الحمد لله حمدا كثيرا مباركا فيه، بعدد خلقك وزنة عرشك ومداد كلماتك، علي النعم كلها وبصفة خاصة اجل النعم: نجابة ابناء السودان، الذين استطاعوا بحول منك وقوة، ان يهزموا قوي الشر والفساد، واكدوا حقيقة ان الناس ينتمون لقبيلتين: قبيلة الانسان الانسان، وقبيلة الانسان الحيوان. القبيلة الاولي هي المهمومة بغمار الناس والكادحين، والثانية هم عبيد شهواتهم – المفسدون في الارض. ولان الحنان المنان اعدل الحاكمين، جعل كيد اهل الاسلام السياسي في نحرهم، ارادوا للجيل الذي خرجوا للدنيا في عهدهم، ان يكونوا معهم في مركب الشهوات، لانهم قدموا لهم تعليما ناقصا، ووفروا لهم بيئة الفساد، واتوا بالمخدرات بالحاويات، ولكن كان اكثر من 50% من المدمنين من ابنائهم، ومعظم المتطرفين ايضا ابناؤهم. اما جيل البطولات فقد كانوا يعلمون ما يحاك لهم من تدبير، فطلبوا العلم عبر الاسافير، وتسلحوا بقيم اسرهم وقادوا ثورة ديسمبر المجيدة، وواجهوا بطشهم ببسالة اذهلت العالم. رب لك الحمد آلاف، سبحانك ربي العزيز القدير، الرحمن الرحيم ، الخبير اللطيف.
قوي الحرية والتغيير (قحت)
هذه القيادة الحكيمة، التي آمنت بالتعدد والخلاف وبالراي الآخر، استطاعت ان تبحر بسفينة الثورة وسط الامواج والاعاصير، ورغم كيد الاعادي، حتي تحقق الحلم وتكونت حكومة كفاءات وطنيه نظنها قادرة علي حقن البلاد بترياق العافية، والتقدم بها للمعافاة الدائمة.
ولكننا نتساءل : هل فترة الثلاث سنوات كافية لتحقيق الحد الادني من الشروط اللازمة لممارسة الديمقراطية؟ هل هذه الفترة كافية لبث الروح في اقتصادنا الذي تعرض لتخريب ممنهج؟ هل هذه الفترة كافية لاصلاح الدمار الذي حدث للتعليم في البلاد؟ أجابتي الشخصية انها غير كافية، ومن هنا ياتي التساؤل الاهم: هل في الامكان تعديل فترة الحكومة الانتقالية بالاستفتاء الشعبي؟
وان وصلنا لمحطة الانتخابات، هل الاحزاب مؤهلة لممارسة ديمقراطية تماثل (compatible/commensurate) اهداف هذه الثورة المجيدة؟ اشك في ذلك، الا اذا بدات الاحزاب في اعادة بناء تنظيماتها، وتربية اعضائها علي الديمقراطية الحقة في داخل بيوتها. وهل يمكن ان يتم ذلك في فترة الثلاث سنوات؟
ان تجمعكم هذا (قحت) نال ثقة الشعب السوداني كقائد، وكان الشعب رهن اشارتكم ايام الثورة ، تحددون الجداول فينفذها الشعب دون نقاش. نتمني ان تظل قحت قيادتنا في مرحلة البناء، وان تكون شريكا اصيلا مع جيل البطولات في حراسة الثورة واهدافها.
جيل البطولات
من غيرنا يعطي لهذا الشعب معنى أن يعيش وينتصرْ من غيرنا ليقرر التاريخ والقيم الجديدةَ والسيرْ من غيرنا لصياغة الدنيا وتركيب الحياةِ القادمةْ جيل العطاءِ المستجيش ضراوة ومصادمةْ المستميتِ على المبادئ مؤمنا المشرئب إلى السماء لينتقي صدر السماءِ لشعبنا جيلي أنا...
******
هكذا خاطب سعادة السفير محمد المكي ابراهيم شباب ثورة اكتوبر في عام 1964، كان يخاطب جيله وجيلي، مؤملا ان يحرسوا ثورتهم، ويودعوا الشمولية الي الابد، ويتدربوا علي الديمقراطية و يدربوا عليها اباءهم من الزراع والعمال والتجار والموظفين والراسمالية الوطنية، لكننا بسذاجة اعتقدنا ان التغيير حدث، وستاتي الديمقراطية اكلها!!، ولكن هيهات،تركنا كنزنا الثمين في قارعة الطريق، واحتفلنا بنصر جيلنا قي (رويال والمقرن وليدو وفتدق الشرق واماكن اخري حامياني!!) فتخطفتها الاحزاب الطائفية والانقلابات العسكرية، حتي فوجئنا باسوأ انقلاب في التاريخ: انقلاب الاسلام السياسي الذي قام علي المكر السئ ، والدجل والفساد باسم الدين.
لكن هذا الشاعر العظيم، وكانه يراكم في رحم الشعب السوداني، قال المزيد من الشعر
هزم المحالاتِ العتيقة وانتضى سيفَ الوثوقِ مُطاعنا ومشى لباحات الخلودِ عيونهُ مفتوحةٌ وصدوره مكشوفةٌ بجراحها متزينهْ متخيرا وعر الدروب.. وسائراً فوق الرصاص منافحا جيل العطاءِ لك البطولاتُ الكبيرةُ والجراحُ الصادحهْ ولك الحضورُ هنا بقلب العصر فوق طلوله المتناوحهْ ولك التفرّد فوق صهوات الخيول روامحا جيل العطاءْ... أبداً يزلُّ المستحيل لعزمنا .. وسننتصرْ وسنبدعُ الدنيا الجديدةَ وفقَ ما نهوى ونحمل عبءَ أن نبني الحياة ونبتكرْ
الا ترون ان الشاعر العظيم يخاطب جيلكم، الستم انتم من هزم المحالات العتيقة، ومشيتم لباحات الخلود بعيون مفتوحة وصدور مكشوفة متزينة بجراحها. اليس من واجبنا ان نحمد الله ان جعل للسودان ابناءا مثلكم ومثل الشاعر العظيم.
رب لك الحمد والشكر بعدد خلقك ورضي نفسك ومداد كلماتك، بعدد قطرات دماء الشهداء وبعدد دموع الامهات والآباء، سبحانك ربنا لانحصي ثناءا عليك انت كما اثنيت علي نفسك.
تهزني مشاعر الفرح والاعتزاز بهذا الجيل، ساتوقف هنا لاكمل مقالي في الحلقة الثانية.
وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي اشرف الخلق والمرسلين.