مفهوم الاحتيال والعدالة الانتقالية، عند د. عشاري أحمد محمد
عبد القادر محمد أحمد/المحامي
19 August, 2022
19 August, 2022
في صفحته على فيسبوك وتحت عنوان: "احتيال عبد القادر محمد أحمد المحامي بشأن العفو السياسي المطلق عن حميدتي والبرهان "، ... ... كتب د. عشاري أحمد محمد ما يلى : (كتب عبد القادر محمد أحمد المحامي مقالاََ.. تحت عنوان "دعوة إلى نقاش هادئ مع من يقفون ضد مبدأ الحوار مع العسكر" لكن مقاله لم يكن عن مجرد النقاش الهادئ، بل كان أحد أشكال الظاهرة المستشرية بواسطة الدعاة المحليين والدوليين في مساعيهم الي ضمان افلات الجناة، مقترفي الجرائم العالمية في وضعية مذبحة ٣ يونيو ٢٠١٩، من العقاب.
فليس عبد القادر سوى احد حملة الراية، بخطاب" العفو المطلق" عن الجناة.
ازلق عبد القادر دعوته الي "عدالة انتقالية " تسودها ثقافة العفو والتصالح، ازلقها خلسة، مخفية محشورة في الفقرة الأخيرة عند نهاية مقاله) ....
إنتهى حديث د. عشاري - لآحقاََ سأورد الفقرة التي استشهد بها من مقالى - .
ملخص حديث د. عشاري هو إتهامي بالإحتيال على القارئ، بزلق خطاب "العفو المطلق" عن الجناة، خلسة وخفية وحشراََ داخل الفقرات، بالتأكيد لن أجاريه شهوة التجريح والإتهام غير المؤسس، فقط سأتخذ من حديثه مناسبة لتكرار وتوضيح وتأكيد وجهة نظري في هذه المسألة العامة المهمة :-
أولاََ : العدالة الإنتقالية التي أدعو إليها ليست من بنات أفكاري، فهي معمول بها عالمياََ، وفي السودان نصت عليها الوثيقة الدستورية 2019، كما نصت عليها كل المبادرات المطروحة اليوم، لقناعة الجميع بأنها من مطلوبات التحول من الحرب للسلام، ومن ثم، من الشمولية للديمقراطية، لما شهده بلدنا ولا زال من مآسي الحروب ومن إنتهاكات واسعة لحقوق الانسان، وغيرها من المظالم الإقتصادية والسياسية والمدنية والاجتماعية والثقافية، التي خلقت ولا زالت، الكثير من الغبن والضغائن، بما يستوجب العمل على كفكفة الدموع، وإزالة حالة الإحتقان وكبح الرغبة في الثأر والتشفي والإنتقام، كمهددات تقف في طريق نقل المجتمع والدولة من الحروب والمظالم، للسلام والعدل، ومن الشمولية للديمقراطية.
ثانياً : ما دامت العدالة الانتقالية تقوم على فكرة المصارحة والمصالحة، فهذه علاقة محصورة بين الجاني والضحية، دون فرض من الدولة، لينحصر دورها فقط في تهيئة المناخ، بنشر ثقافة العفو والتصالح وإنشاء لجان الحقيقة والمصالحة وإصلاح المؤسسات والقوانين وتهيئة المحاكم وغيرها للعمل في إطارها، وهي بهذا المعنى وكما يقول الأستاذ العالم، كمال الجزولي : "إنفاذ العدالة بصورة غير تقليديَّة"
ثالثاً : ما دامت العدالة الانتقالية تقوم على المصارحة والمصالحة بين الضحية و(الجاني) ، فهذا يعني أن العفو أو التصالح، لا يكون الا بعد ثبوت الجرم (تحول الشخص من متهم الي جاني)، بما يعني أن العفو أو التصالح مكانه العقوبة وليس الجريمة، أضف الي ذلك أن فكرة العدالة الانتقالية التصالحية، تأتي كبديل لعجز العدالة الانتقالية الجزائية في الوصول للهدف المنشود، فأتت العدالة التصالحية التي تقوم على إستبعاد العقاب ليحل محله إقرار الجاني العلني بالجريمة وكشف تفاصيلها ومن عاونوه والتعويض ورد المظلمة وإعلان التوبة وطلب العفو و... الخ، ليأتي بعد ذلك حق الضحية في العفو أو التصالح، وبذلك تنتفي أيضاََ شبهة الإفلات من العقاب.
