كيف نحول مطر خريف الخرطوم من نقمة الي نعمة؟
رئيس التحرير: طارق الجزولي
17 August, 2022
17 August, 2022
husseinabdelgalil@gmail.com
سأتناول في هذا المقال/المقترح كيفية تحويل ماينتج عن أمطار خريف الخرطوم و ضواحيها من تدمير و نقمة إلي نعمة و خير وفير إن شاء الله. بالطبع فكلنا يعلم بأن الحل الجذري لمشكلة الخرطوم المتكررة سنويا مع مياه الأمطار في الخريف هو إنشاء شبكة تصريف حديثة لمياه الأمطار تغطي كل العاصمة المثلثة و ضواحيها، ولكن المشكلة الأساسية هنا تكمن في كيفية تمويل إنشاء هذه الشبكة مع شح الموارد المالية الذي تعاني منه الدولة السودانية حاليا.
ماأقترحه هنا هو أن تقوم الحكومة السودانية ممثلة في ولاية الخرطوم ببيع بعض الأراضي التي تمتلكها داخل الخرطوم، أو تلك التي يمكنها وضع يدها عليها لكون ملكيتها ربما تعود في الغالب الأعم لأحدي المحليات بالعاصمة، حتي و لو أدعي البعض غير ذلك. (مثل: ميدان سباق الخيل بالخرطوم، مصنع الذخيرة و بقية أراضي الجيش بالشجرة، و أندية الجاليات الأجنبية القديمة بجوار مطار الخرطوم نموذجا). تماما كما تفعل كثير من الدول و ولاياتها عند تنفيذها لبعض المشاريع العامة الكبري و خاصة مشاريع البنية التحتية . فمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية هنالك قانونا يسمي ب eminent domain يسمح للدولة أو لحكومة الولاية بوضع يدها علي أي قطعة أرض يتطلب قيام المشروع أن تمتلكها الدولة. و قد فعلت الحكومة الأمريكية ذلك عند إنشائها لشبكة الطرق القومية و عند تمديدها لخطوط السكة حديد و لأنابيب البترول، وأنا علي يقين تام بأن هنالك قانونا سودانيا مماثلا، و نوع هذا القانون بطبيعته لايسمح بمقاضاة الدولة أو سلطتها المحلية إن هي إستخدمته لحيازة أي أرض.
ماأقترحه هو أن تضع ولاية الخرطوم يدها علي هذه الاراضي التي توجد في مواقع إستثمارية هامة، أعني بذلك: ميدان سباق الخيل(جنوب الديوم الشرقية)، الأراضي التي قام أو سيقوم الجيش بإخلائها في الشجرة، والأراضي التي كانت تتبع سابقا لأندية الجاليات الأجنبية بجوار مطار الخرطوم. كمغترب قضي معظم عمره خارج السودان و مازال يبحث عن قطعة أرض صغيرة ليقيم بها منزلا لأسرته، فعندي معرفة بسعر متر الأرض المربع بالخرطوم بالعملة الصعبة اليوم. فقبل حوال الشهر تم إبلاغي بأن المتر المربع في منطقة متوسطة الحال تقع جنوب الخرطوم هو 1300 دولار، نعم 1300 للمتر المربع. فلو كانت هذه هي الاسعار، فيمكننا أن نتخيل المبالغ الطائلة التي ستجنيها ولاية الخرطوم إن هي وضعت بدها علي تلك ألأراضي( والتي أصلا لايسكنها اي شخص حاليا) و قامت ببيعها في مزاد علني و بالعملة الصعبة. فهي إن فعلت ذلك فستجني أكثر من المليار دولار في الغالب. و يمكن أن يكفي ماستجمعه لتمويل كل تكاليف شبكة مياه الأمطار أو ألجزء الأكبر من تكاليفها.
ماأقترحه كجزء من هذا المشروع هو الا يتم تفريغ مياه شبكه الأمطار التي سيتم إنشاؤها في نهر النيل، بل يتم إنشاء بحيرة صناعية ضخمة شرق الخرطوم بحري يتم فيها تخزين/حصاد هذه المياه و اي مياه أخري تنتج عن فيضان النيلين الأبيض والأزرق (في الغالب الأعم فلن يفيض النيل الأزرق بعد إكتمال سد النهضة، الا أن النيل الأبيض سيستمر في الفيضان و تدمير ماحوله في كل خريف تكون أمطاره غزيرة، ولو تم توجيه المياه الفائضة لهذه الشبكة لأمكن تجنب الدمار). بالطبع سيتطلب إنشاء البحيرة الصناعية الضخمة شرق الخرطوم بحري، سيتطلب ذلك جهدا هندسيا ضخما لتمرير مياه الشبكة الجديدة تحت النيلين و نحو شرق النيل الأزرق وربما يتطلب الأمر إنشاء توربينات لدفع المياه في الأنابيب الكبيرة التي ستتوجه بها نحو البحيرة.
