ما سلككم في الحرب؟

 


 

 

معطيات:
واجه كل سوداني وسودانية تقريبا خارج الوطن،وابلاً من الاسئلة مضرّجة بالدهشة! خاصة في دول الخليج : كيف يتقاتل السودانيون وأنتم مشهود لكم بالطيبة والتسامح ؟ أنتم أهل عقل وحكمة كيف تتقاتلون ؟ أنتم أهل دين كيف بدأتم القتال في العشر الأواخر من رمضان؟ وغيرها من الاسئلة التي ماعليك إلا أن تتوارى خجلاً وأسفاً على ما حاق بنا.. كما أنك لا تسطيع تقديم إجابات شافية كافية تزيل عتمة الحيرة لدى البعض...
نسفت الحرب التي تفجرت في الخرطوم وأرجاءٍ أخرى من الوطن - نسفت الصورة الذهنية الزاهية عن الزول التي إرتسمت في أذهان الأجانب عنا أو رسمانها بعفوية أو ربما بتكلف ...عُرف عن الزول السوداني بأنه مثقف ينتهز أي سانحة لاظهار مهاراته الثقافية أمام الآخرين،بيد أنه فشل في توظيف هذه الثقافه وما أكتسبه من معارف توظيفاً مثالياً من أجل خلق مجتمع نهضوي متطور مواكب لابجديات الحضارة الإنسانية الحديثة،ففي الوقت الذي فشل فيه في ذلك ، يتشدق بعنجهية مزمجرة في نسب تقدم الدول الأخرى إلى نفسه (نحنا بنينا الخليج،معلم الشعوب).
يصف الأجانب الزول السوداني بأنه متسامح وسريع الصفح والعفو ،غير أن هذه الحرب وقبلها المظاهرات الثورية أظهرت خلاف ذلك تماماً، وإتضح بأنه ليس بقادر على الفعل، بل القول فحسب... ويظن بعض السودانيين بأن التفاوض والحوار وإعمال العقل لوقف الحرب ضعف وخيانة وإرتزاق ،بل جاهر بعضهم بضرورة إستمرار الحرب حتى سحق آخر جندي للخصم...
عرف الزول في العالمين بتدينه وأمانته ،وكثيراً ما يقدمونه لإمامة الصلوات تيمنا بصلاحه وطُهره ،ولكن بينت الحرب التي فجرها في العشر الاواخر من رمضان والناس مقبلين على فرحتين بأنه غير ذلك ،وكشفت عن غطاء تدينه الزائف،وما كان تدينهم إلا مكاءً وتصدية وشكل بارع من أشكال تقمص الورع الخادع وإحترافية عالية مكتسبة في إنتحال الطُهر الروحي.... سرعان مابدده التهليل لسفك الدماء،والتلذذ بمناظر التمثيل بجثث القتلى والتشفي...فضلاً عن طوفان الكراهية الذي جرف ترانيم محبة الرسول(ص) وعبارات الإخاء الإسلامي التي ما كانت خالصة ولاصادقة ولكن شُبه لهم ...
فكل هذه المعطيات مؤشر حقيقي لشيئين إثنين،أولهما أن الشخصية السودانية كانت على عهدها عبارة عن تراكيب نفسية متنازعة ليست لها لا ثوابت روحية ولا وطنية بل تخوض مع الخائضين حسب مقتضيات الضرورة واللحظة شخصية حربائية،اي ليست لها غايات بل وسائل للبقاء...وما تقلب البعض بين الانتماءات السياسية والدينية ، إلا دليل على إنعدام التوازن النفسي وتوهان إدراكي عاجز عن تلمس الذات والاحساس بها،مما يدفعه إلى الاحتكاك بالاخر لتأكيد وجوده ...ثانيهما أن هذه الحرب أحدثت هزة عنيفة في مركز الوعي و بؤرة التركيبة النفسية للزول،ومما لا شك فيه،إنها ستعيد ترتيبها فيصير زولاً واقعيا يجسد الصورة النمطية في اذهان الغير تجسيدا حقيقيا يستفيد منه الوطن قبل الغير،زول سوداني مؤمن بسودانيته ووطنه،متلاحم مع أخيه في الوطن من أجل بناءه ورفعته ورفاهيته وفق منطلقات دولة المواطنة.

msharafadin@hotmail.com

 

آراء