يسمون ( العَلْمانية) بغير اسمها

 


 

 

بسم الله الرحمن الرحيم


قبل أكثر من ثلاثة عقود وأثناء مناقشة حول الخمور فوجئت بأحد السودانيين يقول لي "ياخي دي اسمها المشروبات الروحية" دلالة على اقتناعه بأن  لها علاقة بالروح. ورغم سماعي باسم "المشروبات الروحية" من قبل حيث كانت تسمى الخمور بهذا الاسم منذ عهد الاستعمار, إلا أنني لم انتبه لخطورة مثل هذه التسميات إلا حينها, مما دفعني للبحث عن مصدر هذه التسمية. وقد وجدت حينها (ويمكن فعل ذلك الآن) بعد الرجوع للقواميس الإنجليزية أن كلمة spirit تعني الروح (وكل ما يعتقد بأنه  موجود وغير مرئي بوضوح تقريباً) وتعني أيضاً الكحول (ونحن نسمي الكحول "السبيرتو") وهناك تفصيلات كثيرة هنا. وعلى كل حال فإن الاسم الإنجليزي: spiritual drinks  ترجمته هي المشروبات الكحولية. أما ترجمته إلى "مشروبات روحية" فهي ترجمة خبيثة مقصودة . و الآن إذا دخلت موقع ويكيبيديا العربية في النت فستجد الاسمين معاً: "المشروبات الكحولية" أو "المشروبات الروحية" مصداقاً للحديث الذي صححه الألباني: "ليشربن  أناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها" , فالترجمة إلى "مشروبات روحية" هي ترجمة مقصودة, حيث يسمون الخمر بغير اسمها حسب النبوءة الواردة في الحديث. وفي الحقيقة لو تأملنا قليلاَ فإن الخمر ليست في صالح الروح (النفس) لأنها تربك الدماغ للدرجة التي تمنع  التفاعل السلس للروح معه وبالتالي مع الجسم, وينتج عن ذلك ما نراه من مهازل عند السكارى.
هذه الحادثة تنبه إلى ما يمكن أن تسببه بعض المصطلحات المترجمة من تضليل إذا لم تكن دقيقة. وهذه ما  نلاحظه في مصطلح العَلمانية الذي ينطق أحياناً بفتح العين وأحيانا بكسر العين رغم الفارق الكبير بين المعنيين. فعند الرجوع إلى الموسوعات نجد أن المصطلحين الإنجليزيين secular (سيكيولار) و secularism وتلك التي  في اللغات الأوربية الأخرى كالفرنسية جاء من أصل لاتيني واحد معناه “..of this world) أي أن المصطلح ذو علاقة بالعَالَم ولا علاقة له بالعِلم, ولذلك لا بد أن يكون بفتح العين وتسكين اللام أي "العَلْمانية". هكذا  نجده في  قاموس "المغنى الكبير الجديد" الإنجليزي – العربي للمرحوم حسن الكرمي (صاحب البرنامج الشهير في BBC العربية "قول على قول") حيث يقول مقابل secular : عَلماني (بفتح العين) – دنيوي. ومقابل secularism نجد: لادينية-دنيوية- عَلمانية (بفتح العين) (وهي (حسب نفس القاموس) عدم اعتبار الدين في أمور المعيشة وعدم ادخال الدين في مناهج التعليم) ص 1121 . نجد الشيء نفسه في القواميس الفرنسية كقاموس المنهل للدكتور سهيل إدريس حيث نجد بالترتيب: عَالمي – عَلماني و دنيوية –عَلمانية –عَالمية. والشيء نفسه نجده في قاموس الكامل الوسيط الفرنسي العربي. الواضح مما سبق أن المصطلح الصحيح هو بفتح العين وتسكين اللام أي: العَلماني والعَلمانية. المشكلة أن هذا المصطلح جاء مستلفاً من السريانية (لغة سامية) من عَلما بمعنى عَالَم في العربية التي نجد فيها أيضاً الاسمً عَلْم ومنه المصطلح عَلمنة (أيضاً بفتح العين وتسكين اللام).
إذنً من أين جاء الخطأ والنطق بكسر العين. العِلمانية بكسر العين نجدها في قاموس المورد الحديث.  ففي  طبعة 2008 ص 1044 نجد مقابل secularism  المعنى الأول: العِلمانية (بكسر العين) بينما نجد في المعنى الثاني العَلمنة بفتح العين, وبالتالي الخطأ جاء من قاموس المورد في المعنى الأول  بينما لم يحدث هذا الخطأ في المعنى الثاني, وقد ترك كلمة علمانية بدون تشكيل فيما بعد.
إذن هل هناك خطورة من نطق المصطلح بكسر العين أي عِلْمانية؟ الإجابة نعم, لأن أي شخص يسمع المصطلح بكسر العين سيظن, وقد حدث ذلك, أن هذه "الدنيوية" لها علاقة بالعِلم, والمصطلح قطعاً لا علاقة له بالعِلم لا في أصله اللاتيني ولا في اللغة العربية لأن ما ينسب للعلم في اللغة العربية هو عِلمي وليس عِلماني. فهم البعض بدون تدبر أن العَلمانية ذات علاقة بالعِلم سيحسنها في نظرهم لأن الانتساب للعلم عندنا جميعاً شيء مشرف, وهذا في حد ذاته ما يجعلنا ننشر العَلمانية لا بسبب محاسن فيها ولكن لأننا بسبب الخطأ في النطق, نسميها لهم بغير اسمها كالخمر تماماً. اللهم إني قد بلغت, اللهم فاشهد.

أ‌. د. محمد حسن أحمد سناده
فيزيائي وتربوي –كلية العلوم – جامعة أفريقيا العالمية

استفهامات:
هؤلاء العلماء ، واخص أستاذي بروف سنادة، إذا قالوا علينا ان نسمع ونطيع.





Ahmed AL Mustafa Ibrahim
M . EDUCATION TECHNOLOGY
Tel: +249912303976
Mobile:0123903976
http://istifhamat.blogspot.com/
istifhamat@yahoo.com
http://www.facebook.com/istifhamat
////////////

 

آراء