ملف الاستقلال: “السودان للسودانيين” (5)
بسم الله الرحمن الرحيم
umsalsadig@gmail.com
(يجب عدم استعمال السودان نقطة مساومة في فض النزاع الانجليزي-المصري كما أن محاولة مصر لفرض تاجها على السودان سوف تقاوم بعنف):عبد الله خليل في برقية بعث بها لوزير الخارجية البريطاني في ابريل 1952.
ريثما تتضح أبعاد ومآلات التمرد الذي ولغت فيه هيئة العمليات التابعة لجهاز (الأمن والمخابرات الوطني)- سابقا يوم امس 14 يناير 2020 نسوق التهنئة لثورة السودان على انتصارها على قوى الظلام. ونرجو أن يتم حسم الأمور بوتيرة أسرع واجراء المعالجات الأكثر إحاطة وليس التعامل الأمني وحده مع المماثل من التحديات.
في الحلقات الماضية تناولنا الخطوات التي أدت الى استقلال السودان وبروز حركة وطنية سودانية تنادت لتكوين مؤتمر الخريجين ومذكرته التي طالب فيها بالحكم الذاتي ثم بروز تيارين ينادي احدهما بالاستقلال الكامل بمساعدة بريطانيا والآخر ينادي بالاستقلال مع الاتحاد مع مصر بمعاونة مصر..
وذكرنا اختيار التيار الاستقلالي لطريق التطور الدستوري ثم في الحلقة الماضية تابعنا تكوين مؤتمر ادارة السودان كتطور مهم في سبيل استقلال السودان والأحزاب المشاركة فيه والتي قاطعته ثم تناولنا قرارات ذلك المؤتمر المتعلقة بالمدة المحددة للاستقلال والأسس المطلوبة ليتسلم السودانيون إدارة شئون دولتهم وتوصيات هذا المؤتمر التي عرضت على مؤتمر جوبا الذي انتهى لاعلان رغبة الجنوب في سودان موحد والاشتراك في الجمعية التشريعية. وعرضنا لموقف مصر وبريطانيا والاستقلاليين والاتحاديين بخصوص القضية السودانية التي عرضت على مجلس الأمن كما عرضنا لما وصفه حزب الأمة بالحدث التاريخي الأهم في نصف القرن الأخير وهو صدور مشروع قانون المجلس التنفيذي والجمعية التشريعية ثم ما كان من وعد حكومة النحاس حال فوز حزب الوفد بالانتخابات في يناير 1950 ببذل اصدق الجهود للجلاء عن أرض الوادي بشقيه وصيانة وحدته تحت التاج المصري وقد دخلت الحكومة المصرية في مباحثات بين السفير البريطاني ووزير خارجية مصر بالخصوص.
اقتراح الحكم الذاتي:
لافشال مشروع حكومة الوفد بفرض التاج المصري على السودان استقر الرأي على المطالبة في الجمعية التشريعية بالحكم الذاتي فورا.تم التمهيد لذلك بمذكرة رفعها الصديق المهدي (رئيس الحزب) وأحمد عثمان القاضي الى جيمس روبرتسون(الحاكم العام) لتقديمها لدولتي الحكم الثنائي لتخليص البلاد من الاعتداء على حقها في الاستقلال ولأن السودان بلغ درجة تؤهله لحكم نفسه.
نقل الأزهري وجهة نظره في مطلب الحكم الذاتي ورأيه في الجمعية التشريعية الى النحاس وبيفن.
أبرق النحاس للحاكم العام بتاريخ 13 ديسمبر 1950م مطالبا بوقف مناقشة اقتراح الحكم الذاتي وأردف ذلك بحث بيفن لاصدار تعليمات للحاكم العام بعدم المضي في مناقشة الاقتراح في الجمعية. وأوضح بيفن أن الحاكم العام لم يتجاوز سلطاته بموافقته على المناقشة بما لا يمكن تقديره الا للشخص في مسرح الأحداث ولكنه طلب من الحاكم العام عدم اتخاذ أي عمل في الخرطوم يحتمل أن يثير جدلا بين الحكومتين البريطانية والمصرية.
