ماذا تريد منا أمريكا والغرب ويتدخلا في شاننا؟

 


 

 

sanous@yahoo.com

السودانيون عموما يحبون تخيل الاشياء من ثم الجزم بان ما بخيالهم انه واقعا. من تلك التخيلات ان تدخل أمريكا و الغرب في شاننا هو الرغبة و التربص بنا لنهب مواردنا. الأرقام تكذب هذا الخيال. فلنأخذ بعض من الأرقام من الواقع. فاليوم ، الجمعة 27 يناير 2023م ، بلغت كامل قيمة شركة ابل الامريكية في السوق مبلغ 2،310،000،000،000 دولار امريكي ( اثنين ترليون وثلاثمائة وعشر مليار دولار امريكي). صادرات السودان من الذهب للستة اشهر و المنتهية في 31 ديسمبر 2022م ، وحسب افادة جبريل إبراهيم المعلنة ، بلغت 1،900،000،000 دولار امريكي. اى 3،800،000،000 دولار في العام. تعرفوا ، لو سلمتنا أمريكا شركة ابل بسعر اليوم وقالت لنا تسديد قيمة الشركة ذهبا ، فأننا نحتاج الى 607 سنة لتسديد قيمة شركة ابل لها.. اما إذا ما باعتنا مع أبل كل من شركة مايكروسفت وشركة جوجل وامازون و بيركشير هاثاوي وتسلا ونيفيديا وفيزا و اكسون موبيل ويونايتد هيلث فأننا نحتاج الى تسليمهم ذهبا لمدة 2،535 سنة لتسديد قيمة العشر شركات هذه. لكن أمريكا لن تبيعنا شركة أبل مقابل الذهب. فأرباح شركة ابل لعام 2022م ، والظاهرة بقوائمها المالية بلغت 99،800،000،000 دولار امريكي ، أي تسعة وتسعين مليار و ثمانمائة مليون دولار امريكي. و هو ما يعادل صادرتنا من الذهب، حسب افادة جبريل ، لمدة 26 عاما. ويقترب من ضعف صادرات ( ليس الارباح) الكويت من النفط للعام المالي 2021-2022م والتي بلغت 52.69 مليار دولار، حسب بيان وزارة النفط في دولة الكويت.

