كورونا في رمضانها الثاني على التوالي: فيروس يغيّر موازين الدنيا

 


 

 

 

 

رمضان الثاني لكوفيد ١٩:
حلّ علينا شهر الصيام وهلال القيام وقمر التقوى ونجم التهجد والسلوى في عامه الثاني على التوالي ونحن تحت وطأة هذا الفيروس اللعين (كوفيد ١٩)، مأسورين تحت قيود كاسرة وقابضة فرضتها علينا الجائحة وامتد مداها في الزمان والمكان شرقًا وغربًا، شمالًا وجنوبًا، دون أن نتوقع أو نحسب لكل ذلك أيّ حساب أو حتى أن ندرك ما صار وما يصير بنا وفينا، لكن رغم ذلك لا يفوتني أن أهنئ من أعماق قلبي كل قارئ وقارئة بعام سعيد وعمر مديد، وصحة عتيدة وعافية سديدة، ذلك رغم كل المفارقات والمضاعفات التي يبثها المرض في بدن الأمّة ورغم كل السموم التي تدثرنا بها ورغم هاتيك المآسي والأحزان التي ذقناها حنظلًا رغمًا عنّا لفقد أحبابنا وإخواننا وقد اختطفتهم كورونا في لمح بالبصر، وقفنا وكأننا مغيبين، لا ندرك كيف حدث الفراق، وكيف رحلوا بهذه السرعة على براق البرزخ، لعمري إنّه الاختطاف بحق وحقيقة. لذلك لم يبق لنا يا سادتي في هذه المخمصة النفسية إلى بعض من تهاني، مباركات، وتباريح الهوى التي تبلسم الأرواح، فمنّا الكثيرون الذين يسارعون بإرسال أيقونات الواتس التي صارت هي العادة لا الطفرة والبعض الآخر يعود إلى الهاتف ليبعث بصوت التهاني عبر الأسير ومنّا من يرسل رسائل صوتية أو الصور المكرورة وهذا أضعف الإيمان فلا بأس فالعبرة بالنية والعمل ومن يتذكر أحبابه في تلك الساعات فقد ظفر براحة النفس والبال ويصير حاله بعدها دون أدنى شك عال العال. فالأماني هي أطياف من طاقات إيجابية ينبغي علينا أن نحاول بقدر الإمكان أن نبثّها مشخصنة ومدوزنة بأريج أرواحنا ونفحات قلوبنا وأن نجتهد ما استطعنا إليه سبيلا ونسارع إليها بالتواد والتواصل الشخصيّ وإن لم نستطع عبر هذه اللقاءات التي منعتها الكورونا، أن نكتبها كتابة، أو نبثها صوتًا وصورة، ونتوخى ألا نرسل ما أرسله لنا الآخرون مئات المرّات، تفاديًا أن تُردَّ إلينا بضاعتنا الجاهزة ثانية من آلاف البشر ونكون بذلك كأننا لم نعِ أو نفعل شيئًا. إنّ هذه الطاقات الإيجابية التي تتكاثف حين التواصل الحقيقيّ تقوّي أيماننا بالخير وتجعلنا قادرين على أن نواجه عواصف الجائحة سويًّا وأن نقاوم أعاصيرها ما أوزعنا البارئ عندما نتعاضد ونتآخي ونتحاب ونقف سويًا ناكرين للذات ناشدين سلامة الأمّة والأهل والأقرباء من كل داء وكل مرض، وحتى من داء تلك السيدة اللئيمة: الكورونا. إن تجربة كورونا التعسفية التي فرضها علينا الفأل حتمت علينا أن نرجع البصر من جديد في حيواتنا لنرى هل من فطور ثم نرجع البصر كرتين لنرى ما هي الأسباب التي أدت إليها لنرى فيما بعد أينقلب إلينا ذاك البصر خاسئًا وهو حسير؟