يمكن استغلال البحيرة الضخمة لري مشروع كبير لزرارعة الخضر و الفواكه وتربية الأبقار ذات السلالات المدرة للألبان بقرب البحيرة. وهذا المشروع يمكن أن يصمم لجذب الزراعيين و البياطرة من الشباب و أسرهم، وربما ينتج عنه في سنوات قليلة و بالتدريج، قيام مدينة جديدة متكاملة بمدارسها و مستشفياتها و شوارعها، تماما كما نتج عن إنشاء مصنع سكر كنانة قيام مدينة جديدة قربه.
في تقديري أن مشاكل السودان يجب حلها بالتفكير خارج الصندوق، اي بتفكير غير تقليدي و علينا أن نفكر في مشاريع كبري يسهل تنفيذها في بلادنا، وهذا المشروع هو نموذجا لذلك . فهو يستغل مالدينا من مياه الخريف التي تعتبر نقمة في ولاية الخرطوم و ذلك بتحويلها إلي نعمة، ايضا المشروع المقترح يحول فيضان النيل الأبيض المدمر جنوب الخرطوم لنعمة. ونحن إن فعلنا ذلك سنحصد مياها كثيرة ولن نحتاج لأذن مصر أو لاتفاقية مياه النيل لأستخدامها، فهي مياه أمطار نزلت ببلادنا. ثم بعد ذلك نستغل الأراضي الواقعة شرق الخرطوم بحري حيث يبدأ سهل البطانة وهو ربما يكون أكبر قطعة أرض مسطحة و منبسطة لمئات الكيلومترات في العالم، مما يجعل الزراعة و إنسياب المياه فيه سهلا. ثم بعد ذلك نستغل العدد الكبير من الزراعيين و البياطرة الذين تخرجهم جامعاتنا -ولايجدون عملا- و نُمَلِكْ كل منهم عددا محددا من الفدانات (ربما بين 5-10 فدان) لكل مزرعة وبذلك نقلل من نسبة العطالة وسط الشباب.
حاليا توجد شركة سودانية واحدة لديها التقنية، المعدات، والخبرة لإنشاء و تخطيط و ري مثل هذا المشروع ومن ثم توزيعه للشباب. وأعني بذلك شركة زادنا. رغم أن البعض ربما يحتج بكون شركة زادنا مملوكة للجيش إلا أنها شركة تكونت من مال الشعب السوداني وعليها خدمته . ويمكن أن يكون هذا المشروع هو النواة الأولي لجهد متواصل لتحديث الزراعة في بلادنا و لجذب الشباب و الشابات للعمل في هذا الحقل الهام وتحديثه ليكون رافعة لبلادنا لمصاف الدول الغنية.
أيضا فأن نجاح مشروع حصاد المياه المتمثل في البحيرة الصناعية شرق الخرطوم بحري سيجعل تكرار قيام مشاريع ممثاثلة في مناطق أخري من بلادنا لتخزين مياه الامطار التي تهطل في سوداننا الحبيب سهلا. و ذلك بدلا من ضياعها بالتبخر أو أنسيابها للنيل الأزرق، الأبيض، نهر النيل. فمعظم المناطق الزراعية الضخمة في العالم تعتمد علي حصاد وتخزين مياه الأمطار لسقي زراعتها، فمثلا ولاية كالفورنيا الأمريكية التي تجني من الزراعة أضعاف مايجنيه السودان من الزراعة لايمر بها أي نهر رئيسي، بل هي تعتمد إعتمادا كليا في ري مشاريعها الزراعية علي مياه البحيرات الصناعية وعلي حصاد مياه الأمطار.
هذه دعوة و ربما هي بالأصح صرخة للتفكير الكبير خارج الصندوق للنهوض ببلادنا, للبدء في وضع خطط لإيجاد وظائف كريمة لشبابنا و لشاباتنا, لتحديث الزراعة في بلادنا بالاستفادة مما حبانا الله به من أمطار و أراضي زراعية خصبة مسطحة , و بالله التوفيق.
