مأساة المواطن أبو البشر محجوب أو تفضيل المفضولة: فدوى مع وجود الأفضل.بقلم: د. أحمد محمد البدوي

 


 

 

زبد بحر (7) :

المكان جامعة الخرطوم الزمان الثلث الأخير من السبعينات من ديدن كلية الآداب تكريم طلابها المتفوقين وهم في أول السنة الخامسة والسنة الخامسة مقصورة على المتفوقين من كل أقسام الكلية. ولا ينال ذاك التكريم إلا أول الفصل.

شهدنا التكريم نحن زمرة قليلة من طلاب الدراسات العليا وكان التكريم في قسم التاريخ من نصيب الطالب أبو البشر محجوب وبالبداهة كان المشهد يعني أن هذا الطالب سيتخرج قطعا بشهادة متميزة بدليل أنه البرنجي على دفعته حتى وصلت الدفعة سنتها الخامسة وأيقنا أن هذا الطالب مشروع مؤرخ وبرعم أكاديمي تفتحت أكمامه!

في نهاية العام فوجئنا بأن الطالب المواطن السوداني نال درجة البكالوريوس بتقدير الدرجة الثانية المستوى الثاني وهذا يعني أنه لن يعين مساعد تدريس وبالتالي لن يكون عضوا في هيئة التدريس وهذه عملية إعدام معنوي ولأن أبا البشر هو آدم فذلك يعني خروج آدم ربما للمرة الأخيرة من الجنة!

وفوجئنا بان الطالبة زميلة أبي البشر في الدفعة نفسها: فدوى عبد الرحمن علي طه ( البروفسير بعدئذ) نالت درجة البكالوريوس بتقدير الدرجة الثانية المستوى الأول وهذا يعني أنها مؤهلة تماما لأن تكون عضو هيئة تدريس ما لم تكن قد جلست لملحق في أي مادة!

وتعجبنا أن أول الفصل يقصر عن بلوغ مراقي العلا في آخر الشهور وتناله من كانت بعده تالية وتذكرنا قول الشاعر:

تقدمني أناس كان خطوهم وراء خطوي

ثم جاء الإعلان عن تعيين مساعد تدريس بالقسم وتقدمت فدوى أو تقدموا باسمها لا فرق ولا مشاحة ولكن كان خريج آخر قد نال الدرجة نفسها من القسم نفسه وسجل رسالة ماجستير وفرغ منها أو كاد وهو قيصر موسى الزين وحضروا في يوم المقابلة فقيل لهم تعالوا في مرة قادمة ثم بعد فترة سألوا فقيل لهم أعلناكم واخترنا فدوى وأنتم لم تحضروا المعاينة كنتم غائبين!

وبدأت بعد ذلك أحلل على طريقتي المتزمتة السريالية : هذه ابنة التربوي العظيم مؤسس معهد التربية ببخت الرضا ونائب قريفز وهو أول وزير معارف في السودان وهو صاحب كتاب السودان للسودانيين ولكني صرت أفهم أن معنى السودان هو كاتب الكتاب والسودانيين (!) هم أبناء الكاتب بمعنى أوضح البلد بلدنا ونحن نقعل فيها ما نشاء وبعد ذلك تدخل علاقات الأقارب في هيأة التدريس بالجامعة والمصاهرات والعلاقات الساسية والعلاقات الزمالة بل والانتماء اليساري وهو حاسم في هذه الحالة!

وأبو البشر من الرهد فهو محسوب على الغرب ويريد التخصص في تاريخ المهدية وغير مسموح لناس الغرب التخصص في المهدية على مستوى جامعة الخرطوم وكان على الطالب المتفوق أن يحسب المسألة على منحى صائب ولكنه مؤرخ والمؤرخون لا يستفيدون عادة من دراستهم للتاريخ إيجابيا مع أنه يقال ليس هناك تاريخ وإنما هناك مؤرخون!

ولكن بصرف النظر عن البكش السابق فقد صار أبو البشر معلم لغة إنجليزية متميزا جدا وانتهت علاقته بالتاريخ إلى الأبد ولا سبيل إصلاح الخطأ بعد أكثر من 30 عاما!

عندما جاءت اإنقاذ طال الفصل من العمل الدكتورة فدوى وهذا ظلم لم نقره و ما نزال ندينه وبقوة ولكنها أعيدت إلى العمل وصارت عميدة الدراسات العليا في جامعة الخرطوم!

قلت ما قلت بلا تزاويق وأنا مستعد للوقوف أمام أي محكمة سودانية الآن متهما بمعلومة واحدة غير صحيحة!

وعلى المحكمة أن تشرع فورا وتبدأ بتسجيل شهادة د. قيصر موسى الزين أو /و طلب الحصول على نتائج أبو البشر وفدوى من السنة الأولى إلى الرابعة فالخامسة وفحص هل حصلت البروفسيرة على ملحق أم لا أما أبو البشر فأنا متأكد أنه كان الأول دائما بلا ملحق!

ومستعد: سجن سجن غرامة غرامة بمعنى أن الغامى ستكون سجنا( من أين لنا ذلك!) ولامناص من تعليق أخير فقد حصل قيصر موسى الزين على كل شهاداته من قسم التاريخ ومع ذلك رفضوا تعيينه في قسم التاريخ ونقلوه إلى معهد الدراسات اآسيوية والأفريقية!

والثانية أن المشرف على بحث التخرج الخاص بابو (ي) البشر هو محمد أحمد الحاج رئيس قسم التاريخ يومئذ مع أنه بدأ مسيرته الأكاديمية في قسم العربية وحصل على بكالوريوس الشرف والماجستير في العربية من جامعة لندن ويقول هو أنه تعرض لمضايقات في القسم وأرغم على تغيير مساره الأكاديمي وهو من أهلنا في النهود ولا ندري كيف مرت عليه مسألة ابو البشر الكردفاني مثله ام أنها حكاية المؤرخين

abuamnabadawi@gmail.com

 

آراء