لماذا أحب الناس الداعية الراحل محمد احمد حسن وكره أخرين … بقلم: صلاح محمد احمد

 


 

 

 

(1)

مساء الثلاثاء ٢٦ مايو المنصرم….فجعت البلاد برحيل الداعية محمد احمد حسن، الذى أطل على سماوات اعلامنا عبر برامجه الدين النصيحة ، وأخال ان كل بيت فى الحضر والريف سيفتقد اطلالة هذا الشيخ ، البسيط فى حديثه ، الملم بخبايا الدين قرانا و سنة، ولم يكن غريبا أن تجد الصغار والكبار يلتفون حول التلفاز أو المذياع للاستماع الى فتاويه و تعليقاته ببساطته و صراحته التى عبرت عن اسلام السودانيين الشعبوى المتسم بالصدق.

(2)

بعد وفاته مدنى اخ عزيز بفديو للفقيد وهو جالس وسط جمع من الرجال والنساء، جلسة عائلية ، وواحدة من افراد الاسرة تشكو من زوجها السكير العربيد المستهتر..و قد طفح بها الكيل .. وتود ان تلجأ لاحد الشيوخ لتأديبه، وهنا تحدث الشيخ موجها حديثه للشاكية قائلا لها : خدى بالك.. المرأة هى القادرة بحنيتها و كياستها على تغيير طبائع الرجل...و عليك ان تكونى قريبة من زوجك و ابتعدى من الدجالين والمشعوذين..ولاطفيه..لان المرأة قادرة على القيام بهذا الدور.
ووسط ضحك الحضور .. اتسم اللقاء بحميمية وود وضحك مما اوحى بأن المرأة الشاكية قد ارتاحت لنصيحة الشيخ وسط تهليل استحسان من الحضور نساءا و رجالا
….
. اذكر خلال النصف الثانى من تسعينيات القرن الماضى التقيت بالصدفة بالشيخ محمد احمد حسن فى ساحة جبل عرفات اثناء ادائنا للحج ذاك العام.. وحين وجدت نفسى قبالته وجدتها فرصة ان اسأله عن فتاة يهمنى أمرها تشكو من ذهول دائم وتعانى من هلوسات هى أقرب لفقدان عقل سوى..و كان شعورى فى تلك الاجواء المفعمة بعبق الدين ان اجد نصيحة ربما تكون سببا فى علاجها، واستمع الشيخ لتفاصيل تتعلق بالحالة و كانت اجابته ان لا نلجأ للدجالين والمشعوذين لان مثل هذه الحالات تحتاج الى استشارات طبية فى مجال علم النفس وتخصصات اخرى ، وقد أكبرت فيه هذه الصراحة .

(3)
نموذج الشيخ الراحل محمد.. يدفع الانسان لاستعراض نماذج من وعاظ اضروا بالدعوة بالتى هى أحسن كنموذج هناك شيخ جعل البصق صفة متلازمة لاحاديثه ، و كلما كان ضحك الحضور تعجبا من تكراره لكلمة تفوو، زادت كميات البصق بصورة هزلية تبعد الانسان من طهارة الدين ، و هناك وعاظ حولوا منابر المساجد الى ساحة لتصفيات سياسية...سنة ضد شيعة او مولاة لامراء الحرب فى القاعدة او ما تسمى بالدولة الاسلامية، بل و هناك وعاظ فهمهم لمقاصد الشرع فهم قاصر .. و من هؤلاء واعظ اعلن تحريم ما يسميه المعازف .. والغناء .. لان المسموحة فى الاسلام … الدفوف ولا بديل لها ... !! و اخر لانه يكره النساء يشير بدونية المرأة .. مشيرا للاية الكريمة العاشرة فى سورة التحريم التى اشارت الى زوجتى سيدنا نوح ولوط بانهما كانتا *تحت* عبدين.. وفى تفسيره ان تحت تعنى الدونية...ولاشك انه واعظ افتقر الالمام باللغة .. والفهم الصحيح للاية الكريمة

(4)
كلما اصطدمنا بمثل هؤلاء الوعاظ اتى اليقين بأننا فى حاجة الى وعاظ متمكنين بمعرفة مقاصد الدين، مدركين بان فى السودان شعب طيب، تأسرهم أقوال مفكرين مستنيرين امثال التونسى محمد الطالبى فى مقابلته لتحديات المعاصرة * اخلاصنا للسلف اخلاص لبؤرة الموقد لا لرماده * والانسان الذى كرمه الله رغم انه مخلوق من الطين اللازب والحمأ المسنون.. امره بالتفكير ليكون قادرا على التمسك بطرفى الحبل : الوفاء للارث و مواكبة التجديد، و قد علم هذا الشعب الذى انجب امثال الشيخ محمد احمد حسن بأن الحركات الاسلامية التى ظهرت منذ فجر التاريخ تحكمت فى بروزها اسباب اقتصادية و سياسية و ثقافية ، وهى لاتملك الحقيقة و لا تمثل نقاء الدين الشعبوى الذى تغلل فى النفوس وظل ..ايمان افراد الشعب السودانى عميقا لا يتزعزع.. وأمله ان لا يكون الدين مصدرا للفتنة و الشقاق…و اللهم لا تجعل مصيبتنا فى ديننا.... وفى مجال قدسية الدين و دنيوية السياسة ستكون هناك حلقات و حلقات….

salahmsai@hotmail.com
////////////////

 

آراء