محمد أحمد علي (الفشاشوية) لله في خلقه شئون

 


 

 

حكمت محكمة أمريكية على الملياردير الشهير بيرني مادوف بالسجن مائة وخمسين عاماً و ذلك خلفية تهم فساد وغش وغسيل أموال أضرت بالمواطنين والإقتصاد الأمريكي ، لحظة النطق بالحكم كان مادوف يبلغ من العمر 77 عاماً ، فحاول محاميه الطعن في الحكم بحجة أنه لا يتناسق مع عمره وطلب من المحكمة تخفيف الحكم وإقتصاره على المدة الزمنية وفق ما تبقى له من عمر ، وهو هنا يتحدث عن معقولية العقوبة التي يُمكن تنفيذها ، وهذه مدة يحددها الأطباء وهي على أكثر التقديرات تفاؤلاً لا تزيد عن خمسة أو ستة أعوام ، ولكن المحكمة رفضت ذلك الإستئناف لأن القضية قيد الحكم قد أضرت بالمواطنيين وتسببب في ضياع مدخراتهم ، وبررت المحكمة رفضها أنه توجد بالسجن رعاية صحية مناسبة ولن يكون العمر المتقدم أو المرض هو وسيلة للإفلات من العقاب ، فكل مجرم يستطيع جلب شهادة طبية مزورة من طبيب مرتشي ويستطيع أن يفلت من العقاب عندها سوف تضيع العدالة وتصبح ورقة يملكها الأطباء ..
أحمد الفشاشوية فمن الذي لا يعرفه ، فهو ملك حفلات التعذيب في فترة التسعينات ، وهو الذي إبتدع طريقة التعذيب المشهورة في ذلك الزمن (الطيارة قامت ) وهي طريقة تعتمد على ربط السجين في مروحة السقف وتشغيلها وجعلها تدور بسرعة ، و الفشاشوية هو الذي أستخدم الإغتصاب وحرق الأعضاء التناسلية للمعارضين لنظام البشير ، فالرجل كان شيطاناً رجيماً يمشي على رجلين . وقبل سقوط البشير أحرق كل المستندات التي تدين هذا النظام.
وبيت القصيد أنه قبل يومين إستطاع طبيب نفسي تشخيص حالة الفشاشوية العضوية وكتب تقرير طبي للمحكمة مكّن الفشاشوية من الخروج من السجن والإفلات من العقاب ، ذُكر في التقرير أن الفشاشوية يعاني من تشتت الذاكرة القريبة والبعيدة المدي وبأنه يعاني من مرض الزهايمر ، وتمت الإشارة أن السجن والعزلة قد تسببتا في إصابته بالأرق وعدم النوم مع الكوابيس المزعجة التي تطرق بابه كلما حاول الخلود إلى النوم . وأوصى الطبيب أن بقاء الفشاشوية (بأنجاله ) هو العلاج المناسب ، وبالفعل أوصت المحكمة بعدم مثول الفشاشوية للمحكمة وفق التقرير الطبي ، وخرج الفشاشوية من سجن كوبر وهو جالساً على كرسي مدولب ولكنه عندما بلغ باب العربة التي كانت تنتظره مشى على رجليه وهاتف أسرته بأنه في الطريق إلى المنزل . عادت له الذاكرة القصيرة والبعيدة المدى وعانق اللواء أنس عمر الذي كان ينتظره أمام بوابة السجن وذرف الإثنان دموع الفرحة والخروج من المحنة بأقل الخسائر ..
لذلك أقول أن عهد المحامين قد إنتهى ، فيمكن شراء الحرية من الطبيب النفسي الذي يعد لك التقرير المناسب ، والمرض المتداول الآن هو فقدان الذاكرة والزهايمر ، فالقليل منهما يجعل القاضي يطوي ملف القضية ، لكنهم يشترون حرية مكذوبة وهم على أعتاب المنايا ، وسوف تلاحقهم لعنات الضحايا في كل واد يهيمون فيه. والقصة لم تنتهي بعد لأن الطبيب النفسي يعكف الآن على ملف اللواء الخنجر ولكن التشخيص لحالته هو عدم الإدراك وبأن حالته العقلية لا تسمح بمحاكمته ، وبذلك يكون (الخرف ) وإن كان على الورق قد أصاب كل خلية منفذي إنقلاب يونيو 89.

 

آراء