محمد ابراهيم نقد (2) في الليلة الظلماء يفتقد البدر

 


 

د. زهير السراج
26 September, 2023

 

مناظير الثلاثاء 26/9/ 2023

manazzeer@yahoo.com

تخليدا لذكرى المناضل الجسور والسكرتير السياسي السابق الأستاذ (محمد ابراهيم نقد)، أعيد نشر هذه الحلقات التي نشرت بالتزامن مع انعقاد المؤتمر العام الخامس للحزب في سبتمبر، 2009

لماذا صمد الحزب الشيوعي؟!
كتب في 25 /9 / 2009

اختتمت حديثي أمس بالقول ان الفهم العميق والمتحرر للاستاذ (محمد ابراهيم نقد) للفكر الماركسي والاشتراكية، أسهم بشكل كبير في بقاء الحزب الشيوعي السوداني ككيان فكري سياسي وجماهيري، في الساحة الفكرية والسياسية بعد انهيار التجربة السوفيتية في الوقت الذي تهاوت فيه الكثير من الأحزاب الاشتراكية والشيوعية في العالم.

* في مجتمع متدين مثل السودان يرفض الفكر الإلحادي الذي راج عن الماركسية، بالاضافة الى الظروف الصعبة التي مر بها الحزب، وتجاربه المريرة مع الأنظمة الشمولية، والصراعات الداخلية، كان الحزب الشيوعي السوداني أول الأحزاب الشيوعية المرشحة في المنطقة العربية والإسلامية للسقوط والإنهيار والموت بعد سقوط التجربة السوفيتية، ولكن استطاع الاستاذ (نقد) الذي تولى مسؤولية قيادة الحزب عام 1971في ظروف عصيبة جداً، فقد فيها الحزب معظم كوادره القيادية والوسيطة، بفهمه العميق والصحيح للاشتراكية والماركسية وللتجربة السوفيتية باعتبارها إحدى التجارب الإشتراكية التي تستحق الاحترام والدراسة والنقد، وليست النموذج الذي تتمحور حوله النظرية الاشتراكية أو مركز الإشعاع الذي يضئ الدروب للتجارب التالية حسب حديث (نُقد) المتكرر في كتاباته وأقواله، إستطاع أن يحمي الحزب الشيوعي السوداني من الانهيار ويبقيه شعلة ماركسية مضيئة ومتجددة في الساحة التي انطفأت فيها شموع كثيرة، ولم يبق منها حتى الرماد!

* وقد ثابر (نقد) في تقديم الأفكار الوضيئة، ووقف سداً منيعاً، بفكره وحصافته، وسعه أفقه وصدره، وليس بالتعصب والغلظة والاستئثار بالرأي، أمام الأفكار الثائرة التي أرادت ان تطيح بماركسية الحزب، وتحوله إلى تنظيم سياسي خاوي الفكر والمنهج، ولو نجحت تلك الأفكار الثائرة في مسعاها، لما بقي الحزب الشيوعي قائماً وصامداً حتى هذه اللحظة، مهما كانت المناهج والمسميات التي كان سيرتكز عليها، والدليل على ذلك.. ان معظم الأحزاب الاشتراكية في العالم التي تجردت من الماركسية زالت من الوجود!

* بل حتى الأحزاب غير الاشتراكية في السودان، التي لديها ثقل جماهيري كبير، وقيادات ذات وزن ديني وطائفي لا يستهان به، كادت تتلاشى بسبب الظروف التي مرت بها البلاد، ولولا وجود هذه القيادات على رأسها (وليس العكس كما يعتقد البعض)، لانهارت وماتت، لعدم وجود المنهج الفكري الواضح، بينما ظل الحزب الشيوعي السوداني صامداً، بل انه يعقد الآن مؤتمره الخامس، بفضل المنهج الذي يقوم عليه، والفهم الصحيح لهذا المنهج، وعمليات التحرير المستمرة له من الشوائب والعوائق والجمود، بما يتناسب مع ظروف الحزب، والبيئة التي ينمو فيها .. وكان للأستاذ (نُقد) دور كبير في ذلك، بل فعل ذلك حتى وهو في سنوات (الاختفاء) الذي قيد حركته بشكل كبير، ومنعه من (التواصل) مع معظم قيادات وكوادر الحزب، وهو ما يدل على عبقرية (نقد) ومثابرته وصموده.

* وعلى ذكر (الاختفاء)، فهو محطة سياسية (مضيئة) في تاريخ (نقد) السياسي يجب أن تجد حظها من الحديث، وسأتناولها في مقالي القادم بإذن الله.
انتظروني ...

 

 

آراء