25 نوفمبر يوم الاحتفاء بالقضاء على العنف ضد النساء

 


 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

وغالبهن لئيم!

umsalsadig@gmail.com

أهنيء نفسي وبنات جنسي وكل مناصري حقوق النساء في سوداننا الحبيب وخارجه على نجاح ثورتنا المباركة في إلغاء قانون النظام العام القانون المنتهك لحقوق النساء والمذل لكرامتهن والمعوق للمجتمع كله ..
يصادف يوم 25 نوفمبر من كل عام يوم الاحتفاء بالقضاء على العنف ضد المرأة و يعود اختيار هذا اليوم إلى ذكرى مقتل الأخوات ميرابال، الناشطات السياسيات والنسويات في جمهورية الدومينيكان،في ذلك اليوم من عام 1960. وهن أربع شقيقات من جمهورية الدومينيكان من الناشطات السياسيات ، قتل ثلاث منهن في التاريخ المذكور على يد رجال الديكتاتور رفائيل تروخيو، أثناء عودتهن من زيارة أزواجهن المعتقلين السياسيين،حيث قتلن وقتل سائق السيارة التي كانت تقلهن ، ثم أعاد الجناة جثثهم إلى السيارة ودفعوها من فوق أحد المنحدرات.
و تم على إثر ذلك اختيار اليوم المذكور لتخليد ذكرى الأخوات ميرابال، اللاتي أصبحن مثلا أعلى لمشاركة النساء في العمل السياسي في أمريكا اللاتينية بأسرها. واحتُفل بهذا اليوم لأول مرة في عام 1981، في أمريكا اللاتينية بدعوة من مجموعات نسوية في كولومبيا.
وفي عام 1999، صدر قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة باعتبار 25 نوفمبر/ تشرين الثاني من كل عام يوماً للتوعية بجميع أشكال العنف ضد المرأة، من اغتصاب وعنف أسري وأي شكل من أشكال الضرر الجسدي أو النفسي الواقع على المرأة. كما يشمل ذلك جميع أشكال الإكراه والإجبار والمراقبة سواء داخل الأسرة أو خارجها.وقد اتخذ شكل الاحتفال اللون البرتقالي شعارا له و تضمنت الحملة 16 يوماً من النشاط يبدأ من يوم 25 نوفمبر لينتهي في يوم 10 ديسمبر اليوم العالمي لحقوق الانسان كل عام ، ويتخذ الاحتفال كل سنة موضوعا معينا وموضوعه هذا العام
2019- هو : (جيل المساواة ضد الاغتصاب). حيث تدعو حملة الأمين العام للأمم المتحدة لانهاء العنف ضد المرأة :
)،UNITE(
الناس من كل مكان ومن جميع الأجيال الى اتخاذ موقفا أكثر جرأة ضد الاغتصاب، قبل حلول العام 2030.
وحسب تعريف الأمم المتحدة فإن العنف ضد المرأة (هو السلوك المُمارس ضد المرأة والمدفوع بالعصبيّة الجنسية، مما يؤدّي إلى معاناة وأذى يلحق المرأة في الجوانب الجسديّة والنفسيّة والجنسيّة، ويُعدّ التهديد بأي شكل من الأشكال والحرمان والحد من حرية المرأة في حياتها الخاصة أو العامة من ممارسات العنف ضد المرأة).
تتعرض امرأة من بين كل ثلاثة نساء حول العالم لأحد أشكال العنف الجسدي أو الجنسي، وعادة ما يكون على يد شريكها. كما أن 52 في المئة فقط من النساء حول العالم لديهن حرية اتخاذ القرارت الخاصة بالصحة الجنسية والإنجابية.كما يمثل ضحايا الإتجار في البشر من النساء حول العالم 71%.
وفي عام 2017، كشفت إحصائية أخرى أن نصف النساء اللاتي يقتلن حول العالم هن ضحايا شريكهن أو أحد أفراد العائلة، مقابل رجل واحد من بين عشرين رجلا يقتل في ظروف مشابهة