نعم ، قد تريد بعض من الشركات الامريكية الاستقرار في السودان بغية شراء الصمغ من بلد الإنتاج لاستعماله في صناعة المشروبات الغازية و بعض من الصناعات غير الاستراتيجية الأخرى و لكن ذلك ليس مهما كثيرا لان الصمغ يصل السوق العالمي بطرق شتى و له بدائل مصنعة . بخلاف ذلك لا توجد مصالح اقتصادية لأمريكا في السودان. من يقول هذا الكلام هو اشبه بمن يقول ان لأسامة داؤود مصالح اقتصادية في قريتنا . قرية لا يتعدى متوسط دخل الفرد فيها في السنة الواحدة مبلغ 60 الف جنية و عدد سكانها لا يتعدى 500 شخص وهم من الرعاة و المزارعين. نعم قد تصلهم 100 زجاجة كوكا كولا في العام و 100 باكتة دقيق سيقا بوزن 1 كيلوجرام ، وهذه لا ترقي بان يقول مربي دجاج عندنا ان أسامة داؤود يطمع بالاستلاء على قريتنا و نهب أموالها و ثرواتها.
اذ السؤال ، ما هي مصالح اميركا في السودان ولماذا اعطته هذه الأهمية؟ الإجابة للسؤال تتكون من عدة حقائق ، منها ما هو جيوبولتيكي و ما هو امني و ما هو غير ذلك . أولا : الموقع الجغرافي للسودان. فالسودان له ساحل بطول 780 كيلومتر على البحر الأحمر. البحر الأحمر تمر به ما يعادل 15% من التجارة العالمية السنوية و 80% من نفط الشرق الأوسط . فأمريكا لا تريد فوضي و صومال اخر في السودان وتظهر جماعات مسلحة معادية لخلق الله الاخرين و لأمريكا و تهدد الملاحة في البحر الأحمر كله. يضاف الى هذا ان أمريكا لا تريد ان تري دولة معادية لها حاليا او عدوا مستقبليا له قواعد على الأراضي السودان وتطل على البحر الأحمر. هنا نقصد روسيا و الصين. أمريكا لا تريدهما هنا. الامر الثاني هو امني ويتعلق بعناصر إقليمية. السودان دولة مسلمة و به متطرفون ووجهة للمطلوبين الدوليين منذ زمن نظام الإنقاذ. فأي اضطراب و غياب للدولة في السودان قد يجعل السودان وجهة لهذه الجماعات. فاذا ما اخذنا توفر الثروة الطبيعية مثل الذهب ، فيمكن لهذه الجماعات ان تستغل هذه الثروة و إيذاء أمريكا وحلفائها لان عمل هذه الجماعات لا يتطلب مالا كثيرا. فهم يأكلون ويشربون ويشترون المتفجرات ويتزوجون بآيات من القران الكريم كمهر و ينكحون و الايامي و السبايا و ما ملكت ايمانهم . فأمريكا تريد الاستقرار في السودان و حكومة عاقلة لا تأتي بهذه الجماعات الى السودان لإيذاء أمريكا والغرب ودول الجوار و السودان نفسه ، كما راينا في المتطرف الليبي المسمى بالخليفي و الذى فجر السودانيين في احد مساجدهم بحي الثورة بمدينة ام درمان ، وهم يصلون لله رب العالمين. الامر الثالث يتعلق بأمن إسرائيل ، حليفة أمريكا. فايران ، وطوال فترة حكم الإنقاذ، كانت ترسل أسلحة لحماس محملة على قطع بحرية و عن طريق المهربين و تصل تلك الأسلحة من البحر الى الساحل السوداني الطويل ومن ثم الى البر و تهرب الى سناء في مصر و من هنالك الى حماس في غزة. أمريكا تريد حكومة عاقلة وتوقف هذا المهدد الأمني لحليفتها. التطبيع مع إسرائيل ليس مهما لتلك الدرجة. فالسودان ليس به مال كثير يطمع فيه الإسرائيليون. الامر الرابع هو قفل البوابة الشرقية لأفريقيا و التي يدخل بها الروس الى وسط وجنوب وسط القارة الافريقية. فالروس كونوا لهم ذراع امني يقتل السكان في افريقيا و يدعم أنظمة دكتاتورية و يستولى على الثروات الطبيعية و بالأخص الذهب و الماس و الأحجار الكريمة الأخرى و المعادن الثمينة. فالساحل الافريقي الغربي مقفول امام الروس. من الصحراء الغربية في أقصى الركن الشمالي الغربي و حتى ناميبيا وجنوب افريقيا في الجنوب الغربي. فهذه الدول لا تعادى روسيا وتقيم معها علاقات دبلوماسية و لكن قط لا تسمح لروسيا بالاستثمار او دخول فاقنر، لان فاقنر بكل بساطة تدخل عندما يكون في البلد حرب أهلية. الساحل الشرقي أيضا مقفول من موزمبيق والي مصر. اما الساحل الشمالي فانه مقفول من مصر و حتى المغرب و فشلت روسيا في تنصيب حفتر رئيسا او ملكا او سلطانا في ليبيا . لهذا فان روسيا عينها على السودان. روسيا نهبت السودان نهبا لم يتم لكنوز الانكا وحضارة المايا في أمريكا الشمالية و الجنوبية ، مقابل السلاح و الخدمات الأمنية التي قدمتها للبشير و اعوانه، حتى استمرا البشير الامر و سافر الى روسيا مستجديا بوتن بتسليمه البلد كلها مقابل حمايته من أمريكا. فالبشير عرف كيف يغري الروس. فأمريكا لا تريد حكومة لها صلات مع روسيا بخلاف العلاقات الدبلوماسية العادية و التجارة المعروفة بين الدول. الامر الخامس هو يخص أمريكا والدول الاوربية جميعا. فهذه الدول لا تريد ان تفشل الدولة في السودان و تقع مجازر و اهوال و من ثم تضغط عليها شعوبها من اجل نجدة دولة منكوبة. يدفعون مالهم للأمم المتحدة ويرسلون معونات و خلافه. فافضل لهم دفع ملياري دولار الان عوضا عن دفع عشرين مليار بعد ثلاثة سنوات. فالدول الغربية و أمريكا هم من دفعوا الفاتورة المالية في أنجولا وفى موزمبيق و في ليبيريا و ساحل العاج وسيراليون ورواندا و مجاعات اثيوبيا و مجاعات السودان و الصومال ونجدة اهل البوسنة و الهرسك .. الخ. فالغرب تاجر و يعرف أين ومتى و كيف ينفق ماله. المجموعات اليسارية في هذه الدول لها تأثير كبير في مواقف دولها ويشكلون ضغطا على الحكومات اثناء الكوارث في الدول الفقيرة. الامر السادس هو أيضا يخص أمريكا و الغرب الأوربي. فهذه الدول لها هواجس ديمغرافيا. فعدد سكان الاتحاد الأوربي كله هو 447 مليون فرد وعدد سكان بيرطانيا 67 مليون فرد، والاجمالي 514 مليون فرد منهم حوالي 12 مليون افريقي يعيشون في الاتحاد الأوربي و 2 مليون يعيشون في بيريطانيا. وهذا بخلاف المغاربة والمصريين. يكاد حاولي 95% من هؤلاء الافارقة دخلوا او دخل اسلافهم أوروبا بسبب الحروب والقلاقل في افريقيا. فأي انهيار للدولة في السودان يفتح للافارقة بابا اخرا للهجرة الى اوروبا. فالسودان قد يكون وجهة لعشرات الملايين من الافارقة والذين يأتون اليه بغرض إيجاد فرصة للهجرة غير الشرعية الى اوربا عن طريق ليبيا او غيرها. تزايد عدد الافارقة المهاجرون الى اوربا سوف يترب عليه تغيير ديمغرافي و يفتح بنودا و يخلق مشاكل يدفع ثمنها الاوربيون. البعد العرقي لاوربا يخدم المصالح الامريكية من عدة جوانب حيث تتطلب بعض المعارك استعمال الثقافة والعرق كسلاح ضد الخصوم وأوروبا و أمريكا يريدان ان تبقي أوروبا بيضاء العرق ويسوعية الدين لكي تبقي شريك تجاري وامني وثقافي.

