كلام الناس
علمتني التجارب أن لا أعمم الأحكام على الناس ولا أتخذ مواقف مسبقة تجاهم مهما اختلفت معهم في الرؤى والمواقف، لذلك حرصت على قراء كتاب "حركات التجديد الديني في جنوب الصحراء والسودان الشرقي" الصادر عام 1997م تاليف الدكتور عبدالحي يوسف.
تضمن الكتاب إفادات مهمة حول تاريخ دحول الإسلام في السودان أكد فيها حقيقة ان الإسلام لم يدخل السودان بالغزوات والحروب بل عن طريق الطرق الصوفية.
أشار المؤلف إلى دخول الطرق الصوفية للسودان وبالتالي دخول الإسلام من الشرق من الحجاز ومن الشمال من مصر لهذا كانت الطرق الصوفية فروعاً لها، عدا الطريقة البرهانية حيث كان شيخها في السودان وأصبحت لها فروع في مصر وفي غيرها من بلاد العالم.
في إفادة اخري قال عبدالحي يوسف ان الشيوعيين كانوا سباقين في العمل التنظيمي والتجديدي، أما حركة الأخوان المسلمين فقد دخلت السودان عبر الطلاب الذين درسوا في مصر وعادوا للسودان امثال الصادق عبدالله عبدالماجد وعبدالرحمن رحمة الذين بذروا بذرة الاخوان في السودان.
ذكر المؤلف أن معهد امدرمان العلمي الذي تأسس عام 1912م لم يخرج جيلاً ذا فكر حديث في العلوم الإسلامية، إلا بعد التحديث الذي تم في عهد ابراهيم عبود بتحويل المعهد لكلية ثم جامعة، وتناول مسألة علاقة الاخوان بالإنقلابات العسكرية وقال إن الرشيد الطاهر أول من شارك في محاولة انقلابية، وأضاف قائلاً : إن الاخوان أدخلوا في العمل الإقليمي أو الولائي معايير لاتمت للإسلام بصلة.
إنتقل بعد ذلك للخلافات التي نشبت بين الترابية نسبة للدكتور حسن الترابي والجعفرية نسبة للدكتور جعفر شيخ إدريس في مؤتمر بحري 1969م، ثم تفاصلت الجبهة الإسلامية عن الأخوان وإن ظلت متواصلة معهم عالمياً في تناقض ظاهر على المسرح السياسي والإجتماعي.
انتقد عبدالحي يوسف غياب الشورى وقال انه لايمكن ان تستقيم الأمور في جماعة يصدر عن بعضهم نعرات عنصرية وتسود بين بعضهم الغيبة والنميمة، وأشار إلى كثرة التنظيمات التي لم تعمل على تعميق الإسلام إنما للإتفاف على الحقائق وإرضاء الأشخاص.
أوضح المؤلف كيف أن أصحاب المشروع الحضاري دعموا في عهد نميري فتنة محمود محمد طه وأودوا به للمشنقة وهم يعلمون أن ماقاله من أراء قيل من قبل في قرون سالقة.
ذكر عبد الحي يوسف في كتابه هذا ان جبهة الإنقاذ أباحت بالاجتهاد كثيراً من الممنوع شرعاً، كراهةً او تحريماً ومنعت الكثير من الواجب والمندوب من اجل التمكين للسلطة ومحاربة الاخرين.