خطوات الحل السياسي الشامل: الدستور الشعبي والإنعطافة السياسية
د. مقبول التجاني
26 September, 2022
26 September, 2022
تحتاج السياسة السودانية الآن، إلى إنعطافة سياسية كبيرة، و تغيير جوهري عميق في مسار التفكير و الأحداث الجارية، و هذا الأمر يتطلب طرح و تنفيذ أفكار جريئة و غير مألوفة.
إن أول خطوة للخروج من نفق الأزمة الوطنية السودانية المستفحلة، هو تأسيس مفوضية وطنية مستقلة لصناعة الدستور الإنتقالي، لتقوم بتجميع مبادرات المشاريع الدستورية المختلفة، في مسودة دستورية واحدة، و من ثم عرض المواد الدستورية المتعارضة فيها لإستفتاء شعبي، من خلال عملية مشاركة شعبية واسعة، و دعم فني من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الإنتقال.
تلي هذه الخطوة أو تتزامن معها، عملية تشكيل حكومة كفاءات إنتقالية، تحت غطاء من حضر من الكيانات و المبادرات و القوي السياسية.
تقوم الحكومة الإنتقالية برعاية العمليات السياسية و الدستورية المختلفة، بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الإنتقال، و تتولى مهمة الإتصال و التفاوض مع القوي السياسية الممانعة و الرافضة لعملية التسوية السياسية.
كما تتولى الحكومة الإنتقالية أيضاً مهمة إسترضاء الشارع الثوري و التواصل معه، حتى تتمكن من إكتساب الشرعية الثورية.
إن أي حكومة إنتقالية يتم تشكيلها، حتى لو شكلها السيد البرهان منفرداً، إذا لم تتعاطي مع الشارع الثوري و شعارات الثورة، و تنصاع لها، فسيكون مصيرها السقوط و الفشل الزريع.
لذلك لا يوجد مانع عملي لتشكيل حكومة إنتقالية الآن، حتى لو كانت من كوادر المؤتمر الوطني المحلول.
إن الحديث عن إمكانية عودة فلول المؤتمر الوطني، قد تخطاه الزمن و التأريخ، و الخلخلة السياسية التي حدثت للإسلاميين بعد إنقلاب ٢٥ أكتوبر أكثر من الضرر الذي لحق بهم من لجنة تفكيك التمكين، و لم يعد لدي الإسلاميين كوادر مؤهلة قادرة على إدارة محلية، ناهيك عن إدارة دولة كاملة بحجم السودان.
حتي أموالهم التي أفرج عنها إنقلاب ٢٥ أكتوبر، قاموا بتهريبها إلى الخارج، و فككوا أنفسهم أكثر مما كانت تفككهم لجنة تفكيك التمكين، في عرضها التهريجي الأسبوعي.
لذلك لا يوجد مانع عملي، و لا حتى مخاوف حقيقية ، من إقامة إنتخابات عامة سودانية في مدة لا تتخطى ستة أشهر، طالما توفر الدعم الفني و اللوجستي لها.
إن الخطر الحقيقي الإستراتيجي الذي يهدد بقاء الدولة السودانية موحدة، هو سلام جوبا المزعوم، الذي كانت إحدى أخطر نتائجه هو تعيين وزير مالية محروس بقوة السلاح، ولا تستطيع أدوات السياسة السلمية التقليدية إقالته من منصبه.
المنطق السياسي يقول أن على الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، تشكيل حكومته الإنتقالية، بمن حضر و من والاه، أو من خلال الحواضن السياسية و الإجتماعية التي شكلها حوله.
بعد ذلك تقوم الحكومة الإنتقالية الموالية للإنقلاب بالتفاوض و التفاهم مع قوي الثورة المختلفة الرافضة للإنقلاب، لإيجاد حل للأزمة السياسية الراهنة، أو تنظيم إنتخابات عامة في أسرع وقت ممكن، و تسليم السلطة لمن تأتي به الفوضى الإنتخابية كيفما إتفق، حتى نتمكن من حل معضلة الشرعية و التفويض السياسي، كما حصل في النموذج الجزائري للثورة و التغير.
لجان المقاومة أيضاً يمكنها كتابة مقترحها الدستوري، و الزج به في عملية الإستفتاء الدستوري الشعبي، حتى يكتسب مشروعية قانونية و سياسية.
أن الأزمة القائمة في السودان الآن، هي ليست أزمة سياسية بالمعنى الحرفي، و لكنها أزمة مشروعية و قانونية، و لا يمكن حلها إلا بالإنتخابات أو الإستفتاءات الشعبية.
أن الفترة التي يمر بها السودان الآن في تأريخه الحديث، تشبه إلى حد كبير الفترة التي مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية بعد الإستقلال و قبل و أثناء عملية كتابة دستورها الدائم، و يمكن للباحثين و الأكاديميين إستخلاص العبر و الدروس من التجربتين.
