تجربة فريدة في مسار الصحافة السودانية لم يكتمل تسجيلها بقيت "القوات" صوتاً بلا مرجعية ولا صلة عضوية بالتغيير أو المغيرين "الهمس جهرا" مقالات نادت فيها الصحيفة بالتعددية الحزبية والصحفية لنقدها المبكر للمؤسسات والأفراد أسماها بعض الانقاذيين "صحيفة المعارضة"
لن يكتمل تسجيل الصحافة في عصر الانقاذ دون النظر في دور صحيفة "القوات المسلحة" منذ الأيام الأولى لاستلام الانقاذيين للسلطة، وحتى عودتها إلى الثكنات بعد عدة سنوات..
فخلال أسابيع الانقاذ الاولى خلت ساحة الصحافة إلا من "القوات المسلحة " التي خلعت بزتها العسكرية، وبقيت لساناً تختلط فيه لكنتان، عسكرية وسياسية. ويسجل هذا الكاتب هنا أن تلك كانت فترة فريدة في تاريخ الصحافة السودانية، لا زالت في حاجة إلى تسجيل دقيق للوقوف على حقائقها ودقائقها، لعل أقلها وقائع ذلك المقال الشهير "هل هؤلاء الرجال جبهة".
دفعت حالة "الانفرادية"– بعد تعطيل كافة الصحف- التي وجدت القوات المسلحة نفسها فيها، دفعتها إلى طرق ابواب زملاء كثر كانت تعج بهم ساحة الصحافة قبل أسابيع، ليساعدوا في ضبط "محلول المدني" المطلوب إضافته إلى "مُرَكَّز العسكري" منها.إلا أن عددا من الذين تم طرق ابوابهم ردوا الطارقين بغير قليل من الصدود،ولكنهم عادوا بعد حين ليكونوا قيادات في الصحافة الموالية للانقاذ.
لم تكن تجربة الانفراد في ساحة العمل الصحفي أمراً جديدة على صحيفة القوات المسلحة وعلى بعض قليل من محرريها، فقد حدث ذات الأمر من قبل في السبعينيات الأولى لمايو.وكانت الصحيفة منذ ميلادها الأول، صحيفة أسبوعية سياسية وليست عسكرية.إذ كانت صحيفة سياسية تصدر باسم الجيش، فلا تقع الموضوعات العسكرية البحتةفي دائرة اهتماماتها. وكانت مرجعية الصحيفة التي تم على أساسها إصدارها، هي أن تصبح ناطقة سياسية باسم الجيش، الذي كان قد اختار لنفسه صفاً متقدماً من السياسة بانقلابه على النظام السياسي. وهكذا فإن الاسم لم يكن يدل على الهوية التحريرية، بل يسجل هوية الناشر فحسب.
يوم وقوع انقلاب الايام الثلاثة الشيوعي، انفردت القوات المسلحة في الساحة الصحفية لأيام ثلاثة، صارت فيها الصوت الرسمي للانقلابيين، بعد أن توقفت الصحف الأخرى بقرارات الإعلان الأول للانقلاب. وبعد عودة مايو، تعرض الضباط العاملون فيها لهزة أرسلت بعضاً منهم إلى المعتقلات، وبعضهم الآخر إلى التقاعد.
ويمكن القول إن الهوية التحريرية لصحيفة القوات المسلحة،بعد انقلاب يوليو 71 والعودة منه، ظلت سياسية حتى بعد تحول النظام المايوي من نظام ثورةفي أوله، إلى نظام دولة في أعقاب انتخاب نميري رئيساً للجمهورية. فقد ظلت الصحيفة توجه جل اهتمامها للقضايا السياسية، مع رش القليل من القضايا العسكرية في بعض الصفحات من حين إلى حين. وخلال سنوات مايو الثورة كانت القوات المسلحة قريبة من مجلس الثورة فكانت مقالاتها الافتتاحية، وتصريحات أعضاء المجلس لها تحظى باهتمام سياسي عال. وحتى بعد التحول نحو التنظيم السياسي، وتنظيم الصحافة في داري الايام والصحافة، ظلت القوات المسلحة صحيفة أسبوعية ذات مكانة سياسية، بعض مقالاتها وموضوعاتها يؤثر في المواقف السياسية وينال اهتماماً من الفاعلين السياسيين.
