كرة الرئيس وجنون الصادق المهدى

 


 

 



بتاريخ ١١ فبراير ٢٠١٣م  نشر موقع سودانيل مقال د. الواثق كمير والذى حمل عنوان: الكرة فى موقع الرئيس : تفكك الدولة السودانية : السيناريو الأكثر ترجيحا.وجاء فى مقدمة المقال :( تظل الأزمات السياسية المتلاحقة هي السمة الرئيس والمميِّزة للفترة الانتقالية منذ انطلاقها في يوليو ٢٠٠٥م، في أعقاب إبرام اتفاقية السلام الشامل بين حكومة السودان ممثلة في حزب المؤتمر الوطني، والحركة الشعبية لتحرير السودان في يناير ٢٠٠٥م . فمنذ نهاية الفترة الانتقالية وانفصال الجنوب، تشهد البلاد مآزق مستمرَّة ومتتابعة على نطاقٍ غير مسبوق، ومناخ سياسي محتقن ومتوتر. فالآن هناك استقطاب “رأسي” حاد وملحوظ بين الحكومة من جهة، والمعارضة السلمية والمسلحة، على حدٍ سواء، وبعض منظمات المجتمع المدني والتكتلات الشبابية، من جهة أخرى. أيضاً، هناك الانشقاقات والانقسامات “الأفقية” داخل الأحزاب السياسية، بما فيها الحزب الحاكم والحركة الإسلامية، والتي ويا للمفارقة، أتت بالحزب إلى سُدَّة الحُكم، والحركات المسلحة، وتواتر معلومات عن تذمُّرٍ وتمَلمُلٍ داخل القوات المسلحة، مع تنامي الولاء القبلي والعرقي، وظهور الجهاديين والجماعات الإسلامية المتطرِّفة وتصاعُد نشاطاتهم العنيفة والمرعبة. ويتجلى هذا الاستقطاب السياسي الحاد في النزاع المسلح وتدهور الوضع الأمني في دارفور بوتيرة متسارعة، والحرب الدائرة في جنوب كُردُفان والنيل الأزرق، وتردِّي الأوضاع الاقتصادية وتفشي الفساد، والعلاقة المتوترة مع الجنوب، وشبح الحرب يلوح في الأفق بين السُّودانَيْن، وفوق ذلك كله، كيفيَّة التعامُل مع المحكمة الجنائيَّة الدوليَّة). انتهى ويبدو ان الانتخابات الاخيرة والتى جرت هذا العام  كرست الإحساس بان الرئيس البشير لا يزال محتفظا بالكرة فى ملعبه ولم يقم بتمريرها الى أيا من اللاعبين الآخرين فى فريقه كما ان خصومه لا يستطيعون انتزاعها منه وكما هو  متوقع من مشجعى الفريقين فلا نزال على المقاعد نتفرج بانتظار اللعبة الحلوة.  
وقصدت من ايراد مقدمة ذلك المقال الإشارة  ولفت الانتباه - وهل  انا او غيرى فى حاجة الى ذلك حقا ؟- الى انه لم تمر  امواه -قلت او كثرت - من تحت الجسر منذ ذلك الحين  بل  ومنذ امد بعيد  كما وصف بحق المفكر الراحل عابد الجابري حين ذهب الى تاكيد :( أن الدولة العربية الحالية لا تختلف عن الدولة الإسلامية كما عرفها التاريخ منذ زمن معاوية بن أي سفيان , أي منذ تأسس في المجتمع العربي الإسلامي الدولة بمعنى الكلمة , بوصفها مؤسسة قهرية تضع نفسها فوق المجتمع وتحكم باسم الدين  , أو باسم المصلحة العامة ).انتهى  ونحن فى السودان لسنا بدعا ويسرى علينا  ذات التشخيص الذى بذله د . الجابري . وعلى هذا فان دولة الماضي العربي ما زالت تكرر نفسها في الحاضر العربي , دولةً دينية أو قطرية أو إقليمية. وعلى هذا الأمر فأن دولة الماضي الحاضر في الوطن العربي , هي التشكيلات الأولية نفسها التي يمكن أن ننظر إليها بمسميات الدولة الدينية أو الدولة العلمانية , التي لا يمكن فصلها عن جذرها التاريخي . ويتعرض نموذجها الان فى المنطقة حولنا الى حالة متسارعة من التفكيك  واعادة التركيب على وجه لا يمكن التنبوء بمالاته المستقبلية  فلا ينبغي ان نشعر بالامان الزائف ونحن نتابع على شاشات التلفزيون والوسائط الإعلامية الاخرى اخبار الزلازل السياسة والاجتماعية المهولة التى تضرب محيطنا الاقليمى ونظن اننا بمنجاة منها... هيهات.
 وما زالت حزمة المشاكل  والأسئلة التى تواجه بلادنا كما وصفها وعددها  مقال د. الواثق هى بذاتها  حاضرة وباقية   لم تتبدل لكن الإحساس بثقلها وقد ناءت بكلكها على صدر الجميع  قد تزايد وبلغ المدى مع انقلاب يونيو ١٩٨٩م . ومع تحوير طفيف فى التاريخ   فسنكتشف ان بلادنا لم تفارق قط حالة الأزمة  المستمرة .منذ  التركية والمهدية بعدها ودولة الخليفة عبد الله وحكومات ما بعد الاستقلال ١٩٥٦م وحتى اللحظة .
وربما يجدر  بِنَا كمجتمع - الان والحال هذه -تغيير قواعد اللعبة  بشكل جذرى فلن نخسر الكثير مادمنا نكتفى بالفرجة  والمشاهدة واقصد على وجه التحديد والدقة بث روح التغيير، يبتدره المجتمع افراد او جماعة ويتوجه به نحو بلوغ مقاصده الكلية فى الحرية والعدالة والمساواة والكرامة الانسانية.  
ومن حسن حظنا اننا لم نفقد بعد الأمل فى أنفسنا ولحسن حظنا  ايضا اننا فقدنا الأمل
فى الحكومة والمعارضة التى يقودها اليوم للغرابة السيد الصادق المهدى الذى بالمناسبة سمعت الاستاذ الراحل محجوب  عمر باشرى فى منزله بالخرطوم ٢ وانا أزوره مع أصدقاء  أواخر الثمانينات وهو يرد على متحدث ذكر السيد الصادق المهدى بانه-  اى الأخير -  كان يعانى  فى صباه المبكر من حالة نفسية غريبة اقرب الى الاختلال العقلى   جعلت أسرته تستعين سرا على علاجه بالبروفسور الراحل  التجانى الماحى المتخصص فى الطب النفسى والعقلى  اذ كان يقف امام المراة لساعات طويلة وهو يسال نفسه فى مشهد هاملتى - نسبة الى هاملت بطل احدى مسرحيات ويليام شكسبير- عن من  يكون ! والرجل منذ ذلك الحين لم يجد الإجابة ولا زال يبحث عنها . وليس من بأس ان يبحث المرء عن نفسه ولكن البأس  والبؤس كله ان يشرك كل هذه الجموع من البشر فى البحث معه عن  الإجابة .


حسين التهامى
كويكرتاون ، الولايات المتحدة الامريكية


husselto@yahoo.com

 

آراء