لماذا لا تهتم الدولة السودانية بثرواتها القومية البشرية .. د. معاذ تنقو مثالا؟

 


 

 

في مناسبة عزاء مأساوي، من مآسي الحرب العبثيةـ المصيرية، حيث استشهد الفقيد بقذيفة غاشمة، سلمت روحه الطاهرة إلى بارئها إمام منزله بأبو سعد ــ مربع 18 قبل ثلاثة أسابيع، خلال تلك المناسبة المحضورة، لمحنا شبح خبير الحدود السودانية الفذ د. معاذ تنقو، دون سابق معرفة أنه معنا هنا في المملكة المتحدة، فحصنا المشهد المزدحم بالحضور، باحثين عن حرس شخصي يحيط بالرجل "الرمز"، ولما لم نجد ما توقعناه، استبعدنا تخيلاتنا، إلاّ أننا سألنا أحد الأخوة المقيمين في المدينة محل العزاء، فأكد لنا أنه هو بشحمه ولحمه.
هرولنا خلفه مع من كان معنا، قبل أن يختفي وسط الزحام، تعرفنا عليه، وعرفناه بأنفسنا، رويدا رويدا، كبر العدد الملتف حوله، وأبلغناه عن دهشتنا بحضوره، فابتسم قائلا: هذه مدينتي منذ زمن! استقطعنا زمنا من وقته الثمين، لتدوين أرقام هواتفه، فاستجاب على مضض، بادياً الرحابة على محياه. يبدو الرجل أكثر شباباً مما يظهر مهيبا على الشاشات البلورية.
ظننا أن أمثال الخبير د. معاذ تنقو، والذين يصنفون بكل المعاير، على أنهم ثروات قومية لشعوبهم، يتمتعون بحراسات مشددة، ويخضعون لبروتكولات صارمة، تحسبا للخطورة البالغة المحّدقة بهم، من قبل الأعداء الدوليين، المتربصين بحدودنا المغتصبة، ذلك أن الخبير الدكتور معاذ تنقو، يعتبر رأس الرمح، في ميادين المعارك المفتوحة مع الدول المحتلة لأراضينا، والمهددين لأمننا القومي، وهم أكثر من دولة، عاتية، وغادرة.
بالإضافة إلى علمه الدقيق والموسوعي في مجال الحدود، والقانون الدولي، وامتلاكه المعلومة الصحيحة، واطلاعه الواسع على الوثائق التاريخية الخاصة بحدودنا، فالرجل يتمتع، بقوة شخصية، وثقة منقطعة النظير في معلوماته، ويمتاز بمهارة ربط الأحداث المتسلسلة، بصورة ليست لها مثيل وسط المؤرخين السودانيين.
لولا "سبهللية" الدولة السودانية، دولةــ56 لفُرض على رئيس مفوضية الحدود، الخبير والعالم معاذ تنقو بروتكولات رجالات الدولة الدستوريين، بل نعتقد أنه أهم من رأس الدولة ذات نفسه، لما يحفظه في دماغه الكبير من معلومات وحقائق، غاية الأهمية لأمننا القومي، ومصير أراضينا المحتلة شرقا وشمال، والمتنازع عليها جنوباً.
ما توقعنا أن مثله، يغشى العزاءات، ويمشي بين الناس، هكذا على السجية، بدون حراسة مشددة! وبدون بروتكولات حذرة، في مطعمه، وتواصله مع العامة، وتحجيم الفترات القياسية لظهوره مكشوفا. حدثنا أحد الزملاء الأفاضل، عن إهمال الدولة السودانية، للخبير د.معاذ تنقو، فأكد لي أن أحد الناشطين "اللايفاتية" نبه إلى هذه النقطة، فتأكدنا، أن مخاوفنا في محلها، وأن تقديراتنا سليمة.
ليس كل من يمتلك معلومة قيّمة، ويدخر معارف نادرة، باستطاعة توظفيها، واستخدامها بالشكل الصحيح والطريقة المثلي، ولكن كل من استمع للخبر معاذ تنقو، وهو يبارز الخصوم عبر المناظرات المفتوحة، بلا شك اكتظت الدهشة في محاجر عيونهم، وصفقوا له لا شعورياً، للحضور الأنيق، والثقة المطلقة، وذرابة اللسان، وهو دائماً يفاجئ خصومه بما لا يعرفونه، وعلى الدوام، لديه بيت شعر يضيفه لمعارفهم، وفي كافة المواقف، لا تستغرب أن يكون للخبير معاذ حَجَره الصلد جاهزا، ليلقمه من يتنطّع، ولمن يحاول الحذلقة أو الفذلكة. لا نبالغ إن قلنا أن الخبير معاذ تنقو يمتلك ناصية السلطة المعرفية، ومهارة على الإقناع بصورة غير مسبوقة.
في تقديرنا، أن موقف الدولة السودانية، من العلماء والخبراء الاستراتيجيين، الحقيقين وليس الأدعياء، ينبغي أن يكون موقفا ثابتا، لا يتأرجح بتأرجح الحكومات، ولا تقلبات الأنظمة، ذلك أن العلاقة بين السلطة والمعرفة ينبغي أن تظل موضوعًا مركزيًا في العلوم الاجتماعية، حسبما يرى الفيلسوف الفرنسي ميشيل فوكو. وهو يرى أن المعرفة يمكن أن تمنح الشخص سيطرة أكبر على الناس والأشياء في هذا العالم.
على القنصلية السودانية بلندن، أن توفر الحماية اللصيقة للخبير د. معاذ تنقو، رئيس مفوضية الحدود السودانية، وعليه، أن يضع "ماسك" على وجهه، حتى من دون بأس، عند اللزوم، من باب الحيطة والحذر.
والله يحفظكم د. معاذ تنقو، ويرعاكم ذخراً للبلد، ورمحاً فاتكاً للأعداء المتربصين بحدودنا المبذولة لدول الجوار دون حراسة أمنية.
ebraheemsu@gmail.com
//أقلام متّحدة ــ العدد ــ 112//

 

آراء