محمد بشير احمد عبد العزيز الصاوي الاستناري الملهم والعقل الناقد والمثقف الفاعل
شريف يس
2 October, 2022
2 October, 2022
لهذا الصمت صليل غيابك
محال ان تموت وانت حي وكيف يموت ميلاد وجيل
(الا ان هذا الموت قد اضر بالدنيا ففضحها)
ينتابني احساس وشعور فاجع بالألم والحزن لهذا الغياب والفراغ الذي لن يملؤة احد، وانا أسطر هذة الكلمات في الذكري الأولي لتأبين استاذي وأخي وصديقي الأكبر محمد بشير احمد عبد العزيز الصاوي،والذي كنت قريبا منه وتعلمت الكثبر، تربطني به صلات انسانيه ووجدانيه وشيجه واهتمامات بشئون الفكر والثقافه والسياسه لما يقارب الثلاثون عاما، ويعد محمد بشير الصاوي واحدا من أبرز المفكرين السودانيين الذين اثروا حياتنا باسهاماته العقلانيه المتعددة واستشراف الأفاق والفضاءات البعيدة التي تحتفي بالفلسفه والفكر والمعرفه والأبداع، والصاوي صاحب افكار عميقه ورؤي متجددة تلامس الحقائق والاشكاليات علي ارض الواقع وتتميز بالجديه والرصانه والقدرة علي قراءة المستقبل، وتوليد وتخصيب المفاهيم والافكارالمبتكرة والمثيرة للجدل والعصف الذهني لتبديد الكسل واللامبالاة، والقادره علي اثارة المناقشات التي تتسم بالحيويه والجرأة والبعد والافتراض النظري والتحليلي الذي يغوص في جوهر الظاهرة ومسبباتها ،وبالاستفادة من الطفرة المنهجيه والمعرفيه والدعوة الي الاستنارة والحداثه والعلمانيه ومكانه الديمقراطيه المحوريه في مشروع البناء الوطني وأهميه ترسيخها علي قاعدة العقلانيه والدوله المدنيه الديمقراطيه، في مواجهه الاستبداد السياسي والديني والغاء الحريات،وتحريرالعقل من الجمود والانغلاق والجهل والتخلف وموروثاته والتصورات اللاتاريخيه البعيدة عن روح العصر وافكارة وقيمه، لمجتمع متحرر من تديين السياسه وتسييس الدين ،غايته فرد مستقل قادر علي التفكير الحر وحقوق المواطنه الاقتصاديه والثقافيه والمدنيه والتعليميه واحترام الرأي الاخر، ورفضه للاعقلانيه علي المستوي السياسي والاقتصادي والمجتمعي، وفي مجالات التعليم والثقافه والحياة المدنيه، واعادة الاعتبار للثقاقه النقديه في خطل الايديولوجيه اللاعقلانيه والانعتاق من الايدلوجيات الشموليه واشاعه العقلانيه المنتجه للمعارف العلميه والفلسفيه والفكريه وتطبيقاتها التحديثيه، وانشغاله بالبحث الي جذور الاشياء وأسسها العميقه في المعضله، ومحاوله تفكيكها باستخدام المنهج العلمي الجدلي، لاضاءة الحاضر عبر عمليه معقدة تستدعي تراكمات تستغرق وقتا طويلا حتي يتم التحرر من الماضي واثارة واوجاعه السالبه،واستيقاظ الوعي من هيمنه العقليه التراثيه والقديم والسائد والمكرور واليقينيات وعلاقه التنوير بالعقل باعتبارة المقدمه للتحرير السياسي.
