ليس بالقانون وحده تحارب الشائعات !

 


 

 

 

 

الجمعة، 04 أغسطس 2017

بمبادرة من وحدة التدريب والبحث العلمي بكلية القانون في جامعة الخرطوم، انعقدت هذا الأسبوع ورشة عمل كان موضوعها: «الحق في الحصول على المعلومات في النظام القانوني السوداني».

وعالجت الندوة بتوسع حق الوصول إلى المعلومات كحق أساسي من حقوق الإنسان، وأجمع الرأي الدولي والإقليمي على ضرورة التزام الدول كافة بتوفيره، مستنداً إلى نصوص دستورية وقانون ملزم للدولة لكي توفر جميع المعلومات العامة للمواطنين دون قيود ودون استثناء، إلا في حالة محددة يثبت فيها أن كتمان المعلومات هو أخف الضررين؛ بمعنى أن الضرر الذي يترتب عن الإفصاح يفوق ضرر الكتمان.

الندوة عالجت الموضوع عبر أربع أوراق؛ واستعرضت الورقة الأولى المواثيق والصكوك الدولية في مجال حق الحصول على المعلومات والمواءمة التشريعية في القوانين، بينما ناقشت الورقة الثانية الحق في الحصول على المعلومات في الدساتير والقوانين السودانية ومدى التزامها بالمعايير الدولية، وركزت الورقة الثالثة على التجربة السودانية ومدى التزامها بتوفير مجتمع الشفافية، أما الورقة الأخيرة فقد استعرضت دور الأجهزة العدلية في تعزيز الشفافية وحق الحصول على المعلومات.

وبصورة عامة فإن الورشة أكدت على أن الحصول على المعلومات حق ينبغي أن تلتزم به الدولة، بحسبانه ركيزة أساسية للنظام الديمقراطي، ومدخلاً مهماً لتوفير مجتمع الشفافية، ولتسهيل وصول المواطن للمعلومات التي تمكنه أن يساهم في صناعة القرار الوطني عن وعي وإدراك، وتعزيز فرصة المشاركة الواعية وتوسيع قاعدة ممارسة الحقوق. وقد أبدى المتحدثون ملاحظات على القوانين السودانية وضرورة إصلاحها بما يتواءم مع القواعد الحاكمة لحق الوصول للمعلومات دولياً وإقليمياً.

الطريف في الأمر أن هذه الورشة انعقدت في وقت تحتل فيه مواقع الصدارة في الإعلام السوداني تحذيرات وتهديدات الحكومة من مواقع التواصل الاجتماعي بقوانين أكثر تشدداً وردعاً، باعتبار أنها تروج للشائعات وتهدد الأمن المجتمعي، دون أن يتوقف المسؤولون ليسألوا أنفسهم ماذا فعلوا لتوفير الشفافية ولتمكين المواطن من الحصول على المعلومات الصحيحة والموثوق بها!!

فالشائعات أكثر انتشاراً في المجتمعات التي يسود فيها الكتمان ويفقد الناس ثقتهم في مصداقية المسؤولين، والشائعات تقل أو تكاد تنعدم في المجتمعات التي تسودها الشفافية وتصبح الحقائق كاملة متاحة للمواطنين وفق قوانين تلزم كل مسؤول بالإفصاح عن المعلومات بصورة كاملة، وتوقع عقوبات رادعة على كل من يخفي أو يزور أية معلومة، أو يلتف حول القوانين واللوائح ليحجب المعلومات حسب مزاجه.

ولعل الجهد الذي بذلته بالأمس كلية القانون يتواصل لكي يتم الترويج لهذا الحق، والضغط على الأجهزة الحكومية بإصلاح القوانين الملزمة بالشفافية التامة، وتوعية المواطنين بأن من حقهم أن يحصلوا على كل المعلومات العامة،

وأن هناك آليات لحماية هذا الحق،

وأن من يكتم المعلومات عن عمد يمكن أن يواجه المساءلة الجنائية،

وإذا ما تحقق ذلك نكون خطونا الخطوة الأولى

نحو مجتمع الشفافية القادر على وأد الشائعات في مهدها

وليس بالقانون وحده تحارب الشائعات.

 

آراء