معابر الموت: الإغاثة التي تقتل

 


 

 

hussainomer183@gmail.com

حسين بَقَيرة - برمنغهام
الثلاثاء الموافق 20/08/2024

نظرًا لواجبها الإنساني تجاه المواطنين العزل ورغبة في إظهار حسن النية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه مما يتعرض له الشعب السوداني، أعلنت الحكومة السودانية موافقتها على فتح معبر "أدري" على الحدود السودانية التشادية لمدة ثلاثة أشهر من تاريخ إعلانه.

كما هو معلوم، فإن سكان ولاية غرب دارفور وحاضرتها مدينة الجنينة قد تعرضوا للإبادة الجماعية أو التهجير القسري من قبل ميليشيا الدعم السريع الإرهابية منذ بداية هذه الحرب اللعينة. والقلة المتبقية منهم يعيشون في حالة شبه عبودية، فقد احتل المستوطنون الجدد منازلهم وأراضيهم في عملية تعرف بالإحلال والإبدال. هذا المخطط الجهنمي الذي تقوم به ميليشيا الجنجويد يهدف إلى استيطان عربان الشتات في المناطق المذكورة أولاً، ثم التوسع تدريجيًا إلى جميع أنحاء السودان، بما في ذلك العاصمة الخرطوم، حيث أصبحت بيوتها محتلة من قبل ميليشيا الدعم السريع تمهيدًا لجلب عربان الشتات.

في 4 أغسطس 2024، أعلنت منظمة أطباء بلا حدود في السودان أن مليشيا الدعم السريع احتجزت في مدينة كبكابية ثلاث من شحناتها لأكثر من شهر كانت متجهة إلى زمزم والفاشر. وكانت هذه الشحنات تحمل إمدادات طبية منقذة للحياة تشمل الأغذية العلاجية، وفقًا لقناة الجزيرة.

هذا مثال حي على أن هذه الميليشيا لا تملك عهدًا ولا ذرة من الإنسانية كي يُفتح لها معبر تمر من خلاله عبر الأراضي التي تحتلها. بل ستستغل ذلك لإدخال المزيد من الأسلحة لدمار ما تبقى من السودان.
كل الدلائل والمؤشرات تؤكد خطورة فتح معبر "أدري" الحدودي وتركه دون رقابة من السلطات السودانية أو جهات دولية محايدة، حيث سيكون ذلك لصالح الميليشيا الإرهابية. بدلاً من تهريبها الأسلحة كما كان يحدث قبل فتح المعبر، يمكنها الآن فعل ذلك تحت غطاء الإغاثة، كما ستدخل المرتزقة من دول عربان الشتات لارتكاب المزيد من المجازر والفظائع بحق الشعب.

كان من الأوفق والأجدر فتح وتأمين معبر "الطينة" الحدودي حتى تصل الإغاثة إلى المدن المحاصرة والمناطق المقطوعة مثل منطقة "أروري" ومناطق أخرى تعاني من انعدام المواد الغذائية والأدوية المنقذة للحياة، مما يقلل من حدة المأساة الإنسانية التي تهدد المجتمع المحلي.

ما يسمى بالمجتمع الدولي بقيادة الولايات المتحدة يحيكون مؤامراتهم تجاه السودان وشعبه. فهم يتقاعسون، والظاهر للجميع أن هناك تواطؤًا دوليًا تجاه إنقاذ الشعب السوداني عامة ودارفور خاصة. على سبيل المثال، مدينة الفاشر محاصرة منذ ما يقرب من أربعة أشهر وقد نفدت المواد الغذائية، وهناك ندرة وحاجة ماسة إلى العملات النقدية لشراء الاحتياجات الضرورية رغم الأسعار الجنونية وجشع التجار على المواطن المغلوب على أمره. السؤال الذي يطرح نفسه: ما الذي ينتظره المجتمع الدولي لإنقاذ أهالي مدينة الفاشر الذين يموتون ببطء بفعل فاعل ويتعرضون لقصف عشوائي متعمد من قبل الجنجويد؟ آن الأوان لاتخاذ تدابير لازمة لإدراج مليشيا الدعم السريع ضمن المنظمات الإرهابية ومحاسبة قادتها.

على المجتمع الدولي، إذا لم يستطع إنقاذ الشعب السوداني، أن يتركه وشأنه. حتى وإن اضطرته الظروف لأكل أوراق الأشجار، فهو أفضل من قتله بإدخال السلاح باسم الإغاثة عبر معابر الموت التي تقتل الشعب مرات عديدة. الشعب السوداني يموت واقفًا دون إذلال من أحد، سواء كانت أمريكا أو غيرها، فهي لا تساوي شيئًا أمام عزة الشعب السوداني الأبي. لسان حالهم يقول: لا تقتلني برصاصة الإغاثة، بل اتركني وشأني. هل سمعتم أيها الأمريكان وحلفاؤهم الأشرار؟

بقلم/ حسين بَقَيرة
برمنغهام
الثلاثاء الموافق 20/08/2024

 

آراء