وظلت القوات المسلحة على ذلك الحال حتى زوال مايو وعودة الصحافة المستقلة خلال فترتي الحكم الانتقالي، والديمقراطية الثالثة.ولعل الذين عايشوا حقبة الديمقراطية الثالثة يعلمون أن "القوات المسلحة" فقدت هويتها السياسية يوم غاب النظام المايوي، ولكنها صارعت –خلال فترة المجلس العسكري الانتقالي- لتبقى في وجه مطالبات بإغلاقها بل وإلغاء التوجيه المعنوي من هيكل تنظيم القوات المسلحة. فعلى مشارف نهايات الفترة الانتقالية، كان المجلس العسكري الانتقالي يعقد اجتماعات "لملمة بقايا الأورراق" قبل مغادرته الساحة السياسية. وفي واحد من تلك الاجتماعات، تمت مناقشة موقف صحيفة القوات المسلحة ومآلها، فطالب وزير دفاع الانتفاضة، بإغلاقها وتسريح صحفييها، باعتبارها من بقايا مؤسسات مايو "التي أسهمت في إطالة عمرها"، بينما طالب آخرون بان تبقى لمصلحة النظام الديمقراطي، إذا كان لها –وللتوجيه المعنوي- مثل ذلك الأثر. وانتهى الامر باتخاذ المجلس الانتقالي قراراً بسحب صحيفة القوات المسلحة من البيع في الأسواق وإبقائها حبيسة الثكنات العسكرية، وهو ما ظل عليه الأمر حتىى منتصف عام 88.
خلال ذلك العام عايشت القوات المقاتلة في الجنوب أوقاتاً حرجة في عملياتها في الجنوب، وذلك بسقوط المدن، وامتداد التمرد من الجنوب إلى جنوب الشرق وجنوب الغرب من البلاد. وفي تلك الفترة، كانت بعض الصحف المستقلة ، توزع مشاعرها بين الطرفين المتقاتلين في الجنوب، ألامر الذي جعل قيادات الجيش تضجر من ارتفاع وتائر النقد والتجريح وكشف الاسرار. في مثل تلك الظروف القتالية والسياسية الحرجة،وجدت حكومة السيد الصادق المهدي الثالثة نفسها مجبرة للبحث عن عسكري كفء يتولى أمر الجيش في ذلك الوقت الحرج، فجاءت بالفريق عبد الماجد حامد خليل ليتولى زمام الإشراف السياسي على الجيش.
بعد استقراره وزيراً للدفاع، تمكن الفريق عبد الماجد حامد خليل من إقناع رئيس الوزراء بوجوب إعادة صحيفة "القوات المسلحة" صوتاً ينافح عن القوات المقاتلة، ويتصدى للأصوات التي كانت قد اخذت في تخذيل المقاتلين، وفي عرض المسائل العسكرية وكأنها قضايا سياسية. وبذلك عادت القوات المسلحة صحيفة ذات هوية سياسية، يتمركز خطها التحريري حول قضايا وحدة الوطن ومجابهة التمرد السياسي. ولتأكيد تلك الهوية السياسية، حرصت "القوات المسلحة" حال خروجها من حبس الثكنات التي أرسلها إليها المجلس الانتقالي، على نشر لقاء مطول مع رئيس الوزراء، تناول قضايا المقاتلة في الجنوب، وعلاقات الحرب والسياسة مع الجيران في الجنوب والشرق. وكان أشهر ما حواه لقاء الصحيفة برئيس الوزراء، هو توجيهه لاتهامات مباشرة للحكومة الكينية حول مثلث "أليمي"، وهي تلك المنطقة المشتركة بين البلدين، والتي كانت مثار نزاع لم تتحرك حوله الحكومية الكينية إلا حين أحست بضعف الحكومة المركزية في الخرطوم. ولعله معروف الآن أنتلك التصريحات ، كانت واحداً من أسباب الخلاف الكيني السوداني في الأشهر الأخيرة من عمر الديمقراطية الثالثة.