سَبب اقتراح الحكم الذاتي حرجا شديدا لحكومة السودان خاصة والمباحثات بين مصر وبريطانيا مستمرة ولذلك طلب من قادة حزب الأمة سحب الاقتراح ثم سعى الى تأجيل المداولة فيه وأخيرا عمل على اسقاطه مستخدما زعماء العشائر والجنوبيين.
قدم محمد حاج الأمين اقتراحه في 13 ديسمبر 1950م موضحا أن قبولهم الجمعية التشريعية كان خطوة أولية نحو الحكم الذاتي ومن ثم الاستقلال الكامل وأن الجمعية التشريعية والمجلس التنفيذي يدلان على مدى سنتين من عمرهما على استعداد السودانيين لحكم بلادهم. وفند عبدالله خليل الاتهامات التي استخدمت لاستقطاب زعماء العشائر والجنوبيين موضحا أن الهدف من الاقتراح هو اعلان الحكم الذاتي في نهاية عام 1952م (نهاية دورة الجمعية)لتكون الانتخابات القادمة على أساس الحكم الذاتي. فاز اقتراح الحكم الذاتي ب 39 صوتا مقابل 38 صوتا فكان أن قدم رئيس الجمعية التشريعية(الشنقيطي) وزعيمها(عبدالله خليل)قرار الجمعية بشأن الحكم الذاتي الى الحاكم العام ليرفعه لدولتي الحكم الثنائي.
في أبريل 1950 طرح السكرتير الاداري على الجمعية التشريعية مقترحا بتعديلات لقانون المجلس التنفيذي والجمعية التشريعية لعام 1948م بغرض توسيع دائرة المشاركة وزيادة عدد الدوائر ولتقليص المخاطر التي (تنطوي على اعتماد حكومة السودان في تأييد سياستها على السيد عبدالرحمن وحده) وتم تشكيل لجنة تعديل الدستور والتي تسبب قبول بعض أقطاب الختمية الاشتراك في اللجنة تصدع تحالف الجبهة الوطنية.وقد أكد الأشقاء مقاطعتهم للجمعية معدلة أو غير معدلة.
في يوليو 1950 أثار انقسام حزب الأشقاء قلق حكومة الوفد بما دعا النحاس للتوسط الذي لم يكلل بالنجاح وترجع أسباب الانقسام لعدة أسباب منها الشخصي والتنظيمي والاداري ولكن أهمها هو الاختلاف في تفسير معنى الاتحاد مع مصر
انتهت جولة المباحثات المصرية البريطانية الى الفشل لتباين وتناقض الموقفين ولكن طلب بريطانيا أن تمهل لتقديم مشروعا جديدا لعلاج مسألة دفاع السودان هو ما منع محمد صلاح الدين(وزير الخارجية المصري) من الانسحاب بعد بيان موريسون(وزير الخارجية البريطاني) الذي ألقاه في مجلس العموم بتاريخ 6 يوليو 1951م بقوله(أن شعب السودان خطا خطوات تؤهله لأن يكون قومية منظمة تعتمد على نفسها).
ازاء الخلافات البريطانية المصرية اقترحت وزارة الخارجية الأمريكية تكليف السفيران الأمريكي والبريطاني باعداد تقييم مشترك عن الشعور العام في مصر بشأن الوجود العسكري البريطاني ومسألة السودان لأن أمريكا كانت تخشى أن يؤدي الغاء معاهدتي 1899م و1936م الى انهيار العلاقات المصرية –البريطانية وحدوث اضطرابات في مصر بما يعرض المشروع الغربي للدفاع عن الشرق الأوسط للخطر. قدم السفيران ما توصلا اليه ومن ضمنه الاعتراف علنا بالوضع الدستوري والقانوني للتاج المصري فيما يتصل بالسودان. اعتترضت حكومة السودان على ذلك المقترح محذرة من اضطرابات لا يمكن السيطرة عليها وحذرت كذلك من أن الغاء المعاهدة سيجعل السودانيون يعتبرون أنهم غير ملزمين بها وسيطالبون بالاستقلال فورا وسيكون من العسير منعهم.
في 8 أكتوبر 1951م أعلن النحاس الغاء معاهدة 1936م واتفاقيتي 1899م .