الامر السابع هو أيضا يخص الدول الاوربية و أمريكا. ذاك الامر هو الدين. الدين ، او عدمه ، هو امر مقدس لدى كل من يعتقد به. وكلنا يعرف ان كل قوم بما لديهم فرحون وكل يرى انه على حق و الاخرين في ضلال مبين. هذا الاعتقاد يتساوى في كل البشر ، من يؤمن بالله و من يكفر به و من يعبد مخلوقات أخرى ، احياء تكون او جمادات. الدين او عدمه، اى كان اسمه او طبيعته ، هو امر مكمل لثقافة وهوية كل شعب لذلك لا احد يريد ان يأتيه او يهاجر اليه من هو مختلف عنه دينيا او من يبدل في دين الشعب ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ موسى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ )– صدق الله العظيم – غافر الآية 26. فبالرغم من ان اوربا الغربية بها اكثر الشعوب احتراما و تقبلا لاعتقادات الاخرين، الا اننا يجب ان لا ننسي انهم ما زالوا يسوعيين بالرغم من ان الكثير منهم ملحد ولا يذهب الى الكنائس لأداء الصلاة او القداس. الدين اليسوعي هو احد مكونات الثقافة الغربية و بلا جدال. والانسان الغربي يعتقد ، ومعه كثير من غير الغربيين ، انهم الأكثر تفوقا و تقدما وعلما و غنى من بقية الشعوب الأخرى و لذلك فان الثقافة التي انتجت هذا التفوق ، بما فيها الدين ، هي أيضا ثقافة متفوقة و يجب ان تبقي و لا تستبدل باي ثقافة هي ادني و اقل جودة. لهذا الامر ، وبسبب الدعاية المكثفة المضادة للمهاجرين من قبل الشعبويين و التيارات المتطرفة عرقيا و دينيا ، فان الدول الغربية تخاف من المهاجرين و بالذات المسلمين. عدد سكان افريقيا، جنوب الصحراء هم في حدود 1.20 مليار نسمة وحوالى 30% نمنهم مسلمين ، اى 360 مليون نسمة. فعليا اى هجرة الى اوربا من هذه المنطقة يكون منها 30% من المسلمين ، اى ثلاثة من كل عشر مهاجر من افريقيا جنوب الصحراء. فاذا اضفنا هذه النسبة الى اعداد المهاجرين من الساحل الافريقي الشمالي ، مثل الجزائر و المغرب و تونس وغيرها ، فانا نجد ان الهجرات الافريقية الى أوروبا تشكل عاملا في تغيير دين بعض من المواطنين و بالأخص الجيل الثاني من المهاجرين. لذلك نجد حرص الدول الغربية و معها الولايات المتحدة الامريكية حريصة على عدم انهيار الدولة في السودان لان ذلك يجل من ارضه ارض لتجمع وانطلاق المهاجرون الافارقة الى أوروبا.

