لم خيل الضل على الأريل: لتكتمل الصورة!
د. الواثق كمير
28 April, 2022
28 April, 2022
أمس الأول، في حلقة خاصة بقصائد واغنيات شيخ المبدعين خليل فرح، في البرنامج ذائع الصيت للراحل المقيم السر قدور أغاني وأغاني اختار مقدم البرنامج الأستاذ مصعب الصاوي، ضمن أغاني أخرى للخليل، قصيدة لم خيل الضل على الأريل، التي أول من تغنى بها المطرب القامة بادي محمد الطيب، واداها في الحلقة ابن أخيه الصييت د. محمد دفع الله الطيب (ولاحقا أداها عبد الكريم الكابلي وسيف الجامعة)
في معرض تقديمة للأغنية، اكتفى استاذ مصعب بتعريف عنوان الأغنية، فذكر أن الخليل
قصد ب خيل الضل بنات المدن وب الأريل فتيات البادية. هذا تعريف صحيح، ولكنه لم يفصح عن المناسبة التي جمعت (لمت) حسان الخرطوم مع صبايا الريف.
فالسانحة التي جمعت بين الفرقتين كانت هي حفل الزواج الأول لوالدي، رحمه الله، محمد حاج الخضر علي كمير، والذي ارتجل خلاله خليل فرح القصيدة، في أواخر سنة 1924 في قلب الخرطوم (شمال غرب محطة السكة حديد). وقام بتلحينها وادائها في الحفل الثلاثي المعروف: الحاج محمد احمد سرور، عبد الكريم مختار "كرومة*، والأمين برهان.
وهذه هي القصيدة الوحيدة، من أغانى الخليل في مناسبات الأفراح، التى لم يذكر فيها اسم العريس واكتفى بوصف الحفل وفتياته من الحضر والبادية. وبحكم أن والدي كان الإبن الأكبر لجدي حاج الخضر علي كمير، سر تجار الخرطوم آنذاك، كانت له علاقات واسعة وصلات ممتدة. ولذا، كان الحفل مهرجانا بمعنى الكلمة، مما بهر الخليل وهو يرى في الحلبه هذا المزيج من الحسان. حقا، فقد وصف المظهر الباهي لهذا الخليط متنوع الجمال:
كالجناين تلقى كل حُلّة فيها ورد و نرجسة وفلة
فيهن السلسال شفا العلة فيهن العلة ودوا العلة.....
من الطريف، أنه كان من ضمن المطربين الذين شاركوا في الحفل المطرب عبدالله الماحي والذي كان يغني بطريقة الطنابرة والطمبور بينما كان الثلاثي المذكور يستخدم الآلات الموسيقية الحديثة كمزيكة وهبة - الاكورديون. فما حدث ان حسناوات الحفل، خاصة بنات العاصمة، قد عبرن عن ضيقهن بأداء واسلوب الطنابرة والنغم الذي كان يغني به ود الماحي، وابلغن تبرمهن للعريس. وبدوره، ماكان من العريس إلا أن يبلغ ود الماحي بهذه الشكوى. وحكى لنا الوالد لاحقا أن عبد الله الماحي بعد هذا الحفل عاد إلى شندي واعتكف هناك لفترة مقدرة ولم يرجع إلي الخرطوم الا بعد أن أجاد الغناء بالطريقة الحديثة، اي طريقة الثلاثي.
المصدر: تقديم وتحقيق بروفيسور علي المك لديوان خليل فرح، دار نشر جامعة الخرطوم، 1977
الواثق كمير
تورونتو، 26 أبريل 2022
في معرض تقديمة للأغنية، اكتفى استاذ مصعب بتعريف عنوان الأغنية، فذكر أن الخليل
قصد ب خيل الضل بنات المدن وب الأريل فتيات البادية. هذا تعريف صحيح، ولكنه لم يفصح عن المناسبة التي جمعت (لمت) حسان الخرطوم مع صبايا الريف.
فالسانحة التي جمعت بين الفرقتين كانت هي حفل الزواج الأول لوالدي، رحمه الله، محمد حاج الخضر علي كمير، والذي ارتجل خلاله خليل فرح القصيدة، في أواخر سنة 1924 في قلب الخرطوم (شمال غرب محطة السكة حديد). وقام بتلحينها وادائها في الحفل الثلاثي المعروف: الحاج محمد احمد سرور، عبد الكريم مختار "كرومة*، والأمين برهان.
وهذه هي القصيدة الوحيدة، من أغانى الخليل في مناسبات الأفراح، التى لم يذكر فيها اسم العريس واكتفى بوصف الحفل وفتياته من الحضر والبادية. وبحكم أن والدي كان الإبن الأكبر لجدي حاج الخضر علي كمير، سر تجار الخرطوم آنذاك، كانت له علاقات واسعة وصلات ممتدة. ولذا، كان الحفل مهرجانا بمعنى الكلمة، مما بهر الخليل وهو يرى في الحلبه هذا المزيج من الحسان. حقا، فقد وصف المظهر الباهي لهذا الخليط متنوع الجمال:
كالجناين تلقى كل حُلّة فيها ورد و نرجسة وفلة
فيهن السلسال شفا العلة فيهن العلة ودوا العلة.....
من الطريف، أنه كان من ضمن المطربين الذين شاركوا في الحفل المطرب عبدالله الماحي والذي كان يغني بطريقة الطنابرة والطمبور بينما كان الثلاثي المذكور يستخدم الآلات الموسيقية الحديثة كمزيكة وهبة - الاكورديون. فما حدث ان حسناوات الحفل، خاصة بنات العاصمة، قد عبرن عن ضيقهن بأداء واسلوب الطنابرة والنغم الذي كان يغني به ود الماحي، وابلغن تبرمهن للعريس. وبدوره، ماكان من العريس إلا أن يبلغ ود الماحي بهذه الشكوى. وحكى لنا الوالد لاحقا أن عبد الله الماحي بعد هذا الحفل عاد إلى شندي واعتكف هناك لفترة مقدرة ولم يرجع إلي الخرطوم الا بعد أن أجاد الغناء بالطريقة الحديثة، اي طريقة الثلاثي.
المصدر: تقديم وتحقيق بروفيسور علي المك لديوان خليل فرح، دار نشر جامعة الخرطوم، 1977
الواثق كمير
تورونتو، 26 أبريل 2022