ولتنطق الأفعال من قبل اللسان
د. عبدالمنعم عبدالباقي علي
17 November, 2021
17 November, 2021
نُشر في سودانايل بتاريخ 2 مايو, 2019
بسم الله الرحمن الرحيم
منشورات حزب الحكمة:
abdelmoniem2@hotmail.com
هذا العنوان بيت شعر من القصيدة الأولي في ديوان صديقي الراحل نجيب سرور “لزوم ما يلزم”. وهو رجل كره المنافقين والجبناء بقدر ما عشق الحقيقة، ولهذا دفع الثمن، وهذا هو قدر الفرسان في كلِّ زمان، فليرحمه الله، فقد بشّر بنهاية الطغاة الأليمة مهما استطال طغيانهم أو خطف بريقهم أبصار عُميان البصيرة من أنصارهم.
ونحن عندما تعجزنا الحياة نلومها ولا ننظر إلى عجزنا، أو نتفكّر في الحلِّ، ولكننّا أقدر على وصف المشكلة فنشتكي المصيبة ونلعنها ونظلّ أسري للوهم.
إنّ مصيبة الإنسان هو ضعف وعيه وصبره، وأيضاً ميله عن الحق لأنّه يري في الباطل ما يسكّن ألمه عاجلاً؛ مثل الذي يأخذ المسكنات ولا يأخذ العلاج الصحيح، لأنّ العلاج يأخذ وقتاً أطول، أو يستوجب ثمناً أكبر أو تضحية عظمي. ولذلك عندما ينتبه إلى حاله بعد حين يجد أنّ المرض استشري وأزمن وصعُب أو استحال اقتلاعه.
لقد قضينا أكثر من أربعين عاماً نرزح تحت نير الحكم العسكري ولم نصل إلى شاطئ الأمان بعد، بل إنّ الظلام تكاثف علينا من وراء ومن أمام، والمصائب تكالبت علينا من كلِّ ناحية، ثمّ نري العسكر لا يفقهون شيئاً ولا يتعلمون شيئاً يطلبون الحكم، وهم الداء وليسوا الدواء. ونري كذلك المثقفين والدهماء يطبِّلون لهم ويبرِّرون انجرافهم وراء الحكم بدعوي الأمن أو الفروسية، فأي بلوي بالله تلك التي ابتُلينا بها؟
نحن نحدِّق في الهاوية لأنّ الناس لا تفرّق بين الحرية والفوضى، والمثقفين والسياسيين لا يفرقون بين المصالح العقائدية والحزبية وبين مصلحة الوطن، أو بين الإسلاميين والإسلام، ويظنّون أنَّهم الممثلين للشعب دون غيرهم، وأنّ أفكارهم لا يُعلي عليها، وإخلاصهم لا يدانيه إخلاص، فيكيدون لبعضهم البعض، وينشدون الانتقام لا السلام.
ماذا سيجني الأطفال في معسكرات النزوح من محاكمة أزلام النظام السابق في هذه المرحلة؟ أليس الأجدر أن يجدوا مأوي ولقمة عيش طيبة، وماءً نظيفاً، ودواءً شافياً بدلاً من فعل انتقام ممّن ظلمهم يُشفي صدور أمهاتهم وآبائهم؟ أفيقوا يرحمكم الله ورتّبوا الأولويّات وأنقذوا الوطن. واختاروا خمسة لمجلسكم السيادي الانتقالي؛ ثلاثة مدنيين واثنين من العسكريين، وليكن الرئيس مدنيّاً ونائب الرئيس عسكريّاً.
فنحن مفلسون فكريَّاً ووطنيَّاً وعمليَّاً؛ فلا معرفة عميقة امتلكنا، ولا مهارات فاعلة وفعّالة اكتسبنا، ولا خبرة جمّعنا، ولا حكمة مارسنا، ومن رحمه الله فوسّع له هذه المواعين؛ أُقصي من دائرة الرأي وحيل بينه وبين دائرة الفعل.
فيا هؤلاء وأولئك تنحُّوا عن قيادة هذه الشعوب المُعذَّبة، وأفسحوا المقاعد لمن يستحق بناءً على الكفاءة، فما أثبتّم كفاءة بعد، أو انتقلوا إلى معسكر نزوح وعيشوا ضنك حياة أهله حتى تتّفقون على مشاركة أو ما شاء لكم.
فلعلّ في رؤيتكم لمعاناة الأطفال وحرمانهم ما ينقلكم من المعرفة الباردة للإدراك المشتعل، ويُحرِّك شعوركم ويدفعكم إلى الفعل الحثيث واللازم. فهذا ليس وقت تصفية حسابات، ولا وقت إقحام أجندات أو تلبية أطماع، أو عصبيات أو عنصرية.
فاتركوا لزوم ما لا يلزم من القول وانتقلوا إلى سفينة لزوم ما يلزم من الفعل، وخير الفعل هو التفكير السليم من قلب سليم.