أخيراً : عبارة "العفو المطلق"، بمعني العفو عن الجريمة والعقوبة، التي إستنكرها د. عشاري، لم ترد في أي من مقالاتي عن العدالة الانتقالية، ولا في المقال المعني، لا صراحة ولا دلالة، والفقرة التي إستشهد بها تقول : (فالحوار ليس دعوة لوقف أشكال الحراك الأخرى، وليس دعوة للإفلات من العقاب، فكل ما تستطيعه قوى الثورة هو تقديم الضمانات الممكنة، وتهيئة المناخ العام لعدالة انتقالية تسودها ثقافة العفو والتصالح)، فأين هنا (العفو المطلق) الذي ناديت به تصريحاََ أو تلميحاََ.! وهو أمر لا تملكه حتى الدولة والمجتمع، بل هو حق حصري للمجنى عليه أو أسرته.!
ثم أن الموضوع برمته لا علاقة له بالاحتيال ونحوه، فالعدالة الانتقالية لا تنشد مصلحة الجاني ولا الضحية، لكنها فكرة تنشد المصلحة الوطنية العليا، بخلق مناخ السلام اللآزم للتداول السلمي للسلطة والإستقرار اللآزم للتنمية والتطور والنهوض الاقتصادي، ومحاربة الفقر الذي هو أس كل المشاكل.
نحن أمام ثورة عظيمة خلقت أملاََ في نفوس الجميع، لكنها ولدت وهي تعيش العديد من التعقيدات، فقد سقط نظام الأنقاذ لكن أنصاره ظلوا يسيطرون على مواقع حساسة، ثم توسعت سيطرتهم بعد الإنقلاب الذي إرتكبه العسكر خوفاََ على أنفسهم، فإزداد نزيف دماء الشباب وتعددت الأزمات والتدخلات الخارجية، فأصبح الوطن وجميع مواطنيه في ورطة لا سبيل للخروج منها إلا بالتفكير في عدالة إنتقالية خارج أطرها التقليدية، هدفها نبذ الفرقة وتغليب مصلحة الوطن، ولتكن هذه دعوتنا للجميع، مستصحبين مقولة حكيم العدالة الانتقالية مانديلا : «أيُّ وطن هذا الذي نحلم بتحريره، وإعادة بنائه، إن نحن أطلقنا العنان لمشاعر الانتقام تسفح كلَّ هذه الأنهار من الدِّماء».
aabdoaadvo2019@gmail.com
فليس عبد القادر سوى احد حملة الراية، بخطاب" العفو المطلق" عن الجناة.
ازلق عبد القادر دعوته الي "عدالة انتقالية " تسودها ثقافة العفو والتصالح، ازلقها خلسة، مخفية محشورة في الفقرة الأخيرة عند نهاية مقاله) ....
إنتهى حديث د. عشاري - لآحقاََ سأورد الفقرة التي استشهد بها من مقالى - .
ملخص حديث د. عشاري هو إتهامي بالإحتيال على القارئ، بزلق خطاب "العفو المطلق" عن الجناة، خلسة وخفية وحشراََ داخل الفقرات، بالتأكيد لن أجاريه شهوة التجريح والإتهام غير المؤسس، فقط سأتخذ من حديثه مناسبة لتكرار وتوضيح وتأكيد وجهة نظري في هذه المسألة العامة المهمة :-
أولاََ : العدالة الإنتقالية التي أدعو إليها ليست من بنات أفكاري، فهي معمول بها عالمياََ، وفي السودان نصت عليها الوثيقة الدستورية 2019، كما نصت عليها كل المبادرات المطروحة اليوم، لقناعة الجميع بأنها من مطلوبات التحول من الحرب للسلام، ومن ثم، من الشمولية للديمقراطية، لما شهده بلدنا ولا زال من مآسي الحروب ومن إنتهاكات واسعة لحقوق الانسان، وغيرها من المظالم الإقتصادية والسياسية والمدنية والاجتماعية والثقافية، التي خلقت ولا زالت، الكثير من الغبن والضغائن، بما يستوجب العمل على كفكفة الدموع، وإزالة حالة الإحتقان وكبح الرغبة في الثأر والتشفي والإنتقام، كمهددات تقف في طريق نقل المجتمع والدولة من الحروب والمظالم، للسلام والعدل، ومن الشمولية للديمقراطية.