خلال الأشهر الأخيرة من عمر الديمقراطية الثالثة، سعت "القوات المسلحة" لتكون صوت المقاتلين عن وحدة البلاد، تتعامل مع القضايا السياسية الوطنية ولكن من منطلق قومي، تتحاشى ما استطاعت قضايا الخلاف الحزبي التي طغت على الساحة يومها. وحين غربت شمس الديمقراطية في يونيو 89، أوقف النظام الجديد في بيانه الأول كافة الصحف، ثم أخطر إدارة صحيفة القوات المسلحة بأنها ستكون وحيدة في الساحة.
***
بإمكانات لم تتجاوز بضع محررين عسكريين و مدنيين، وجدت "صحيفة القوات المسلحة" نفسها منذ ثاني يوم الانقاذ، مطلوباً منها أن تكون صوتا وحيداً لسلطة جديدة، تكتنفها الضبابية أكثر من الوضوح، وتحيط بها من التساؤلات أكثر من ما تقدمه من إجابات.
وبالرغم من اتخاذ السلطة الجديدة لقرار بقاء صحيفة "القوات المسلحة" وحيدة في ساحة العمل الصحفي، إلا أن أحداً من قادة السلطة الجديدة، لم يقترب من الصحيفة والعاملين فيها ليعرفهم بالتغيير واتجاهاته، أو بالمغيرين وأهدافهم. بل تركت الأمور لتجري على عواهنها، حيث اعتمد الأمر على اجتهاد إدارة الصحيفة، في الحصول على المعلومات، ومعرفة المواقف في ظل الرمادية التي كانت تحيط بالتغيير والمغيرين. وكان أساس ذلك هو السعي الحثيث بين قادة التغيير بالاسئلة الأصعب في تلك الأيام من تاريخ البلاد.
ولعل أصعب تلك الأسئلة كان :
•هوية التغيير، والذي عبرت عنه الصحيفة في مقالها: هل هؤلاء الرجال جبهة؟
•قضية شكل الحكم وإمكان عودة الممارسة الحزبية.
•مستقبل الصحافة وإمكانات عودة الصحافة المستقلة،
ولم يكن السؤال الأول يومها إلا صدىً لتساؤل قدم به صحفي عربي، جاء إلى دار الصحيفة، يبحث عن إجابات لما كانت تمور به الساحة المحلية والعربية على حد سواء. وقد لا يكون مهماً التفصيل في ملابسات ذلكالسؤال، بقدر أهمية محتوى المقال الذي جاء السؤال عنواناً له. فكثير من الذين كتبوا حول المقال السؤال، في مقالات أو حتى في كتب، اعتمدوا على معرفة سماعية، أكثر من اعتمادهم على قراءة عقلانية للمقال. ولذلك فإننا نعيد فيما يلي فقرة أوردها كاتب ذلك المقال في ثنايا استجابة لإلحاح صحيفة الرأي العام منذ خمسة أعوام عليه لإعادة الزيارة لذلك المقال.
***
قالت أخر فقرة في ذلك المقال:
"تلك عشرون قد مضت منذ المقال الذي صدر في يوليو 1989، وكثيرون من الذين تناولوا المقال انطبعت في ذهنهم العبارة الرئيسة -ربمــا لجرسها وجرأتها- (وقد كانت كذلك يومها)، وانزلق من أعينهم – ومن ذاكرتهم فيما بعد- سدى المقال. فقد جاء المقال في إطار حوار حقيقي- دار بيني وبين صحافي مصري كبير بعثت به أخبار اليوم يومهــا،وربما من هم فوق أخبار اليوم - لتلمس حقيقة التغيير في الخرطــوم،ولما كان الصحافي المصري وثيق الصلة بشخصي، فقد التقى بي وتحدث معي مطولاً عن الجديد وملامحه المبهمة.فكان المقال مستنداً على الحوار مع الصحافي المصري، مضافاً إليه من معطيات الخيال الصحفي ما استكمل أهــداف الكاتب الملتزمة بالواجب الاستراتيجي.
