الكباشي والعطا تطابق رؤية أم تعارضها
زين العابدين صالح عبد الرحمن
4 April, 2024
4 April, 2024
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن تقدم حزب رؤية سياسية أو فكرة في النظم الديمقراطية، دائما تكون مسار لفتح حوار سياسي حولها و ليس صراعا سياسيا، لأن هناك مؤسسات وفق الدستور و القانون تحسم الخلاف من خلال التصويت عليها، و هي محاولة لإقناع الجانب الأخر بقيمة المقترح و إيجابيته، لذلك لا يتردد بعض من حزب معارض التصويت مع المقترح، رغم أنه مقدم من حزب من حزب معارض، فيبقى العقل هو سيد الموقف، لذلك مقدمي المقترح يكونوا حريصين أن يقدموا مقترحهم بصورة متكاملة من حيث أيجابياته و فوائده بالمقارنة مع السلبيات التي يمكن أن تبرز.. و في نفس الوقت يقدم المعترضين مرافعة لنقده تتكيء على الواقعية و العلمية بعيدا عن أي مشاحنات، و يريدون اقناع المؤيدين للمقترح أن يعدلوا من موقفهم، و أيضا كسب أصوات من عضوية آهل المقترح. لكن في الدول الأخرى و خاصة التي تمتلك ثقافة ديمقراطية محدودة، و تكاد تكون شبه معدومة، لا يتم حوارا بهدف الاقناع، أو نقد منهجي إذا كان إيجابيا أو سلبيا للمقترح من قبل المعارضين له، أنما يتم صراعا حادا يقدم فيه الاتهام دون مقومات الحوار، و ينحرف إلي التراشق حتى لا يجعل هناك مكانية شرح، أو نقد منهجي للمقترح.. يقوم الصراع مع أو ضد فقط، و هذا يؤكد ضعف الثقافة الديمقراطية حتى عند رافعين شعارها، فالديمقراطية في السودان شعار فقط عند أغلبية الداعمين لها..
في أحاديث الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش في عدد من المنابر، و كان أخرها في الكلية الحربية في وادي سيدنا، تحدث عن المقاومة الشعبية باعتبارها قاعدة شعبية تدعم القوات المسلحة، بعض منها يقاتل مع متحركات الجيش، و الأخر يبقى في الأحياء حماية للمواطنين و ممتلكاتهم، و طالب من هؤلاء جميعا تنظيم أنفسهم من خلال أختيار قيادات في الأحياء و المنطقة و الولايات، و ثم اختيار قيادة مركزية، أن عملية الاختيار فعل ديمقراطي، و هؤلاء المختارين عليهم الإلتقاء بالقائد العام و رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان و التحدث معه في الشأن السياسي الذي يفضي إلي أختيار حكومة تصريف أعمال و أيضا الولاة، و حديث العطا يحمل أجندة سياسية، يريد العطا من الفكرة؛ أن يحمل القوى المدنية التي تنتخب من القاعدة الشعبية المسؤولية السياسية القادمة، أي أنه لا يريد أن يقوم الجيش باختيار الحكومة، و كل ما يتعلق بالشأن السياسي، الهدف من ذلك تقوية الجانب المدني من خلال الذين تحملوا عبء مسئولية مع الجيش لتحرير البلد و طرد المرتزقة، و هؤلاء بالضرورة سوف يكونون بعيدا عن أي أجندة خارجية تملأ عليهم..
إذا تفحصنا إلي حديث الفريق أول شمس الدين الكباشي نائب القائد العام للجيش و عضو مجلس السيادة في ولاية القضارف، نجد أن كل حديثه أنصب في المسألة العسكرية و القانونية و لم يخرج منها مطلقا، قال الكباشي يجب أن لا يكون هناك تسليحا خارج الجيش إلا بقانون.. و إذا رجعنا إلي بداية الاستنفار الذي كان قد أعلنه القائد العام للجيش و حصلت استجابة واسعة للنداء، لم يجد هؤلاء المستنفرين السلاح الكاف الذي يجب أن يوزع عليهم، و عندما دخلت الميليشيا ولاية الجزيرة و بدأت تمارس عمليات النهب و السرقة و الاغتصابات و قتل المواطنين، و بدأ الاستعداد لمواجهة الميليشيا من قبل المواطنين في مناطق أخرى، و خاصة في شرق السودان القضارف و كسلا بدأوا في شراء سلاح بمالهم الخاص، لذلك انتشر السلاح بين المواطين.. قال الكباشي في ذلك يكون لهذا السلاح قانونا يحكمه، هذا ما اشار إليه الكباشي.. لأن هذا السلاح الذي تم شراءه من السوق من مال المواطنين بعيدا عن إدارة القوات المسلحة، هذا السلاح إذا خرج من دائرة المراقبة القانونية في المستقبل سوف يشكل خطرا على أمن البلاد و المواطنين، و القضية الأخرى؛ طالب الكباشي بأن يكون أي سلاح تحت إدارة القوات المسلحة، بل يكون خاضعا لها، و هذه؛ أيضا قضية أمنية تقع على مسؤولية القوات المسلحة.. الكباشي لم يتحدث عن قضية سياسية و لم يعترض على حديث العطا، بل رؤية الكباشي هي مكملة قانونا و انضباطا تماما لرؤية العطا.. لكن في ظل الصراع و ليس الحوار سوف يقع تآويل على الحديث الاثنين بهدف هزيمة الرؤية و ليس التحاور معها بعقلانية..
