مُدْخَلاتُ التَّهَيُّؤِ، فَاسْتِجَابَاتُ الرَّحِيْلِ
(33)
" ... اللَّيْلَةَ يِسْتَقْبِلُنِي أَهْلِي: اِمْرَأَةٌ تَفْتَحُ بَابَ النَّهْرِ وتَدعُو مِن عَتَمَاتِ الجَبَلِ الصَّامِتِ والأَحْرَاش، حُرَّاسَ اللُّغَةِ - المَمْلَكَة الزَّرْقَاءْ، ذَلِكَ يَخْطُرُ فِي جِلْدِ الفَهْدِ، وهذَا يَسْطُعُ فِي قِمْصَانِ المَاءْ، اللَّيْلَةَ يِسْتَقْبِلُنِي أَهْلِي..."
(العَوْدةُ إلى سِنَّار"النَّشيدُ الأَوَّلُ : البَحْرُ " : د. محمد عبد الحي).
أن تَسْعَدَ بإنجازاتكَ الشخصيةِ وتَفْخر ضمن مساهمات زملائكَ وزميلاتكَ المقدرة الثمينة المِفْصَليَّة، في عمل يتسم بالجماعية التي تقود إلى الشعور "العام" بالانتماء العميق لفريق العمل والالتزام الأكيد بتحقيق الهدف المشترك الذي تعملون من أجلهِ، لهُوَ أمرٌ وثَمرةٌ مُسْعدةٌ، مترعة الفوائد، للعمل الوظيفي المنتج لما يعين الناس على تصريف أمور حياتهم. ويظل العمل ذو الطبيعة والسمات الإبداعية ثقافياً أو فكرياً أو معرفياً أو فنياً، أكثر الأعمال الجماعية مردوداً إيجابيا على أصعدة الاجتماع والنفس والروح والجسد.
ومِن أهمِ أعمالِكَ الإذاعيَّةِ ذائعة الصِّيتِ، ضاربةِ الشهرة على أثير هنا امدرمان، بُعيدَ النصف الثاني من ثمانينات القرن الذي ولَّى، والتي تسعدكَ أيما سعادة ، برنامج "صباح الخير يا وطني" هذا البرنامج الصباحي الذي احتلَّ واحدةً من أهم فترات الاستماع الإذاعي في البلاد الكبيرة، حيث يُبَثُّ في السابعة صباح كلِّ يومٍ لمدة خمسين دقيقةً، لينتهي في الثامنة، تتخلَّله النشرة الموجزة للأنباء في السابعة والنصف، والذي كان شعارُهُ: (صَباحُ الخَيْرِ يا وَطَني، مَجَلَّةٌ أثيريةٌ صَبَاحِيَّة، تُعْنَى بالوَطَنِ، والحَيَاةِ، والإنْسانِ)، حيثُ ظَلَّ لِسنواتٍ ثلاث يَتَنَاوبُ إعدادَهُ الرَّاحلُ الشَّاعر الكاتبُ الصحفي الأستاذ سعد الدين إبراهيم، والباحث الأديب الأكاديمي الذي كان يعمل بالمركز القومي للبحوث الأستاذ محمد مصطفى محمد أحمد، والأستاذة المخرجة القاصة سلمى الشيخ سلامة، وشخصكَ. كُنتَ تقوم بتقديم البرنامج، بصحبة الراحلة المقيمة المذيعة المتفرِّدة رجاء حسن حامد (رحمها الله رحمة واسعة)، والإذاعي القدير طارق كبلو، والمذيعة مدهشة الأداء الراحلة هيام المغربي (رحمها الله رحمة واسعة)، والمذيعة صاحبة الصوت والأداء المدهشين إسراء زين العابدين، والمذيعة الرائعة دكتورة ليلى عوض، والمذيعة القادمة من عروس الرمال الأستاذة سهام أبو كندي، والمذيع الدكتور محجوب بخيت، والإذاعي الدرامي الأستاذ أحمد إسماعيل، والمذيعين الطموحين سيد أحمد زكي، وأزهري إبراهيم عبد الوهاب، ومذيع التلفزيون الرائع جمال الدين مصطفى، وطاقم الفنيين الإذاعيين المبدعين أسامة جمعة وطلال عثمان، وعبد العزيز إبراهيم الطاهر، وأحمد النيل، وخالد نايل، وأحمد علي وآخرين.إخراج الإذاعي الفنان الصديق الحميم صلاح الدين التوم، والمخرجين الرائعين أبو بكر الهادي، ومحمد خفاجة، وأزهري العمرابي، والمخرج الكاتب عمر إسماعيل العمرابي، والمخرج الأستاذ الفنان معتصم فضل، والمخرج الكاتب الدرامي شاذلي عبد القادر. وكان الإشراف العام على البرنامج يقوده أستاذنا المبدع الكبير صاحب المبادرات الإذاعية والحياتية الرائدة بروف صلاح الدين الفاضل ، حيث كان يتم تسجيل البرنامج "عادةً" باستديو (أ) أو (ب).
تميَّز برنامج صباح الخير يا وطني عن غيره من برامج الإذاعة بسماتٍ متفرِّده شكلاً ومضمونا. فمن حيث المضمون، كان للمعدَّين الرئيسيْن (سعد الدين، ومحمد مصطفى) أسلوبهما المميِّز لكلٍّ منهما، فقد ظلَّا ملتزمين بشعار البرنامج الذي يحمل الملامح الأساسية لمضامينه من حيثُ إنَّه برنامجٌ صباحِيٌّ يُعنى بالوطنِ والحياةِ والإنسان. أمَّا الىشكلُ فيتجلَّى في لغة الفقرات السهلة المعبرة عن المعاني المقصودة في قالب أقرب إلى نفس المستمع الموزع بين أقاليم وأرياف وقرى وفرقان وبلدات ومدن البلاد الكبيرة. كما كان للرؤى الاخراجية التي تناغم "مُوائِمةً" بين الموضوعات الفقرات المواد الموسيقية والغنائية والأدائية فِعْلُ السِّحْر في جذبِ متابعي البرنامج متبايني الأذواق والخلفيات المعرفية والثقافية والعلمية . وكان تجسيداً لنظريَّةِ أستاذنا صلاح الفاضل " فَنّ الرُّؤْيَةِ بالأُذُنِ".
ونُواصِل
dokahassan@yahoo.com
/////////////////