ونسة في البيئة والتنمية و”الغدا أم بلية” ..!

 


 

 



تحدث الدكتور عصام صديق قبل قرابة الخمس سنوات - وهو سياسي وإقتصادي ومخترع له العديد من براءات الإختراع - عن "لوبي المحاصيل" الذي يحارب "لوبي الغابات والبساتين"، بالتأكيد بعض الناس لا يعرفون عصام إلا إذا قيل "عصام بتاع البكور"، وعصام "الزول الزاد الزمن"، وطبعا هذه المقولة غير صحيحة إطلاقا، أنا كنت شاهدا على خطوات وتفاصيل مشروع البكور، نعم صحيح هو صاحب الفكرة لكن تغيير الساعة لم يكن مقترحه، لقد كان مقترحا سياسيا فرض عليه وكان رافضا له.

المهم أننا كنا في نقاش طويل وعميق مع عدد من الخبراء عن أسباب إنحسار الغطاء الأخضر من السودان؟! هل يستدعي هذا تأسيس حملات بيئية ضارية وربما "حزب خضر"، أم أن الموضوع يمكن تضمينه في الخطط والمشاريع الموجودة؟ وهل يمكن خصخة الغابات؟ وذلك لوجود مقترحات جريئة بأن الغابة مشروع منتج ويمكن زراعتها وتسويرها وتخصيصها لمؤسسة مساهمة عامة، أو مجموعة شركات خاصة، أو مؤسسة وقفية خيرية؟! هل يمكن أن يمتلك رجل أعمال غابة صغيرة، يجني ثمارها وصمغها، طالما أن الأرض أصلا "خلا"، وتخصيصه إياها سيختصر الطريق في مكافحة الزحف الصحراوي؟! وشوية ضرائب وعوائد للحكومة لغاية ما "يطفش" ويخلي الغابة ويغزوها بعضهم وتتحول إلى "شوالات فحم"..!


المقابلة بين التنمية والبيئة من أخطر الأدوات لتعطيل التنمية في دول العالم الثالث وأفريقيا، بالتأكيد يجب حماية البيئة ولكن لا يجوز أن تكون حماية البيئة سببا لإعاقة التنمية، وهنالك حلول كثيرة يمكن استصحابها في مشاريع التنمية في مراحل التخطيط والتنفيذ وربما بعد التنفيذ.

يجب ان يكون في كل مشروع إدارة متخصصة أو قسم متخصص للآثار البيئية، ويجب أن تكون هنالك مشاريع بيئية مصاحبة مثلما هنالك مشاريع خيرية مصاحبة، المدارس والمراكز الصحية والطرق الفرعية والكباري.

إذا كان المشروع فيه إزالة كاملة لغابة يجب أن يكون هنالك مخطط لغابة جديدة في المنطقة، ولدينا هنا سؤال عن غابة الفيل في القضارف التي تم إزالتها لصالح مشاريع السدود في الولاية، هل تم تخصيص غابة بديلة لها؟! الغابات في زماننا هذا يمكن زراعتها مثلما تزرع البساتين والحقول الزراعية، بل يمكن أن تكون إستثمارا بيئيا وإقتصاديا في آن واحد وأوضح مثال لهذا الغابات المنتجة للصمغ العربي، وأعتقد أنها تبدأ الإنتاج خلال ثلاث إلى خمس سنوات.

ربما يكتب لنا في هذا الأمر الأستاذ عبد الماجد عبد القادر (كلام قصير) والذي كتبت عنه من قبل مقال "أسد الغدمبلية" لأنه شارك في زراعة غابة قريبا منها حتى أصابه المشروع بتعثر مالي ثم خرج منتصرا بعد أيام في السجن والحمد لله، وحكى لنا بعضهم من أهل المنطقة أن سبب التسمية أن هو أن مجموعة عادت إلى غدائها الذي تركته في الغابة فأكل أحدهم الأسد فصار اسمها "الغدا أم بلية"، ربما يكون هذا مجرد خيال شعبي!

ألا يعتبر المستثمرين في مجال الصمغ العربي "ناشطين بيئيين"؟! ألا يساعدون السودان على المحافظة على غاباته وغطائه الأخضر؟! هل يجب أن يكون الناشط البيئي "متطوع" و "معارض" للمشاريع التنموية دوما؟! هل من المفيد أن نستورد النشاط البيئي من الدول المتقدمة على طريقة "نسخ – لصق" أم يستحسن أن نؤسس لمفاهيم أكثر شمولية وسعة وموائمة مع أوضاعنا.

وتستمر الونسة ..!

makkimag@gmail.com

 

آراء