أن رؤية العطا السياسية تجاهلتها القوى السياسية، رغم أن الرؤية حمولاتها سياسية و تريد أن تسلم الشأن السياسي لقوى مدنية يتم انتخابها من القاعدة.. و إذا تم انتخاب قيادات بالشكل الذي اشار إليه العطا، و وقع على هؤلاء عبء اختيار الحكومة التي سوف تنجز مهام الفترة الانتقالية، أن فكرة العطا تكون قد أحدثت تغييرا شاملا في المسرح السياسي، بل سوف تبرز قيادات جديدة مدعومة من قطاع واسع من الشعب و هم الذين كانوا يقاتلوا من أجل وحدة السودان و أمنه.. أن مقترح العطا ليس يريد فقط أن يحدث تغييرا في القيادات السياسية التي كانت تتحكم في فترة ما قبل الحرب، بل يريد أن يخلق خطاب سياسيا جديدا ليس متخاصما مع القوات المسلحة، بل متجاوبا معها في توافق يصنع الجمهورية الجديدة للسودان بعيدا عن أي إملاءات خارجية، أو أجندة لا تكون في مصلحة الوطن...
أن تجربة الحرب و تشريد المواطنين يجب أن تكون مسار تحول للعقل السياسي السودان، أن يعيد التفكير بصورة وطنية و بعيدا عن التفكير في حيازة السلطة من خلال روافع خارجية، إذا كانوا بالفعل على قناعة إنهم مع عملية التحول الديمقراطي، و يجب أن تكون هناك قناعة راسخة أن وقف الحرب يجب الا عودة إليها مطلقا، لذلك الخيار واحد هو هزيمة الميليشيا تمام و أن لا يكون لها أي دور سياسي أو عسكري مطلقا، و خيار كيفية وقف الحرب فقط عند الجيش و المقاومة الشعبية و الشعب السوداني المؤمن أن الجيش هو العمود الفقري للدولة السودانية، أي خيار أخر سوف يعيدنا مرة أخرى للحرب. أن حديثي الكباشي و العطا يسير في هذا الاتجاه يتكاملان.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com
أن تقدم حزب رؤية سياسية أو فكرة في النظم الديمقراطية، دائما تكون مسار لفتح حوار سياسي حولها و ليس صراعا سياسيا، لأن هناك مؤسسات وفق الدستور و القانون تحسم الخلاف من خلال التصويت عليها، و هي محاولة لإقناع الجانب الأخر بقيمة المقترح و إيجابيته، لذلك لا يتردد بعض من حزب معارض التصويت مع المقترح، رغم أنه مقدم من حزب من حزب معارض، فيبقى العقل هو سيد الموقف، لذلك مقدمي المقترح يكونوا حريصين أن يقدموا مقترحهم بصورة متكاملة من حيث أيجابياته و فوائده بالمقارنة مع السلبيات التي يمكن أن تبرز.. و في نفس الوقت يقدم المعترضين مرافعة لنقده تتكيء على الواقعية و العلمية بعيدا عن أي مشاحنات، و يريدون اقناع المؤيدين للمقترح أن يعدلوا من موقفهم، و أيضا كسب أصوات من عضوية آهل المقترح. لكن في الدول الأخرى و خاصة التي تمتلك ثقافة ديمقراطية محدودة، و تكاد تكون شبه معدومة، لا يتم حوارا بهدف الاقناع، أو نقد منهجي إذا كان إيجابيا أو سلبيا للمقترح من قبل المعارضين له، أنما يتم صراعا حادا يقدم فيه الاتهام دون مقومات الحوار، و ينحرف إلي التراشق حتى لا يجعل هناك مكانية شرح، أو نقد منهجي للمقترح.. يقوم الصراع مع أو ضد فقط، و هذا يؤكد ضعف الثقافة الديمقراطية حتى عند رافعين شعارها، فالديمقراطية في السودان شعار فقط عند أغلبية الداعمين لها..
