وقف نقل النفط وضخ العداء..!
د. محمد شرف الدين
1 February, 2012
1 February, 2012
مسألة وقف الجنوب لضخ نفطه في انابيب الناقل شمالاً، خوفا من سرقته، حسب ما أُعلن في الجنوب، او أخذه (عنوة)..! كما أعلنت الحكومة السودانية... هى مسالة، أكبر من مسألة حسابات الربح و الخسارة وغير خاضعة لمعايير التجارة الدولية كما يتوهم الكثيرون ...فالمسالة اعمق بكثير ولها ارتباط وثيق جدا بمستقبل العلاقة بين الشمال و الجنوب،وبين الشعبين تحديدا ،فتصرف حكومة الشمال وانتهاجها الاسلوب الذي تراه مناسبا لاخذ الحق اهدى حكومة الجنوب فرصة نادرة استثمرتها بنجاح،اعلاميا. .. فحكومة جوبا استطاعت ان تلف المواطنين حولها حينما خرجت مظاهرات عفوية او غير ذلك في كل مدن الجنوب تقريبا ترفع شعارات معادية للسودان و بعضها قاسيا جدا...فهذه التفاعلات الشعبية تخلق وعيا جديدا و ادراكا لدى الجنوبيين نحو الشمال ..فمثل هذه المواقف تعبئ الناس هناك بمشاعر عدائية غير قابلة للمحي لانها ستشكل الصورة الذهنية للسوداني في مخيلة النشئ و عامة الناس بالجنوب ..بالاضافة للصورة السابقة التى اعتقد انها غير ايجابية في مخيلة الكثيرين لارتباطها بمواقف تاريخية مازالت(جدلية)..! فنحن اذا اردنا بناء مستقبل مشترك و الحفاظ على علاقات ودية مع دولة الجنوب علينا المثابرة في الاتجاه الايجابي من خلال خطوات تقرب بين الناس في الشمال و الجنوب بدءً بالكلام البناء، فالحرب كما تعلمون، اولها كلام، وكل شئ يذهب و تبقي الكلمة في قاع الذاكرة ومحفورة في تضاريس الوجدان الانساني ..فحديث الحكومة عن اخذ الحق عنوة غير موفق اطلاقا،بل يظهرنا كسودانيين (بربر ورعاع) لا يؤمون بالقانون الدولي وان ايمانهم الوحيد هو بقانون العضلات ...فالنفط و غيره من المعادن ناضبة لا محالة و لكن مشاعر الصداقة و الود و الاخوة الانسانية بين الشعوب لا تنضب بتاتاً... فهذه هي المصادر الطبيعية الحقيقة التى ينبغي ان نستمد منها قوتنا و نشيد بها جسور التواصل بيننا و الجنوب و ليس ايقاد نيران المصالح المؤقتة الزائلة كثمن بخس امام مصلحة الشعبين الحقيقة ...فعامة شعب الشمال و الجنوب لا يهمهم اطلاقا حسابات النفط وحجم انتاجه لانه لا يحس بعائده على حياته اليومية ...فحياة الناس في الشمال و الجنوب ليست في نعيم مثل نعيم شعوب البلدان المنتجة للنفط ...الشعوب التى تغيرت حياتها جذريا بعد اكتشاف النفط ..
نعم، لقد اوقف الجنوب _ مدفوعا بحرصه على حقه ان لا يسرق كما اعلنت جوبا_ ضخ نفطه لينقل عبر الشمال و لكنه بدأ بانتاج مشاعر العداء و ضخها شمالا، ليس عبر ابنوب محدود القطر، بل ضخها كرد فعل على قرار السودان اخذ النفط (رجالة)، ضخها كسيل اجتاح كل السودان .ومن ناحية أخرى،يتوجب على حكومة الجنوب الاذعان الى حقيقة ان مستقبل الجنوب ومصيره وثيق الارتباط بالشمال وعلى هذه المعطيات عليها التصرف بشأن النفط و غيرها من ملفات ومهم جدا الابتعاد عن اى مؤثرات دولية قد تدفع جوبا نحو التصعيد مع الخرطوم.
إذن،علينا ان اردنا العيش في سلام مع الجنوب النظر ابعد والعمل على تشييد جسور التواصل لا على الهدم وبذر التباغض و شحن الشعوب بالعداء لبعضها البعض .
M. Sharafeldin [msharafadin@hotmail.com]