتى الذرائع والحًجج ؟.
17
إنهم حربائيون، بين بين.
بلا لون واضح، أو مبدأ ثابت.
مذبذبون، لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك.
وهم، إليهما معاً أيضاً، في ذات الوقت !!.
لهم قدم مع ثورة التغيير وشعاراتها، ولهم قدم مع "ممانعة" التغيير.
ومع أيهما فاز هم رابحون !!.
ما مشكلة هؤلاء القوم؟. لماذا هم في هذه المنطقة الرمدية ؟!.
دعنا لا نحاكم الناس بما في ضمائرهم، وما يستكن في قلوبهم لنختار أهون الشرين. وهو غياب مفهوم الدولة في وعيهم.
إن مفردات مثل الدولة والشعب والديمقراطية لا وجود لها في وعيهم.
وإن وجدت، فمجرد كلمات لا معنى لها في الواقع، تستخدم "عند اللزوم" كواحدة من "الأدوات" التي تساعد في تحقيق الهدف الحزبي أو الشخصي.
فالدولة كجهاز هي وسيلتهم للسلطة والسيطرة.
والشعب كم من الناس وُجد ليحكموه.
أما الديمقراطية فمجرد طلاء خارجي وديكور داخل دورهم الحزبية. وبمعني آخر هي قفاز حريري لقبضة فولاذية.
حسناً.
ما العمل مع هؤلاء جميعاً ؟!.
كيف تستخلصون منهم دولتكم وتعيدون تأسيسها على أسس مستدامة ؟؟.
ونواصل
مصادر وهوامش
(1) أي جاءوا وِحدانا وزُرافات، قال الميداني في مجمع الأمثال: القَضُّ عبارة عن الواحد، والقضيض عبارة عن الجمع. قال الشاعر:
وجاءتْ سُلَيْمُ قضّها بقضيضها
izzeddin9@gmail.com
كل هذا عبث لا طائل وراءه ولا خير منه يرجى.
ما جدوى كل هذا الزخم من (اللهوجه) والتحركات المحمومة المتخبطة ؟.
كما ترون: ما من أحد (فاضي) ليجيب على هذا السؤال، في ظل الربكة والفوضى العارمة وارتجال المواقف.
ما من أحد عنده الشجاعة ليخوص أبعد، في عمق المشكلة، متجاوزاً سطح تفكيره الرغبوي.
ما من عقل هنا ولا شبهة تفكير حتى، إنما هي الفوضى الشاملة، والارتباك والتخبط في الرؤى، والتناقض المريع في الموقف، الذي يطبع سلوك كل القوى المشاركة في صناعة المشهد السياسي، لم يستثن فريقاً دون فريق:
- فقوى الثورة والتغيير منقسمة على نفسها في ثلاث فصائل، وكل فصيل منها يسير في اتجاه لا يرى اتجاهاً غيره يريد أن (يغصب) الجميع للسير فيه، رغماً عنهم.
10
والنتيجة الحتمية: إنهم لن يصلوا إلى أي مكان !!.
- فأنصار الحل السياسي التفاوضي يجربون المجرب، وبنفس الطريقة والآليات التي ترتبت عليها الكوارث التي نعيشها الآن. ثم هم يفاوضون وآلة القتل والتنكيل بالشباب – وهم عصب قوى الثورة الحي – (شغالة)!. ثم ثالثاً: هم يفاوضون في ظل انقسام وتشظي الحاضنة الشعبية الأوسع، ولا غطاء لهم في الشارع يعوض ذلك الغياب ويسد فراغه.
فما الذي يمكن أن يخرجوا به أو ينتزعوه من هؤلاء العسكر ؟!.
11
- أما الحزب الشيوعي، حتى مع انضمام البعث إليه في معارضة الحل السياسي التفاوضي، فليس لديه رؤية واضحة للحل، وأنه بانتهازية فجة وغير مسؤولة امتطى ظهر الموجة الثورية، ويسعى لقيادتها والسيطرة على مسارها، معتمداً تكتيكات "المديدة حرقتني" بين الجميع. وهو يعكس بمواقفه المتخبطة هذه حالة التكلس الفكري والتخشب السياسي المنهجي الحزبي وغياب العقل، وهي السمات التي تشكل العامل المشترك الاعظم بين كل هذه البنيات التي تسمي نفسها أحزاب سياسية.