ثانياً : ما دامت العدالة الانتقالية تقوم على فكرة المصارحة والمصالحة، فهذه علاقة محصورة بين الجاني والضحية، دون فرض من الدولة، لينحصر دورها فقط في تهيئة المناخ، بنشر ثقافة العفو والتصالح وإنشاء لجان الحقيقة والمصالحة وإصلاح المؤسسات والقوانين وتهيئة المحاكم وغيرها للعمل في إطارها، وهي بهذا المعنى وكما يقول الأستاذ العالم، كمال الجزولي : "إنفاذ العدالة بصورة غير تقليديَّة"
ثالثاً : ما دامت العدالة الانتقالية تقوم على المصارحة والمصالحة بين الضحية و(الجاني) ، فهذا يعني أن العفو أو التصالح، لا يكون الا بعد ثبوت الجرم (تحول الشخص من متهم الي جاني)، بما يعني أن العفو أو التصالح مكانه العقوبة وليس الجريمة، أضف الي ذلك أن فكرة العدالة الانتقالية التصالحية، تأتي كبديل لعجز العدالة الانتقالية الجزائية في الوصول للهدف المنشود، فأتت العدالة التصالحية التي تقوم على إستبعاد العقاب ليحل محله إقرار الجاني العلني بالجريمة وكشف تفاصيلها ومن عاونوه والتعويض ورد المظلمة وإعلان التوبة وطلب العفو و... الخ، ليأتي بعد ذلك حق الضحية في العفو أو التصالح، وبذلك تنتفي أيضاََ شبهة الإفلات من العقاب.
أخيراً : عبارة "العفو المطلق"، بمعني العفو عن الجريمة والعقوبة، التي إستنكرها د. عشاري، لم ترد في أي من مقالاتي عن العدالة الانتقالية، ولا في المقال المعني، لا صراحة ولا دلالة، والفقرة التي إستشهد بها تقول : (فالحوار ليس دعوة لوقف أشكال الحراك الأخرى، وليس دعوة للإفلات من العقاب، فكل ما تستطيعه قوى الثورة هو تقديم الضمانات الممكنة، وتهيئة المناخ العام لعدالة انتقالية تسودها ثقافة العفو والتصالح)، فأين هنا (العفو المطلق) الذي ناديت به تصريحاََ أو تلميحاََ.! وهو أمر لا تملكه حتى الدولة والمجتمع، بل هو حق حصري للمجنى عليه أو أسرته.!
ثم أن الموضوع برمته لا علاقة له بالاحتيال ونحوه، فالعدالة الانتقالية لا تنشد مصلحة الجاني ولا الضحية، لكنها فكرة تنشد المصلحة الوطنية العليا، بخلق مناخ السلام اللآزم للتداول السلمي للسلطة والإستقرار اللآزم للتنمية والتطور والنهوض الاقتصادي، ومحاربة الفقر الذي هو أس كل المشاكل.
نحن أمام ثورة عظيمة خلقت أملاََ في نفوس الجميع، لكنها ولدت وهي تعيش العديد من التعقيدات، فقد سقط نظام الأنقاذ لكن أنصاره ظلوا يسيطرون على مواقع حساسة، ثم توسعت سيطرتهم بعد الإنقلاب الذي إرتكبه العسكر خوفاََ على أنفسهم، فإزداد نزيف دماء الشباب وتعددت الأزمات والتدخلات الخارجية، فأصبح الوطن وجميع مواطنيه في ورطة لا سبيل للخروج منها إلا بالتفكير في عدالة إنتقالية خارج أطرها التقليدية، هدفها نبذ الفرقة وتغليب مصلحة الوطن، ولتكن هذه دعوتنا للجميع، مستصحبين مقولة حكيم العدالة الانتقالية مانديلا : «أيُّ وطن هذا الذي نحلم بتحريره، وإعادة بنائه، إن نحن أطلقنا العنان لمشاعر الانتقام تسفح كلَّ هذه الأنهار من الدِّماء».
aabdoaadvo2019@gmail.com