كان الصف العسكري يومها على وشك الانشطار، فأحداث رمضان الحزينة كانت رياحها وغيومها قد بدأت في التشكل في أفق الوطن منذ تلك الأيام، وكانت قوائم المخرجين من الجيش أو المنتظرين إخراجهم تترى، وقد ادلهم أفق الجيش بما هو آت. وقد فتحت يومها الكراسة الاستراتيجية واستلهمت مسئولياتي منبطن بندها الأول، فلم يكن المقال كما ظن رماة التهم الجزاف- خدعة لأحد، ولم يكن السؤال كما ظن قراء السطح - سؤالاً أستفهامياً، يتطلع إلى النفي أو الإيجاب.كان السؤال سؤالاً بلاغياً، يستهدف مناقشة القضية الأساس برمتها..وكان طرف النقاش المستهدف هم أصحاب الفعل. كان المقال، دعوةً ورجاءً ألا يكون للجيش ميل.كان المقال تذكيراً بما ينبغي ان يكون عليه الحال، وأملاً في أن يظل الجند جنداً ملتزمين بشعب، ومتجاوزين لكل حزب.
كان المقال هو المقال اللسان، ودلوني على من كان في مثل موقعي، ويملك أن يسعى بغير لسانه."
***
تحت ثقل ظل ذلك المقال الأشهر، انزلقت من الذاكرة الجمعية للمهتمين بالسياسة في البلاد مقالات أخرى سعت عبرها الصحيفة لتستقل انفراديتها وتطرح قضايا ذات طابع قومي أسمى. ولعل الصحيفة يومها افترضت أن مثل التغيير الذي تقوده القوات المسلحة يحق فيه الاجتهاد باتجاه التطلعات الوطنية الكبرى، فابتدعت الصحيفة يومها بابا أسمته "الهمس جهرا" قصدت من ورائه أن تتناول الموضوعات التي كانت تدور بها الألسنة في كل مكان.
وكان السؤال الاكثر إلحاحاً يومها، عن شكل النظام السياسي المنتظر،هل هي عودة إلى الشكل النوفمبري للحكم، فيه يبقى المجلس، كما بقي مجلس الفريق عبود حاكماً بالجيش مطلقاً؟ أم هل هي اقتراب بالشكل من النظام المايوي، فيه يذوب المجلس العسكري، وتحل قوى متحالفة لقيادة البلاد؟ أم هل هي عودة بالتدرج لذات النظام التعددي الحزبي؟
همست الصحيفة جهراً بهذه الأسئلة في ثنايا مقالات اتخذ بعض عنوانها من العبارة الأشهر: "إلى أين؟ " وفي ثنايا ذلك المقال تناولت الصحيفة بالتحليل أنظمة سياسية دولية وإقليمية مختلفة المشارب، منها النظام اليوغسلافي بتركيبته التي ساد فيها الحزب الشيوعي، ولكن تحالفت فيه قوميات معددة، رأي فيها المقال شبيهاً بالإثنيات التي يمور بها السودان. ومنها النظام السياسي التركي، الذي أضاء المقال تجربة وجود الجيش حارساً على النظام البرلماني التعددي، وفي ذلك أشار المقال إلى بقاء الجيش حارساً لا حاكماً في التجربة. ثم تحدث باب الهمس جهراً في ذلك المقال عن تجارب أكثر قرباً، كالتجربة التنزانية، والتجربة العراقية.
وفي ثنايا تلك المقالات، قالت الصحيفة عن مستقبل الصحافة ووجوب العودة المبكرة للصحف المستقلة، باعتبارها المفتاح الأول نحو نظام ديمقراطي تتعدد فيه الأراء وتبقى فيه ابواب الحرية مشرعة.
***
بانقشاع الرمادية السياسية عن واقع التغيير الذي حدث في يونيو 89، مرت بعض المياه المهمة تحت جسر صحيفة "القوات المسلحة". فقد دلف -أو أدلف- إلى ساحتها نفر من الملتزمين الأصيلين عملا بسياسات التمكين التي كانت قد ارتفعت وتيرتها بعد العلن السياسي. وانتظمت سياسة الصحيفة التحريرية في صف الصحافة الانقاذية المتمثلة في الإنقاذ والسودان الحديث، فنافحت "القوات المسلحة"–ربما بصوت أعلى من رفيقتيها- عن المواقف السياسية للإنقاذ، خاصة على صعيد السياسة الخارجية التي صارت يومها أصعب الملفات التي تجابهها الانقاذ. فتقدمت الصحيفة صف المنابذين لبعض عرب الخليج إبان حرب الخليج الأولى، ثم صارت تعيِّر جيران الشمال بالفرعونية، حين احتدم الخلاف السياسي بين البلدين في تسعينات القرن الماضي الأولى.