/////////////////////////
سأتناول في هذا المقال/المقترح كيفية تحويل ماينتج عن أمطار خريف الخرطوم و ضواحيها من تدمير و نقمة إلي نعمة و خير وفير إن شاء الله. بالطبع فكلنا يعلم بأن الحل الجذري لمشكلة الخرطوم المتكررة سنويا مع مياه الأمطار في الخريف هو إنشاء شبكة تصريف حديثة لمياه الأمطار تغطي كل العاصمة المثلثة و ضواحيها، ولكن المشكلة الأساسية هنا تكمن في كيفية تمويل إنشاء هذه الشبكة مع شح الموارد المالية الذي تعاني منه الدولة السودانية حاليا.
ماأقترحه هنا هو أن تقوم الحكومة السودانية ممثلة في ولاية الخرطوم ببيع بعض الأراضي التي تمتلكها داخل الخرطوم، أو تلك التي يمكنها وضع يدها عليها لكون ملكيتها ربما تعود في الغالب الأعم لأحدي المحليات بالعاصمة، حتي و لو أدعي البعض غير ذلك. (مثل: ميدان سباق الخيل بالخرطوم، مصنع الذخيرة و بقية أراضي الجيش بالشجرة، و أندية الجاليات الأجنبية القديمة بجوار مطار الخرطوم نموذجا). تماما كما تفعل كثير من الدول و ولاياتها عند تنفيذها لبعض المشاريع العامة الكبري و خاصة مشاريع البنية التحتية . فمثلا في الولايات المتحدة الأمريكية هنالك قانونا يسمي ب eminent domain يسمح للدولة أو لحكومة الولاية بوضع يدها علي أي قطعة أرض يتطلب قيام المشروع أن تمتلكها الدولة. و قد فعلت الحكومة الأمريكية ذلك عند إنشائها لشبكة الطرق القومية و عند تمديدها لخطوط السكة حديد و لأنابيب البترول، وأنا علي يقين تام بأن هنالك قانونا سودانيا مماثلا، و نوع هذا القانون بطبيعته لايسمح بمقاضاة الدولة أو سلطتها المحلية إن هي إستخدمته لحيازة أي أرض.
ماأقترحه هو أن تضع ولاية الخرطوم يدها علي هذه الاراضي التي توجد في مواقع إستثمارية هامة، أعني بذلك: ميدان سباق الخيل(جنوب الديوم الشرقية)، الأراضي التي قام أو سيقوم الجيش بإخلائها في الشجرة، والأراضي التي كانت تتبع سابقا لأندية الجاليات الأجنبية بجوار مطار الخرطوم. كمغترب قضي معظم عمره خارج السودان و مازال يبحث عن قطعة أرض صغيرة ليقيم بها منزلا لأسرته، فعندي معرفة بسعر متر الأرض المربع بالخرطوم بالعملة الصعبة اليوم. فقبل حوال الشهر تم إبلاغي بأن المتر المربع في منطقة متوسطة الحال تقع جنوب الخرطوم هو 1300 دولار، نعم 1300 للمتر المربع. فلو كانت هذه هي الاسعار، فيمكننا أن نتخيل المبالغ الطائلة التي ستجنيها ولاية الخرطوم إن هي وضعت بدها علي تلك ألأراضي( والتي أصلا لايسكنها اي شخص حاليا) و قامت ببيعها في مزاد علني و بالعملة الصعبة. فهي إن فعلت ذلك فستجني أكثر من المليار دولار في الغالب. و يمكن أن يكفي ماستجمعه لتمويل كل تكاليف شبكة مياه الأمطار أو ألجزء الأكبر من تكاليفها.
ماأقترحه كجزء من هذا المشروع هو الا يتم تفريغ مياه شبكه الأمطار التي سيتم إنشاؤها في نهر النيل، بل يتم إنشاء بحيرة صناعية ضخمة شرق الخرطوم بحري يتم فيها تخزين/حصاد هذه المياه و اي مياه أخري تنتج عن فيضان النيلين الأبيض والأزرق (في الغالب الأعم فلن يفيض النيل الأزرق بعد إكتمال سد النهضة، الا أن النيل الأبيض سيستمر في الفيضان و تدمير ماحوله في كل خريف تكون أمطاره غزيرة، ولو تم توجيه المياه الفائضة لهذه الشبكة لأمكن تجنب الدمار). بالطبع سيتطلب إنشاء البحيرة الصناعية الضخمة شرق الخرطوم بحري، سيتطلب ذلك جهدا هندسيا ضخما لتمرير مياه الشبكة الجديدة تحت النيلين و نحو شرق النيل الأزرق وربما يتطلب الأمر إنشاء توربينات لدفع المياه في الأنابيب الكبيرة التي ستتوجه بها نحو البحيرة.