الجائحة بين أوروبا والعالم:
سألت زميلتي هايدي في قسم اللسانيات بالجامعة قائلًا أنا بصدد كتابة مقال عن كورونا، فهل لديك رسالة للأمّة العربية في هذا الموضوع، بالذات ونحن في بداية شهر رمضان؟ وأنا أعلم كل العلم على حرصها، وهي الألمانية القحّة، على اتباع كل الاحتراسات والتعليمات والارشادات التي ينبغي أن يقوم بها أو يتبعها الفرد تجاه محاربة أو تفادي كوفيد-١٩. تقول: أكتب يا صديقي أنّه مرض لعين للغاية وأنّه ذو خطوة وفعالية وسرعة لا يمكن أن يتصورها البشر، ويؤدي ببساطة إلى الموت والهلاك المريع وفي حالة النجاة منه، قد يؤدي عند بعض الناس إلى أمراض مزمنة ومستعصية، حتى ولو شفي بعضهم منه. تسترسل قائلة: لا بد لنا أن نحاربه جميعاً في كل بقاع الأرض ويجب أن ننتصر عليه حتى تعود في القريب العاجل حياتنا وحياة العالم أجمع إلى ما كانت عليه من قبل، ساكنة، هادئة، حالمة ومطمئنة، وهذا هو الشرط الوحيد في الخلاص منه إلى الأبد، أن نعمل سويًا جنبًا إلى جنب، ولا يهم يا صديقي أين يكون الفرد منّا أو في أيّ بلد يعيش، فالعالم صار قرية، ويمكن أن تنتقل العدوى بسرعة مذهلة من مكان إلى آخر، لذلك يجب أن نتحد كلنا في القضاء عليه. قل لهم أن الطب في ألمانيا متطورًا للغاية ورغم ذلك فإن غرف العناية المكثفة تمتلئ كل يوم بالمرضى، لا سيما بعد أن اجتاحت الموجة الثالثة بالفيروس المتحور الإنجليزي، البرازيلي والجنوب أفريقي كل أنحاء ألمانيا، وحتى الأطفال والشاب صارت تفتك كورونا بهم والآن ألمانيا بصدد الحديث عن تطعيم الصغار والشباب حتى لا تنتقل العدوى إليهم وينتشر المرض مجددًا بين هذه الفئات.
في الآونة الأخيرة صار في أوروبا الشغل الشاغل لكل الإعلام والناس وحتى في مجال السياسة هو الجائحة وانقلبت موازين الحياة لتتماشى في كل الأطر، الاجتماعية، السياسية والاقتصادية، مع انفجارات هذا الفيروس القاتل. نلاحظ من الصباح إلى المساء أن غالبية البرامج التلفزيونيّة تكرس عملها للتنوير، التحذير، التبشر أو التدبير في أمور الجائحة: ما هي نسبة الإصابات في المدينة التي أعيش فيها، ما هي الإجراءات التي قامت بها السياسة في أمور توفير اللقاحات والفحوصات، ما هي الإرشادات أو التعليمات التي يجب يتبعها كل فرد والتي في حالة عدم التطبيق يعاقب عليها القانون، حالات اغلاق دور العلم والمدارس ورياض الأطفال، المصالح الحكومية، الأسواق، الخ. وكل شيء يتجدد كل يوم لتلك النسب، والتعليمات والارشادات وحتى المراسيم الحكومية حسب ما تقتضيه الحاجة في محاربة آثار وتطور الجائحة.