وقدرته علي انتاج المحاكمات الواعيه لمختلف الممارسات المعرفيه والظاهرات وتعليلها والحقيقه دائما نسبيه لان الواقع متغير، الصاوي يعذوا فشل مشروع الديمقراطيه في السودان للهشاشه والضعف والضمور وتراجع قوة الدفع التحديثي للقوي الحديثه التي كانت تشكل حاضنه ورافعه للاحزاب السياسيه والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، التي بدأت ارهاصاتها مع جمعيه الاتحاد السوداني وثورة 1924، ثم جمعيه ابوروف للقراءة والنهضه الثقافيه في منتصف الثلاثينيات ومبادرات واضاءات بابكر بدري ومعاويه نور ومجله الفجر والنهضه ودورهم في الاستنارة والتجديد، وتأسيس مؤتمر الخريجيين والأحزاب السياسيه ،وازدهار الآداب والفنون والعلوم العصريه والحديثه، الميلاد الحقيقي لتيارات الاستنارة، والتي وفرت شروط البنيات التحتيه للديمقراطيه الي نهايات السبعينيات، حتي بدأت في التراجع والضعف وانحسار مصادرها الاساسيه علي مستوي الوعي والثقافه والابداع، لعدم توفر الشروط الموضوعيه للاستنارة والعقلانيه قياسا بالتجربه الأوربيه، في ظل التراجع الديمقراطي واستطاله الانظمه الشموليه وتمدد التدين السياسي بتخريب التعليم في عهد الانقاذ الذي تحول فيه الي تعليم سطحي وتعبوي ودعائي شكل رصيدا للاسلاميين والقوي الظلاميه، وتجريف فعاليه وحيويه القوي السياسيه والاجتماعيه و ذوبان الطبقه الوسطي والهجرة من الريف للمدن ومن المدن الي الخارج في ظل الاستنزاف البشري ،وتصاعد الأزمه الاقتصاديه وضغوطات الحياة اليوميه والحرب الأهليه،وهذا يطرح البحث في تفكيك هذة المعضله عبر التنوير والتعليم ودور المجتمع المدني وارساء لبنات قويه وراسخه للبنيه التحتيه للديمقراطيه كثقافه عامه وممارسه وسلوك،والانفتاح والتفاعل مع العالم والثقافه الغربيه والتكيف معها،والاستفادة من المناخ الدولي المواتي للديمقراطيه والحريات وحقوق الانسان، حيث ان التركيز علي الديمقراطيه الاجتماعيه ساهم في تعطيل نمو الوعي الديمقراطي،وهشاشه قواعد النهضه والاستنارة في السودان واعاقه استمرار النظام الديمفراطي واخفاقاته ،وانتشار التقليديه ذات التأويلات الدينيه، والصاوي يعتبر الديمقراطيه كنظام سياسي ذات علاقه بعصر النهضه والتنوير في اوربا خلال القرنين السادس والسابع عشر، الثورة الصناعيه وفكر وفلسفه عصر الانوار، والاصلاح الديني ونقد العقل، والانفتاح الذهني والشعوري وارتياد العلوم الطبيعيه والانسانيه،والتخلص مخلفات العصور الوسطي، حتي تراكمت الديمقراطيه عبر تراكم تاريخي ومخاض طويل بصفاتها وخصائصها حتي اوخر القرن التاسع عشر، لعل انجذاب الصاوي للبعث مرتبط بنشأة البعث في مناخ حركه التنوير والنهضه العربيه خلال الاربعينيات، مجسدا أبرز ملامحها في الديمقراطيه والعلمانيه والحداثه والاستنارة والعداله الاجتماعيه، حيث جسد البعث في تلك المرحله عقليه الانفتاح والحيويه الفكريه لعصر النهضه العربيه، في القرن التاسع عشرممتدا من المسرح حتي الاصلاح الديني، حيث ضم البعث قبل مرحله السلطه، المثقفين والمفكرين والعلماء والأدباء والتشكليين وكان مركز جذب حيوي وفعال البعث بدأ حزبا ديمقراطيا ،حيث جسد دستور البعث في 1947 الرصيد لاستناري الذي يؤكد فيه انه حزب ديمقراطي برلماني يسعي الي اقامه نظام برلماني السيادة فيه للشعب ،والسلطه تداول بين الاحزاب والدستور لم يمسه تعديل حتي الان، وعبر عن ذلك خلال الممارسه البرلمانيه في سوريا والأردن في الخمسينيات ولاحقا في لبنان واليمن في فترات مختلفه، هذة الخلفيه قادت الصاوي الي نقد التجربه البعثيه نظاما وحزبا سودانيا وعراقيا وعربيا حيث لم يعد البعث حزبا لأرهاصات وتجليات عصر النهضه علي يد مؤسسه ميشيل عفلق بعد التراجع وانحسار التطور الفكري للبعث وموقعه في مرحله الستينيات.
