مرة أخري عن قضية “توباك”

 


 

 

ذكرنا في مقالنا السابق (توباك يتعرض للعنصرية) أن الإجراءات والسلوك التعسفي التي تمارسها إدارة سجن كوبر في حق السجين محمد ادم " توباك" لم يكن مخالفة فقط لحقوق المتهم المنصوصة عليها في نظامنا القانوني وجميع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وبصفة خاصة الاتفاقيات المتصلة بحقوق النزلاء، ولكن كانت إهانة واستهتار واحتقار فاضح لقرارات المحكمة التي قضت بتحويل المتهم من زنزانة الغربيات والذي يُحتجز فيه المتهم بشكل انفرادي وضمه الي زنزانة الشرقيات مع بقية المتهمين معه في ذات القضية ،وأيضا امرت المحكمة بفك القيد من رجليه ويديه ،ولكن صلف وغطرسة وعنجهية الشرطة منعتها من تنفيذ فيما أصدرت المحكمة من قرارات بل تمادت الشرطة في غطرستها يوم أن أحضرت المتهم الي المحكمة وفي جسده علامات تعذيب ظاهرة مع إحكام الأغلال في يديه ورجليه رغم انف قرار المحكمة ! وفي مثل هذا السلوك المنافي للعدالة والحقوق، كان من الطبيعي أن تتخذ المحكمة الإجراءات القانونية في صيانة حقوق المتهم واحترام هيبة المحكمة وقراراتها، وحسنا، وجهت المحكمة النيابة في فتح بلاغ جنائي ضد مدير سجن كوبر "اللواء شرطة الطيب احمد عمر".
في حيثيات قرار المحكمة القاضي بتحويل المتهم الي سجن آخر، وتقييد بلاغ جنائي في مواجهة مدير سجن كوبر وذلك بعدم اطمئنان المحكمة علي سلامة حياة المتهم في سجن كوبر، هناك أمور كثيرة مثيرة للدهشة والاستغراب بخلاف الميراث المتطاول للشرطة من الانتهاكات وعدم احترامها للقانون وتحدي سافر للشرعية الجنائية في الدولة بما فيها الممانعة الواضحة في تنفيذ القرارات والأوامر التي تصدرها المحاكم والنيابات المختصة ،كون أن تكون الشرطة خصما لدودا للمتهمين في قضية مقتل عميد شرطة " بريمة " لان الضحية في محل البلاغ من منسوبي الشرطة فهذا امر غريب ،وهو أيضا يفتح سؤال مهم علي انه كيف نطمئن علي سلامة وعدالة التحقيقات الجنائية التي أجرتها الشرطة مُنطلقا من ذهنية الخصم اللدود ضد المتهمين وذلك بممارسة ابشع أساليب التعذيب ضد المتهمين بُغية تحقيق النصر للشرطة وليست للعدالة ؟! وما الفرق، إذا تم إبقاء المتهم في ذات السجن أم تحويله الي سجن آخر لطالما هي ذات الشرطة وبذات الدافعية والرغبة للانتقام من المتهم؟! إننا صراحة أمام محنة عظيمة يمكن أن تسبب نزيف حاد للأدمغة وللوجدان السليم الساعية للعدالة والتي تعتبر هي فضيلة مستمرة في داخل أي إنسان. وفي مثل هذه الظروف غير العادلة وطالما أن المتهم تحت قيد المحاكمة فيجب على المحكمة المتابعة اللصيقة لسلامة حياة المتهم ومنع أي انتهاكات في حقه.

رغم البيان الذي أصدره مدير عام لقوات الشرطة بخصوص قصور إدارته في تنفيذ قرار المحكمة بشان قضية توباك ،واكد فيه علي وجوبية تنفيذ قرارات وأحكام المحكمة بواسطة الشرطة وتشكيل لجنة للتحقيق بصدد هذا الموضوع ،علي الإطلاق لا يمنع سير الإجراءات الجنائية في مواجهة مدير سجن كوبر لانتهاكه الصريح للقانون ولاستغلال نفوذه وسلطته في تقويض العدالة ،إن محنة الشرطة اعمق من البيانات التي تصدرها الشرطة من حين لآخر حين تنتهك بيدها سلطة القانون ،لذلك هناك ضرورة ملحة لمراجعة منهجية الشرطة وطرائق عملها ومدي التزامها بسيادة حكم القانون ،والعمل بشكل ضروري لمعالجة الذهنية التي تجعل من رجل الشرطة أن يشعر بانه اعلي من قرارات النيابة أو القضاء أو يعتقد انه هو القانون ذاته !.
عبد العزيز التوم
galaabi100@hotmail.com
//////////////////////

 

آراء