کورونا يصيب الكبير والصغير:
وقد عرضت قناة بي بي سي في سياق التوعية بفيروس كوفيد-١٩ العديد من الأبحاث والتقارير المتجددة والهامة والتي ينبغي أن نشير لبعض مضامينها في سياق هذا المقال. حسب تلك التقارير تزداد مخاطر الإصابة بأعراض شديدة نتيجة كوفيد-19 بكبر السن، مما يعرض كبار السن لخطر أكبر من ذلك الذي يتعرض له الأصغر سنا. السبب في ذلك بسيط، وليس له أي علاقة بفيروس كورونا بحد ذاته: فجهاز مناعة الإنسان يهرم معه، مما يقلل من قابلية الجسم على مقاومة الأمراض. ولكن هذا لا يعني أن صغار السن في مأمن من الإصابة، حتى أولئك الذين لا يعانون من أمراض أخرى كداء السكري وارتفاع ضغط الدم والبدانة. وحالهم حال الجميع، قد تظهر عند صغار السن أعراض خطيرة وقد يحتاجون إلى أن يرقدوا في المستشفى وقد يموتون جراء اصابتهم أيضا. ولكن مع ذلك، فإن احتمال الموت جراء الإصابة بكوفيد-19 عند الذين تقل أعمارهم عن الـخمسين (وخصوصا عند الذين لم يبلغوا الثلاثين) يعدّ منخفضا جدا. تمكنت بي بي سي من الحصول على إفادات من ممرضات في إسبانيا قلن فيها إن مرض ذات الرئة الذي يتسبب فيه كوفيد-19 أصبح من المضاعفات المألوفة عند المصابين الأصغر سنا. وكان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية غيبريسوس قد قال في آذار / مارس 2020، "قد يتسبب هذا الفيروس في مكوث صغار السن في المستشفيات لعدة أسابيع، وقد يفتك بهم أيضا". كما حذّر غيبريسوس من أنه رغم احتمال عدم معاناة صغار السن بشكل شديد من المرض، فإن سلوكهم "قد يعني الفرق بين الحياة والموت بالنسبة لآخرين".

الخمول يزيد خطر الوفاة بفيروس كورونا:
لقد نشر موقع صحيفة إيلاف الإلكترونيّة بحثًا عن الخمول وارتباطه الوثيق بزيادة خطر الوفاة والاصابة بفيروس كورونا. يقول المصدر ترتبط قلّة ممارسة الرياضة بزيادة درجة حدّة الإصابة بفيروس كورونا وبالتالي خطر الوفاة منه، وفق ما أظهرت دراسة أجريت على نحو 50 ألف مريض نُشرت الأربعاء المنصرم. واوضحت الدراسة التي شملت 48440 بالغًا مصاباً بالفيروس بين كانون الثاني/يناير وتشرين الأول/أكتوبر 2020 في الولايات المتحدة ونُشرت في مجلة "بريتيش جورنال أوف سبورتس ميديسين" أن الأشخاص الذين كانوا غير نشيطين بدنياً لمدة عامين على الأقل قبل الوباء كانوا عند إصابتهم بالفيروس أكثر عرضة لدخول المستشفى وللبقاء تحت العناية المركزة وبالتالي للوفاة بسبب كوفيد-19 من المرضى الذين اتبعوا باستمرار النصائح بممارسة النشاط البدني. وبيّنت الدراسة أن "الخمول البدني شكّل أهم عامل خطر في كل النتائج"، بالمقارنة مع عوامل الخطر الأخرى كالتدخين والسمنة وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والأوعية الدموية أو السرطان. ونحن نعلم أن في شهر رمضان يصير الخمول هو الشغل الشاغل لأغلبية الأمّة والأكل والشرب مما لذّ وطاب هي المكونات الأساسيّة التي يعيش من أجلها غالبية عظمى للناس في غضون هذا الشهر. لذلك نحذر من الخمول والتخمة وكثرة الأكل وأن يتوخى الناس الحذر في التجمعات ومجالس الإفطار حتى لا يعرضوا أنفسهم إلى الخطر.