كان موقف الأحزاب الاتحادية مؤيدا لالغاء الاتفاقية وكذلك موقف حزب الأمة ولكنه رفض الحكم الذاتي المشوه المبتور واعتبره استعمارا سافرا وبعث الحزب برقيات الى رئيس مجلس الأمن ورئيس وزراء مصر ووزير خارجية بريطانيا (أنه بالغاء معاهدة 1936م واتفاقيتي 1899م فان السودان قد استرد سيادته وأن حزب الأمة لا يرضى بغير حكومة سودانية مستقلة.وبعد أن صدر في 15 اكتوبر 1951م قانون انهاء العمل بأحكام المعاهدة والاتفاقيتين أعلن حزب الأمة للشعب السوداني وللعالم أن ادارة السودان الحالية قد أصبحت دون سند قانوني.والتي ستكون فترتها القادمة بمثابة فترة انتقال لتقرير المصير. وأعلن الحزب أنه أعد مشروعا يمكن السودانيين من اعلان سيادتهم بواسطة هيئة شعبية منتخبة وأنه على اتصال بالهيئات والأحزاب للاتفاق على رأي موحد.
وأوضح الحاكم العام عدم اعترافه بالالغاء من جانب واحد وأنه بعد نشر تقرير لجنة تعديل الدستور وبعد أن يتعرف على رغبات الشعب السوداني بشأن التقرير سوف يتمكن من التوصية بتاريخ محدد لبلوغ الشعب السوداني الحكم الذاتي. نيابة عن حزب الأمة اعتبر عبدالله خليل أن بيان الحاكم العام غير كاف ويعوزه القطع والتحديد. ازاء ذلك أضطر الحاكم العام لأن يصدر بيانا تفسيريا في 15 اكتوبر 1951م ذكر فيه أن تحديد التاريخ مرهون بنشر التقرير لتجري على أساسه انتخابات الجمعية الجد يدة بأسرع وقت ممكن عام 1953م وكان موقف الحكومة البريطانية مؤيدا لحكومة السودان.
في 13 اكتوبر1951م قدمت بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وتركيا مقترحات للحكومة المصرية بإنشاء قيادة متحالفة للدفاع عن الشرق الأوسط ضد العدوان الخارجي. وقد دعيت مصر للاشتراك كعضو مؤسس وعلى قدم المساواة مع الدول الأربع.
في 13 اكتوبر 1951م قدم السفير البريطاني مقترحات جديدة بشأن السودان اعتبرتها أمريكا غير كافية لضمان مشاركة مصر في مشروع الشرق الأوسط للدفاع وأوضحت للحكومة المصرية معرفتها بها من باب العلم وأيدت وجهة النظر البريطانية القائلة بأن مسألتي الدفاع والسودان منفصلتان.
رفضت الحكومة المصرية المقترحات البريطانية جملة وتفصيلا في 14 اكتوبر1951م.
في نهاية اكتوبر أعلنت الأحزاب الاتحادية توصلها لنقطة التقاء وعرضت على الأحزاب الأخرى نقطة تصلح أساسا لاتفاق الجميع.
في 20 نوفمبر 1951م أعلن حزب الأمة وجهة نظر مفصلة في دعوات الائتلاف التي طرحت في ذلك الوقت مذكرا بأن هدفه هو استقلال السودان التام بكل حدوده الجغرافية وأن وسائله لتحقيق ذلك الهدف هي:
- الاشتراك في الجمعية التشريعية والمجلس التنفيذي كخطوة أولى.
- التقدم باقتراح الحكم الذاتي.
- اعلان مقاطعة الانتخابات القادمة اذا لم تقم على أساس الحكم الذاتي الكامل.
- الائتلاف مع الأحزاب والهيئات المستقلة الممثلة لأغلب وجهات النظر السودانية في لجنة الدستور حتى يقوم الحكم الذاتي الكامل في 1952م ويقرر السودان مصيره قبل 1953م.