الامر الثامن هو التعاون الأمني فيما يتعلق بالجماعات الإسلامية المتطرفة . فالسودان له تاريخ طويل مع الجماعات الجهادية و المقاتلة منذ الثمانينات. فانا رايت المجاهد الأفغاني عبد الرسول سياف في ساحة النشاط في جامعة الخرطوم عام 1982م ، لا اعرف من اتى به ولكن اظن ان الدعوة قدمتها له جماعات الترابي عندما توهمت و من ثم سرقت شعار الشيوعيين الذى يدعو الى دعم حركات التحرر الوطني. من بعد انقلاب الإنقاذ في عام 1989م ، اصبح السودان دار اسلام يدخلها كل جهادى او تكفيري او تفجيري وبدعم من الحكومة و تنسيق مع الكيزان وجهاز امنهم . فلا يوجد جهادي مطلوب على مستوى العالم، والا مر يوما ما بالأرض المستباحة و التي تسمي بالسودان. لهذا الامر وموقع السودان وعلاقات جهاز امن الكيزان مع هذه الجماعات ومعرفتها بهم و تحويل المعلومات الأمنية الى سلعة يبيعها النظام ويقايضها بتخفيف للضغوط الامريكية عليه. لهذا المعلومات و استدامة تدفق المعلومات الأمنية، فالولايات المتحدة تريد ان تبقي الدولة السودانية و ان لا تنزلق الى الفوضى و ينقطع التعاون الأمني ، ذو الاتجاه الواحد ، ويهدد امن أمريكا او امن حلفائها.