ماذا علمتنا كورونا؟
هل نستطيع عن نتحدث بصورة شاملة عن خلاصة ما فعلته كورونا بنا وبالعالم علمًا بأن الجائحة لم تنته بعد والفيروس بكل تحوراته وتكوراته ينفذ دون لأي إلى كل المجتمعات ودونما أن يفرّز بين هذا وذاك. لقد تغير حالنا وحال الدنيا من حولنا، وتغيرت نفسياتنا ونفسيات من في محيطنا الاجتماعي. ذهبت اليوم إلى مكان عملي بالجامعة الذي أوصد أبوابه منذ العام الماضي وظلت كل المحاضرات والتفاعلات عبر تطبيق الزوم، فعلمت من زميلتي أن زميلة لنا قد أصيبت بداء الكورونا وأعراضه المزمنة، وصار الرجوع في الوقت الحالي أو الرجوع على الإطلاق سؤال يطرح نفسه. لقد دمّر الفيروس كل ما بناه الناس في عقودهم المنصرمة، تتوالى الخسائر والانهزامات في كل مكان، توصد المحال التجارية والمكاتب وغيرها أبوابها إلى ما لا نهاية، وعندما نطوف مثلًا بمدينتنا كونستانس، جوهرة الجنوب الألماني والتي تقع على الحدود السويسرية، نجد قلبها صار بلا وقع، صامت وكأنّه توقف عن الضرب. طفقت أسائل نفسي، ماذا حدث يا إلهي؟
تجاوز عدد الوفيات نتيجة الإصابة بفيروس كورونا المستجد (كوفيد ١٩) حول العالم، أكثر من 1.9 مليون شخص، بحسب إحصائيات جامعة جونز هوبكنز الأمريكية، في الوقت الذي تخطت أعداد الإصابات بالفيروس أكثر من 88 مليون شخص في كافة أنحاء العالم، وذلك منذ أن أبلغت الصين منظمة الصحة العالمية عن ظهور أول حالة في ديسمبر 2019. ونظراً لعدد الوفيات على الصعيد العالمي سجلت الولايات المتحدة أعلى حالات الإصابة والوفيات في العالم، ليصل عدد الإصابات إلى 21 مليون إصابة و365 ألف حالة وفاة حتى الآن. وعلى المستوى العربي احتلت العراق المرتبة الأولى بعدد حالات الإصابة والوفاة جراء فيروس كورونا، ليصل إجمالي حالات الإصابة في العراق إلى 600 ألف حالة، وحالات الوفاة إلى 12.8 ألف حالة وفاة، ونسبة لعدد الإصابات جاءت المغرب بالمرتبة الثانية ليصل عدد حالات الإصابة إلى 448 ألف حالة. وتليه السعودية بإجمالي 363 ألف حالة إصابة. ونجد في لوحات الإنفوغرافيك المتاحة على الشبكة العنكبوتية قوائم عن ترتيب الدول العربية العشر الأولى بعدد الإصابات والوفيات جراء فيروس كورونا والأعداد في ازدياد مستمر.