في 16 نوفمبر 1951م أعلن وزير خارجية مصر من منبر الأمم المتحدة في باريس قبول الاستفتاء لتقرير مصير السودان. أعلنت الأحزاب الاتحادية موافقتها على الاستفتاء وكذلك فعل حزب الأمة ولكنه شكك في امكانية ذلك مع استمرار سريان المراسيم التي أصدرتها الحكومة المصرية بشأن السودان. وأوفد وفدا لباريس للدعاية للسودان والترويج للفكرة الاستقلالية أمام وفود الدول الأعضاء في الأمم المتحدة وقد أصدرت جميع وفود الأحزاب التي تتابع اجتماعات الجمعية في باريس بيانا في 12 ديسمبر 1951م أعلنت فيه قبول الاستفتاء لأنه سيحفظ للسودان سيادته كاملة ويسمح بتقرير مصيره بالطرق الديمقراطية العادلة، ليكون الاستفتاء على الاستقلال التام أو الاتحاد مع مصر. إلا أن اقتراح محمد صلاح انتهى الى لا شيء لأنه كان مبادرة شخصية بدون موافقة حكومته وقد اعتبرته الحكومة البريطانية مناورة دعائية.
في 13 يناير وصلت الى السودان بعثة أمريكية (بعثة استبلر) لاستطلاع وجهة نظر قادة السودان وادارته البريطانية بشأن مسألة قبول التاج المصري الرمزي خلال الفترة الانتقالية التي تسبق تقرير المصير فالجانب الأمريكي يرى ضرورة استرضاء مصر لضمان مشاركتها في مشروع الشرق الأوسط. وقد تزايد الضغط الأمريكي بعد حريق القاهرة في 26 يناير 1952م وقد شارك استبلر في اجتماع باريس الذي عقد بين وزيري الخارجية الأمريكي والبريطاني(ايدن وأشيسون) في 26 مايو 1952م حيث تركز النقاش بصفة رئيسية حول مسألة قبول السودانيون للقب الملك وأهمية ذلك لتسوية مسألة الدفاع مع مصر.وقد عبر كافري (السفير الأمريكي) في القاهرة في نوفمبر 1952م عن تبرمه من اهتمام حكومة السودان بمصير عشرة مليون من الزنوج أكثر من اهتمامها بالخطط الغربية للدفاع عن الشرق الأوسط.
بعد اقالة حكومة الوفد في 27 يناير 1952م كلف علي ماهر بتشكيل الوزارة ولكنه استقال وخلفه أحمد نجيب الهلالي في أول مارس 1952م. أعرب الهلالي عن رغبته في مواصلة المباحثات مع بريطانيا بشرط الوصول لصيغة مرضية فيما يختص بمسألة السودان تتضمن اسناد لقب (ملك مصر والسودان) لفاروق.
وفي مايو 1952م تقدمت الحكومة البريطانية بصيغة جديدة لتجاوز عقبة السودان تتعلق باسناد لقب الملك اذا أمكن الوصول لحل مرضي للسودانيين. وأن هذه الصيغة هي أقصى ما تستطيع تقديمه بريطانيا لعدم استعدادها للتخلي عن تعهداتها ليس فقط من أجل السودانيين ولكن أيضا بسبب الرأي العام فيها الذي لن يقبل أي تغيير في السياسة البريطانية تجاه السودان. وفي تقريره لوزارة الخارجية البريطانية عن رد الفعل على الصيغة البريطانية الجديدة قال الحاكم العام أن رد فعل أعضاء المجلس التنفيذي اتسم بالحذر والريبة وأن من ينتمون الى حزب الأمة أعلنوا أن مسألة لقب ملك ينبغي أن يقررها السودانيون ولا أحد غيرهم. وأعلنوا رفضهم للسيادة الرمزية في الفترة التي تسبق تقرير المصير أو بعدها.
وكان عبدالله خليل قد بعث في 22 أبريل 1952م برقية الى وزير الخارجية البريطانية بوصفه سكرتيرا لحزب الأمة يخبره فيها بثقتهم الكاملة في الوعود البريطانية المتكررة وعدم استعمال السودان نقطة مساومة في فض النزاع الانجليزي-المصري وأخبره أن محاولة مصر لفرض تاجها على السودان ( سوف تقاوم بعنف).
في 8 مايو 1952م عرض الحاكم العام مشروع الحكم الذاتي على الجمعية التشريعية لاجازته ورفعه لدولتي الحكم الثنائي وقد رفض الضغوط التي رمت الى تأجيل ذلك خوفا من عواقب وخيمة خاصة وأن تقاريرا صحفية عديدة تحدثت عن تراجع الحكومة البريطانية أمام الضغوط المصرية. وقد أفلح السفير البريطاني في اقناع الهلالي بأن ذلك(عرض مشروع الحكم الذاتي) لا يعدو أن يكون مسألة اجرائية حتى لا يؤثر على المحادثات المصرية البريطانية.
