التمسُك بقيم ديسمبر والوفاء للشهداء هو الضمان الوحيد لعدم عودة الكيزان

 


 

أحمد الملك
11 October, 2024

 

مع ذيوع اخبار تقدم الجيش في بعض المحاور على قوات الدعم السريع، بدأ الكيزان في الظهور حرصا على اقتناص اللحظة المناسبة للظهور ونسبة الانتصارات لهم لجني فوائدها، وتجاوز ودفن كل ما افرزته ثورة ديسمبر المجيدة في النسيان وغبار معاركهم مع القوات التي صنعوها لتثبيت نظامهم.
لابد انّ الحنين الى النهب والعمولات والرشاوي هو ما يدفع الكيزان للعجلة في الظهور وتسيّد المشهد في الوقت المناسب.
خروج عقارب التنظيم من جحورها، يوضح بجلاء حقيقة من أشعل الحرب وما الغرض منها. الكيزان يعلمون انّ حربا تشتعل في الخرطوم ستعني دمارا وتشريدا وهلاكا يدفع فاتورته مواطن برئ لا حيلة له، ولكن متى كان التنظيم الذي لا يزال يحتمي خلف شعاره القديم: فلترق كل الدماء! متى كان يهتم لأرواح الأبرياء أو ممتلكاتهم او يُعنى بضياع مستقبل أبنائهم أو موتهم في صحاري النزوح بحثا عن الأمان؟ أليس ما حدث في الخرطوم والمدن الأخرى هو عين ما كان يحدث في الجنوب ودارفور طوال سنوات العهد الاجرامي المسمى عدلا بالإنقاذ! فدولة الشر الكيزانية المستمرة منذ 1989 شُيّدت فوق جماجم الأبرياء، وفوق بقايا أحلام وطموح مواطني بلادنا بالأمان والرفاه، وبوحدة بلادهم وتماسك نسيجها الاجتماعي.
عدا (ترامب والكيزان) فإنّ معظم ساسة العالم الحر يتوارون من الحياة العامة حين يفشلون في الحصول على ثقة (الناخب) الكيزان سقطوا أخلاقيا وفقدوا سلطتهم نتيجة ثورة عظيمة سيظل التاريخ يتغنى بفضائلها الى الأبد، وتظل شاهدا على عبقرية شعبنا وعشقه للحرية وكراهيته للاستبداد والطغيان.
لقد ارتكب الكيزان جرائم لا تغتفر في حق هذا الوطن وشعبه، نهبوا ثرواته، وقتلوا أبنائه واغتصبوا حرائره، اضاعوا مستقبل اجياله الذين حرموهم من حقوقهم في التعليم والصحة التي تكفلها الحكومات الراشدة، اشاعوا الفتن بين مكوناته، وبدلا من السعي لإزالة الفوارق القبلية الوهمية لصالح الوعي والانتماء لوطن واحد يساوي بين أبنائه، سعوا حثيثا لإيقاظ العصبيات، حتى أصبح كتابة اسم القبيلة واجبا في المعاملات والأوراق الرسمية! في ردة لم يشهد لها التاريخ مثيلا، تجعل البطل علي عبد اللطيف يتململ في مرقده، فقبل أكثر من مائة عام حين سأله المستعمر الإنجليزي عن قبيلته: قال السودان!
وقادت تلك الممارسات الشائهة والجرائم الرهيبة وإنشاء المليشيات لحماية عرشهم المشيد فوق الجماجم، الى الوضع الذي تعيشه البلاد الان. فهم مسئولون مباشرة ليس فقط عن انتهاكات عقود حكمهم الثلاثة قبل ان يتراجعوا قليلا ويواصلوا نفس دورهم من خلف ظهر لجنتهم الأمنية التي خلفت مجرم الحرب الديكتاتور عمر البشير. هم مسئولون بصورة مباشرة عن كل الحروب والجرائم التي ارتكبت في هذه البلاد منذ 30 يونيو 1989 وحتى هذه اللحظة.
حتى الجرائم التي تواصل ميليشياتهم ارتكابها اثناء هذه الحرب العبثية مثل مجزرة الحلفايا، التي استهدف فيها شباب هم من شباب ثورة ديسمبر الذين يعملون في مساعدة أهلهم ضحايا الحرب، يؤدون نفس الدور الذي كانوا يقومون به اثناء الثورة وقبل فض الاعتصام، مستهدين بقيم تلك الثورة العظيمة التي يستهدفها الإسلاميون ويستهدفون رموزها بحربهم العبثية.
حتى جرائم ميليشياتهم تلك تصب في هدفهم النهائي لتعميق الهوة بين أبناء الوطن. دفعا لمزيد من الفتن والحروب، وصولا لمزيد من التشرذم، بل انهم لا يمانعون في تقطيع هذه البلاد ولا يستحون من كتابة العرائض يستجدون دول الجوار لضم أجزاء من بلادهم الى تلك البلاد! في فضيحة يستحي الانسان من مجرد ذكرها!
دعوات المصالحة مع الإسلاميين رغم نواياها الطيبة لكنها لن تمنح العدالة للضحايا على امتداد فترة حكمهم المشئومة، ولن تعالج الآثار الكارثية التي تركتها سياساتهم طوال أكثر من 3 عقود، كما ان من لا يملك المقدرة على الاعتذار ومحاسبة نفسه على ما اقترفته يداه، وليس له أدني احترام لشعبه او للمجتمع الذي ضحى كثيرا من اجل تعليمه وتأهيله، سيكون من المؤكد أنه سيواصل نفس نهجه في ارتكاب الجرائم والانتهاكات ان قُيض له العودة للسلطة.
التمسك بقيم ثورة ديسمبر العظيمة هو الضمانة الوحيدة للتخلص من هذه العصابة ومعالجة الاثار القاتلة التي تركتها سياساتهم في كل أوجه الحياة في هذه البلاد.
ديسمبر العظيمة ستظل حية في قلوب هذا الشعب العاشق للحرية، ستظل نورا ونبراسا يهدي الظامئين الى الحرية والعدالة في العالم كله.

 

أحمد الملك

ortoot@gmail.com

 

آراء