عبر ثقافه الحوار وارساء تقاليد ديمقراطيه، باعتبار الحريه شرط مهم لتمو الحزب وحيويته الفكريه واستعادة مكانته وسط المثقفين، والخروج من دائرة الجمود والشلل واستسهال الفكر السائد والمألوف، لان تجربه البعث في السودان ذات خصوصيه متميزة في بلد عربي افريقي،وضرورة اختبار التجربه البعثيه المشرقيه بمفردات الواقع السوداني ،واعادة انتاجها من خلال تغطيه الجوانب المفقودة وتوطين وتبيئه الفكر القومي سودانيا، والاستيعاب الخلاق والواعي للفكر البعثي علي الواقع السوداني،من خلال اعادة بعد الانتماء العربي الثقافي في الكيان السوداني علي الصعيد النظري والتطبيقي،في اطار مصطلح العروبه السودانيه بين العموميه العربيه والخصوصيه السودانيه،والتصالح مع حقائق وخصائص لواقع السوداني وفكرة وتراثه، وتطوير خطابه لمواجهه القضايا المعقدة والمركبه للتركيبه السودانيه بقومياته ولغاته وثقافاته ودياناته وتكويناته الاثنيه والعرقيه ذات اللون والجنس من الأصل الأفريقي ،وحتي لا يكون البعث حزبا للشماليين الجلابه‘ويالرغم من الدور التأسيسي للصاوي في بعث السودان، وقيادته للبعث السوداني مع رفيق نضاله ودربه محمد علي جادين لمرحله التجديد والاصلاح عبر الديمقراطيه،الأ ان تبني الصاوي للمنهج العلمي الجدلي وابتعادة عن التفكير الشمولي والتجريبي والقاصر والبعد عن السياسويه والايديولوجيه، وانفتاحه علي الفكر الليبرالي واستدراكا منه لقانون التحول الاجتماعي الذي يحتوي علي معطيات جديدة من خلال كل منعطف، وان زمن المسلمات تجاوزته المرحله عبر انفجار المعارف وثورة الاتصالات والتكنلوجيا والمعلومات، والحقائق دائما نسبيه ولايوجد من يحتكر الحقيقه ،واضعا في الاعتباركل مستجدات العصر ومتغيراته في معرفه الواقع ومستجداته وتجاربه،الخلل البنيوي في استراتيجيه المعارضه السودانيه في تقديرات الصاوي لا تستهدف استعادة الديمقراطيه وتغيير النظام المجتمعي، بقدر التركيز علي اسقاط النظام والسلطه والدوران في الحلقه الجهنميه، ومن دون القضاء علي المسببات الحقيقيه لعودة الانقلابات والشموليه واستهداف اسبابها في التدمير الفكري والذهني، والتشويه العميق للعقول في ظل الانقاذ، لان الخلل البنيوي اسبابه موضوعيه وليست من مسوؤليه وصنع قيادات المعارضه وانعكاساته في تصدعات وانشقاقات الاحزاب السياسيه وقوي أعلان الحريه والتغيير وقبله قوي الاجماع الوطني ونداء السودان، وعلينا الاستفادة من دروس وعبر اكتوبر 1964 وأبريل 1985 واستخلاصها، لذلك الصاوي يستخدام مصطلح انتفاضه لثورة ديسمبر بعيدا عن الضرورات التعبويه ومصطلحات التغيير الجذري، كما أكد في اكتوبر 2019 الي امكانيه تعرض الانتفاضه الثالثه وفق تقديرة الي مهددات ومخاطر مماثله للانتفاضات السابقه، اذا لم يتم تدارك الأمر واتخاذ ما يلزم من معالجات بالنظر الي جذر الأزمه والمعضله وتنميه وترقيه الرفض الشعبي القاعدي بدور نخبوي يعمل علي تماسك قوي الانتفاضه وسد الفراغ لاسباب متعلقه بضعف العمل السياسي الحزبي وغيرة وبالفعل وقع انقلاب 25 أكتوبر،وتم قطع مسار التحول المدني الديمقراطي، مما يعزز فرضيته القائله بعدم صياغه استراتيجيه للمعارضه في مواجهه الانظمه الشموليه والاستبداديه، وتنميه قوي التغيير الديمقراطي بتحديث البني التحتيه بالتعليم العصري وعبر مؤ سسات المجتمع المدني القائم علي تنميه الوعي الديمقراطي والعمل الطوعي،وتشجيع وتحفيز التفكير الحر والمستقل وشق طريق سوداني نحو التنوير يعمل علي استدامه الديمقراطيه وتحقيق النهضه الشامله.