الامر التاسع هو الاستقرار الأمني في دولتي اثيوبيا و شرق القارة . فأثيوبيا ذات ال 115 مليون من البشر واحد مهاد الدين المسيحي في العالم، يعتبر استقرارها مهما جدا لدولة الولايات المتحدة و الدول الغربية. فأي انعدام للأمن وانفراط عقد الدولة في السودان يؤثر سلبا على اثيوبيا وذلك بدوره يؤثر على استقرار شرق القارة برمته والمصالح الأمنية والملاحة التجارية والعسكرية للدول لأمريكا و الدول الاوربية و يفتح بندا للمساعدات المالية و الأمنية و حتى العسكرية على الدول الغربية سده.
الامر العاشر هو الاستقرار الأمني في دولة جنوب السودان. فجنوب السودان الذى تعرض لحروب إبادة لمدة تناهز الخمسون عاما وظلم ظلما لا يساويه الا ظلم الافارقة الذين نقلوا و استعبدوا في الأميركتين وجزرهما هباه الله بوطنية و ايمان بوحدة السودان اكثر من اى مجموعة جهوية او ثقافية فيه وذلك بدليل انهم دفعوا للانفصال دفعا وراحوا ضحية لفاشية وجهل وقصر نظر وفقر معرفي لمجموعة من الافراد من مثل على عثمان و الترابي و البشير ونافع وعلى الحاج و غيرهم ، فلعب بهم الغرب كالأطفال ووعدهم برافع العقوبات عنهم ومصالحتهم وترك الشمال لهم لحكمه ، كما يريدون و الى نزول المسيح عيسي بن مريم ، ان سمح هؤلاء ووافقوا على اجراء استفتاء لفصل الجنوب او بقاءه ضمن الدولة الموحدة . مجموعة النكبة وافقت على طلب الغرب، ومن وراءه إسرائيل وتجمع الكنائس الكاثوليكية و بدعم من الكنائس البروتستانتية و شيخها بيلي جراهام. فمجموعة النكبة ، والتي ما يجمعها هو توهمها بان جذورها هي جذور شريفة لا تنتمي لأرض السودان و ان لها مشروع حضاري تقدمه للعالم ، والتي تعيش ذهنيا بين عصر السبي البابلي وصلب يشوع ابن يوسف النجار في عام 1 ميلادية ، توهمت بانها سوف تقيم دولة اسلام في السودان تبهر بها العالم ، تترك الدولة السودانية للدبابين لحكمها ، وتتفرغ هذه الشرذمة لحكم العالم الإسلامي ومن ثم فتح الدولة الأخرى و ادخال الناس كافة في الإسلام.. هذا الكلام ليس من عندي و لكن يوجد تسجيل للترابي يجيب فيه عن هذا السؤال و قال ما نصه ان السودان تركوه للعيال الصغار و هم يعملون على المشروع الأهم. الغرب أكمل مشروعه في انتزاح الاعتراف بحق الجنوب في اجراء الاستفتاء وتآمرت قوى إقليمية ووأدت اى حلم في الوحدة عن طريق تغييب القائد جون قرنق ديمابيور بقتله في حاث مريب. من بعد الاستفتاء واتمام الانفصال رجع الغرب وشدد عقوباته وعزلته للشلة الواهمة وانشق التنظيم الفاشي وانقلبت الدول العربية لمحاربة تنظيم الاخوان الحاكم اتقاء لشره ودحره في السودان حتى لا ينتقل اليها ذاك المشروع المضحك. الدول الغربية و شيختها أمريكا اكيد اعتبرت فصل الجنوب هو الخطوم الاولي فقط و عليها العمل مع الجنوب لفترة قد تصل الى خمسين عاما حتى يقف على رجليه. فأمريكا تتدخل في كل كبيرة وصغيرة في جنوب السودان بغرض استقراره و لحاقه بإقليمه الافريقي ودوله مثل اوغندا و كينيا وتنزانيا و موزمبيق ورواندا و بوروندي و غيرها. فالغرب له مصالح امنية ومستمر في محاربة الصين وروسيا في افريقيا وله التزام داخلي مع شعوبه تجاه افريقيا ، غير العربية ، فمرة باسم انها دول استعمار سابق ومرة باسم الدين المسيحي و مرة تجاه الافارقة السود ، كما تفعل أمريكا. لهذه الأسباب تري الدول الغربية ان استقرار السودان مهم لاستقرار جنوب السودان ولذلك تتدخل في الشأن السوداني.