في أحاديث الفريق أول ياسر العطا مساعد القائد العام للجيش في عدد من المنابر، و كان أخرها في الكلية الحربية في وادي سيدنا، تحدث عن المقاومة الشعبية باعتبارها قاعدة شعبية تدعم القوات المسلحة، بعض منها يقاتل مع متحركات الجيش، و الأخر يبقى في الأحياء حماية للمواطنين و ممتلكاتهم، و طالب من هؤلاء جميعا تنظيم أنفسهم من خلال أختيار قيادات في الأحياء و المنطقة و الولايات، و ثم اختيار قيادة مركزية، أن عملية الاختيار فعل ديمقراطي، و هؤلاء المختارين عليهم الإلتقاء بالقائد العام و رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان و التحدث معه في الشأن السياسي الذي يفضي إلي أختيار حكومة تصريف أعمال و أيضا الولاة، و حديث العطا يحمل أجندة سياسية، يريد العطا من الفكرة؛ أن يحمل القوى المدنية التي تنتخب من القاعدة الشعبية المسؤولية السياسية القادمة، أي أنه لا يريد أن يقوم الجيش باختيار الحكومة، و كل ما يتعلق بالشأن السياسي، الهدف من ذلك تقوية الجانب المدني من خلال الذين تحملوا عبء مسئولية مع الجيش لتحرير البلد و طرد المرتزقة، و هؤلاء بالضرورة سوف يكونون بعيدا عن أي أجندة خارجية تملأ عليهم..
إذا تفحصنا إلي حديث الفريق أول شمس الدين الكباشي نائب القائد العام للجيش و عضو مجلس السيادة في ولاية القضارف، نجد أن كل حديثه أنصب في المسألة العسكرية و القانونية و لم يخرج منها مطلقا، قال الكباشي يجب أن لا يكون هناك تسليحا خارج الجيش إلا بقانون.. و إذا رجعنا إلي بداية الاستنفار الذي كان قد أعلنه القائد العام للجيش و حصلت استجابة واسعة للنداء، لم يجد هؤلاء المستنفرين السلاح الكاف الذي يجب أن يوزع عليهم، و عندما دخلت الميليشيا ولاية الجزيرة و بدأت تمارس عمليات النهب و السرقة و الاغتصابات و قتل المواطنين، و بدأ الاستعداد لمواجهة الميليشيا من قبل المواطنين في مناطق أخرى، و خاصة في شرق السودان القضارف و كسلا بدأوا في شراء سلاح بمالهم الخاص، لذلك انتشر السلاح بين المواطين.. قال الكباشي في ذلك يكون لهذا السلاح قانونا يحكمه، هذا ما اشار إليه الكباشي.. لأن هذا السلاح الذي تم شراءه من السوق من مال المواطنين بعيدا عن إدارة القوات المسلحة، هذا السلاح إذا خرج من دائرة المراقبة القانونية في المستقبل سوف يشكل خطرا على أمن البلاد و المواطنين، و القضية الأخرى؛ طالب الكباشي بأن يكون أي سلاح تحت إدارة القوات المسلحة، بل يكون خاضعا لها، و هذه؛ أيضا قضية أمنية تقع على مسؤولية القوات المسلحة.. الكباشي لم يتحدث عن قضية سياسية و لم يعترض على حديث العطا، بل رؤية الكباشي هي مكملة قانونا و انضباطا تماما لرؤية العطا.. لكن في ظل الصراع و ليس الحوار سوف يقع تآويل على الحديث الاثنين بهدف هزيمة الرؤية و ليس التحاور معها بعقلانية..
أن رؤية العطا السياسية تجاهلتها القوى السياسية، رغم أن الرؤية حمولاتها سياسية و تريد أن تسلم الشأن السياسي لقوى مدنية يتم انتخابها من القاعدة.. و إذا تم انتخاب قيادات بالشكل الذي اشار إليه العطا، و وقع على هؤلاء عبء اختيار الحكومة التي سوف تنجز مهام الفترة الانتقالية، أن فكرة العطا تكون قد أحدثت تغييرا شاملا في المسرح السياسي، بل سوف تبرز قيادات جديدة مدعومة من قطاع واسع من الشعب و هم الذين كانوا يقاتلوا من أجل وحدة السودان و أمنه.. أن مقترح العطا ليس يريد فقط أن يحدث تغييرا في القيادات السياسية التي كانت تتحكم في فترة ما قبل الحرب، بل يريد أن يخلق خطاب سياسيا جديدا ليس متخاصما مع القوات المسلحة، بل متجاوبا معها في توافق يصنع الجمهورية الجديدة للسودان بعيدا عن أي إملاءات خارجية، أو أجندة لا تكون في مصلحة الوطن...
أن تجربة الحرب و تشريد المواطنين يجب أن تكون مسار تحول للعقل السياسي السودان، أن يعيد التفكير بصورة وطنية و بعيدا عن التفكير في حيازة السلطة من خلال روافع خارجية، إذا كانوا بالفعل على قناعة إنهم مع عملية التحول الديمقراطي، و يجب أن تكون هناك قناعة راسخة أن وقف الحرب يجب الا عودة إليها مطلقا، لذلك الخيار واحد هو هزيمة الميليشيا تمام و أن لا يكون لها أي دور سياسي أو عسكري مطلقا، و خيار كيفية وقف الحرب فقط عند الجيش و المقاومة الشعبية و الشعب السوداني المؤمن أن الجيش هو العمود الفقري للدولة السودانية، أي خيار أخر سوف يعيدنا مرة أخرى للحرب. أن حديثي الكباشي و العطا يسير في هذا الاتجاه يتكاملان.. نسأل الله حسن البصيرة..
zainsalih@hotmail.com