وطي صفحه الانقلابات نهائيا عبر الوسائل الديمقراطيه من انتخابات وفصل للسلطات ودور المواطن في تأسيس ركائز النظام الديمقراطي من خلال التحرر من المصادر الأوليه الأجتماعيه والثقافيه، وعدم تكرار التجارب السابقه في نظام الحكم، تمسك الصاوي باستراتيجيه التغيير عبر التعليم والمجتمع المدني عبر الاصلاح والتغيير المرحلي والتدريجي، وما كان يواجهه من تشكيك في ذلك، الا انه يعتبر ان استراتيجيه التغيير التدريجي اذا قامت علي توصيف صحيح وسليم لابعاد الازمه والمعضله، تضمن جذريه الأهداف النهائيه و الاستفادة من عامل الزمن واختصارة بينما قوة الحسم والسرعه، والتغير الجذري تتجاهل امكانيات وقدارات وخطط قوي الثورة المضادة والنظام القديم،وبالتالي الفشل في اضعافهاومواجهتها والحد من فعاليتها، مما يجعل النظام القديم قادرا علي الاحتفاظ بقدراته رغم افتقادة لسلطه الدوله وتعويق وتخريب الانتقال كما حدث لذلك الصاوي يري بضرورة تنميه المعارضه من خلال قبول ودور واسع ومتزايد للنخب ،ذات الاهتمام بالعمل السياسي وغيرة تخاطب العقل وليس العاطفه والحماس والاندفاع، وامكانيه دخول جماعات وافراد من قوي المجتمع المدني في هذة النشاطات والمنازلات لكسب معركه المستقبل من خلال التشخيص السليم لاستراتيجيه العمل المعارض، القائمه علي التغير المجتمعي بتحديد خطورة وابعاد جذور الأزمه التي يستمد النظام القديم استمراريته منها للبقاء في مفاصل وهياكل الدوله،والتغيير الديمقراطي لا ينفي انعدام النظم الشموليه لان المعضله موجودة في المجتمع والتي تستوجب تنميه الثقافه الديمقراطيه واستزراعها كثقافه وسلوك واسلوب حياة في المجتمع وارساء ركائز دعوماتها وترسيخها.
shareefan@hotmail.com
///////////////////////
محال ان تموت وانت حي وكيف يموت ميلاد وجيل
(الا ان هذا الموت قد اضر بالدنيا ففضحها)
ينتابني احساس وشعور فاجع بالألم والحزن لهذا الغياب والفراغ الذي لن يملؤة احد، وانا أسطر هذة الكلمات في الذكري الأولي لتأبين استاذي وأخي وصديقي الأكبر محمد بشير احمد عبد العزيز الصاوي،والذي كنت قريبا منه وتعلمت الكثبر، تربطني به صلات انسانيه ووجدانيه وشيجه واهتمامات بشئون الفكر والثقافه والسياسه لما يقارب الثلاثون عاما، ويعد محمد بشير الصاوي واحدا من أبرز المفكرين السودانيين الذين اثروا حياتنا باسهاماته العقلانيه المتعددة واستشراف الأفاق والفضاءات البعيدة التي تحتفي بالفلسفه والفكر والمعرفه والأبداع، والصاوي صاحب افكار عميقه ورؤي متجددة تلامس الحقائق والاشكاليات علي ارض الواقع وتتميز بالجديه والرصانه والقدرة علي قراءة المستقبل، وتوليد وتخصيب المفاهيم والافكارالمبتكرة والمثيرة للجدل والعصف الذهني لتبديد الكسل واللامبالاة، والقادره علي اثارة المناقشات التي تتسم بالحيويه والجرأة والبعد والافتراض النظري والتحليلي الذي يغوص في جوهر الظاهرة ومسبباتها ،وبالاستفادة من الطفرة المنهجيه والمعرفيه والدعوة الي الاستنارة والحداثه والعلمانيه ومكانه الديمقراطيه المحوريه في مشروع البناء الوطني وأهميه ترسيخها علي قاعدة العقلانيه والدوله المدنيه الديمقراطيه، في مواجهه الاستبداد السياسي والديني والغاء الحريات،وتحريرالعقل من الجمود والانغلاق والجهل والتخلف وموروثاته والتصورات اللاتاريخيه البعيدة عن روح العصر وافكارة وقيمه، لمجتمع متحرر من تديين السياسه وتسييس الدين ،غايته فرد مستقل قادر علي التفكير الحر وحقوق المواطنه الاقتصاديه والثقافيه والمدنيه والتعليميه واحترام الرأي الاخر، ورفضه للاعقلانيه علي المستوي السياسي والاقتصادي والمجتمعي، وفي مجالات التعليم والثقافه والحياة المدنيه، واعادة الاعتبار للثقاقه النقديه في خطل الايديولوجيه اللاعقلانيه والانعتاق من الايدلوجيات الشموليه واشاعه العقلانيه المنتجه للمعارف العلميه والفلسفيه والفكريه وتطبيقاتها التحديثيه، وانشغاله بالبحث الي جذور الاشياء وأسسها العميقه في المعضله، ومحاوله تفكيكها باستخدام المنهج العلمي الجدلي، لاضاءة الحاضر عبر عمليه معقدة تستدعي تراكمات تستغرق وقتا طويلا حتي يتم التحرر من الماضي واثارة واوجاعه السالبه،واستيقاظ الوعي من هيمنه العقليه التراثيه والقديم والسائد والمكرور واليقينيات وعلاقه التنوير بالعقل باعتبارة المقدمه للتحرير السياسي.