يمكن استغلال البحيرة الضخمة لري مشروع كبير لزرارعة الخضر و الفواكه وتربية الأبقار ذات السلالات المدرة للألبان بقرب البحيرة. وهذا المشروع يمكن أن يصمم لجذب الزراعيين و البياطرة من الشباب و أسرهم، وربما ينتج عنه في سنوات قليلة و بالتدريج، قيام مدينة جديدة متكاملة بمدارسها و مستشفياتها و شوارعها، تماما كما نتج عن إنشاء مصنع سكر كنانة قيام مدينة جديدة قربه.
في تقديري أن مشاكل السودان يجب حلها بالتفكير خارج الصندوق، اي بتفكير غير تقليدي و علينا أن نفكر في مشاريع كبري يسهل تنفيذها في بلادنا، وهذا المشروع هو نموذجا لذلك . فهو يستغل مالدينا من مياه الخريف التي تعتبر نقمة في ولاية الخرطوم و ذلك بتحويلها إلي نعمة، ايضا المشروع المقترح يحول فيضان النيل الأبيض المدمر جنوب الخرطوم لنعمة. ونحن إن فعلنا ذلك سنحصد مياها كثيرة ولن نحتاج لأذن مصر أو لاتفاقية مياه النيل لأستخدامها، فهي مياه أمطار نزلت ببلادنا. ثم بعد ذلك نستغل الأراضي الواقعة شرق الخرطوم بحري حيث يبدأ سهل البطانة وهو ربما يكون أكبر قطعة أرض مسطحة و منبسطة لمئات الكيلومترات في العالم، مما يجعل الزراعة و إنسياب المياه فيه سهلا. ثم بعد ذلك نستغل العدد الكبير من الزراعيين و البياطرة الذين تخرجهم جامعاتنا -ولايجدون عملا- و نُمَلِكْ كل منهم عددا محددا من الفدانات (ربما بين 5-10 فدان) لكل مزرعة وبذلك نقلل من نسبة العطالة وسط الشباب.
حاليا توجد شركة سودانية واحدة لديها التقنية، المعدات، والخبرة لإنشاء و تخطيط و ري مثل هذا المشروع ومن ثم توزيعه للشباب. وأعني بذلك شركة زادنا. رغم أن البعض ربما يحتج بكون شركة زادنا مملوكة للجيش إلا أنها شركة تكونت من مال الشعب السوداني وعليها خدمته . ويمكن أن يكون هذا المشروع هو النواة الأولي لجهد متواصل لتحديث الزراعة في بلادنا و لجذب الشباب و الشابات للعمل في هذا الحقل الهام وتحديثه ليكون رافعة لبلادنا لمصاف الدول الغنية.
أيضا فأن نجاح مشروع حصاد المياه المتمثل في البحيرة الصناعية شرق الخرطوم بحري سيجعل تكرار قيام مشاريع ممثاثلة في مناطق أخري من بلادنا لتخزين مياه الامطار التي تهطل في سوداننا الحبيب سهلا. و ذلك بدلا من ضياعها بالتبخر أو أنسيابها للنيل الأزرق، الأبيض، نهر النيل. فمعظم المناطق الزراعية الضخمة في العالم تعتمد علي حصاد وتخزين مياه الأمطار لسقي زراعتها، فمثلا ولاية كالفورنيا الأمريكية التي تجني من الزراعة أضعاف مايجنيه السودان من الزراعة لايمر بها أي نهر رئيسي، بل هي تعتمد إعتمادا كليا في ري مشاريعها الزراعية علي مياه البحيرات الصناعية وعلي حصاد مياه الأمطار.
هذه دعوة و ربما هي بالأصح صرخة للتفكير الكبير خارج الصندوق للنهوض ببلادنا, للبدء في وضع خطط لإيجاد وظائف كريمة لشبابنا و لشاباتنا, لتحديث الزراعة في بلادنا بالاستفادة مما حبانا الله به من أمطار و أراضي زراعية خصبة مسطحة , و بالله التوفيق.
/////////////////////////