وعربيا، تتعرض 37% من النساء لأحد أشكال العنف أو أكثر في حياتها. وثمة مؤشرات على أن النسبة قد تكون أكبر من ذلك. وتعرضت 133 مليون امرأة حول العالم لعملية الختان.
وتتزوج 14% من الفتيات العربيات تحت سن الثامنة عشرة. ويبلغ عدد الزوجات عالميا 700 مليون فتاة.(المصدر:موقع الأمم المتحدة على الانترنت)
وفي ذات السياق فإن العنف ضد النساء مع خصوصيته واتساع نطاقه لكنه لا يتجزأ عن ممارسة العنف بصورة عامة في كل المجتمع ومن المهم كذلك ايلاءه اهتماما مستحقا فالعنف هو تعبير عن القوة الجسدية التي تصدر ضد النفس أو ضد أي شخص آخر بصورة متعمدة.
ويعكس العنف ضد الآخر أقصى درجات التعبير عن الاحتقار وعدم الاحترام ويرى الدكتور ملغرام صاحب كتاب (طاعة السلطة نظرية تجريبية) أن الطاعة العمياء هي المسؤولة عن الإجرام الذي يرتكبه الإنسان، ويؤكد ما توصلت إليه الأبحاث السابقة في أن التخلص من الشعور بالمسؤولية والشعور بالقهر هو ما يغذي السلوك الإجرامي لدى الناس.
يقول العالم النفسي جيمس جيليقان أن معظم العنف يمثل محاولة لكبح مشاعر الخجل والاحتقار ويستخدم كمدعم للثقة بالنفس والدفاع عن الشرف خاصة في اوساط الذكور الذين يعتقدون أن العنف صفة ملازمة للذكورة.
ومن هنا يمكن كذلك أن نفهم الأسس التي يمارس فيها العنف ضد المرأة باعتباره تعبير عن الاحتقار وعدم الاحترام وباعتباره مقرونا بالذكورة وقد وجد أن سلوك الرجل الذي ينزع بطبعه نحو التعدي والهيمنة صادر عن مؤثرات هرمونية يتأثر بها دماغ الذكر في مرحلة التكوين ويزيد التأثر بها عند البلوغ وقد أثبتت الدراسات أثر التستسترون (هرمون الذكورة) على نزعة الهيمنة الذكورية لكن هذا الأثر ليس حصريا على هرمون الذكورة بل توجد عوامل أخرى مثل التنشئة والبيئة تؤثر في صفات مثل الهيمنة والتعدي.
وعلى تلك الخلفية يمكننا مناقشة هل العنف مغروس في الفطرة الانسانية عند البعض مثلما يقول بعض العلماء وأن الانسان يولد خيرا أو شريرا بينما يقول آخرون بل أنه مكتسب. ورأي ثالث يقول أن الإنسان خلق مستعداً للخير والشـر جميعاً، وهو قول جمهـور الفلاسفة وعلماء النفس والتربية في هذا العصر، وهو مذهب وسطي جامـع.وعلى هذا القول الثالث يمكننا وضع الفهم الاسلامي فالعدل الالهي يحتم أن يكون لدى البشر الخيار في اختيار السلوك الذي يستحقون عليه العقاب أو المكافأة.
مثلما أشارت الهيئة العامة للأمم المتحدة فإن العنف ضد المرأة ظاهرة عالمية وتوجد في جميع الحضارات السابقة التي تنظر للنساء باحتقار وتحملهن كل شرور الدنيا، فالحضارات القديمة والديانات الكبرى أسست لدونية المرأة وشيطنت أفعالها . ومتى ما توفر ذلك الاحتقار الذي يجعلك تجرد المعنًف من الانسانية يكون العنف مشروعا و دون احساس بذنب.