وقدرته علي انتاج المحاكمات الواعيه لمختلف الممارسات المعرفيه والظاهرات وتعليلها والحقيقه دائما نسبيه لان الواقع متغير، الصاوي يعذوا فشل مشروع الديمقراطيه في السودان للهشاشه والضعف والضمور وتراجع قوة الدفع التحديثي للقوي الحديثه التي كانت تشكل حاضنه ورافعه للاحزاب السياسيه والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني، التي بدأت ارهاصاتها مع جمعيه الاتحاد السوداني وثورة 1924، ثم جمعيه ابوروف للقراءة والنهضه الثقافيه في منتصف الثلاثينيات ومبادرات واضاءات بابكر بدري ومعاويه نور ومجله الفجر والنهضه ودورهم في الاستنارة والتجديد، وتأسيس مؤتمر الخريجيين والأحزاب السياسيه ،وازدهار الآداب والفنون والعلوم العصريه والحديثه، الميلاد الحقيقي لتيارات الاستنارة، والتي وفرت شروط البنيات التحتيه للديمقراطيه الي نهايات السبعينيات، حتي بدأت في التراجع والضعف وانحسار مصادرها الاساسيه علي مستوي الوعي والثقافه والابداع، لعدم توفر الشروط الموضوعيه للاستنارة والعقلانيه قياسا بالتجربه الأوربيه، في ظل التراجع الديمقراطي واستطاله الانظمه الشموليه وتمدد التدين السياسي بتخريب التعليم في عهد الانقاذ الذي تحول فيه الي تعليم سطحي وتعبوي ودعائي شكل رصيدا للاسلاميين والقوي الظلاميه، وتجريف فعاليه وحيويه القوي السياسيه والاجتماعيه و ذوبان الطبقه الوسطي والهجرة من الريف للمدن ومن المدن الي الخارج في ظل الاستنزاف البشري ،وتصاعد الأزمه الاقتصاديه وضغوطات الحياة اليوميه والحرب الأهليه،وهذا يطرح البحث في تفكيك هذة المعضله عبر التنوير والتعليم ودور المجتمع المدني وارساء لبنات قويه وراسخه للبنيه التحتيه للديمقراطيه كثقافه عامه وممارسه وسلوك،والانفتاح والتفاعل مع العالم والثقافه الغربيه والتكيف معها،والاستفادة من المناخ الدولي المواتي للديمقراطيه والحريات وحقوق الانسان، حيث ان التركيز علي الديمقراطيه الاجتماعيه ساهم في تعطيل نمو الوعي الديمقراطي،وهشاشه قواعد النهضه والاستنارة في السودان واعاقه استمرار النظام الديمفراطي واخفاقاته ،وانتشار التقليديه ذات التأويلات الدينيه، والصاوي يعتبر الديمقراطيه كنظام سياسي ذات علاقه بعصر النهضه والتنوير في اوربا خلال القرنين السادس والسابع عشر، الثورة الصناعيه وفكر وفلسفه عصر الانوار، والاصلاح الديني ونقد العقل، والانفتاح الذهني والشعوري وارتياد العلوم الطبيعيه والانسانيه،والتخلص مخلفات العصور الوسطي، حتي تراكمت الديمقراطيه عبر تراكم تاريخي ومخاض طويل بصفاتها وخصائصها حتي اوخر القرن التاسع عشر، لعل انجذاب الصاوي للبعث مرتبط بنشأة البعث في مناخ حركه التنوير والنهضه العربيه خلال الاربعينيات، مجسدا أبرز ملامحها في الديمقراطيه والعلمانيه والحداثه والاستنارة والعداله الاجتماعيه، حيث جسد البعث في تلك المرحله عقليه الانفتاح والحيويه الفكريه لعصر النهضه العربيه، في القرن التاسع عشرممتدا من المسرح حتي الاصلاح الديني، حيث ضم البعث قبل مرحله