لا خلاف عن أهمية اقامة المهرجانات فى اطار تبادل الخبرات والمعارف ، أو القاء الاضواء على مناطق مجهولة ، ولقد عرف العالم انماطا عديدة من المهرجانات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والترفيهية، كمهرجانات السينما والمسرح والفنون الشعبية والموسيقى والاغانى، وهى فى الاساس تنظم لتبادل التجارب و تلاقحها و نتائجها فى المحصلة النهائية من أجل التنمية.
بينما فى المناطق المتقدمة اقتصاديا تقام مهرجانات للتسلية والترفيه كمهرجان اختيار اجمل القطط ! ومسابقات بين الكلاب المدللة فى تلك البلدان او مهرجان الزهور..الخ وهى فى الاساس لتزجية أوقات الفراغ، و ربما تكون من خلالها بعضا من المكاسب المادية لمنظميها أو المكتسبين من محلات تجارية حولها.
وحين يطل علينا انسان يتحمس لتنظيم مهرجان ما فى سوداننا الحبيب ، من حقنا ان نتساءل ماهى الاهداف من اقامة هذا المهرجان؟ وما هى الاسس التى تعتمد عليها ؟ ومن هم افراد فريق العمل الذين سيشرفون على تنظيمه ، و هل هناك توافق بينهم فى الوسائل والاهداف ؟- وما هو التصور والاهداف من اقامة هذا المهرجان؟-- و هذه اسئلة مشروعة لابد من توضيج الاجابات الشافية بشأنها لتكتمل الصورة ولاسيما والبلاد تشهد ازمة مالية طاحنة.
-2- سارع المتحمسون للمهرجان بربط مهرجان كرمة المزمع تنظيمه بما تم بالبركل،بل والاشارة احيانا بأنه النسخة الخامسة من ذاك المهرجان!!، وفى رأيى تنظيم المهرجان( الاول ) فى البركل كان ضرورة الى حد ما نسبة لما تمتاز به البركل من حضور فى عالم الآثار ، و تتويجها كواحدة من مجموعة الارث الانسانى لدى اليونسكو ، اضافة لتمتعها ببنى تحتية معقولة من استراحات وطرق .. تحتاج الى تجويد وتوسيع، وأخال ان ( تكرار ) المهرجان فى البركل يعد ايضا صرفا فى غير موضعه...لان المهرجان الاول قد ألقى الضوء على احتياجاتها .. وسبل تطوير بنيتها التحتية.. لتكون المرحلة التى تليها انجازات على الارض... لا اجترار .. الكلمات التى سئم الناس من تكرارها..أو ترديد الاغانى التى ملآت الافاق فى وسائل اخرى متاحة .
-3- كرمة بدأ نجمها يتلألأ على جبين الوطن .. كمهد للحضارة التى نعتز بها ... وهى حسب موقعها تعتبر نقطة انطلاق للمنطقة الشمالية من ولاية الحزانى التى تمتد الى منطقة المحس مرورا بمنطقة السكوت و منطقة أرض الحجر .. ووادى حلفا .. بمعنى انها فى رأس هذه السلسلة التى تعتير الجزء الاكثر حاجة الى التنمية فى مجال البنى التحتية..و يضحى ضربا من ضروب الصرف البذخى التركيز على نقطة فيها لتكرار الحديث عن اهميتها التى هى معروفة للقاصى والدانى، واجترار الاغاتى وتقديم المأكولات البلدية و ترديد الخطب الحماسية ، واعتبار المنتج الاعلامى فى الفديوهات والوسائط الكترونية نجاحا ، وفى المحصلة النهائية تهدر اموال ولا تجنى المنطقة انجازا ملموسا على الارض.. بل يتوه البعض طربا ولاسيما فى بلاد المهجر باصداء الاغانى والرقصات والمقابلات... دونما غوص فيما تجنيه المنطقة من هذه النظاهرات !!
-4- اشعر كما كثيرين غيرى بأن هناك وله من البعض للتظاهرات الاعلامية ، دونما الغوص فى مراميها و أهدافها.. مع تجاهل غير مقصود لتحقيق ماهو معلوم للنهوض بالولاية ، فعلى سبيل المثال عقد مؤتمر علمى فى قاعة الصداقة قبل سنتين ، و قدمت أوراق فيها شملت سائر المجالات .. السياحة ، الزراعة ، الطاقة ، التعدين ....الخ و تضمنت هذه الاوراق توصيات عملية ، كان من المتوقع ان تكون لجان لمتابعة تحقيق ما تضمنتها أو على الاقل بحث سبل تحقيقها على الارض، وقد انفض سامر المؤتمر... و حفظت الاوراق فى الاضابير .. لنستمر فى اجترار ما قد ذكرناه تباعا وتكرارا عن أهمية الولاية و مقدراتها الاقتصادية فى مجال السياحة والزراعة والتعدين ، ليعقد مؤتمر اخر يكرر ما سبق تناوله من موضوعات.