قالت الكتلة الديمقراطية: (إن من سلبيات الاتفاق الإطاري انه ساهم في ميلاد حركات مسلحة جديدة)..
يعني كانت سبعة فزادت واحدة !!.
وقال القيادي الشيوعي تاج السر عثمان: (تدهورت الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والأمنية بعد التوقيع علي الاتفاق الإطاري).
يعني قبل (إطار الجن دا) كانت تمام التمام !!.
إنه يُضعف قوى الثورة والتغيير، ثم هو لا يستطيع وحده – بالمنطق – أن يحقق شعار التغيير الجذري الذي يرفعه.
12
- أما لجان المقاومة وهي ليست عصب قوى الثورة الحية فحسب، بل هي صاحبة (الجلد والراس)، وهي قلب الدينمو الذي حرك ويحرك كل القوى الأخرى، عسكرية سواء كانت أم سياسية، بقانون "رد الفعل".
وحراكهم هذا النبيل الشجاع، هو الذي يؤطر أجندة القوى الخارجية التي تحاول التدخل وتحديد مسارات مستقبل العملية السياسية، دولية سواء كانت هذه القوى أو اقليمية.
ورغم هذا لم تنج من الاصابة بعدوى جرثومة الخلافات الحزبية المزمنة.
ورغم أن العقل والمنطق يفترض أن نجاحهم في الخطوة الأول والاطاحة بنظام، عجزت كل الأحزاب والحركات المسلحة عن الاطاحة به، أن يدعم توحيدهم، وتنظيم أنفسهم ككتلة سياسية حرجة صلبة، لاستكمال المرحلة التالية والبناء. ولكنهم ......
13
هل تريد أن ترى – وبالعين المجردة – عدم الشعور بالمسؤولية، وغياب العقل والضمير ؟.
إليك هذا.
يفترض أن ثورة ديسمبر فتحت الباب واسعاً أمام التغيير وبناء دولة حديثة تليق بتاريخ السودان مهد، أولى الحضارات وبإمكانياته البشرية والطبيعية. وأن الصراع بعد الثورة التي مهرتها دماء الشباب من الجنسين من مختلف شعوبه، ينبغي أن يكون بين قوتين: قوى الثورة والتغيير، وقوى المحافظة.
ترى هل كان يحتاج إدراك ذلك إلى "دروس خاصة" أو ذكاء استثنائي ؟!.
هل قوى الثورة المضادة التي تسعى لإعادة عقارب ساعة الوطن لما قبل الثورة، حتى ولو كان الثمن تفكيك الدولة وبيعها في "الدلالة" بثمن بخس، مجهولة وشبحية غامضة ؟!!.
كلا، هي معلومة للجميع، ودرجات ألوانها مهما تعددت وتنوعت، واضحة.
وهي لا تكف عن الاعلان عن نفسها ونواياها، كل ما حاولت قوى الثورة تجاهل وجودها.
ورغم ذلك لم يحدث هذا !.
14
لو احسنت التفكير القيادات السياسية في قوى الثورة والتغيير، لتأكد لديها أن قوى الممانعة فريقان يربطهما خيط وآه:
- فريق هو "الأصل"، يتكون من جناحين: قيادة "لجنة البشير الأمنية" التي اخطفت الجيش والأمن والشرطة. وجناح فلول دولة الانقاذ الإسلاموية.
وجناح الفلول هو الأخطر الذي يمثل الثورة المضادة بأصالة، لأن الاطاحة بدولته يعني "محوه" بالمعني الوجودي. ليس بتجريده من كل شيء اكتسبه بغير وجه حق فقط. بل وبمحاسبته على "كل" الجرائم التي ارتكبها. ولذا فهو يخوض هذا الصراع ضد الثورة والتغيير بروحية (يا قاتل أو مقتول).
وهو الأخطر بإطلاق، لأن عناصره مبثوثين في مفاصل الدولة، ويحتلون مواقع مفصلية في كل مؤسساتها المدنية والعسكرية والقضائية والعدلية، ويتوفرون على سيولة نقدية غير محدودة داخل السودان وخارجه تتيح لهم التحكم في السوق، والتلاعب والمضاربة في حركة السلع الأساسية.