كما مرت جمهورية ألمانيا الإتحادية بتجربة مماثلة، أثناء إنعطافتها السياسية و عملية مفاوضات توحيد الدولتين، بعد إنهيار جدار برلين.
magboul80@gmail.com
///////////////////////////
إن أول خطوة للخروج من نفق الأزمة الوطنية السودانية المستفحلة، هو تأسيس مفوضية وطنية مستقلة لصناعة الدستور الإنتقالي، لتقوم بتجميع مبادرات المشاريع الدستورية المختلفة، في مسودة دستورية واحدة، و من ثم عرض المواد الدستورية المتعارضة فيها لإستفتاء شعبي، من خلال عملية مشاركة شعبية واسعة، و دعم فني من بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الإنتقال.
تلي هذه الخطوة أو تتزامن معها، عملية تشكيل حكومة كفاءات إنتقالية، تحت غطاء من حضر من الكيانات و المبادرات و القوي السياسية.
تقوم الحكومة الإنتقالية برعاية العمليات السياسية و الدستورية المختلفة، بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة المتكاملة لدعم الإنتقال، و تتولى مهمة الإتصال و التفاوض مع القوي السياسية الممانعة و الرافضة لعملية التسوية السياسية.
كما تتولى الحكومة الإنتقالية أيضاً مهمة إسترضاء الشارع الثوري و التواصل معه، حتى تتمكن من إكتساب الشرعية الثورية.
إن أي حكومة إنتقالية يتم تشكيلها، حتى لو شكلها السيد البرهان منفرداً، إذا لم تتعاطي مع الشارع الثوري و شعارات الثورة، و تنصاع لها، فسيكون مصيرها السقوط و الفشل الزريع.
لذلك لا يوجد مانع عملي لتشكيل حكومة إنتقالية الآن، حتى لو كانت من كوادر المؤتمر الوطني المحلول.
إن الحديث عن إمكانية عودة فلول المؤتمر الوطني، قد تخطاه الزمن و التأريخ، و الخلخلة السياسية التي حدثت للإسلاميين بعد إنقلاب ٢٥ أكتوبر أكثر من الضرر الذي لحق بهم من لجنة تفكيك التمكين، و لم يعد لدي الإسلاميين كوادر مؤهلة قادرة على إدارة محلية، ناهيك عن إدارة دولة كاملة بحجم السودان.
حتي أموالهم التي أفرج عنها إنقلاب ٢٥ أكتوبر، قاموا بتهريبها إلى الخارج، و فككوا أنفسهم أكثر مما كانت تفككهم لجنة تفكيك التمكين، في عرضها التهريجي الأسبوعي.
لذلك لا يوجد مانع عملي، و لا حتى مخاوف حقيقية ، من إقامة إنتخابات عامة سودانية في مدة لا تتخطى ستة أشهر، طالما توفر الدعم الفني و اللوجستي لها.
إن الخطر الحقيقي الإستراتيجي الذي يهدد بقاء الدولة السودانية موحدة، هو سلام جوبا المزعوم، الذي كانت إحدى أخطر نتائجه هو تعيين وزير مالية محروس بقوة السلاح، ولا تستطيع أدوات السياسة السلمية التقليدية إقالته من منصبه.
المنطق السياسي يقول أن على الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، تشكيل حكومته الإنتقالية، بمن حضر و من والاه، أو من خلال الحواضن السياسية و الإجتماعية التي شكلها حوله.
بعد ذلك تقوم الحكومة الإنتقالية الموالية للإنقلاب بالتفاوض و التفاهم مع قوي الثورة المختلفة الرافضة للإنقلاب، لإيجاد حل للأزمة السياسية الراهنة، أو تنظيم إنتخابات عامة في أسرع وقت ممكن، و تسليم السلطة لمن تأتي به الفوضى الإنتخابية كيفما إتفق، حتى نتمكن من حل معضلة الشرعية و التفويض السياسي، كما حصل في النموذج الجزائري للثورة و التغير.
لجان المقاومة أيضاً يمكنها كتابة مقترحها الدستوري، و الزج به في عملية الإستفتاء الدستوري الشعبي، حتى يكتسب مشروعية قانونية و سياسية.
أن الأزمة القائمة في السودان الآن، هي ليست أزمة سياسية بالمعنى الحرفي، و لكنها أزمة مشروعية و قانونية، و لا يمكن حلها إلا بالإنتخابات أو الإستفتاءات الشعبية.
أن الفترة التي يمر بها السودان الآن في تأريخه الحديث، تشبه إلى حد كبير الفترة التي مرت بها الولايات المتحدة الأمريكية بعد الإستقلال و قبل و أثناء عملية كتابة دستورها الدائم، و يمكن للباحثين و الأكاديميين إستخلاص العبر و الدروس من التجربتين.
كما مرت جمهورية ألمانيا الإتحادية بتجربة مماثلة، أثناء إنعطافتها السياسية و عملية مفاوضات توحيد الدولتين، بعد إنهيار جدار برلين.
magboul80@gmail.com
///////////////////////////