-5- كثيرون من من تحمسوا لتنظيم هذا المهرجان وطنيون مخلصون ، وحادبون على مصلحة البلاد والمنطقة ، بل وحين نشرت اسماء اعضاء اللجنة جاء الاقتناع بأن الغالبية منهم تتشرف المنطقة بهم و بمشاركتهم ولكن اشعر بأن قناعاتهم ليست فى موضعها ، ولكيما اكون صريحا فان ورود الاخ عبد المجيد محمد عبد المجيد على رأس هذه اللجنة أثار كثيرا من الاستفسارات ..للسؤال عنه وعن مراميه!! وموقعه الذى اختاره لنفسه رئيسا لاتحاد منطقة المحس والسكوت ووادى حلفا منذ سنوات خلت..واقول اختاره لنفسه دونما مشاركة من ابناء و بنات المنطقة.. يشير الى عدم شفافيته ، ولست من الذين يربدون الغيبة فى هذا الشهر الفضيل ... ولكن ما جبلنا عليه من صراحة ووضوح تجعل الانسلن يقول من غشنا فليس خير من يمثلنا.
-6- عبد المجيد كواحد من ابناء المنطقة لاأكن له حقدا ، أو كراهية ، ولكن كواحد من ابناء المنطقة لا يمكن ان أقبل ان يفرض نفسه هكذا رئيسا للمنطقة منذ اكثر من عشر سنوات ، وظل منذ مدة يتمتع بهذه الصفة فى غياب تام لاى عمل مؤسسى ، وقد علمت ان اللجنة غير موجودة وحتى من سمى نائبه مغيب تماما عن نشاطاته.. ، و كرجل اعمال ناجح لانحسده فيما يجنيه من مال يأتيه كما يقال بكفاحه و معرفته من اين تؤكل الكتوف ، او كما يقول اهلنا فى شمال الوادى بالفهلوة وخفة اليد .. وأحيانا بخفة الدم !! ..ولكن ان يتاجر باسم ابناء و بنات المنطقة مزهوا كمايقول بأنه القادر على جلب الاموال ......مسألة تحتاج لوقفة.
-7- اذكر فى زمن مضى كانت هناك فكرة لاقامة يوم للسياحة العالمية للولاية الشمالية ، و شرع البعض فى تحديد اعضاء اللجنة و توزيع الادوار بالنركيز على تقديم اوراق عن مقدرات المنطقة : شملت المقترحات اقامة نشاطات عدة منها سباق الهجن وسباق السيارات و مباريات فى كرة القدم بين الجهات المختلفة فى الولاية ، و بينما انا فى دهشة لهذا الحماس المنقطع النظير فى الحديث الدائر عن تفاصيل هذه المناشط والتى كنت ارى وكأنها حرث فى الماء فى و لاية تحتاج الى مشاريع حية فوق الارض .....رأيت أحدهم يضع ميزانية مهولة لفعاليات ذاك الحدث .. شملت نثريات المشاركين والمشاركات ، وابديت دهشتى لاحد النافذين الملمين بمثل هذه المناشط ليقول لى بأن هناك متخصصون فى وضع الميزانيات لان وراءها الربح المثير . ولا ادرى ماذا تم بعدئذ...بعد هروبى من ذاك اللغط العجيب !!
-8- قرأت بأعجاب تبرع بعض الشخصيات الفاضلة بمبالغ من المال لما سموه مهرجان كرمة الاول للسياحة والتسوق، و جاءنى استفسار دائما يلح على ، أما كان من الاجدر ان توظف هذه الاموال فى اقامة استراحة حديثة بالمواد المحلية فى المنطقة التى تربط مابين ابى فاطمة وكرمة ، لنشرع بعدئذ فى التفكير باستراحة مابين المحس والسكوت فى سليمان على او واوا ثم ثالثة فى المنطقة مابين البير و حلفا ثم بعد ان تكتمل هذه الاستراحات الشروع فى انجازات على الارض تشمل امدادات المياه والكهرباء .... وتشجيع القطاع الخاص بالمشاركة فى ايجاد وسلئل النقل البرية والنهرية ...الخ ، فالمنطقة فى امس الحاجة الى مثل هذه الوسائط اللوجستية لتنشيط السياحة .... بل وتشجيع طيورنا المهاجرة من المنطقة للقدوم للمنطقة مصطبحين اطفالهم وليكون ايذانا بالعودة فى منطقة اصبحت مهجورة ، و من ثم الشروع فى ترميم البيوت المهدمة، لان المنطقة مهددة بانجراف ديمغرافى اضافة الى تحديات صحية .
ملخص القول المنطقة تحتاج اولا و قبل كل شىء الى انجازات على الارض فى مجال البنى التحتية ، و يحق للكافة بعدئذ اقامة المهرجانات المتنوعة التى تشمل الغناء والرقص و المحاضرات التى تمجد حضارتنا ....