السلطه، المثقفين والمفكرين والعلماء والأدباء والتشكليين وكان مركز جذب حيوي وفعال البعث بدأ حزبا ديمقراطيا ،حيث جسد دستور البعث في 1947 الرصيد لاستناري الذي يؤكد فيه انه حزب ديمقراطي برلماني يسعي الي اقامه نظام برلماني السيادة فيه للشعب ،والسلطه تداول بين الاحزاب والدستور لم يمسه تعديل حتي الان، وعبر عن ذلك خلال الممارسه البرلمانيه في سوريا والأردن في الخمسينيات ولاحقا في لبنان واليمن في فترات مختلفه، هذة الخلفيه قادت الصاوي الي نقد التجربه البعثيه نظاما وحزبا سودانيا وعراقيا وعربيا حيث لم يعد البعث حزبا لأرهاصات وتجليات عصر النهضه علي يد مؤسسه ميشيل عفلق بعد التراجع وانحسار التطور الفكري للبعث وموقعه في مرحله الستينيات.
عبر ثقافه الحوار وارساء تقاليد ديمقراطيه، باعتبار الحريه شرط مهم لتمو الحزب وحيويته الفكريه واستعادة مكانته وسط المثقفين، والخروج من دائرة الجمود والشلل واستسهال الفكر السائد والمألوف، لان تجربه البعث في السودان ذات خصوصيه متميزة في بلد عربي افريقي،وضرورة اختبار التجربه البعثيه المشرقيه بمفردات الواقع السوداني ،واعادة انتاجها من خلال تغطيه الجوانب المفقودة وتوطين وتبيئه الفكر القومي سودانيا، والاستيعاب الخلاق والواعي للفكر البعثي علي الواقع السوداني،من خلال اعادة بعد الانتماء العربي الثقافي في الكيان السوداني علي الصعيد النظري والتطبيقي،في اطار مصطلح العروبه السودانيه بين العموميه العربيه والخصوصيه السودانيه،والتصالح مع حقائق وخصائص لواقع السوداني وفكرة وتراثه، وتطوير خطابه لمواجهه القضايا المعقدة والمركبه للتركيبه السودانيه بقومياته ولغاته وثقافاته ودياناته وتكويناته الاثنيه والعرقيه ذات اللون والجنس من الأصل الأفريقي ،وحتي لا يكون البعث حزبا للشماليين الجلابه‘ويالرغم من الدور التأسيسي للصاوي في بعث السودان، وقيادته للبعث السوداني مع رفيق نضاله ودربه محمد علي جادين لمرحله التجديد والاصلاح عبر الديمقراطيه،الأ ان تبني الصاوي للمنهج العلمي الجدلي وابتعادة عن التفكير الشمولي والتجريبي والقاصر والبعد عن السياسويه والايديولوجيه، وانفتاحه علي الفكر الليبرالي واستدراكا منه لقانون التحول الاجتماعي الذي يحتوي علي معطيات جديدة من خلال كل منعطف، وان زمن المسلمات تجاوزته المرحله عبر انفجار المعارف وثورة الاتصالات والتكنلوجيا والمعلومات، والحقائق دائما نسبيه ولايوجد من يحتكر الحقيقه ،واضعا في الاعتباركل مستجدات العصر ومتغيراته في معرفه الواقع ومستجداته وتجاربه،الخلل البنيوي في استراتيجيه المعارضه السودانيه في تقديرات الصاوي لا تستهدف استعادة الديمقراطيه وتغيير النظام المجتمعي، بقدر التركيز علي اسقاط النظام والسلطه والدوران في الحلقه الجهنميه، ومن دون القضاء علي المسببات الحقيقيه لعودة الانقلابات والشموليه واستهداف اسبابها في التدمير الفكري والذهني، والتشويه العميق للعقول في ظل الانقاذ، لان الخلل البنيوي اسبابه موضوعيه وليست من مسوؤليه وصنع قيادات