15
- وأما الفريق الآخر، ووصفنا موقعه بأنه يقع على هامش الصراع، فهو يتكون أيضاً من جناحين: قيادات "حركات جوبا" المسلحة. وطفوليون على الموائد، انتهازيون، يكفيهم الفتات المتساقط منها.
وما لم يجرأ أحد على قوله من قبل: أن الجناح الثاني في هذا الفريق لا يمثله فقط قادة الحركات المسلحة، أو أشخاص من أمثال ترك والتوم هجو، بل ولا حتى هذه الحركات والتنظيمات التي نبتت في الظلام وجاءت من المجهول ولا يعلم أحد أي شيطان زج بها في مهرجان الفوضى هذا.
ليس هؤلاء وحدهم من يمكنك أن تصنفهم ضمن فريق قوى ممانعة التغيير الهامشية.
بل إن الأحزاب السياسية الأقدم عهداً منذ ما قبل استقلال السودان وخاصة منها من تسمى نفسها "الأحزاب الكبرى"، مثل حزبي الأمة والديمقراطي، تنتمي لهذا الفريق الأخير. وهم حسب توصيف عمرو بن العاص لرجال مصر، فريق "مع من غلب".
16
هذا الفريق بقضه وقضيضه(1)، سواء ممثلاً في الميرغني الجد والابن والحفيدين، أو في المهدي الجد والابن والأحفاد من الجنسين، لا يختلف في أهدافه الحقيقية وسياساته وتكتيكاته عن الشيوعي ومناوي وجبريل وترك والتوم هجو ..الخ. فالهدف المشترك هو السلطة لتحقيق مصالح حزبية أو مصالح شخصية.
وهم على استعداد أيضاً للتحالف مع شيطان الديكتاتورية نفسه لتحقيق ذلك.
بل وهم على استعداد لالتقاط الفتات من مائدة الديكتاتورية ونظامها.
ألم يشاركوا ضيوفاً متطفلين على مائدة ديكتاتورية نميري بشتى صنوف اتجاهاتها الأيديولوجية؟، ثم على مائدة البشير والانقاذ الإسلاموية، والآن ألا يشارك جلهم في مائدة البرهان الانقلابية بشتى الذرائع والحًجج ؟.
17
إنهم حربائيون، بين بين.
بلا لون واضح، أو مبدأ ثابت.
مذبذبون، لا إلى هؤلاء ولا إلى أولئك.
وهم، إليهما معاً أيضاً، في ذات الوقت !!.
لهم قدم مع ثورة التغيير وشعاراتها، ولهم قدم مع "ممانعة" التغيير.
ومع أيهما فاز هم رابحون !!.
ما مشكلة هؤلاء القوم؟. لماذا هم في هذه المنطقة الرمدية ؟!.
دعنا لا نحاكم الناس بما في ضمائرهم، وما يستكن في قلوبهم لنختار أهون الشرين. وهو غياب مفهوم الدولة في وعيهم.
إن مفردات مثل الدولة والشعب والديمقراطية لا وجود لها في وعيهم.
وإن وجدت، فمجرد كلمات لا معنى لها في الواقع، تستخدم "عند اللزوم" كواحدة من "الأدوات" التي تساعد في تحقيق الهدف الحزبي أو الشخصي.
فالدولة كجهاز هي وسيلتهم للسلطة والسيطرة.
والشعب كم من الناس وُجد ليحكموه.
أما الديمقراطية فمجرد طلاء خارجي وديكور داخل دورهم الحزبية. وبمعني آخر هي قفاز حريري لقبضة فولاذية.
حسناً.
ما العمل مع هؤلاء جميعاً ؟!.
كيف تستخلصون منهم دولتكم وتعيدون تأسيسها على أسس مستدامة ؟؟.
ونواصل
مصادر وهوامش
(1) أي جاءوا وِحدانا وزُرافات، قال الميداني في مجمع الأمثال: القَضُّ عبارة عن الواحد، والقضيض عبارة عن الجمع. قال الشاعر:
وجاءتْ سُلَيْمُ قضّها بقضيضها
izzeddin9@gmail.com