في احد هذرات المتمرد من اجل السلطة ، اركو مناوي ، قال انهم في جوبا وقعوا اتفاقا تم الإعلان عنه و ان هنالك اتفاقا ( تحت التربيزة). ما تحت التربيزة قد يشمل بندا بنسيان جرائم نظام الإنقاذ في دار فور لان المحاكمات الفعلية قد تطال كل الموقعين على اتفاق جوبا و كذلك قادة جيش القيادة العامة. لكن خلق الله المساكين لا يعلموا ان اتفاقهم الذى تحت التربيزة لن ينفع لشطب أي جريمة دولية وجرائم نظام البشير هي من افدح الجرائم الدولية . لتوضيح هذا الامر علينا بقص واحدة من القصص عليهم لعلهم يفقهون. في عام 1982 م قام احد المتفلتين في دولة تشاد المجاورة و اسمه حسين حبري ، بقلب نظام الحكم الذى كان يشغل منصب رئيس وزراءه. حسين حبري قلب الرئيس جوكني عويدي. حسين هبري ارتكب فظائع ضد الشعب التشادي ، منها 40 الف قتيل. حكم حسين حبري دام حتى 1990م عندما غدر به وزير دفاعة ادريس دبي و اطاح به. خم حسين حبري ملايين الدولارات من خزينة الدولة و فر الى الكمرون فى نفس العام. من بعد ذلك فر حسين حبري الى السنغال وعاش هنالك. الم[تمع الدولي لم يتركه حبري في حالة. فتحت بلاغات في حسين حبري وفق قانون محكمة الجنايات الدولية وتم القبض عليه في عام 2015م واقتيد عنوة للمحكمة و حوكم في السنغال. فخامة الرئيس حسين هبري اتهم ووجد مذنبا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم اغتصاب وخطف وإعدام وتعذيب وحكم عليه بالسجن مدى الحياة ابتداءا من 30 يونيو 2016م. اقتيد حسين حبري الى السجن و بقي هنالك حتى توفي في 24 أغسطس 2021م. اكيد حسين حبري لم يظن ان دائرة السوء تدور عليه في 30 يونيو 2016م ، من بعد 26 عاما من طرده من السلطة . الان اتفاق ناس جوبا ، ما عليهم الا بل الجزء من اتفاقهم الذى تحت التربيزة و شرب ماءه. فلا هم ولا حميدتى ولا عساكر القيادة العامة و لا الكيزان يمكنهم حماية البشير من مصير حسين حبري. فأما محاكمته في الخرطوم او شحنه الى لاهاي ليحاكم هنالك. لذلك فان المجتمع الدولي و من ضمنه أمريكا و دول الاتحاد الأوروبي تريد حكومة في الخرطوم تتعاون معها في هذا الامر ولا ننسي احمد هرون و عبدالرحيم محمد حسين و سوف يلحقهم كثير من المجرمين، وعلى كوشيب يعلمهم جميعا.

الامر الأخير، الذي نسيه أصحاب الاتفاق تحت التربيزة و هو امر النازحين و المهجرين في دارفور. فما نعرفه ان المجتمع الدولي و من وراءه اوربا و أمريكا يريدان حل هذا الاشكال بإرجاع المهجرين و النازحين الى قراهم، ليس من ناحية إنسانية و حسب و انما لإيجاد ذريعة للادعاء بانتهاء الحرب في السودان و استقراره ولافع الحرج منهم عندما يرفضون منح السودانيين حق اللجوء السياسي او إعادة توطينهم في بلادهم. إعادة النازحين و المهجرين الى قراهم يتطلب وجود حكومة في الخرطوم مستقرة و متعاونة.

هذ النقاط الاثني العشر هي عصب المصالح الامريكية في السودان ، وكما راينا ، فأنها مخاوف ليست ذات ابعاد اقتصادية بحتة ، وان كان جزء منها متعلق بالضغوط الداخلية لشعوب تلك الدول بسبب ديني او تاريخي .

الحلقة القادمة، ماذا تريد منا بيرطانيا و الاتحاد الأوروبي؟

/////////////////////////////

 

آراء