ودمتم لأبي سلمي
/////////////////////
بسم الله الرحمن الرحيم
منشورات حزب الحكمة:
abdelmoniem2@hotmail.com
هذا العنوان بيت شعر من القصيدة الأولي في ديوان صديقي الراحل نجيب سرور “لزوم ما يلزم”. وهو رجل كره المنافقين والجبناء بقدر ما عشق الحقيقة، ولهذا دفع الثمن، وهذا هو قدر الفرسان في كلِّ زمان، فليرحمه الله، فقد بشّر بنهاية الطغاة الأليمة مهما استطال طغيانهم أو خطف بريقهم أبصار عُميان البصيرة من أنصارهم.
ونحن عندما تعجزنا الحياة نلومها ولا ننظر إلى عجزنا، أو نتفكّر في الحلِّ، ولكننّا أقدر على وصف المشكلة فنشتكي المصيبة ونلعنها ونظلّ أسري للوهم.
إنّ مصيبة الإنسان هو ضعف وعيه وصبره، وأيضاً ميله عن الحق لأنّه يري في الباطل ما يسكّن ألمه عاجلاً؛ مثل الذي يأخذ المسكنات ولا يأخذ العلاج الصحيح، لأنّ العلاج يأخذ وقتاً أطول، أو يستوجب ثمناً أكبر أو تضحية عظمي. ولذلك عندما ينتبه إلى حاله بعد حين يجد أنّ المرض استشري وأزمن وصعُب أو استحال اقتلاعه.
لقد قضينا أكثر من أربعين عاماً نرزح تحت نير الحكم العسكري ولم نصل إلى شاطئ الأمان بعد، بل إنّ الظلام تكاثف علينا من وراء ومن أمام، والمصائب تكالبت علينا من كلِّ ناحية، ثمّ نري العسكر لا يفقهون شيئاً ولا يتعلمون شيئاً يطلبون الحكم، وهم الداء وليسوا الدواء. ونري كذلك المثقفين والدهماء يطبِّلون لهم ويبرِّرون انجرافهم وراء الحكم بدعوي الأمن أو الفروسية، فأي بلوي بالله تلك التي ابتُلينا بها؟
نحن نحدِّق في الهاوية لأنّ الناس لا تفرّق بين الحرية والفوضى، والمثقفين والسياسيين لا يفرقون بين المصالح العقائدية والحزبية وبين مصلحة الوطن، أو بين الإسلاميين والإسلام، ويظنّون أنَّهم الممثلين للشعب دون غيرهم، وأنّ أفكارهم لا يُعلي عليها، وإخلاصهم لا يدانيه إخلاص، فيكيدون لبعضهم البعض، وينشدون الانتقام لا السلام.
ماذا سيجني الأطفال في معسكرات النزوح من محاكمة أزلام النظام السابق في هذه المرحلة؟ أليس الأجدر أن يجدوا مأوي ولقمة عيش طيبة، وماءً نظيفاً، ودواءً شافياً بدلاً من فعل انتقام ممّن ظلمهم يُشفي صدور أمهاتهم وآبائهم؟ أفيقوا يرحمكم الله ورتّبوا الأولويّات وأنقذوا الوطن. واختاروا خمسة لمجلسكم السيادي الانتقالي؛ ثلاثة مدنيين واثنين من العسكريين، وليكن الرئيس مدنيّاً ونائب الرئيس عسكريّاً.
فنحن مفلسون فكريَّاً ووطنيَّاً وعمليَّاً؛ فلا معرفة عميقة امتلكنا، ولا مهارات فاعلة وفعّالة اكتسبنا، ولا خبرة جمّعنا، ولا حكمة مارسنا، ومن رحمه الله فوسّع له هذه المواعين؛ أُقصي من دائرة الرأي وحيل بينه وبين دائرة الفعل.
فيا هؤلاء وأولئك تنحُّوا عن قيادة هذه الشعوب المُعذَّبة، وأفسحوا المقاعد لمن يستحق بناءً على الكفاءة، فما أثبتّم كفاءة بعد، أو انتقلوا إلى معسكر نزوح وعيشوا ضنك حياة أهله حتى تتّفقون على مشاركة أو ما شاء لكم.
فلعلّ في رؤيتكم لمعاناة الأطفال وحرمانهم ما ينقلكم من المعرفة الباردة للإدراك المشتعل، ويُحرِّك شعوركم ويدفعكم إلى الفعل الحثيث واللازم. فهذا ليس وقت تصفية حسابات، ولا وقت إقحام أجندات أو تلبية أطماع، أو عصبيات أو عنصرية.
فاتركوا لزوم ما لا يلزم من القول وانتقلوا إلى سفينة لزوم ما يلزم من الفعل، وخير الفعل هو التفكير السليم من قلب سليم.
ودمتم لأبي سلمي
/////////////////////