متى تتهيأ الظروف لعلاقة سليمة بين السودان وجنوب السودان؟

 


 

 

 

الجمعة، 21 يوليه 2017

نظمت كلية الآداب بجامعة الخرطوم منتدى حول «السودان وجنوب السودان: آفاق المستقبل»، تحدث فيه الدكتور منصور خالد، والبروفسور الطيب زين العابدين، والدكتور الدرديرى محمد أحمد، والدكتور لوال دينق - السياسي الجنوبي، وآخر وزير نفط فى السودان الواحد، وتحدث نيابة عن وزير الخارجية، السفير بخاري غانم -مدير إدارة دول الجوار بوزارة الخارجية.

أطروحات جميع المتحدثين انطلقت من أن التعاون بين الدولتين والعلاقات الحميمة أمر متوقع ومطلوب وله جذوره في العلاقات التاريخية الممتدة والمشروعات والرؤى المشتركة، رغم وجود عقبات وصعوبات عالجها كل منهم من الزاوية التي يراها.
وحقيقه الأمر أن هذه القضية ظلت مطروحة منذ أن اتضح اتجاه الجنوب للتصويت لصالح الاستقلال عند الاستفتاء، وكان المأمول أيضاً أن تستقيم العلاقة بعد استقلال الجنوب، خاصة وأن الانفصال تم بطريقة سلسة، ولم تصحبه أية انفعالات أو مرارات تقود إلى علاقة مستقبلية سيئة، وكان المأمول أن يشق الطرفان طريقاً يفضي للتعاون والتنسيق ويرسي العلاقة على أساس من التكامل والرؤى المشتركة والمنافع المتبادلة، نتيجة للعلاقة التاريخية الممتدة لأكثر من قرن من الزمان.

لكن الواقع أطاح بتلك الآمال فاتسمت العلاقة منذ أيام الانفصال الأولى بالتوتر، الذي استحال في مرحلة لاحقة إلى مواجهات مسلحة في هجيليج، انعكست سلباً على مجمل العلاقات.

الواقع يقول إن العلاقة الملتبسة بين طرفي اتفاقية السلام - المؤتمر الوطني والحركة الشعبية - خلال الفترة الانتقالية كانت علاقة سيئة مبنية على انعدام الثقة المتبادل، وعلى العداء المستتر الذي كان لا بد أن يخرج للعلن لاحقاً،

وعلى الرغم من الصفات الإيجابية التي أضفاها الدكتور منصور خالد على اتفاقية السلام وسعيها لتوطيد السلام والتحول الديمقراطي، فإن ذلك لا ينفي التناقض الأساسي الكامن في محاولة الاعتماد على منظمتين سلطويتين تؤمنان بالحكم الاستبدادي - الاعتماد عليهما لإحدث تحول ديمقراطي كان افتراضاً ليس له ما يبرره - فلا المؤتمر الوطني ولا الحركة الشعبية يؤمن بالديمقراطية ويسعى لها،

ولهذا السبب كان حكمهما في الفترة الانتقالية لا يعترف بمشاركة القوى الأخرى، وينطوي على احتكار السلطة، وكانت الحركة الشعبية مستعدة لأن تغض الطرف عن انفراد المؤتمر الوطني بحكم الشمال، دون أن تهتم بأمر التحول الديمقراطي الذي نصت عليه الاتفاقية، مقابل أن تمارس الحركة السلطة المطلقة في الجنوب دون أن تسعى لتوسيع دائرة المشاركة،

وهكذا كرست الفترة الانتقالية لترسيخ جذور «المرض السوداني» المتمثل في النظام السلطوي الرافض لأية مشاركة، رغم خطورة ردود الفعل المتوقعة، والمتمثله في التمرد المسلح في الشمال والجنوب،

ولذا لم يكن مستغرباً أن تسود في كلا الدولتين ثقافة العنف واستمرار الحروب والمواجهات المسلحة بين مكونات المجتمع الجنوبي أو بين الخرطوم والمناطق الطرفية في الولايتين -النيل الأزرق وجنوب كردفان - وفى دارفور – أيضاً –

ليس مستغرباً أن ينفجر الموقف بين الدولتين بلا مبررات ويتراجع مشروع التعايش السلمي وتنفيذ الاتفاقيات التسع الموقعة بينهما، استجابة لضغوط المجتمع الإقليمي والدولي.


صحيح أن التعايش السلمي والتعاون الثنائي يصب في مصلحة الدولتين والشعبين،

ولكنه ليس من أولويات الحكام هنا أو هناك،

ولذلك ستستمر الأوضاع مأزومة

إلى أن يحدث تغيير إيجابي في كلا البلدين !

 

آراء