ماذا تعلمنا من الجائحة:
ماذا تعلمنا في تجربتنا التي استمرت أكثر من عام مع الجائحة؟ هل أفلس العالم بمعنى الكلمة نفسيًا واقتصاديًا حتى يدلي برأيه ويمد يد العون لبعضه البعض؟ كم فقدنا من الأحباب والأقارب من جهة وكم فقد الإنسان البسيط من بيننا مركز ثقل حياته وعمله وظل ينتظر الغيب أن يأتي بالتي هي أفضل. من منّا من لا يخاف المجهول؟ إنّ فقد العمل لملايين الأسر يعني تصدع أو انهيار الأمن المجتمعي، ذلك يعني انهيار أعمدة بيت أسرة تحاول أن تربي أبناءها وبكل تواضع معيشي. من يصرف عليهم، من يتكفل بمصاريف الأكل والشرب والفواتير التي لا تنتهي من ماء، كهرباء، جوال، نفايات، ضرائب، الخ؟ ومن ثمّ من يدفع رسوم التسجيل في المدارس والمعاهد؟ نجد في خضم هذه المصيبة العظيمة أن العديد من الشركات والمؤسسات والمحال التجارية والخاصة قد أوصدت أبوابها وما يخفيه الغيب في هذا السياق أعظم. نجد بعضها يحاول المثابرة والاستبسال بما لديه من ادخارات، لكن إلى متى؟ يحاولون جاهدين أن يقلصوا كادر الموظفين والعمال حتى لا يغرقوا في بحر الكورونا وفي مواجهة الخسائر والله وحده يعلم بما تسرّه أنفسهم من مخاوف وآلام تنغص عليهم حياتهم وتؤرق عليهم منامهم.
نسمع في كل بلدان العالم عن الموت الجماعي بالكورونا، موت أعز الأصدقاء، أحبّ الناس من الأسرة أو من زملاء المهنة الذين تعودنا على رؤيتهم كل صباح، باشين مصبحين بالخير على الكل، تعددت الأجناس، الجنسيات، الأعمار، والمواطن وكلهم يجمعهم قاسم مشترك واحد هو كوفيد-١٩ وجائحة كورونا. ومن المفارقات أن نجد في بعض دولنا العربية نظام الفرق والفقوس، إذ نلاحظ أن العديد من الشرائح المجتمعيّة الغير وطنية لم تحظ بمساعدات رسمية أو حكوميّة كتلك التي طالت مواطني البلد الأصليين، فما مصير أولئك وأسرهم؟ والحكاوي والمصائر في هذا الصدد كثيرة وللأسف لا يتسع المجال لذكر ولو نطفة منها والله يلطف بالعباد.

هل ستظل الجائحة تلازمنا؟
لقد أعلن مدير شركة بايونتيك فايزر أوغور شاهين بالأمس أنّنا نحتاج لجرعة ثالثة بسبب الفيروسات المتحورة باستمرار لا سيما حاليًا من إنجلترا، البرازيل، جنوب أفريقيا وغيرها. وصرح أيضًا أننا بحاجة لجرعة سنويّة يجب أن تتجدد كل عام ضد هذا الفيروس اللعين ذلك بسبب التحوّرات المذكورة أعلاه. وهل كانت تلك كلها دروس وعبر إلاهيّة للعالم بأسره، أن نغيّر من وتيرة حياتنا وأن نستعدل الدرب القويم، أولًا في تعاملننا مع خليقة الله في البيئة وثانيًا في التعامل فيما بيننا ذلك في محيطنا الأسريّ الضيق وحتى العالميّ الواسع على حد سواء. إلى أين نسير ويسير معنا كوفيد-١٩؟ لن ينجح العالم المتخبط الغارق في دناءته وحبّ التسلط واستعباد الغير في السيطرة على كورونا تماما وحتى إن سيطرنا عليها لخرجت بسبب إخفاقات البشر واختراقاتهم لحدود الحيوانات الأخرى في بيئاتها المختلفة جوائح أخرى ومن أماكن متعددة وهذا ما تنبأ به العلماء وأشاروا إليه مرارًا. فلابد لنا أن نتدبّر ما فعلناه بالبشر والطبيعة في العالم وما سنفعل، وكيف، أقصد على أيّ وضع سنتركه لأحفادنا وأحفاد أحفادنا؟ على أيّة حال لقد تركت جائحة كورونا أثرًا عميقًا في قلوب البشرية والعالم أجمع وجاءت الخسائر والأضرار فادحة وعظيمة لم يحسب لها أحدنا حساب. وندعو بارئ الكون في هذا الشهر الكريم أن يزيل الكروب ويحجب الخطوب عنّا وعن البشريّة جمعا وأن يحقق التوازن والمساواة للمهضومة حقوقهم في كل بقاع الأرض. وكل عام وأنتم بألف خير.

(٭نقلًا عن المدائن بوست دوت كوم)

 

Mohamed@Badawi.de
//////////////////////

 

آراء