المعارضه وانعكاساته في تصدعات وانشقاقات الاحزاب السياسيه وقوي أعلان الحريه والتغيير وقبله قوي الاجماع الوطني ونداء السودان، وعلينا الاستفادة من دروس وعبر اكتوبر 1964 وأبريل 1985 واستخلاصها، لذلك الصاوي يستخدام مصطلح انتفاضه لثورة ديسمبر بعيدا عن الضرورات التعبويه ومصطلحات التغيير الجذري، كما أكد في اكتوبر 2019 الي امكانيه تعرض الانتفاضه الثالثه وفق تقديرة الي مهددات ومخاطر مماثله للانتفاضات السابقه، اذا لم يتم تدارك الأمر واتخاذ ما يلزم من معالجات بالنظر الي جذر الأزمه والمعضله وتنميه وترقيه الرفض الشعبي القاعدي بدور نخبوي يعمل علي تماسك قوي الانتفاضه وسد الفراغ لاسباب متعلقه بضعف العمل السياسي الحزبي وغيرة وبالفعل وقع انقلاب 25 أكتوبر،وتم قطع مسار التحول المدني الديمقراطي، مما يعزز فرضيته القائله بعدم صياغه استراتيجيه للمعارضه في مواجهه الانظمه الشموليه والاستبداديه، وتنميه قوي التغيير الديمقراطي بتحديث البني التحتيه بالتعليم العصري وعبر مؤ سسات المجتمع المدني القائم علي تنميه الوعي الديمقراطي والعمل الطوعي،وتشجيع وتحفيز التفكير الحر والمستقل وشق طريق سوداني نحو التنوير يعمل علي استدامه الديمقراطيه وتحقيق النهضه الشامله.
وطي صفحه الانقلابات نهائيا عبر الوسائل الديمقراطيه من انتخابات وفصل للسلطات ودور المواطن في تأسيس ركائز النظام الديمقراطي من خلال التحرر من المصادر الأوليه الأجتماعيه والثقافيه، وعدم تكرار التجارب السابقه في نظام الحكم، تمسك الصاوي باستراتيجيه التغيير عبر التعليم والمجتمع المدني عبر الاصلاح والتغيير المرحلي والتدريجي، وما كان يواجهه من تشكيك في ذلك، الا انه يعتبر ان استراتيجيه التغيير التدريجي اذا قامت علي توصيف صحيح وسليم لابعاد الازمه والمعضله، تضمن جذريه الأهداف النهائيه و الاستفادة من عامل الزمن واختصارة بينما قوة الحسم والسرعه، والتغير الجذري تتجاهل امكانيات وقدارات وخطط قوي الثورة المضادة والنظام القديم،وبالتالي الفشل في اضعافهاومواجهتها والحد من فعاليتها، مما يجعل النظام القديم قادرا علي الاحتفاظ بقدراته رغم افتقادة لسلطه الدوله وتعويق وتخريب الانتقال كما حدث لذلك الصاوي يري بضرورة تنميه المعارضه من خلال قبول ودور واسع ومتزايد للنخب ،ذات الاهتمام بالعمل السياسي وغيرة تخاطب العقل وليس العاطفه والحماس والاندفاع، وامكانيه دخول جماعات وافراد من قوي المجتمع المدني في هذة النشاطات والمنازلات لكسب معركه المستقبل من خلال التشخيص السليم لاستراتيجيه العمل المعارض، القائمه علي التغير المجتمعي بتحديد خطورة وابعاد جذور الأزمه التي يستمد النظام القديم استمراريته منها للبقاء في مفاصل وهياكل الدوله،والتغيير الديمقراطي لا ينفي انعدام النظم الشموليه لان المعضله موجودة في المجتمع والتي تستوجب تنميه الثقافه الديمقراطيه واستزراعها كثقافه وسلوك واسلوب حياة في المجتمع وارساء ركائز دعوماتها وترسيخها.
shareefan@hotmail.com
///////////////////////