مُدْخَلاتُ التَّهَيُّؤِ، فَاسْتِجَابَاتُ الرَّحِيْلِ (11)

 


 

 

 

dokahassan@yahoo.com

" ...أَلا يَا حَمَامَاتِ الحِـمَى عُدْنَ عَوْدَةً فَإِنِّي إِلَى أَصْوَاتِكُنَّ حَنُوْنُ
فَعُدْنَ فَلَّمَا عُدْنَ لِشَقْوَتِي وَكِدْتُ بِأَسْرَارٍ لَهُنَّ أُبِيْنُ
فَلَمْ تَرَ عَيْنِي مِثْلَهُنَّ حَمَائِماً بَكَيْنَ فَلَمْ تَدْمَعْ لهُنَّ عُيُونُ ..."
الشاعرُ: قَيْسُ بنُ المُلَوَّح (مَجنون لَيلى)

قد تتزاحم مُتعانقةً في إنتشاءاتها التَّلاطميَّة وخصوصيتها المنتقاة على غير انتظام، وتتسارع رشيقاتٍ في أمواجها المتتابعة، وموجاتها الهادرات صوتاً، الصامتات حيناً، تلكم الشَّاغلاتُ المُشغلاتُ عنفوان الشباب وقوته، سليلاتُ المشيمي من الحياة في أحوالها الصاخبات"العايرات" إيجاباً، أو الـمُوجبات تفاعلاً وفعلاً، أو السالبات طرحاً للزبد اليومي البشري الذي يحرِّك ساكناً، أو قد يُسكِّنُ مُتحرِّكا " وهو سادرٌ في إيقاعاته الرَّاتبة كثيفة الحضور، بالغة الفعاليَّة والأثر المحايث "،وبحرُه قد خَبَّ اضطراباً وهيجانا. إنَّهُنَّ العاتياتٌ ، وأخريات يتخَوْلقْنَ في رَوِيَّةٍ ومَهلةٍ تشرَّبت الهدوء قطرةً فقطرة، نَسْمةً فَنَسْمة، حُرْقةً فَحُرْقة، حَنِيْناً فَحنينا، حتى تهُبَّ رياحهنَّ ذوات الأذرع الإعصارية السخيَّة في فَتْكها، الناعمة في فتوتها ونعومتها، حَفِيْداتُ اِنْفلاقِ صخرة المياه العتية الرَّويَّة، بُنَيَّات التسُونامي Tsunami، فارس الرُّعب وَلِيد المَدِّ " البحر- زلزالي" نواحي بلاد السيد فوجي الجبل، ديار السَّاموراي، أرض النيبون وأهلها النيهونجِن، هؤلاء اليابانيون، ساكني الجُزُر التي وصفوها بالمجرَّة المتفرِّة في كوننا هذا والتي لا تشبه كوكبنا الذي نعيش فيه ونعتاش بما ومما يختزن ما يعيننا اجتماعيا، وثقافيا، وفكريا، وقيمياً، وحياتيّا... يلفُّنا الكوكب "التُّرامْبِيُّ" بتجلياته " المَانجُلُكِيَّة" الطاذجة المطرَّزة على ثوب الآنيِّ من حياتنا بأخلاقها ومعيناتها الخُلُقِيَّة، ومُثُلها العليا في إلحاحها المهول المحاصِر آذاننا قَبْلَ البطون والعيون والعقول، حتى الأحلام، والآمال، أمَّا القلوبُ فَلا، وألف لا !. ويحزم أرضنا أفقاً تعافه الصبايا، ويهجره الشباب، لتندلق على صحوات ومنامات الشيوخ والكهول أمواجٌ تليها موجات من الحنين الجارف إلى التَّقرُّبِ مما كنا نروم ونبتغي. "...هي هجرة أخرى فلا تكتب وصيتك الأخيرة والسلاما،سقط السقوطُ،وأنت تعلو فكرة ًويدا ًو… شاما. لا بر ّ إلا ســــــــــــــــــاعداك، لا بحر إلا الغامض الكحلي ّفيك... يا بن أمي، يا بن أكثر من أبٍ، كم كنتَ وحدك..." ، أو كما قال فيلسوف المحدثين من الشعراء (درويش).

وللموج في سفر التجارب والعلوم أدبياتٌ،حيث يرجع أصل كلمة تسونامي Tsunami المركبة من كلمتين هما Tsu و Nami إلى اللغة اليابانية Nihon-go (النِّهُوْنْغُو) ذات الكلمتين أيضاً نِيْهَوْن (اليابان) ، و غُوْ (اللُّغة) أي اللغة اليابانية. وكذا أربِيَّا غُو Arabia-go (اللغة العربية) ، وإِيْ غُو E-go (اللغة الإنجليزية، فحرف إِي E يرمز للإنجليزية). فالتسونامي تعني موجة الميناء، بحيث إنَّ Tsu معناها الميناء، وNami تعني الموجة. إنها " أمواج الموانئ" عرفها اليابانيون أول مرةٍ ، بواسطة صائدي أسماك البحار والمحيطات، حيث دمرت الأمواج أشياء لهم تركوها على الساحل، وعند عودتهم وجدوها مدمرةً تماماً وصارت أثراً بَعْدَ عَين!، وقد أخذهم العَجَب، وداهمتهم الدَّهشةُ لعدم شعورهم بهذه الأمواج وهم في لُبِّ البحر. وترجع أسباب هذه المدمرات من الأمواج التسونامية إلى حركة الصفائح الأرضية المتينة التي تقود إلى إحداث الزلازل وإثارة البراكين القارة في أعماق المياه، مما يولِّد ضغطاً تتحرك بموجبه مياه غزيرة وأمواج عاتية، يكون نتيجتها الدمار الكبير في الممتلكات والأرواح والعتاد. وعلى مدى القرنين الماضيين،حدث حوالي ثلاثمائة (300) تسونامي ، كان أكثرها خراباً ودماراً ثلاثةٌ، هي ، أمواج الموانئ التي ضربت الساحل الشرقي لجزيرة هُوْنشُو اليابانية في شهر يونيو عام 1896م، وقد وصل ارتفاع الأمواج إلى 20 مترا، وفي ديسمبر عام 2004 ميلادية، ضربت أمواج التسونامي الهند، والفلبين، وإندونيسيا، وتايلاند، وشمال غرب ماليزيا، وسيرلانكا، وآخر السناميات من الأمواج تسبب في أزمة إشعاعية عظمى باليابان، حيث قّدَّر الرحمن أن نكون شهوداً على آثارها، وذلك في الحادي عشر من شهر مارس عام 2011 ميلادية.

ونواصل

 

آراء