مصر تحاور الحركة الاستقلالية:
أيقن الهلالي أن لاسبيل لتجاوز عقبة السودان الا بالحوار المباشر مع الحركة الاستقلالية ومحاولة اقناعها بقبول التاج الرمزي خلال الفترة الانتقالية والقضاء بذلك على حجج بريطانيا بشأن استشارة السودانيين.
في النصف الأول من مايو 1952م قدم الهلالي دعوة للسيد عبدالرحمن أو من ينوب عنه لزيارة القاهرة للتباحث حول مستقبل السودان السياسي وعلاقته بمصر.حرص السيد عبدالرحمن على ابلاغ حكومة السودان بدعوة الهلالي خوفا من أن تستغل الحكومة البريطانية وحكومة السودان الدعوة ذريعة للتنصل عن التعهدات التي قطعت للاستقلاليين بشأن التطور نحو الحكم الذاتي وتقرير المصير وعدم البت في الشأن السوداني دون استشارة أهله. وعندما استقر رأي السيد عبدالرحمن بارسال وفد بدلا عنه أخبر حكومة السودان بأن الوفد سيسافر على أساس تعليمات محددة هي – الغاء مراسيم النحاس- قبول الحكومة المصرية التعاون من أجل اقرار الحكم الذاتي- اعتراف مصر بحق السودانيين بتقرير مصيرهم .ودون هذه الشروط ليس ثمة داع للسفر للقاهرة وضّمن هذا في رسالة حملت لمصر.قابل السيد عبدالرحمن الحاكم العام قبل سفره لاجازته السنوية وأبلغه بوجهة النظر الاستقلالية الي سيحملها الوفد وأبدى له قلقه من محاولات الضغط الأمريكية والتي تبينت له عند مقابلة هوسكنز( مستشار شؤون الشرق الأوسط بوزارة الخارجية الأمريكية وقد زار السودان خلال شهر مايو 1952م) الذي حاول اقناعه بفكرة قبول التاج ولكنه رفض ذلك وطلب من هوسكنز اقناع الحكومة المصرية بالموافقة على الاجراءات الدستورية في السودان ويترك للبرلمان السوداني البت في المطالب المصرية.
وعلى الرغم من عدم تلقي اجابة بشأن الشروط لحكومة الهلالي لسفر الوفد فقد قرر السيد عبدالرحمن أن يسافر الوفد ليسمع المصريين وجهة النظر الاستقلالية ويسمع منهم دون تفويض أكثر من ذلك.أصدر الوفد بيانا بمهمته التي تلخصت في عرض وجهة النظر الاستقلالية وحمل مقترحات الهلالي التي سترفع للسيد عبدالرحمن لتدرس ويبت بشأنها. وقد نوقشت المقترحات من قبل الفصائل الاستقلالية ورفضت مسألة التاج واستقر الرأي للتقدم للهلالي باقتراح لايجاد علاقة قانونية بين مصر والسودان في الفترة الانتقالية التي تسبق تقرير المصير. وقبل تمكنها من الرد على مقترحات الاستقلاليين استقالت حكومة الهلالي وخلفتها حكومة جديدة برئاسة حسين سري.
في 8 مايو 1952 اتصل وزير الداخلية المصري بالسيد عبدالرحمن وأبلغه دعوة رسمية لزيارة مصر وقد رؤي الاستجابة للدعوة وتقديم وفد ليوجز للحكومة الجديدة مباحثات الاستقلالين مع الهلالي وردهم على مقترحاته بخصوص مسألة التاج الرمزي ورفضهم لها واقتراح احياء اللجنة الثلاثية ( لجنة تتكون من السودانيين والمصريين والبريطانيين لتعمل مع الحاكم العام أثناء الفترة الانتقالية).حدد يوم 26 يوليو للزيارة ولكن حسين سري استقال في 22 يوليو وخلفه الهلالي الذي لم يبق أكثر من 18 ساعة لاستيلاء الجيش على السلطة في 23 يوليو 1952م.
نتناول في الحلقة القادمة بإذن الله : التطورات التي حدثت في قضية استقلال السودان بعد قيام ثورة يوليو 1952 في مصر.
وسلمتم