يجب الالتفات هنا الى أن الفهم الصحيح للاسلام يجعله مختلفا عن كل الحضارات القديمة والديانات الكبرى في مسألة تكريم النساء ومساواتهن في الكرامة الانسانية بالرجال وهو أمر قد يكون عاديا بالنسبة لما ورد بشأنه في القرآن الكريم باعتباره كلام الله الذي خلق الثقلان و هو عالم بما ستكون عليه الأمور في الدنيا وهو أدرى بخلقه وتساويهم في الكرامة الانسانية دون اعتبار للنوع، ولكننا نجد أنفسنا في غاية الاندهاش وطبعا الاحتفاء والتقدير لموقف رسولنا الكريم وهو البشر الذي نشأ في بيئة تضطهد النساء لحد الوأد ولكنه يخالف ذلك ويقول أنهن شقائق الرجال ويقول ان مغلوبهن كريم وغالبهن لئيم ويلجأ اليهن ان شعر بالخوف ينشد الاطمئنان ويشاورهن ثم يستمع لنصحهن بل ينصح المسلمين بأخذ نصف دينهم من السيدة عائشة ويذهب لحد العمل مرؤوسا لسيدة ويساعد زوجاته في عمل المنزل وهو في ذلك يسبق انسان القرن الواحد والعشرين ويسبق ما قررته سيداو للنساء بأكثر من 14 قرن!
وربما يكون نشر ثقافة المساواة في الانسانية بين الرجال والنساء بخلفية ديننا الحنيف وبتبني الاتفاقيات ذات الأهداف المماثلة مثل سيداو خطوة استباقية للقضاء على العنف ضد المرأة.
العنف ضد النساء يتخذ عدة أشكال، سواء كان جسدياً، أم جنسياً أم اجتماعيا أم نفسياً، ويطرأ في كل من الأماكن العامة والخاصة. وتتراوح أسبابه بين ثقافية، عدم معرفة المرأة بحقوقِها وشرعيّة مطالبها، التربية والتنشئة، بالإضافة إلى العادات والتقاليد السائدة في المجتمع، والتي تعزز المفهوم الذكوريّ،عوامل اقتصاديّة، حيث يشكل العامل الاقتصاديّ 45% من حالاتِ العنف المسجّلة ضدّ المرأة.
وللعنف ضد المرأة نتائج كارثية حيث يؤدي الى : تخلّي المرأة عن عواطفها الإنسانيّة، وانعدام ثقتها بنفسها، وما يترتّب على ذلك من فقدان قدراتها الذاتيّة. اضطراب حياة المرأة، وعدم تمكّنها من القيام بدورها في الأسرة والمجتمع. القلق والترقب الدائم، وانعدام الشعور بالأمان والراحة. تولّد عقدة لدى المرأة تتمثّل في كره الرجل، والخوف منه، واعتباره سبباً في كلّ المشكلات التي تمر بها. إصابة الأطفال ببعض المشاكل النفسيّة، مثل: الاكتئاب، والعزلة، وعدم الرغبة في التواصل مع أفراد الأسرة والأصدقاء. تكوّن شخصية عدوانية للأطفال، وذلك من خلال المبادرة بالعنف في التعامل مع الآخرين، وعدم الالتزام بالقوانين المدرسيّة أو العامة في البلاد، بالإضافة إلى عدم احترام أنفسهم، وزيادة قابليّتهم للانحراف، وانجاذبهم للأعمال السيّئة. تشتّت الأسرة وضياع أفرادها، وانعدام الاحترام والتواصل فيما بينهم، بالإضافة إلى اختفاء المشاعر الحميمة في معاملاتِهم، واستبدالها بالقسوة والاستبداد، واستخدام القوّة في التعبير عن الرأي.
(والعنف ضد المرأة لا يقف عند حد ما ذكرنا إذ لا يمكن تحت ظلال ثقافة الخوف أن يتقدم أي مجتمع ولو قيد أنملة؛ ذلك أن الخوف يسلخ الناس من هوياتهم، ويسمح لهم بأن يتحملوا الضغوطات التي تسرق منهم كرامتهم وإنسانيتهم، ليجدوا أنفسهم في لحظة من اللحظات غير قادرين على أن ينظروا لأنفسهم إلا وفق المساحة التي يقبل بها الحاكم الديكتاتور والعسكر) بقول أحد الكاتبين عن مخاطر العنف ضد النساء.
وبالطبع لا يمكن لمجتمع مهيض الجناح مكسور الكرامة أن ينهض. كما تقاس درجة تقدم الحضارات باحترامها للنساء ولكل الفئات المستضعفة.
لذلك علينا جميعا كواجب وطني مقدس أن نمنع العنف ضد النساء ولنحرس ذلك بالقوانين الرادعة وقبل ذلك بوعي المجتمع بمخاطر العنف ضد النساء وبالتنشئة الاجتماعية السليمة التي تعتمد الحوار سبيلا لحل النزاعات وليس العنف .
وسلمتم

 

آراء