وحين بدأت الانقاذ مسيرة الانفتاح السياسي المتمهل عام 93، كان أول ملامح ذلك الانفتاح، قانون الصحافة لعام 1993 ، وهو القانون الذي أذن ببدء العودة إلى الصحافة المستقلة، ولكنه قيدها بقيود ثقال، أقلها التأمين المالي، وأعلاها مراجعة الهوية السياسية للمتطلعين لإصدار الصحف. وبناء على ذلك،تحولت ملكية الصحيفتين الحكوميتين إلى شركتين، أسهمت فيهما البنوك القائمة في البلاد،وبعض المؤسسات ذات الصلة.
أما صحيفة القوات المسلحة، فقد أصابها التغيير أيضاَ، ولكن في اتجاه التزامها بمقتضيات القانون الجديد، الذي يلزم بالصدور من شركة فحسب. ولهذا قام الجيش بتكوين شركة - ساهمت فيها القيادة العامة وشركتان شبه عسكريتان هما شيكان وبنك أمدرمان الوطني - لتصدر عبرها صحيفة القوات المسلحة، تحت اسم آخر هو "النصر". وبصرف النظر عن ملابسات تغيير اسم الصحيفة العريق، إلى اسم اقترب بها من أسماء الفرق الرياضية، فإن الملاحظة المهمة في هذا الأمر هو بقاء الهوية السياسية للصحيفة العسكرية، واستمرارها في الإطلال على الجمهور باعتبارها إصدارة صحفية ثالثة في البلاد.
صدرت "النصر" في شكلها وتحت اسمها الجديدين، وحاولت خلال سنواتها المتبقية، أن تختبر بعض ما نادت به مبشرات التحولات السياسية الجديدة وقتها: النقد البناء. ومن ثم فقد بدأت عصر صدورها تحت المسمي الجديد، بتحقيقات تجرأت فيها على مؤسسات كانت وقتها تظن في ذاتها أنها تقترب من مؤسسات السيادة.
•فتناولت في بعض ما تناولت، الإعفاءات الجمركية الكاملة لبعض المؤسسات، وما يحيق بالبضائع المعفاة بعد ورودها للبلاد. وكانت أشهر تلك القضايا في ذلك الصدد، القضية التي عرفت بقضية الدواء الكيني.
•وتناولت الصحيفة في بابها النقدي على صفحتها الأولى، تلك البدعة التي أسمتها الصحيفة "الحجاب الإلكتروني" والتي جاء بها التلفزيون في عصر قيادته المتزمتة، حيث دفعت مهندسيها ليكسوا بالتظليل سيقان وأذرع الممثلات في المسلسلات المصرية التي كان يعرضها التلفزيون..
•ثم تناولت في بعض زواياها بالإشارة المواربة، بعض مسلك القيادات المحسوبة وقتها على النظام السياسي في العاصمة والولايات.
***
باضطراد تلك الروح المتطلعة لسيادة صحافة إيجابية، بعض قياديي الانقاذ في تسعينيات الانقاذ الأولى، يلقبون النصر "صحيفة المعارضة"، وكال بعض الأقربين "أصوات اللوم"في الاجتماعات الصحفية الإعلامية، لمسئولي صحيفة النصر، لأنهم كما قالوا "يستهدفون الرموز".
وعلى خطى النصر ، مضت بعض زميلات لها كن قد عدن صحفاً مستقلة بموجب القانون الجديد، في الطرق الشجاع لساحات النقد، اعتقاداً بان ذلك هو السبيل نحو وضع الصحافة في موضعها الاصيل: عين مراقبة ونقد وتعديل.
بيد أن واحدة من تلك الزميلات،السوداني، كان نقدها حارقاً خارقاً حتى التهم لهيب نقدها، ذاتها.
أما صحيفة النصر، فإنها لم تلبث أن عصفت بها رياح شبيهة، فتفرق كادرها الأساس أيدي سبأ، وأعيدت هي- للمرة ثانية في تاريخها- إلى الثكنات لتحمل مرة أخرى اسمها الأصيل: "القوات المسلحة."