كسر حلقة التحيز النوعي لزيادة مشاركة المرأة السياسية

 


 

 

يعتبر التحيز النوعي القائم علي الجنس Gender bias هو اكبر مهدد لحقوق المرأة في مجتمعاتنا اليوم حيث يخلق حواجز ضخمه للعديد من النساء حول العالم. تشمل نضالات المرأة اليوميه ضد التحيز النوعي ضمان تكافؤ الفرص التعليميه والاقتصاديه والاجتماعيه ووضع حد للعنف القائم علي النوع الاجتماعي.
تعتبر المشاركه السياسيه للمرأة احد اهم التحديات التي تواجه العالم. فبالرغم من تطبيق بعض الدول لمقاييس المساواه النوعيه- كدوله فنلندا والتي تشكل النساء اغلبيه في مراكز صنع القرار السياسي والقياده، ولكن لا زال الطريق طويلا للوصول لتكافؤ فرص المرأة في المشاركه السياسية.
وفقا للاحصائيات في عام ٢٠٢٢، يشكل النساء ٢٦٪؜ من البرلمان حول العالم. تنخفض هذه النسبه الي ١٨٪؜ في العالم العربي. في حين يشكل الرجال ٧٤٪؜ من البرلمان حول العالم، مما يشكل قرابة ٥٠٪؜ فارقا نوعيا بين الرجال والنساء.
عندما نتحدث عن المقاعد القياديه الخاليه في مراكز صنع القرار السياسي فانه من الصعب تخيل مدي صعوبه المعوقات والمصاعب التي تواجه المرأة للوصول لهذه المراكز والذي يؤدي بدوره الي عزوف النساء عن المشاركه السياسيه.

لماذا من المهم وجود تمثيل نسائي في مراكز صنع القرار السياسي؟
تحقيق التنميه والسلام المجتمعي معني بالضروره بمشاركه جميع الفئات النوعيه من رجال ونساء في ذلك المجتمع. سيضمن تمثيل المرأة في مراكز صنع القرار السياسي سماع اصوات النساء بصوره افضل والاعتراف بقضاياهن بشكل عادل. اثبتت الدراسات ان المشّرعات من النساء يتعرضن لمعالجه مصالح المرأة اكثر من المشرعين الرجال. ومن هنا يتضح ان اهميه تمثيل المرأة في مراكز صنع القرار السياسي ليست غايه سياسيه بقدر ما هي اداه للتمكين الاجتماعي.

الحاجز السياسي
يعرّف الحاجز السياسي بانه الجوانب السياسيه والاجتماعيه والثقافيه التي تًؤدي الي الافتقار الي القبول السياسي او العام. تشكل هذه الجوانب التي تفرضها بعض المجموعات لدوافع ثقافيه او اقتصاديه او اجتماعيه اهم المعوقات لمشاركه المرأة في السياسه. حيث يعتبر خوفالمرأة نفسها من المنافسه والتعرض للمقارنه وفقا للمقاييس المجتمعيه للكفاءة مع نظيرها الرجل احد اهم تلك المعوقات. حيث لا تزال المواقف تجاه النساء السياسيات تتقيد الي حد كبير بالقوالب النمطيه المتجذرة بعمق في المجتمع مثل المثل القائل (المره كان فأس ما بتقطع الرأس). غالبا ما يستخدم المعارضون لتولي المرأة مناصب سياسيه هذه الصوره النمطيه للتشكيك في قدرات المرأة مما ادي ببعض الباحثين والمهتمين بهذا الموضوع بوصف وصمه العار Stigma ضد النساء في الحياه السياسيه كمصطلح يتضمن الصعوبات الاجتماعيه والاقتصاديه والثقافيه والهيكلية داخل المؤسسات التي تمنع المشاركه السياسيه للمرأة. مما يحمل الحكومات والمؤسسات السياسيه بما فيها الاحزاب جزءا من ضعف مشاركه المرأة السياسيه.
كما شكل ارتباط ممارسه السياسه في السودان ابان عقود الديكتاتوريات بالعنف اللفظي والجسدي ضد السياسيات من النساء مما ساهم في التنميط الاجتماعي للسياسيات واحجام مشاركه النساء في السياسه واقتصار ادوارهن علي الدعم المعنوي واللوجستي في كثير من الاحيان.
ساهم الفساد والصراعات ومحدوديه وعدم تساوي الفرص في التقدم للمناصب القيادية في الحد من تقدم النساء لتولي مناصب قياديه داخل المؤسسات السياسيه واقتصار مشاركتهنّ في الصفوف الخلفيه الداعمه فقط.
يساهم التحيز اللاواعي unconscious bias الذي يمارسه الرجال داخل المؤسسات السياسيه، كرفع سقف التوقعات ومقارنه اداء المرأة المستمر مع نظيرها الرجل والذي يؤدي احيانا لتشجيع العنف اللفظي ضد النساء داخل المؤسسات السياسيه في خلق جو غير جاذب للمرأة للمشاركه. كما حدّ عدم وجود التدريب والارشاد والتجارب الايجابيه الكافيه من تشجيع المرأة علي خوض غمار السياسه.

الضوء في اخر النفق
مواجهه هذه التحديات يتطلب تضافر الجهود من جميع قطاعات المجتمع الحكوميه ومنظمات المجتمع المدني والاكاديميه والاعلاميه والقطاع الخاص والاحزاب السياسيه وغيرها. كما يتطلب فهم اوسع من الرجال وتبني هذه القضيه بصوره جاده والتصدي لها وليس اعتبارها قضيه نسويه تعني النساء فقط.
يتطلب زياده مشاركه المرأة السياسيه اتخاذ خطوات واجراءات لضمان تشجيع النساء للانخراط في العمل السياسي جنبا الي جنب مع سن القوانين والتشريعات التي تضمن التمثيل النوعي للنساء في مراكز صنع القرار السياسي. كما يجب العمل علي تهيئه المناخ المشجع والداعم لمشاركه المرأة في المؤسسات السياسيه. وايضا اتخاذ الخطوات والاجراءات اللازمه لزياده ثقه المرأه بنفسها وتشجيع النساء عبر التدريب والتأهيل وانشاء اجسام داعمه تساهم في توسيع دائره العلاقات العامه واستقطاب وتحفيز النساء للمشاركه السياسيه.
والجدير بالذكر في ختام هذا المقال تثمين جهود حكومه الفتره الانتقالية في دعم التمييز الايجابي بتمثيل المرأة في جميع مستويات الحكم بنسبه لا تقل عن ٤٠٪؜. وبالرغم من عدم تحقيق هذه النسبه علي ارض الواقع ولربما لنفس الاسباب والمعوقات سابقه الذكر، الا انه كانت هناك بعض الاشراقات علي مستوي تولي المرأة لمناصب قياديه علي مستوي الدوله متمثله في اول رئيس للقضاء واول وزيرة خارجيه واثنان من ولاة الولايات. ولا زلنا نأمل ونترقب المزيد من الحكومه المدنيه القادمه لدعم وزياده مشاركه المرأة السياسية.

enasazhary77@gmail.com

 

آراء